أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيرة أحمد - ألوان السماء



ألوان السماء


نصيرة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5536 - 2017 / 5 / 30 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


كانا معا عند ضفة نهر الخرافة يتلفع بدفئهما سقف من الآجر الأحمر .عند الدروب الأربعة التي تقاطعت بحثا عن هويتهما الصامتة .مدّي رجليك نحو الحافة فأطاعته وفعلها برجليه .اقترب منها حتى لايكاد يفرقهما غير أعشاب الورس الاصفروشوك برّي لم يعد المكان مناسبا له منذ زمن. وضع كفه فوق ظاهر كفّها . هكذا سنكون فوق الغيم معا الى البلد الأمين .الفردوس الذي لايعلم به أحد سوى الله وبعض الملائكة .غيمه يمطر ثلجا من للآلىء البحر الهادىء ، وشمسه ليست كالشموس المستهلكة ..دافئة مثل عينيك .لاتعبث بالنهار ولاتخيف الليل بالظلمة .والفجر حكاية أخرى .يتسلل عبر وسادتك البيضاء بألوان السماء يمسح خدّيك فيشتعل الاديم بثورة اللون المتمرّدعند القزح المائل بفعل المطر النيساني العذب. لن يكون هناك شتاء قارصٌ ولاصيفٌ ساخنٌ ولاربيعٌ أهوج ولاخريفٌ شقيّ . لن يكون سوى نيسان يلمّ شتات الأشهر في كفيّه ويرتقي الفصول الخائفات . لنا وحدنا موسمٌ واحد فيه نولد كل يوم . لنا وحدنا موسم ٌ واحدٌ فيه نولد كل يوم. لنا وحدنا يجتمع النخل والأرز..وأشجار الجوز والبردي ..لنا وحدنا لن يكون الزيتون مرّا في أغصانه .لن ننتظر الفصول المتعجرفة لتمنحنا ماتريد ..، بل مانريد أنا وانتِ .
سحبت أقدامها عن الجرف الرخو..ونهضت على مهل ..إمتعظت قليلا..ها إنك تحلم وقد طمست قدماي في الطين القذر .دُهشَ وهرع َيمسح الطين بعشوائية ..،دفعته بقوة ومضت خلف مكانهما بضع خطوات وهي تضرب الأرض ..مجنون ..في حضرة طبيب أملس الوجه والنظرات ..كل مافي الأفق منته الصلاحية....أنتظري ..كانت تخطو خطوات سريعة والطين يطبع آثارا عشوائية على الاسفلت الصامت ..ماذا جرى حبيبتي ..؟..تقاطعت مع الشوارع الأربع ووقفت عند المولّدة الضخمة ..وصاحب المحلّ يرمق اشياءه بخبث . هل أرتقي السلم..؟ ..تحتاج ان تدفن رأسها في رقبته ..لاشىء يعادل عطره السماوي ..آه...اعرفه ..الان ..الان ...أين أنت َ..؟ ...مجنون ...في حضرة الطبيب ..الذي يثرثرُ كثيرا..هل تجرؤ..هل تجرؤ أن تمسح تاريخ المدينة التي أحترب أبناؤها مبكرا على أحقية ملكية الرسالة السماوية ..وأنت تمضي خلف ملفات الاستقامة الخادعة..ورجال دين سخروا من دهائك وانفلاتك ..وأرسلوك الى محرقة المُثُل التي سرقوها من المكتبات الانيقة فعمّدوا بها أُذنيك ونسوا قلبك المنفلت ..هل تجرؤ ان تحكيَ ..هل تجرؤ أن تكتم في حضرة الطبيب المثرثر..لستَ نبيلا لتنقذ الهلكى في الشوارع الخربة في المدينة المؤنسة على شاطئ المتوسط ..لقد كانت ترنو الى صباح يفتح عينيه على إفطار شهيّ تداعبه فيروز بلكنة بيروتية تسحر العصافير والأطفال الذين لايفقهون أعلام تاريخنا شيئا سوى ان يرددوا مقولاتهم التي تبدو متألقة لمعلمات الحي في المدارس الغافية على السفح الجميل ...