أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - ألف شمس مشرقة















المزيد.....

ألف شمس مشرقة


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5486 - 2017 / 4 / 9 - 15:46
المحور: الادب والفن
    




رواية ألف شمس مشرقة للكاتب الأفغاني خالد حسيني المشهور جداً، طبع من هذه الرواية ملايين النسخ وكتب عنها الكثير من المقالات بيد أني أراها رواية تقليدية جداً فنياً وسردياً ومضموناً، وعادية بالنسبة لي، بل إنها باهتة، لأن الأدب ليس مراجعة للماضي وتسليط الضوء عليه فقط، وكأنه تحليل صحفي. يفترض أن يكون الأدب تمرداً على الواقع الراهن والمراهنة على المستقبل.
تبدأ الحكاية من قصة الفتاة مريم التي ولدت من أم خادمة وأب غني لديه ثلاثة زوجات يعشن معه شرعاً، أما أم مريم فقد تزوجها بالسر لهذا لم يستطع أن يضمها إلى حضيرته كونها من مرتبة اجتماعية دونية، بينما هو ونساءه الأفاضل ينتمون إلى المجتمع المخملي في مدينة هيرات في أفغانستان. يذهب الأب، أبو مريم السيد جليل إلى الضيعة التي تعيش فيها ابنته مع أمها، حيث لا ماء أو كهرباء ولا مدرسة أو خدمات، ليرفه عنها ويخرج معها إلى الطبيعة ويتكلم عن المدينة والشوارع والسينما والقصص التي تعرضها صالته ليحسسها بأبوته. لم يسمح لطفلته الصغيرة مريم أن تدخل المدرسة أو تتعرف على أشقائها الكثر. هناك رجل الدين فايز الله يعطف عليها ويعلمها الدين وقراءة الحرف وفكفكة بعض الكلمات في لغة القرآن.
يعيش جليل تناقضاً إنسانياً وبيولوجياً بين حبه لابنته مريم ومحيطه الاجتماعي، لهذا يعزلها عن محيطه، لكون التراتبية الاجتماعية والسمعة الحسنة والانتماءات العائلية مهمة جداً. فهذه المسألة الأخيرة في المجتمعات المعاقة أهم من الأبوة والإنسانية. إن أغلب الناس في هذه البلدان يخضعون للقيل والقال، للعادات والتقاليد، للعلاقات القبلية والبدوية والعشائرية، ولم تتحرر من الذاتية الضيقة ولم يحدث تطور في مفهوم المواطنة وحريته واستقلاله بقراره وتصرفه وانتماءاته. الجميع يحاول أن يقدم نفسه بعيداً عن الفضائح التي يكون الجنس المسيطر عليه دينياً هو المقياس للشرف والعفة والقيم. كل شيء تقريباً في هذه المجتمعات له علاقة بالحسب والنسب والمقامات ضمن مفهوم الرجولة والعلاقات البطريركية الصارمة. فالسمعة العطرة من خارجه مهمة وضرورية من أجل تسويق الذات، الأنا على الموضوع، المجتمع، فكلا الحالتين هو اللعب على التناقض القائم بين الأنا والمجتمع، حالة تورية وتعويم وهروب من استحقاقات الواقع وثقله.
تحاول مريم، الإنسانة المكسورة، الجاهلة أن تنتسب إلى أبيها، أن يعترف جليل، والدها بها، بيد أن المهزوم لا ينقذ مهزوماً، والغريق لا يستطيع أن ينقذ غريقاً في مجتمع غارق من رأسه حتى قدميه في تلبية العلاقات الشكلانية والخضوع لها حتى يتم تسويق نفسه كشخصية لها مكانتها وقيمتها، فيتم تجاهلها لأنها تدمر التراتبية الاجتماعية والزيف الاجتماعي، لهذا يعمد الأب بالتواطئ مع نفسه وزوجاته على التخلص من الابنة الحطام، الجثة الحية غير المرغوب بها، الفضيحة المستمرة طالما هي مستمرة في الحياة، لهذا يتم تزويجها من رجل كبير بالسن اسمه رشيد، يريدون ستر عار جليل وعائلته بالتضحية بالطفلة المراهقة مريم.
رشيد له مقاس على قالب المجتمع الأفغاني، يحتقر الضعيف ويقدس القوي، مؤمن بالله وكتبه، تقليدي، مفاهيم الدين وثقافة الدين وثقله يعشش في ذهنه. فيتعامل مع المرأة بفوقية واحتقار، مجرد مادة صمغية لإطفاء شهوة الجسد في لحظة اندفاعه. فالإزدراء والتحقير هو الأسلوب المتبع معها، مستغلاً جهلها وصمتها وعدم وجود ملجأ يحميها يجعلها ترضخ وتذل وتهان.
