أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود العراقي & قراءة في بيان مؤتمر الوفاق العراقي















المزيد.....

بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود العراقي & قراءة في بيان مؤتمر الوفاق العراقي


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1389 - 2005 / 12 / 4 - 13:59
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


-1-
منذ عامين ونصف العام ومنذ فجر التاسع من نيسان 2003، ونحن نقول في كل مقال عن أحوال العراق، إن العراق يتقدم إلى الأمام، وأن الارهاب سينتهي قريباً، وكنا في ذلك "محامين للشيطان" كما وُصفنا، وعملاء للمخابرات الغربية .. الخ.

واليوم، وبعد أن تبين الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود، ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد مع اقتراب الانتخابات التشريعية في 15 ديسمبر القادم، أصبحت نهاية الارهاب قريبة دون شك. وحتى الفضائيات والصحف والمعلقين الذين كانوا إلى جانب الارهاب في مصر والأردن خاصة، وضعوا عصا الطاعة للحقيقة وللواقعية السياسية ولمنطق المستقبل؟

-2-


اليوم، الارهابيون يتصلون برئيس الجمهورية جلال الطالباني يطلبون منه الحوار والتفاوض ووضع السلاح جانباً، وأمامهم بالطبع الانتخابات التشريعية في 15 ديسمبر القادم. وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود، ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.

حارث الضاري الذي كان من ضواري غابة الارهاب العراقي، يتصل بعمرو موسى مستنجداً، ويطلب وساطة الجامعة العربية لايقاف الحملة العسكرية التي كانت وزارة الدفاع العراقية تنوي شنها على آخر معاقل الارهاب، وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.

-3-
كل الفرقاء العراقيين – وهم قلة قليلة - الذين وقفوا إلى جانب الارهاب تأييداً واسناداً وتعاطفاً يعلنون التوبة اليوم على شاشة الفضائيات، لكي يلحقوا بالقطار السياسي العراقي الذي سينطلق بعد 15 ديسمبر القادم، وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.

الارهابيون الذين أعلنوا في يناير الماضي، وقبل الانتخابات التشريعية، بأنهم أعداء الديمقراطية ونابذوها ولاعنوها، وقاتلو دعاتها ورافعي شعاراتها، أصبحوا اليوم يتسابقون على رفع شعارات الديمقراطية والصلاة في معابدها وأقداسها، كما جرى في مؤتمر الوفاق بالقاهرة، ويرجون من الشعب العراقي العفو والمغفرة، وذلك بعد أن تبيّن الخيط العراقي الأبيض من الخيط الأسود، ولاح النصر النهائي للحرية والديمقراطية العراقية والعهد العراقي الجديد.

-4-
من الذي انتصر في معركة العراق الضارية؟

انتصر الشرفاء، والليبراليون، وطلاب الحرية والديمقراطية في العراق، وخارج العراق. وأولئك الذين راهنوا على أن لا عودة للديكتاتورية إلى العراق، وأن العراق يسير إلى الأمام رغم الدماء والدمار، ولا يخطو خطوة إلى الخلف. وأن الارهاب الفظيع والدامي الذي أصاب العراق طيلة عامين ماضيين ما هو إلا الضريبة المستحقة والثمن الغالي للحرية للحرية.

فللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجة يُدقُ

وهؤلاء الشرفاء والليبراليون، لم ينتصروا اليوم فقط. لقد انتصروا انتصارات ساحقة عندما خاضوا الانتخابات التشريعية في يناير الماضي، وتحدوا الارهاب، وأثبتوا للعالم بأنهم طلاب الحرية والديمقراطية وأن الحرية والديمقراطية تليق بالعراق.

وهؤلاء الشرفاء والليبراليون، لم ينتصروا اليوم فقط. لقد انتصروا عندما صوّتوا لصالح الدستور العراقي الديمقراطي الجديد، وتوجهوا إلى صناديق الاستفتاء تحت نيران الارهاب، وتحت تهديد جماعة علماء السُنَّة وغيرها من الجماعات التي كانت ترمي هذا الدستور بأنه دستور من وضع الكفار، وهو للكفار.

وهؤلاء الشرفاء والليبراليون، لم ينتصروا اليوم فقط. لقد انتصروا عندما توجهت شخصيات العراق ونخبه السياسية إلى القاهرة لعقد مؤتمر الوفاق التمهيدي الذي وإن كان فيه شيء من الانتصار للارهابيين كما قال بعض الأخوة، إلا أن فيه الكثير من مواد الانتصار لصالح العراق الجديد. وعلينا دائماً أن نكون متفائلين، ونرى نصف الكأس المليء، وليس نصف الكأس الفارغ فقط.

-5-


لقد انتصر العراق بعد عامين ونصف، في معركتين رئيسيتين وكبيرتين.

الأولى، منظورة وهي معركة الحرية والديمقراطية والبناء السياسي الجديد، وهي التي شوّه وجهها الإعلام العربي الموتور والمتشنج والقبلي.

والثانية، معركة البناء الداخلي. بناء الجيش الجديد وقوى الأمن الجديدة. بناء البنية التحتية العراقية التي قصّر الإعلام العربي والإعلام العراقي كذلك في ابراز وجهها المضيء، ولكنا سنتعرف عليها بعد أن تصبح الطريق إلى بغداد سالكة وآمنة قريباً.

-6-


القطار العراقي السياسي الحداثي سائر إلى محطته الأخيرة، بعد مشوار طويل. وهو سيقف في محطة واحدة في 15 ديسمبر القادم. وهي محطة الانتخابات التشريعية القادمة. فمن ركبه ضمن مستقبله ومستقبل أبنائه وأحفاده. ومن فاته هذا القطار، سوف يعيش داخل العراق وخارج العراق مشرداً ومعزولاًً ولا وطن له. أما الارهابيون الذين شقوا عصا الطاعة، طاعة الشعب العراقي، بدأوا بوضع هذه العصا، لا للديكتاتورية كما كانوا يفعلون في الماضي أيام "الزعيم والبطل والمنقذ"، ولكن للحق وللحقيقة، ولإعلاء شأن العراق ومستقبله فقط. وحيث لا زعيم في العراق الآن غير الشعب العراقي. وحيث لا بطل في العراق الآن غير الشعب العراقي. والذين شقوا عصا الطاعة وعصوا واستكبروا لديهم فرصة واحدة ووحيدة فقط، وهي انتخابات 15 ديسمبر فقط.

فإما ركبوا قطار المستقبل، وإما تركهم المستقبل، ليعيشوا في عتمات الماضي الموهوم وحسراته.

***********************************************************

قراءة في بيان مؤتمر الوفاق العراقي
شاكر النابلسي



-1-
اختتم الاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني العراقي في القاهرة أعماله في الأسبوع الماضي بصيغة عربية تقليدية (لا غالب ولا مغلوب) ولكي (لا يموت الراعي ولا يفنى الغنم) وقيل أنها ارضت الطرفين العراقيين: طرف الشرعية العراقية، وطرف الخارجين على هذه الشرعية، وهم المتمثلون بهيئة علماء المسلمين أو ما يطلق عليه بـ "هيئة الضواري" (حارث الضاري ومثنى الضاري) والذين ناصبوا العراق الجديد العداء والكراهية، ورفعوا السيوف في وجه الألوف.

ويقال أن هذه النتيجة جاءت بفضل وساطات عربية شاقة، علماً بأن الأمر لا يحتاج إلى كل هذه الوساطات. فلم تستجب السُنَّة العربية العراقية لنداء المستقبل العراقي إلا بعد أن تبين لها الخيط الأبيض من الخيط الأسود. خيط الحرية والديمقراطية الأبيض من خيط الارهاب والفوضى الأسود. وبعد أن تعافى العراق أو كاد أن يتعافى من الأزمة السياسية التي مرَّ بها. وبعد أن اكتمل أو كاد أن يكتمل البناء السياسي العراقي الجديد. وبعد أن أصبح القطار العراقي في محطته الأخيرة، فمن لا يركب الآن فيه، لن يصل أبداً. وبعد أن تأكد للسُنَّة العربية العراقية أن لا ارهاب في العراق يمكن أن يعيد العراق إلى الوراء ولو خطوة واحدة. بعد كل هذا يبدو أن الوعي السياسي والوطني قد عاد للسُنَّة العربية العراقية، فجاءت إلى مؤتمر القاهرة لكي تجني الثمار لشجر لم تزرعه للأسف الشديد، بل حاولت احراقه، وتلحق الموسم السياسي، حتى لا يدينها التاريخ السياسي العراقي.

فما هي الايجابيات في هذا البيان وما هي السلبيات؟



-2-


لنبدأ أولاً بالايجابيات حتى تهدأ النفس العراقية القلقة قليلاً ، وهي التي لم تهدأ منذ أكثر من عامين ونصف:

1- لا شك بأن جلوس هيئة علماء المسلمين وزعمائها من "الضواري" مع أركان النظام العراقي الجديد في مؤتمر سياسي كهذا هو تراجع كبير واصلاح قويم من هيئة علماء المسلمين للمفاهيم السياسية التي سادت لديها خلال العامين والنصف عام الماضية. وهذا الجلوس يقول كما قيل سابقاً وجوباً وواقعية سياسية مبصرة من أن الحوار السياسي وليس الحوار الدموي هو الطريق الأنجع لحل المشاكل وإزالة الخلافات، وتلافي الأسباب التي تؤجج الصراع الدموي. وهو ما لا يُرضي الكثيرين في داخل العراق وخارجه. فتنظيم "القاعدة" غير راضٍ عن هذا الجلوس. ويعتبره جلوس على خازوق أمريكي على مائدة الكفار. والبعثيون الارهابيون داخل العراق غير راضين عن هذا الحل المدني السلمي السياسي الذي يتعارض مع خطابهم وطبيعتهم الدموية منذ 1963 وإلى الآن. وبعض جيران العراق من ممولي وداعمي ومدربي الارهابيين غير راضين عن هذا اللقاء. وهم الذين بذلوا الغالي والرخيص في سبيل أن يبقى العراق فرناً نارياً دموياً متأججاً لا يهمد . والإعلام العربي النافخ في نار الارهاب في العراقي غير راض عن هذه النهاية، لكي يلوّن سطوره وشاشاته كل يوم بالدم العراقي وبالدموع العراقية، لكي يصبح حال الشعب العراقي عبرة لباقي الشعوب العربية التي تتمنى زوال أنظمتها السياسية بالطريقة نفسها التي زال فيها النظام العراقي البائد. وكان هذا الإعلام يتمنى أن لا يعقد هذه المؤتمر، وألا تتم المصالحة والوفاق العراقي ، حتى تقود الصدامات الدموية اليومية إلى حرب أهلية لا تُبقي ولا تذر.

2- تعتبر نتائج هذا المؤتمر إدانة واضحة لأعمال الارهاب اليومية التي اجتاحت وتجتاح العراق. فاعتراف هذا المؤتمر بالتفرقة بين المقاومة والارهاب هو إدانة للارهاب بشكل واضح. وهو إدانة لما يُطلق عليه بالمقاومة كذلك. لأن لا احتلال في العراق لكي يُقاوم. رغم أن الأمم المتحدة أطلقت وصف "احتلال" على واقع الأمر العسكري الأجنبي في العراق. كما أن ادارة بوش أطلقت عليه كذلك وشاركتها في ذلك معظم وسائل الإعلام الغربي. إلا أن هذا التوصيف يبقى توصيفاً سياسياً غير دقيق طبقاً للحال العراقي. وقد سبق أن فنّدنا هذا في عدة مقالات. واعتبرنا أن ما في العراق هو "إحلال Supplantation" وليس "احتلالاً Colonization "؛ أي أن القوات الأجنبية جاءت بطلب وبقرار من المعارضة العراقية والنخب السياسية العراقية. وأنها جاءت لإحلال نظام ديمقراطي محلَّ نظام طاغٍ ومستبد. وأنها سترحل فور الطلب اليه بالرحيل من السلطة الشرعية العراقية. وهذه المبادئ لا تنطبق على الاحتلال، وإنما تخص حالة الإحلال، وهي من الحالات النادرة في التاريخ البشري السياسي. ومن هنا نفهم أن المؤتمر قد أدان الارهاب علانية وصراحة وأدان ما يُسمّى بالمقاومة كذلك، ولكن ضمنياً ومجازياً، حفاظاً على ماء وجه هيئة علماء المسلمين والضواري التي تسيطر عليها. وهذا ما عبرت عنه الفقرة الرابعة من البيان التي قالت: " مع أن المقاومة حق مشروع للشعوب كافة، بيد أن الإرهاب لا يُمثل مقاومة مشروعة، وعليه نُدين الإرهاب وأعمال العنف والقتل والخطف التي تستهدف المواطنين العراقيين والمؤسسات الإنسانية والمدنية والحكومية والثروة الوطنية ودور العبادة ونطالب بالتصدي له فوراً".

3- وجه هذا المؤتمر لطمة قوية لتنظيم "القاعدة" وإلى الإعلام العربي وصانعيه الذين يُكفّرون الشعب العراقي لاقدامه الجريء على الاقبال على صناديق الاقتراع الديمقراطي. وقال هذا البيان في الفقرة الخامسة بصراحة: " إدانة التكفير للشعب العراقي ، لأنه يتعارض مع تعاليم الإسلام السمحة التي تُحرم تكفير المسلم لأخيه المسلم، والعمل على إشاعة القيم الإسلامية التي تدعو إلى التآخي والتسامح وترسيخ الوحدة الوطنية". ومن المعروف أن فتاوى التكفير من قبل أشياخ العراق وأشياخ العرب خارج العراق، لم تتوان باصدار فتاوى التكفير لكل من يساهم في بناء العراق الجديد معنوياً ومادياً، سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً. ولعلنا لن نسمع بعد يومنا هذا بمثل الفتاوى الفنتازية التي تُضحك وتُبكي، أكثر مما تُصلح وتبني.

4- أقرَّ هذا المؤتمر في مادته الثامنة احترام موقف جميع أطياف الشعب العراقي. أي احترام رأيه في وجود القوات الأجنبية إلى حين على أراضيه، حماية له من أعداء الداخل والخارج المتربصين به. كما أقرَّ هذا المؤتمر الدعوة إلى عدم إعاقة العملية السياسية والمشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع واحترام رأى الشعب العراقي في اختيار ممثليه. ولعل هذه المادة الثامنة في البيان الختامي المذكور هي من أهم مواد البيان. ففي هذه المادة يعترف المسلمون السُنَّة العراقيون اعترافاً صريحاً وشجاعاً بشرعية الانتخابات والاستفتاءات التي جرت، وعلى عكس ما كانوا يرددونه سابقاً في بياناتهم وخطاباتهم بأن الانتخابات التشريعية التي أجريت في يناير الماضية هي انتخابات غير شرعية وكذلك الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية التي ستجري في 15/12/2005. وبهذه المادة كسر المسلمون السُنَّة العراقيون سيف المقاطعة الخشبي المسوّس، الذي كان شاهراً في وجه الانتخابات والاستفتاءات السابقة واللاحقة. وهو مكسب سياسي كبير ولا شك للعهد العراقي الجديد، وللمسيرة الديمقراطية العراقية.

