أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - العولمة وإدارة الفوضى..!















المزيد.....

العولمة وإدارة الفوضى..!


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 5488 - 2017 / 4 / 11 - 19:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العولمة مفهوم غامض، ملتبس، يريد من يروج لها، أن يعطي انطباعاً أنها ذات بعد عالمي قائم على التواصل الاجتماعي والإنساني بين البشر، عبر تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، شبكة النت، التواصل الاجتماعي، كالفيس بوك وتويتر واليوتوب والموبايل، والدش، بيد أن الواقع يقول عكس ذلك. فهي مرحلة متطورة من مراحل الرأسمالية. قفزة نوعية إلى الأمام، تتخللها، تحولات عميقة، تطال بنيتها في العمق. واستمرار مكمل لها منذ أن بدأت في المرحلة الصناعية التي تكللت بالنجاح، في الفترة الممتدة بين 1750 إلى 1850. أي أن العولمة، هي شكل من أشكال توسع الرأسمالية على كل المستويات، لتجتاح العالم كله، بطريقة أسرع، وترسي وجودها في كل مكان، وفق شروطها، قوتها ومكانتها، وفي قدراتها النقدية والتجارية، ونقل رؤوس الأموال والسلعة، وفي قسوتها ووحشيتها.
العولمة، مرحلة، قفزة أكبر في شبكة توسعها على الصعيد الداخلي والخارجي. وفي جوهرها هو تحول في الزمان والمكان. والتأثير عن بعد على مجريات الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية. وتأكيد سيطرتها على مجريات الأمور، عبر الاستخدام الأمثل لشبكة الاتصالات السريعة، ونقل هذه الأنشطة من مكان إلى مكان بسرعة كبيرة. كما أنها تعمل على وضع كل تطور علمي في خدمتها، وتلبية مصالحها. وفي عملية تعميق التقارب والتباعد بين هذه الأنشطة، وتكريس الانقسام والتداخل فيما بينهم. وما يربط بينهم جميعاً، هو عالمية السلعة، وانتقالها السريع من مكان إلى آخر، محملة معها شبكة واسعة من العلاقات التجارية والنقدية.
هذا ما نراه على السطح، بيد أنَّ ما يجري في الأعماق على المستوى السياسي، هناك تحول كبير في بنية العلاقات الدولية، تسير بشكل متناسق، أقرب إلى التحالف الموضوعي، مربوطة عبر شبكة أمنية كبيرة، وواسعة، من التداخل بين مصالح السلطات والشركات الاحتكارية الكبرى، وأصحاب رؤوس الأموال، عبر العالم كله. ويتم هذا التنسيق بينهم، بقوة وصلابة، لربط كل تحول أو تغير، بما يجري في أي مجتمع في العالم بهم، حتى يكونوا على بينة، ويضبطوا كل ثورة أو تمرد يشكل خطراً على مصالح النظام، قبل أن يفلت من أيديهم، ليبقوا قابضين على المفاعيل السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الصعيد العالمي. والتدخل لمصلحة النظام الرأسمالي، إذا احتاج الأمر، من أجل السيطرة في حال حدثت فوضى سياسية أو اقتصادية أو أدت التطورات إلى انهيار النظام الاقتصادي العالمي برمته.
ما زال المحلي والعالمي في ظل العولمة، يعملان على شد وجذب، شد ورخي، مزيج مركب من عمليات واسعة، تعمل بأساليب متناقضة، تنتج عنها حروب ونزاعات وتخندق وانقسام، وتفرز أشكالاً جديدة من العلاقات لم تكن قائمة في السابق.
إن هذا العالم يتموضع على تغيرات ليس لها قرار، عائم على تطورات دراماتيكية لا يمكن القبض عليها، يكتسح في طريقه البنى التقليدية، ويهز أركان المجتمعات على الصعيد العالمي، ويفكك ويدعم النزعات القومية والدينية، ويذري ويدعو للتماسك، كل من يقف في طريقها لإنتاج مجتمعات متحررة من القيم والحياة التقليدية التي كانت سائدة في العقود والقرون القديمة.
كما أن العولمة، موضوعياً، تدخل في كل ما يمس حياة البشر، في بنية الأسرة، العائلة، المجتمع الواحد. وموضوعياً، يجري في ظلها، تفكيك البنى القديمة، وتحرير العقول من تبعات الماضي، كالجنس وعلاقات الزواج التقليدية. وتدفع المرأة للخروج من دائرة العزلة ورميها في أتون الحياة المباشرة.
العولمة هي سلطة غير مرئية، تدخل في كل مكان، في الثقافة، في الأسرة، في الشارع والمدرسة، في الأكل والشرب، في بناء وخراب هذا العالم، في انزياح العالم وتقاربه. وتجبر المجتمعات على مستوى الكرة الأرضية على الخضوع لشروطها، كما تدفعهم إلى التحرر، وتحول الناس إلى مجرد أرقام تلبي شروط السوق، وقانون رأس المال.
كأن العولمة تريد بشكل مقصود أو غير مقصود، أن تلغي التاريخ الإنساني، برمته وترميه جانباً، دون بديل عاطفي أو نفسي يحمي الإنسان، لصالح قيم المال والسوق، وقانون السوق وآليات رأس المال، لعالم العمل الجاف، مقتصراً على الأذكياء والخدم، أصحاب الثروة والعديمي القيمة. عالم الفرادة، الأتمتة والجنتلمان، عالم الاستجابة الذاتية لشروط الواقع.