مالنا وهؤلاء ..؟ لابد ان نحفظ تاريخنا لأنه هويتنا ..ولماذا نحفظ تاريخ افريقيا او أوروبا او تاريخ أمريكا ..لماذا يشغلنا هؤلاء ؟ ملك نزق يقتل اخاه ويغتصب زوجته فيصير ملكا في الزمن الجديد..باسم حريّة الباستيل ..أو حرية بغداد..فلا رادع للمأمون اذ يحرق سنينا مثالية من الفتح الإسلامي ويبصق على دهاء جده المنصور في بناء مدينة السلام العفن ليستعصي فيها اخاه ونديمه ..من يردعه ان يحرق تمثلات الحضارة التي تغتصب ملكه ...؟ مالنا وهؤلاء..؟ الذين أحرقوا كعبة ربّهم ومدينة هدموها على رؤوس من استعصى على السلطة ..لم يرسل الله طيورا ابابيل لينقذ بيته من هؤلاء الاعراب الذين يأكلون دينهم ويعقبونه كأسا من الخمر ..مالنا وهؤلاء ..؟ ..هل تجرؤ ان تمسح تاريخك الذي أخفيته عند حافة النهر ..؟ نثرثر طيلة المساء وعندما يداهمنا الفجر تكتم عشقك وتختفي ..تملأ قلبك بدم كاذب وتملأ جيبك بالرصاص التائه ..من تطارد الان ..؟ من يطاردك ..؟ هل تقتل تاريخك في المدينة التي أكلت ابناءها ورمت بالفضلات على شاطئ المتوسط ..؟ هل تقتلني وأنا أطاردك في النهار فتغمرني في المساء تسحر احلامي لئلا اغفو فتظل وحيدا ...أنا لااملك وسادة بيضاء وخيوط الشمس لاتطرق نافذتي ..أرعبني صوت المولدة الضخمة وأنا اقف على الرصيف في الظل . هل أرتقي درجات السلم ..؟ كم أشتاق لقدح من عصير بارد وسيكارة ملكية أشعلها بنارك ..وحمّى انفعالك ..آه..أين أنت ..؟ رأته من بعيد يهرول بسرعة ..أغمضت عينيها لئلا يرقبها العالم ..كم أحبك ..وأنا انتظر البراءة ان تحلّ بارضي ..أتدري انك معجزتي على هذه الأرض..كان الهاتف يرّن بخفوت ..نعم أنا هنا ..قرب المولدة الكبيرة . عند السلّم الذي يتأملني ويشتاق لخطواتي ..لماذا تهربين مني..؟ هل تشتاق لكِ الملائكة مثلي . ضمّها الى صدره عند درجات السلم ..ماذا افعل لاحتفظ بكِ في المكان الذي لايجرؤ احد ان يلمسه . كانت تمسك الحائط الأبيض وهي ترتقي الدرجات ..وهو يمسك الحديد الأسود . مفارقة مذهلة وسط الضجيج الاتي ..فتحا الباب معا..لم يجدا شيئا سوى حقائق مذهلة وأكوام رصاص ووجوها مصلوبة تنتظر التمثل الزائف تحوطهما بقوة....لم يجدا بدا سوى ان يسقطا الستارة الحمراء العالية ، ويفتحا الشبابيك الكبيرة ضمها اليه...كانت الوان السماء تصرخ بقوة ....رميا بجسديهما نحو الشاطئ الصامت..لم يتركا شيئا سوى فقاعات خائفة ..وأحلام ازهرت بعيدا عن المدن الهمجية وأصوات الرفض والاعتراف المشؤوم .



#نصيرة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظات2
- إنها هي ..
- كم ...هو؟
- لقاء
- ألم..
- البغدادية والوجه الاسوأ للاعلام العراقي
- الضرب
- عاشق في بغداد..1
- بين الحضور والغياب
- الحمّى
- المجنون
- اليباب هذا الفجر
- على فراش الموت -2-
- على فراش الموت-1-
- انا في محنة 1
- عناد غزوان ..المرفأ النديّ
- فيس بوك -1-
- كن معي
- زهرة حمراء..
- وجهك الصامت ...


المزيد.....




- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصيرة أحمد - ألوان السماء