أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هل الظلم وحده يصنع ثورة..؟!














المزيد.....

هل الظلم وحده يصنع ثورة..؟!


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 16:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هل الفقر وحده يصنع ثورة؟ وهل الظلم وحده يصنع ثورة؟ أم أن الأزمة الوطنية العميقة هي وحدها التي تصنع ثورة؟ كيف يستطيع مجتمع مثقل بثقافة دينية متمحورة حول ذاتها وتعيد إنتاج ذاتها في المكان ذاته لإبقاء شرطي الزمن والمكان خالدين، أي كيف يمكن في بلد مثقل بثقافة الاستبداد أن يصنع ثورة؟ هل الفقر سببه سياسي أم اجتماعي أم تاريخي؟ هي أسئلة مشروعة جداً ومربكة ومحيرة؟ هل الثورة هي حدث يخص بقعة جغرافية محددة يحددها التمرد على النظام السياسي أي على الواقع الاجتماعي السياسي السائد أم على الشروط الموجودة كلها، محلية وإقليمية ودولية؟
هناك من ينثر كلماته في الهواء ويرميها جزافاً عن أن الخارج هو السبب، هو الذي حرك مشاعر الناس وهيجهم. بيد أن السؤال يقول:
ـ هل هذا الخارج وحده يستطيع أن يحرك كتل اجتماعية تقدر بمئات الآلاف من الناس ويرميها في الشارع ويبني عليها مصالحه وإرادته، معقول هذا الكلام؟ هل نقول عن ذلك مؤامرة؟ هل الثورة الاجتماعية والسياسية ونبل الطرح الوطني والإنساني هو مؤامرة خارجية؟ ما هي قدرة هذا الخارج على صناعة ثورة؟
الثورة تلد قلقة، ولادة في باطنها، جوهرها أسئلة كثيرة وعميقة جداً، وتترك والإجابات الكثيرة مفتوحة الأمال والأهداف والمرامي. في الحقيقة، عندما تبدأ الثورة لا تتوقف، تبقى كالمغما في جذر الأرض مهما حاول الأعداء تمييعها. تعيش حالة سبات ثم تخرج كالبركان. أسئلتها، جوهرية، في العمق، بحث وجودي وسياسي وإنساني، ورغبة الإنسان في الانعتاق من الجور والظلم والاستلاب والرغبة في العيش على أرض طبيعية معطاءة، في وطن يريد البقاء على قيد الحياة.
إن هذه المفاهيم التي أوردتها في أعلى الصفحة نتداولها يومياً دون أن نعرج على فكفكة هذه المفاهيم ومعرفة حدود هذه الحدود. أغلبنا، سواء في بلادنا أو غيرها يتلقى هذه المفاهيم كأنها مسلمات صحيحة وعلينا القبول بها.
إن إلغاء الفقر والظلم وحدهما لا يمكن أن يصنع ثورة، وإن التمرد على الشروط الاجتماعية والسياسية ليس وحدهما يمكن أن يبنيا مجتمعاً مغايراً يسوده الخير والجمال والعدالة.
الصراع بين الحرية والاستلاب كان غاية التاريخ، جوهره. كان الاستلاب غاية النخبة، القوى المهيمنة على الدولة والمجتمع أن تمسك بمفاصل الصراع بيدها وتوجهه، وتعمل على إبقاء مفاصل الدولة في يدها، مراكز القوة فيها كالمال والقوة والنفوذ في عزل للآخر، للمهمشين والفقراء، ولم تسمح لهم، لكائن من يكون أن يقترب منها. عملت من خلال الدولة على الإبقاء على الهيمنة، على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي القائم وتأبيده، والسيطرة على أغلب المفاتيح الموجودة لإبقاء أغلب المجالات في يدها، تدرس بتأنٍ، وتستخدم كل الوسائل الممكنة حول كيفية السيطرة على الممجتمع سواء بالترغيب أو الترهيب، أو عبر القوانين، تلجأ إلى مؤسساتها في محاولة دمج قطاعات واسعة فيها من أجل حيازة الصمت والإبقاء على الكتل الاجتماعية الكبيرة خاضعة لها. أي ألا تعلن هذه الكتل الاجتماعية تبرمها أو تمردها مستغلة الضرورات والحاجات الإنسانية كالطعام والكساء والسكن، وتضعها في حساباتها ومساومة هذه القطاعات بين الحصول عليها أو الحرمان، كل ذلك تضعه في حساباتها السياسية وإبقاء شروطها، لإبقاء المجتمع تحت وصايتها.
