أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن -1

سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 10:28
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

إن المتتبع لمجموع الفتاوى التي طفح بها الكيل وغزت مسامع المسلمين ، عربهم خاصة ، سيصاب بصدمة حادة وهو يقف على مفارقة فظيعة يتمثل وجهها في العقم الفكري الذي أصيبت به أمة العرب وجعلها تعيش حالة عطالة مستدامة عن كل إسهام إيجابي في معارف العصر وتقنياته ، رغم ما تحظى به من مؤهلات وموارد . أما ظهر المفارقة فتجسده الإنتاجية المفرطة لشتى أنواع الفتاوى المحبطة لكل أمل في الارتقاء بالإنسان وجعله محور الاهتمام ومركزه . وأكتفي في هذا المقام بذكر نموذجين لفتاوى السخافة والانحطاط الحضاري :
النموذج الأول : تجريد المرأة من كل عقل وخلق . لأجل ذلك تفتقت عبقرية المجحفين فأصدرت فتاوى لا تمنع المرأة فقط من ممارسة حقوقها الطبيعة وكفاءاتها الفكرية ، بل تشرعن وأدها بأبشع الطرق . بخصوص الصنف الأول نقف على عينة من الفتاوى أبرزها :
أ ـ فتوى مصطفى غريب في موضوع قيادة المرأة للسيارة ، جاء فيها ( والقاعدة العظيمة التي اعتمد عليها العلماء في تحريم أو منع قيادة المرأة للسيارة هي قاعدة "سد الذرائع المفضية إلى الشر" ولكن هناك قاعدة أخرى ذهبية اعتمدنا عليها مبنية على الحديث الشريف " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم " وعليه يمكن وضعها كقاعدة مرورية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" وعلينا أن نسمع ونطيع ما وجهنا إليه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وقد قال " لا تسافر المرأة إلا بمحرم ولو كان معها نساء" . وعدّد السيد مصطفى 11 شرطا للسماح للمرأة بقيادة السيارة ، منها :
ـ إن كثرة خروج المرأة من منـزلها يلزم منه كثرة تعرضها لأعيـن الناس المحيطيـن بها وإن كانـت عفيفة ، ومن ثم تعلقهم بها ومعرفتهم لها كلما دخلت وخرجت ، وهذه أيضاً تلغيها القاعدة الذهبية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" .
ـ في قيادة المرأة للسيارة تسهيلا لبعدها عن عين الرقيب من الأولياء ، فربما زيـن لها الشيطان بذلك الاتصال بمن يحرم عليها الاتصال به ، أو الذهاب إلى أماكن بعيدة لفعل الفاحشة ، وهذه تلغيها القاعدة الذهبية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" .
ـ. إن قيادة المرأة للسيارة يلزم منه نـزع حجابها وكشف وجهها لتـتمكن من القيادة ورؤية الطريق ، وهذه تلغيها القاعدة الذهبية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" مع أن الحجاب لا يمنع من قيادة المرأة للسيارة .
ـ وفضلا عن انكشاف محاسن المرأة ، فإنها ستُـضطر للاختلاط مع الرجال عند محطات الوقود ، أو عندما تـتعطل سيارتها في الطريق ، أو في ورش صيانة السيارات ، وهذه تلغيها القاعدة الذهبية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" .
ـ إن اعتياد المرأة للخروج من المنـزل سيـنشأ منه تدريجياً عدم اكتراث الزوج من خروج زوجته وتطبُّعه على ذلك ، وهذه تلغيها القاعدة الذهبية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" .
ـ إن في اعتماد الرجال على النساء في قضاء حاجيات البيت ضرر على الرجال أنفسهم ، من جهة أن في ذلك إذابة لشخصياتهم أمام أولادهم وأمام المرأة أيضا ، وعدم هيبتهم لهم ، ونقص الغَيرة والرجولة ، وهذه تلغيها القاعدة الذهبية "لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" .
في جميع هذه الحالات ، فإن قاعدة " لا تقود المرأة السيارة إلا بمحرم" تكرس " شيطنة" المرأة ودونيتها ، بحيث تنصب عليها وصيا أبديا يجعلها لا تنعم بكرامتها وإنسانيتها داخل البيت أو خارجه . إن جوهر المشكل ليس في عملية قيادة المرأة للسيارة ، وإنما في إزالة القيود التي تحول دون ممارسة المرأة أنشطتها بحرية وإرادة بعيدا عن كل وصاية أو تبعية . وقيادة السيارة هي واحد من تلك الأنشطة .
ب ـ فتوى تعتمدها وزارة التعليم تلزم إدارات المؤسسات التربوية بعدم التدخل لنقل التلميذات إلى المستشفى ، مهما بلغت خطورة الحالة ، إلا بإقرار مكتوب من أولياء أمورهن . وبسبب هذه الفتوى تفقد كثير من التلميذات حياتهن ، كما هي حالة إحداهن جعلها الأستاذ حمود أبو طالب موضوع مقالته بإيلاف ليوم 24 دجنبر 2005 ، جاء فيها (طالبة مصابة بمرض السكري تجلس على مقعدها في المدرسة، فجأة بدأت تشعر بالدوار لأنها نسيت أن تتناول دواءها قبل الذهاب إلى المدرسة، أخذت أعراضها تشتد حتى دخلت في غيبوبة تامة. المدرسات يحاولن إسعافها. تأتي المديرة لتطلب من إحداهن الذهاب للبحث في ملفها والتأكد من وجود إقرار من ولي الأمر بالسماح للمدرسة بالتدخل في حالات كهذه ونقلها إلى المستشفى. عملية البحث في الأرشيف ما زالت جارية والطالبة في غيبوبة، بعد وقت وجدوا الملف، ولكن للأسف هناك رفض من ولي الأمر بنقل ابنته في الحالات الإسعافية إلا بحضوره.
في الضحى كانت الأم تغط في نوم عميق بعد أن أقفلت جوالها. الأب المحترم كان قد ترك عمله وذهب إلى صالات الأسهم وطبعاً لا بد أن يقفل جواله حتى يستطيع التركيز. لم يرد أحد منهما، ولأن محاولات الإسعاف البدائية في المدرسة لا تجدي، فقد فاضت روح الطفلة إلى بارئها) . إنه قتل عن سبق الإصرار والتعمد . ولا نملك ، نحن المغاربة ، إلا أن نحمد الله على كون نظامنا السياسي يعتمد قوانين لا تشترط إذن الولي في تقديم المساعدة للتلميذات وعموم النساء ، بل هي قوانين تعاقب كل من رفض تقديم المساعدة لشخص في حالة الخطر

#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات