أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - مستوطنة جبل ريش الحمام : 5














المزيد.....

مستوطنة جبل ريش الحمام : 5


ياسين لمقدم

الحوار المتمدن-العدد: 5508 - 2017 / 5 / 1 - 10:48
المحور: الادب والفن
    



في ساعة متأخرة من تلك الليلة المشهودة غادر الصديقان المقهى بعد أن تواعدا مع باقي الرواد على اللقاء مجددا لمناقشة عزم سعيد على تنفيذ فكرته الغريبة المتمثلة في إستيطان قمة جبل ريش الحمام.


تعبٌ رهيب استبد بهما وهما يخطوان تجاه مركز المدينة حيث سيفترقان كالعادة قرب سقاية "البراريك" بعد أن يرتويا منها، لم يتلفظا بأي كلمة، تركا لنعليهما الفرصة لتكسير هذا الصمت في قرقعتهما مع أعقابهما. يخطوان بتؤدة وقد تركا سكون المدينة الليلي يبتلعهما كما يبتلع في كل الليالي زخم النهار ورواجه التجاري وهدير المركبات وزعيق حمير العتالين.


يستغرب سعيد لحاله الذي يتجدد نشاطه كلما ارتوى من تلك السقاية العمومية مهما كان التعب الذي يستبد به.


تذكّر الصباحات المبكرة التي كان يخرج فيها لممارسة رياضة الجري، فقرر أن يبدأ التمارين الرياضية من جديد لأن الصعود المتكرر للجبل سيستدعي فيه لياقة بدنية متكاملة، فقرر النهوض من باكرة غده للجري.


في الخامسة صباحا، وقد بدأت حلكة الظلام تتحول إلى لونها الغبشي، كان سعيد قد بدأ بحصاد طريقه جريا في طرقات متربة بمحاذاة سكة القطار في اتجاه هضاب سيدي محمد الصالح.


صادف في طريقه بعض عمال البناء يحملون الرفوش والفؤوس وسيتوجهون بها إلى "الموقف" لعلهم يجدون عملا ليومهم.


وعندما اعتلى أسمقَ نقطة من غابة ولي الله، تطلع إلى جبل ريش الحمام وقد التمعت قمته بأولى أشعة شمس الصباح. مسح بكمه عن جبهته بعض حبات العرق، وأخذ يسنشق بقوة الهواء الطري القادم من جهة الغرب لعله يتبين فيه روائح شيح جبل ريش الحمام.


أخذت لحظة التأمل تطول، وتحولت إلى اضطراب داخلي تتعارك فيه خواطره الثابتة حول عزمه استيطان الجبل، وأفكار غريبة مغلفة بهالة سوداء تشعره بالفشل الحتمي بسبب معيقات صورها له خياله على أنه من المستحيل تخطيها.


بعد زمن طويل من الجدال الداخلي، استأنف الجري رأسا في اتجاه قمة جبل ريش الحمام. تمنى لو كانت سقاية البراريك في سبيله لتجدد نشاطه مع أول رشفة ماء يرتشفها من زلالها الطيب.


في ركضه السريع لم يعد يحس خبطا لقدميه على الأرض وإنما اعتراه شعور بالتحليق في الآماد العليا وكأنه الباشق الذي يخترق السماوات. فظهرت له المنازل والأشجار وكل ما على الأرض يهرولون إلى الخلف فاسحين له المسافات ليطويها بخفة وهمة.


بعد دقائق، أحس برطوبة تتسلل إلى حذائه الرياضي فانتبه إلى أنه يعبر مجرى وادي "ميه جديد" من غير اهتداء. فمقصده في تسلق الجبل ملك عليه كل إحساس وأصاب تفكيره بشلل شبه تام، ولولا المياه الرطبة التي أيقظته من تيهه لما توقف عن ركضه المجنون.


توقف برهة أمام السد الكبير يفكر في ما سيفعله بعد أن تأكد من استحالة تسلق الجبل بحذاء مبلول.


مشى حافي القدمين على القاعدة الخرسانية للسد وقد وضع حذاءه على صخرة في أعلى الجرف الأيسر للوادي لعلها تجف قليلا بواسطة الأشعة الأولى والسلسة لشمس الشروق...

يتبع...



#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفريقيا أفريقيا:
- القصيدة الحرون
- في مدينتي !!!
- رحلة الأعماق
- شعب التكعرير
- حَمَّاسْ كَازَا *:
- الأمازغية كحمار طروادة
- كلمات 8:
- مراحيض بجودة عالمية :
- حكاية العربي ولد عين الدفلة 3
- 2- حكاية العربي ولد عين الدفلة :
- حكاية العربي ولد عين الدفلة :
- الفساد بين المنتخب الأمي والمتعلم
- كتبٌ، كتب... الجزء2
- كتبٌ، كتب...
- الراديو.. 2/2
- حيرة الشِّياه
- الراديو
- عنابر الموت :
- قصة قصيرة ... مدن الضباب :


المزيد.....




- المخرجة اللبنانية منية عقل تدخل عالم نتفليكس من خلال مسلسل - ...
- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين لمقدم - مستوطنة جبل ريش الحمام : 5