5- دعا بيان هذا المؤتمر العرب إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه العراق الجديد. ومثل هذه الدعوة معناها الاعتراف الكامل بالكيان السياسي للعراق الجديد. وهو ما كانت تحجم عنه وتترد فيه الدولة العربية القريبة والبعيدة من العراق. وقد تجلت هذه الدعوة في الغاء الديون المستحقة على العراق، والمساهمة في

تدريب وتأهيل الكوادر العراقية في مختلف قطاعات الدولة، وتعزيز التواجد الدبلوماسي العربي في العراق مع توفير الحماية الأمنية اللازمة للبعثات الدبلوماسية العربية، وتقديم المساعدات الإنسانية، والقيام بدورٍ فعال في عملية إعادة الإعمار في العراق، والمساعدة في ضبط الحدود لمنع المتسللين.



-3-



تلك هي الايجابيات في البيان الختامي لمؤتمر الوفاق العراقي.

أما السلبيات فهي قليلة في رأيي المتواضع، رغم أن بعض الأخوة العراقيين عارضوا قيام مؤتمر الوفاق. وكنت أنا في عدة مناسبات ممن عارض انعقاد هذا المؤتمر، بحجة أن لا خلاف بين العراقيين. وأن التوافق قائم في العراق، بدون هذا المؤتمر، وبدون جهود الجامعة العربية وعمروها . وأن الشقاق في العراق قائم بين كافة أطياف الشعب العراقي من جهة، وبين فئة قليلة من السُنَّة العربية العراقية فقط. وقلنا كلنا بصوت واحد : مع من سيتم الوفاق؟

هل سيتم مع الخوارج الرافضين لكل مقومات الديمقراطية العراقية، والمهددين بالموت والاغتيال لكل من شارك ويشارك في أي انتخابات قادمة؟

فالشعب العراقي متوافق مع نفسه، ومع قيادته الجديدة، ومع دستوره، ومع مستقبله. والخوارج هم هذه الفئة القليلة من السُنَّة العراقية وفلول حزب البعث التي استعانت بالجوار، واستقوت بالديكتاتوريات، واستمدت منها قوتها. وهؤلاء لا يفهمون لغة غير لغة السيف والدم كما قال أخي الصدوق الدكتور عبد الخالق حسين (إيلاف، 23/11/2005). كما أعلن حسين كمال وكيل وزارة الداخلية العراقية لشؤون الاستخبارات أن الأعمال المسلحة التي تصاعدت طوال اليومين الماضيين تظهر أن ليس هناك حاجة لمحاورة من يقومون بمثل هذه الأعمال بل يجب كسر شوكتهم.

فما هي سلبيات مؤتمر الوفاق العراقي في رأي البعض ؟

1- اعطى مؤتمر الوفاق اهمية سياسية كبرى لهيئة علماء المسلمين العراقية ولباقي تنظيمات السُنَّة العرابية العراقية، محاولاً تعويضهم سياسياً على ما فقدوه في الفترة السابقة. وكانت السُنَّة العربية العراقية هي التي افقدت نفسها مكاسب سياسية كثيرة، وعزلت نفسها برفضها لكل مراحل البناء السياسي العراقي الجديد. واليوم تعود السُنَّة العربية العراقية إلى الساحة السياسية العراقية كلاعب من اللاعبين بفضل مؤتمر الوفاق هذا. فلعل وعسى تستفيد السُنَّة العربية العراقية من دروس الماضي وتنخرط في العملية السياسية العراقية انخراطاً تاماً وتعيد السيوف الشاهرة في وجه الحداثة والتقدم إلى جرابها، لكي تبقى سيوفاً متحفية تعلق على جدران الصالونات التراثية، أو يتم الرقص بها.

2- كانت المادة الثانية من البيان الختامي لمؤتمر الوفاق العراقي بحاجة إلى توضيح أكثر، والتي تقول: " إن الشعب العراقي يتطلع إلى اليوم الذي يتم فيه خروج القوات الأجنبية من العراق وبناء قواته المسلحة والأمنية ويحظى فيه بالأمن والاستقرار، والتخلص من الإرهاب الذي يطال العراقيين والبنية التحتية العراقية ويُدمر الثروات الوطنية وأجهزة الدولة". فرغم أن هذه المادة قد ربطت بشكل غير مباشر بين انسحاب القوات الأجنبية وبين بناء الجيش والأمن العراقي كشرط لازم لانسحاب القوات الأجنبية، إلا أنها حاولت أن ترضي السُنَّة العربية العراقية عن طريق اعوجاج اللغة. وهذا مكر سياسي محمود فيما لو أدى في النهاية إلى الوفاق الحقيقي بين المتمردين على القانون من جهة والنظام والشرعية العراقية المنبثقة عن صناديق الاقتراع وليس عن صناديق الإتبّاع كما كان الحال في ماضي العراق.



-4-
إن العبرة في هذا المؤتمر ليست في قراراته، وليست في وعوده السياسية الجميلة الخلابة، وليست كونه خطوة نحو مؤتمر الوفاق الوطني العراقي الذي يزمع عقده في الأسبوع الأخير من شهر شباط/فبراير أو في الأول من مارس/آذار 2006 في بغداد. فقد شبع العرب من القرارات المؤتمرية وبشموا. المهم هو التطبيق الفعلي على الأرض. والسُنَّة العرب العراقيون يثبتون حسن نواياهم، وصدق أقوالهم، والتزام خطابهم، ووعي مستقبلهم، والحرص على عراقهم، بالكف عن تأييد الإرهاب داخل العراق. وبلجم هؤلاء الارهابيين لكي يتقوا الله في وطنهم، وشعبهم، ومستقبل أبنائهم. وسوف نُصدّق السُنَّة العربية العراقية عندما نلمس ونشاهد تقلصاً ملحوظاً في العمليات الارهابية، ثم نهاية الارهاب. وعندما نشاهد إلقاء القبض على الكثير من الارهابيين وسوقهم إلى العدالة. وعندما تتم مشاركة السُنَّة العربية العراقية في الانتخابات التشريعية القادمة في منتصف ديسمبر. وعندما نقتنع بأن السُنَّة العربية العراقية لم تعد حجر عثرة في طريق البناء السياسي العراقي الجديد. عندها، وعندها فقط نرفع قبعاتنا للسُنَّة العربية العراقية محيين، ونقول لها لقد أوفيتم بالعهد، والتزمتم بالعقد. وبدون ذلك، سوف تظل قرارات مؤتمر الوفاق بالقاهرة حبراً على ورق، كما هي قرارات العرب منذ ما يزيد على نصف قرن ونيف.




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الأقليات في العالم العربي الى أين؟
- هؤلاء هم الارهابيون الحقيقيون يا جلالة الملك
- كيف يجب أن يكون الرد الأردني على الارهاب؟
- كيف انفجر بركان الارهاب في الأردن؟
- لكي لا ينبت الشوك في أيدينا!
- هل سيكرر العرب أخطاء الطفرة الأولى؟
- ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟ 4/2
- ماذا سيفعل العرب بكل هذا الذهب؟!
- المعاني الكبيرة لإقرار الدستور العراقي
- أخطأ موسى، فالعراق هو شبكة أمان العرب!
- واجبنا تجاه اعلان المعارضة السورية
- اليوم يرسم العراقيون مستقبلهم
- ماذا لو قال العراقيون -لا- للدستور؟
- ورغم هذا، فالعراق بألف خير !
- ميلاد شعب عظيم
- عار المثقفين العرب في العراق
- هل الإرهاب ضرورة تاريخية للتغيير؟
- القرار 1626انتصار لبيان الليبراليين
- كيف سيَمْكُرُ تاريخُ العربِ بنابليون الأمريكي؟
- خُرافة علاقة الإرهاب بالتعليم الديني!


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر النابلسي - بعد أن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود العراقي & قراءة في بيان مؤتمر الوفاق العراقي