أفغانستان، أشبه بمريم ورشيد والمجتمع الشرقي، المريض تحت تأثير قوى الجهل، وإعادة إنتاج الانتماء إلى الماضي في كل مناسبة للبقاء فيه والعيش في ظل الانغلاق والركون للمفاهيم الماضية.
عندما يدخل السوفييت إلى أفغانستان عبر حليفهم في الحكم، يحاول إعطاء المرأة حقوقها بالمشاركة في الحياة الاجتماعية ومحاولة الحصول على حقوقها كامرأة وإنسان، يشمر الكاتب أنيابه للدفاع عن وطنه متسلحاً بقوة الولايات المتحدة ودعمها للمجاهدين من أجل طردهم وإعادة هذا البلد إلى نفسه، ليستقل ويبقى تحت وصاية المجاهدين المدعومين من السي أي أيه. يحاول الروائي أن يعطي انطباعاً أنه بريء في رصد الأحداث الاجتماعية والسياسية في بلده، بيد أنه لا يخفي انتماءه وموقفه في طول مسارات الرواية، فعنوان الرواية، ألف شمس مشرقة، يشير إيجابياً إلى الاحتلال الأمريكي لأفغانستان في العام 2001 على إثر انهيار مبنى التجارة العالمية. هناك إشادات كثيرة إيجابية خفية، مبطنة لدور الولايات المتحدة في دعم المجاهدين واحتلالها لأفغانستان. ويريد أن يقول إنه راصد أمين لما حدث ويحدث لأفغانستان المكسورة والموجوعة، بيد أن هذا كذب. إن موقفه الإيجابي من الاحتلال هو جوهر القصيد، أن يعوم نفسه وعمله بابتذال من أجل أن يصل إلى العالمية.
عندما دخلت القوات الأمريكية لأفغانستان في العام 2001 كانت ليلى وطارق أبطال القصة يعملان في منطقة قريبة من العاصمة الباكستانية، صغيرة وجميلة جداً، وحياتهما مستقرة وهادئة مع أطفالهما.
فجأة، وعلى نحو غير معروف يدب الحنين والشوق في قلب وروح ليلى، لبلدها. إن قرار العودة إلى بلدها بسرعة، في ظل ظروف غير مستقرة غير مقنع أبداً، خاصة أن الاحتلال لم يتجذر في الأرض، وكان حديث العهد، وكأنه كان قراراً سياسياً وليس إنسانياً.
تجبر زوجها طارق على العودة، تعود معه إلى هيرات أولاً، فترى البيوت والشوارع معمرة ومعبدة. ورأت العمران والسلام يعم بلادها إلا من بعض المناوشات، ثم يتابعان سيرهما ليصلا إلى العاصمة كابول مسقط رأسيهما، يستأجران بيتاً، يكسيانه ويستقران فيه. وكأن الرؤية المسبقة لليلى، للأحداث، كانت نبوءة دقيقة وحدثاً صحيحاً، لهذا يفرحان بحياتهما، يستقران في ظل الاحتلال.
وفي طوال مسارات الرواية هناك رضى كامل لكل ما فعلته الولايات المتحدة في أفغانستان منذ العام 1978 وما قبله وما بعد وإلى االيوم.
يبدو أن عمل خالد حسيني الروائي جاء على مقاس الرؤية السياسية الأمريكية للمنطقة، بمعنى، العذر والخلل فينا، نحن شعوب المنطقة، والخلاص والحرية بيد الولايات المتحدة. لهذا علينا توخي الحذر من الأسماء الثقافية الكبيرة التي يروجها الغرب.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلموت فلاديمير بارتول
- الديمقراطية السياسية
- رواية قبلة يهوذا
- محنة اليسار
- قراءة في رواية سيرة الانتهاك
- الاغتراب في رواية
- النظام الدولي بعد الحرب الكبرى
- حكاية حنا يعقوب
- الحرب الأهلية في رواية ذهب مع الريح
- في مقر منظمة العفو الدولية
- خبايا العولمة
- جيلبريت سينويه وابن سينا
- عدت والعود ليس أحمدُ 4
- عدت والعود ليس أحمدُ 3
- عدت والعود ليس أحمدُ 2
- عدت والعود ليس أحمدُ
- السلطنة العثمانية والجنوح نحو الغرب
- الثورة والتواصل الاجتماعي
- الخروج من المأزق الوطني
- رسالة إلى صديقي


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - ألف شمس مشرقة