أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - لبنان والبحر وهمسات الريح














المزيد.....

لبنان والبحر وهمسات الريح


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5537 - 2017 / 5 / 31 - 17:45
المحور: الادب والفن
    



في هذه الرواية، تسلط الروائية اللبنانية، ديالا بشارة، الضوء على رحلة الوجع والألم، والانتقال من من لبنان الجميل، حيث الشمس والهواء، وبساطة الناس وعلاقاتهم، وفي المقابل، تعقد الحياة السياسية والاقتصادية فيه، إلى السويد، حيث الجمال المصنع والأحلام الكاذبة وقسوة الأنظمة والقوانين التي تكبل حياة الإنسان، وتحوله إلى كائن صغير مستلب.
هناك بوح في الرواية وشاعرية واضحة لا يمكن للمرء أن يغفلها أو يتغافل عنها. تقول:
ـ الزمن مثل الريح، أنه في حالة تغير وتبدل، ينتقل من حالة إلى أخرى تبعاً لتبدل فصوله ومراميه. فمرة يكون لطيفاً ومرات كثيرة يكون مزمجراً، وبعض المرات يرمينا فوق صخوره القاسية.
شابة في مقتبل العمر تنتقل من ثقافة إلى ثقافة، من أرض عليها بشر لهم لون عينين وبشرة وملامح وطريقة عيش مختلفة كليًا عن أرض أخرى، حيث يغطي الثلج والبرد ثلثي فصول السنة، وثلثه الأخر مطر غزير وغيم وكآبة. ثم تستطرد:
ـ لا أعرف كيف بنى السويديون هذه البلاد التي لا تصلح إلا للدببة؟. كيف استطاعوا أن يحولوه إلى مكان صالح لعيش البشر؟ وتحول إلى مكان لجوء، وأحلام لقطاعات بشرية هائلة على مدار العالم.
في طريق رحلتها عبر طرق لبنان المطل على الجبل والبحر تستذكر وطنها، الحرب الأهلية الذي ضربه، الاقتتال العبثي بين الأخوة لصالح أجندات طائفية، ومصالح دولية ومحلية. الوقت المملوء بالمصائب والمصاعب والمتاعب التي عاشها لبنان وناس لبنان، وزمن الحرب التي أكلت على الاخضر واليابس والفضاء والأرض وأعماق البحار. تقول:
ـ سفحت دماء وقرابين مجانية في كل بقعة من أرض لبنان الأخضرالجميل، جثث الضحايا والأبرياء من كل الشرائح الاجتماعية بشكل مجاني دون أي فائدة تعود لبلدنا. ثم تكمل بوحها:
لم يخلو بيت من ضحية أو قتيل. تعطلت الأعمال ومصالح الناس من كل الفئات الاجتماعية، الفقراء والأغنياء. نزح الكثير من الناس من بيوتهم هرباً من القصف. انتقلوا من بيت مهجور إلى آخر، ومن مكان إلى مكان آخر. ناموا في العراء، وعلى ضفاف الأنهار وعلى قمم الجبال وسط البرد والثلج والمطر والضباب. الكثير مات من الجوع والبرد أو ذهب نتيجة رصاصة طائشة في غياب كامل للدولة وسيطرتها على مرافق حياتها وحياة أبناءها. تحول لبنان إلى مستنقع الصراعات العبثية، والمتنافرة، بين الدول الكبيرة والصغيرة، ومكان لتفريغ شحنات الطاقة الزائدة للقاصي والداني، لللاعبين الكبار والصغار، ولإدارة أزمات القوى الدولية المأزومة.
ثم تسلط الضوء على الحياة في بلدها الجديد حيث البرد القارس، وصوت الجرافات العالي التي تجرف الثلج منذ الصباحات الباكرة، والعلاقات الاجتماعية المغلقة في وجه اللاجئين إلى هذا البلد، وتكومهم على بعضهم. فالعراقي ينسج علاقاته مع العراقي، والصومالي مع الصومالي، والسوري مع السوري مما يترك أثره على الثقافتين السويدية وثقافة القادمين الجدد. تقول في هذا السياق:
ـ إن هذا الامر يجلب الكثير من الأخطاء للمقيمين، يتحول الحي إلى تجمع للغرباء. كانتون مغلق. يهرب السويديون من المكان الذي يعيش فيه الكثير من الاجانب أو تجمعهم على شكل تكتل. يهربون لاختلاف طريقة العيش، والسلوك اليومي، والتعامل الاجتماعي والإنساني. لهذا يلجأ الكثير منهم إلى الضواحي. وبين السويدي والاجنبي اختلاف كبير في الجانب الثقافي، وفي العادات والتقاليد، والنظرة إلى الحياة والقيم.