أثبتت الأيام أن تأمين الحاجات البيولوجية وحدها لا يفي الحياة الاجتماعية غرضها، ولهذا عملت الدولة المعاصرة على فتح منافذ أخرى كأن تترك للمجتمع هامش للحركة أو الحرية المزعومة، بيد أن تبقيه مستلباً في يدها الرسن تحركه وقت الضرورة.
إذاً، إن المسألة الاجتماعية وحدها أو تهميش المجتمع وتمرده لا يكفي أن يكونان قوة سياسية دافعة للثورة، وإنما هناك قضايا غير مرئية تتفاعل في البنى كلها، وعلى جميع مستوياتها السياسية والاقتصادية والأيدلوجية تكون دوافع للخروج على الحالة النمطية السائدة، يمكننا القول إنها الضرورة التاريخية والوجودية للإنسان.
إذاً، ليس الاستغلال وحده دافع، ولا الفقر وحده، ولا البحث عن الحرية والخلاص الفردي أو الجماعي. إنه نزوع الإنسان نحو آفاق أخرى، آفاق غير مرئية تكمن في لا وعيه. نزوع نحو الخير والجمال وبناء الحياة والإنسان من الداخل. أن يتحول مفهوم الإنسان إلى شكل نبيل متوحد مع ذاته ومع الطبيعة وجمالها.
الثورة بحد ذاتها مربكة، زلزال اجتماعي يحرك المياه الراكدة والنفوس الراكنة للكسل والجمود، تحمل جميع الناس من مرقدهم وتضعهم في عين التاريخ، والواقع القاسي وجها لوجه، تكسر جميع الأيقونات والتماثيل القديمة والجديدة، وتجفف الكثير من المستنقعات، وتفتح مجرى للماء والهواء النظيف ليسيرا في الأرض والسماء.
إن الثورة في العمق، في بنيتها هو تكسير للثقافة الشمولية، للثقافة المثقلة بالماضي، للذهاب إلى العقلانية وبناء الحياة المعاصرة، المجتمع المدني وقيمه، وبناء إنسان مرتبط بعصره، بشروط زمانه ومكانه، بناء وطن مرتبط بالجغرافية السياسية للقبض على التاريخ والمكان.
إن الثورة هي كل شيء، هي فكفكة واقع وفكر، تمزيقه لإعادة تركيبه وفق مقاسات جديدة، وبناء منظومة ثقافية مغايرة، منظومة إنسانية تؤمن بحق الآخر المختلف في الحياة والحرية والوجود.
وهي في العمق، مفتاح لعصر جديد، شكله لا يتحدد في واقعه، إنه مولود يحتاج إلى الماء والغذاء لينمو ويكبر ويشق طريقه إلى الحياة. إنها إسقاط لكل الرموز في الزمان والمكان، وقوف تحت الشمس العارية وجها لوجه دون خوف أو وصاية. هو النزول إلى عمق الحياة والصراع على مسك خيوط المستقبل والبناء عليه في منطقة العمليات السياسية المغايرة عما هو سائد، والغوص في أعماق الواقع الاجتماعي والنفس الإنسانية، إلى الأماكن الأكثر سرية للوصول إلى صوت الإنسان النقي الصافي، إلى أزمنته القادمة، إلى عقلنته في الحياة.
الثورة قيم جمالية، هذا هو جوهرها بالرغم من أنها تبدو دموية على السطح.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تخلفه الحروب الدامية على المرأة
- التنظيم في رواية قبلة يهوذا
- الصين في رواية
- الثورة والنهج الأمريكي الجديد
- قراءة ثانية في رواية ألف شمس مشرقة
- الثورة حدث فاصل في التاريخ
- رقص رقص رقص
- المظلومية والمجتمع الرعوي
- عوالم تركية لقيطة استانبول
- العولمة وإدارة الفوضى..!
- ألف شمس مشرقة
- آلموت فلاديمير بارتول
- الديمقراطية السياسية
- رواية قبلة يهوذا
- محنة اليسار
- قراءة في رواية سيرة الانتهاك
- الاغتراب في رواية
- النظام الدولي بعد الحرب الكبرى
- حكاية حنا يعقوب
- الحرب الأهلية في رواية ذهب مع الريح


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هل الظلم وحده يصنع ثورة..؟!