في ظل هذا الوضع، يغيب البعد الاجتماعي والديمقراطي عن نهج العولمة، ويحول العالم إلى ساحة حيتان، يرزح تحت قانون السوق، وميداناً للتنافس الاقتصادي وتعميقاً للتقسيم الدولي للعمل، من خلال تشابك علاقات السوق والنقد والتجارة.
وتنطلق من انحياز مطلق للأغنياء. وبدعم قوي وثابت من دول ومؤسسات وحكومات وبرلمانات، ساهموا ويساهموا، بسن القوانين، ومهدوا ويمهدوا الطريق، لفتح الأسواق العالمية على بعضه البعض، إلى درجة التكامل، عبر منظمة التجارة العالمية، وإلغاء الحدود والحواجز أمام تدفق السلع، وحركة رؤوس الأموال، وبيع القطاع العام وتعويم الدولة لتتحول إلى مجرد خادم ووسيط بين المحلي والدولي.
وتعمل العولمة على تهميش دور الدولة، ازاحتها من السيطرة على التراكم الداخلي، وسحب المكتسبات الداخلية للمجتمعات في دول العالم.
هذا التناقض بين آلية الدولة، وآليات عملها، تتناقض كلياً مع آلية شروط رأس المال، الذي ينزع لفتح الباب على مصراعيه لقانون السوق دون أية ضمانات للناس في أي مكان. فآلية الدولة تعمل على إبقاء المجتمعات في البلدان الغربية بعيدة عن التلاقح السياسي مع المجتمعات في البلدان الفقيرة، حتى لا تهب رياح التمرد عليها وتجرف كل من يقف في طريقها. فما زال هذا التناقض يعمل بقوة، بين النوعة المحافظة، الحماية. حتى الضمان الاجتماعي في البلدان الغربية، الذي أعطى هذه المجتمعات توازناً، استقراراً سياسياً واجتماعياً إلى حد بعيد. وأبعد هذه البلدان عن الخضات الاجتماعية أو الثورات السياسية على السلطات السياسية، وعمق الانقسام الاجتماعي على الصعيد العالمي. بمعنى أن مصالح هذه المجتمعات موضوعياً، ليست مع مصالح الشعوب المسحوقة في البلدان الصغيرة والضعيفة كبلداننا. أعتقد أنها مرحلة مؤقتة، ربما سيجري سحب هذه المكتسبات الاجتماعية من المجتمع وتدمير أي مرتكز يستند عليه الفرد في حياته. كما حولت الحركات الاجتماعية كحقوق الإنسان، حركة الخضر، أطباء بلا حدود، صحفيين بلا حدود، حركات السلام. والمنظمات التي تفرزها الأمم المتحدة كالفاو، الصناعة، العمل، التنمية، اليونسكو، إلى مجرد أدوات، منخرطون جميعاً في افرازات العولمة العالمية، كخراب البيئة والتشرد والجوع والمرض والجهل والاستبداد والفوضى. بمعنى، أنهم لم ينفصلوا عن النظام برمته. إنهم جزء مكمل له، يعملون من داخله.
بصراحة أكثر، إن العولمة صحرت الحياة، الثقافة والفن والمعرفة على الصعيد العالمي. وأنهت السيادة الوطنية للبلدان الصغيرة، الاستقلال الشكلي الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية بسقوط جدار برلين. وبدأ تاريخ جديد في العلاقات الدولية منذ انتهاء الحرب الباردة. لم يعد هناك حماية سياسية أو اجتماعية للبلدان الهشة سياسياً واجتماعياً، وزعت فيهم، الحروب والنزاعات المجانية التي تعمل على تدمير الهويات الوطنية والقومية، واكتساح البنيات الاجتماعية، القائمة منذ آلاف السنين، لصالح هوية هلامية، غير معروفة، ولا مواصفات لها. وتدمير بنى اجتماعية تقليدية لصالح بنى مجهولة.
تبدو الأشياء على السطح كأن العولمة بنية واحدة، بيد أن ما يجري فيها، في العمق، انقسام وربط. وترزح على تناقضات عميقة، ومنافسة للاستحواذ والسيطرة.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألف شمس مشرقة
- آلموت فلاديمير بارتول
- الديمقراطية السياسية
- رواية قبلة يهوذا
- محنة اليسار
- قراءة في رواية سيرة الانتهاك
- الاغتراب في رواية
- النظام الدولي بعد الحرب الكبرى
- حكاية حنا يعقوب
- الحرب الأهلية في رواية ذهب مع الريح
- في مقر منظمة العفو الدولية
- خبايا العولمة
- جيلبريت سينويه وابن سينا
- عدت والعود ليس أحمدُ 4
- عدت والعود ليس أحمدُ 3
- عدت والعود ليس أحمدُ 2
- عدت والعود ليس أحمدُ
- السلطنة العثمانية والجنوح نحو الغرب
- الثورة والتواصل الاجتماعي
- الخروج من المأزق الوطني


المزيد.....




- -حماس- تعلن وفاة أسير إسرائيلي يحمل الجنسية البريطانية
- فيضانات مدمرة تضرب أفغانستان وتخلف 200 قتيل
- ما صحة المزاعم المحيطة بمقتل رجل الأعمال الإسرائيلي في الإسك ...
- -الوقت ينفد-.. حماس تنشر فيديو لرهينة إسرائيلي في غزة
- أكثر من 300 قتيل في فيضانات مفاجئة في شمال أفغانستان
- قناة إسرائيلية تشبّه الليلة الماضية بالأيام الأولى للحرب في ...
- بوتين يصدر مرسوما بهيكلة الحكومة للهيئات الفدرالية للسلطة ال ...
- -يوروفيجن-: تأهل إسرائيل إلى النهائي يفاقم الانقسام ويؤجج من ...
- شاهد.. سرايا القدس تسقط مسيرة إسرائيلية وتسيطر عليها بغزة
- تفكيك الكيان الصهيوني على مستوى النموذج


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - العولمة وإدارة الفوضى..!