أغلب الذين رحلوا أو سافروا للإقامة في السويد، يجمعهم الخواء والفراغ والضياع والعزلة عن المجتمع الجديد، لعدم قدرتهم على فهمه، ولثقافة البلد المضيف القائم على الذاتية الكاملة، وحب العزلة، والاهتمام الكامل بشؤونه الخاصة كالسفر والعمل والاهتمام بالأطفال.
يغوص الكثير من اللاجئين عميقاً في شؤون الحياة الجديدة هرباً من ذاته، وتأكيداً لذاته، لحضوره الوجودي، على أنه ليس نكرة. فيبدأ في البحث عن المال، يغرق في العمل، يذهب إلى البارات، يحاول أن يشبع من الحياة في المكان الجديد، وكأنه يركض من ظله إلى مكان لا يعرف إلى أين سيأخذه. ثم يكتشف أنه لا يمسك إلا الوهم. ينسى أن ما كان يبحث عنه لم يكن الا وهماً. وفي نهاية المطاف يتذكر أنه ودع قلوباً جميلة مستقرة في قيعان الوطن. وطن لا يبارحه.
ثم تتناول قضية في منتهى الأهمية، ترصدها بعين الروائي الثاقب/ حالة الناس، عدم معرفتهم لإيقاع الحياة القادمة في بلدهم الجديد, تقول:
ـ في الحقيقة أن الكثير من الذين يهاجرون إلى اوروبا لا يعرفون في العمق ماذا يريدون من موطنهم الجديد. إنهم في حالة صراع داخلي دائم ومستمر، يستفزهم السؤال:
ـ هل جئنا إلى هنا من أجل العيش الدائم أم المؤقت؟ هل جئنا للعمل أو للترويح عن النفس، أم هو حالة هروب من واقع قاتم؟ الأولاد، كيف سنتعامل معهم؟ هل سيبقون مسلمون، عرب أم سويديون لا دين لهم؟ هل نتلاشى ونضيع أم نبقى على قيمنا وعادتنا وديننا وقيمنا؟ هل سيتمسك أولادنا بديننا إذا غرسناه في عقولهم منذ بدأ طفولتهم أم سيسخرون منه؟
إنه صراع الثقافة والهوية، أنا والآخر؟ من هو ومن أنا؟ ومحاولة الحفاظ على الذات والخوف من الذوبان في بلد متطور جدًا، يأخذك من ذاتك ويلغيك دون وعي منك لعدم القدرة على المقاومة. ولقدرة الثقافة المعاصرة على هضم الثقافات الماضوية. تلك الثقافة التي ننتمي إليها.
كما تسلط الضوء على نفسية اللاجئ، انكساره النفسي والروحي. انكسار الهارب المهزوم من الداخل، وكيف يكون؟
ومحاولة كل فرد في البحث عن خلاصه الفردي. وإحساس المهاجرين أنهم عبء على هذا البلد الجديد الذي ضمهم إليه. وتحميل أباءهم وأجدادهم مسؤولية ما حدث ويحدث لهم من أوضاع قاسية، وضياع وذوبان وتشتت.
ولدى الأغلبية شعور جارف أنهم هاربون بأجسادهم دون هدف. هروب من أجل الهروب، من الموت والحياة. وإنهم فضلوا الالتفاف على الظلم والقبول به من أجل خلاصهم الفردي.
صدرت الرواية في العام 2012، دار الفارابي، 271 صفحة من القطع المتوسط.






#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية يريفان
- من ذاكرة الجزيرة السورية 1
- مقالة في العبودية المختارة
- طيور الشوك
- استراتيجيات الغرب وجاذبية الشرق الأوسط
- الخبز الحافي
- النظام الأمريكي بعد الحرب الباردة
- هل الظلم وحده يصنع ثورة..؟!
- ما تخلفه الحروب الدامية على المرأة
- التنظيم في رواية قبلة يهوذا
- الصين في رواية
- الثورة والنهج الأمريكي الجديد
- قراءة ثانية في رواية ألف شمس مشرقة
- الثورة حدث فاصل في التاريخ
- رقص رقص رقص
- المظلومية والمجتمع الرعوي
- عوالم تركية لقيطة استانبول
- العولمة وإدارة الفوضى..!
- ألف شمس مشرقة
- آلموت فلاديمير بارتول


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - لبنان والبحر وهمسات الريح