حَاضِرٌ لاَ يَغِيبْ

علم الدين بدرية

الحوار المتمدن-العدد: 5458 - 2017 / 3 / 12 - 11:12
المحور: الادب والفن
    

حَاضِرٌ لاَ يَغِيبْ

مُطُوَّلَةٌ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْتَّعْرِيْفِ

لِرُوُحِ الْمُعَلِّمِ اِلشَّهِيْدِ " كمال جنبلاط "

علم الدين بدرية

الْحَاضِرُ الْغَائِبُ ، كمال جُنبلاط
فِي كُلِّ عَامٍ نَعِدُّ سَنَوَاتِ الْغَيَابِ
نَسْتَحْضِرُ كَلِمَاتٍ تَعَمَّدَتْ مِنْ طُهْرِ دِمَائِكَ
أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الشَّهِيْد
يَوْمَ ارْتَقَتْ رُوُحُكَ أَيُّهَا الْمُرْسَلُ فِي زَمَنٍ آفِلٍ
يُغْتَالُ فِيْهِ الرُّسُلُ وَالأَنْبِيَاءُ
صَرَخَتِ الأَرْضُ " إِنَّهَا مِحْنَةُ الأَوْلِيَاءْ "
تَفَاقَمَتِ الْفَوْضَىَ وَبَدَأَ الْحِسَابُ
لاَ تَنْظِيْمَ يُعِيْدُ حُدُوْدَ الْبَقَاءْ
لاَ مُعَلِّمَ بَعْدَكَ يُرَتِّبُ الأَشْيَاءْ
فِي كُلِّ فَجْرٍ يَرْتَفِعُ الْمُوْجُ وَتَرْتَطِمُ الأَشْوَاقْ
تَرْتَحِلُ أَنْظَارُنَا إِلىَ الأُفُقِ الْبَعِيْدِ
حَيْثُ الْمَنَارَةُ تَظْهَرُ وَتَغِيْبُ
وَأَزْهَارُ الْلُّوتُس تُشِعُّ فِي قَلَبِ الْمُرِيْدِ
حَقِيْقَةَ وَعْيٍ وَتَوْحِيدْ
عِنْدِمَا سَافَرْتَ أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ
تَرَكْتَ الْعَالَمَ خَلْفَكَ " كَاوُس رَهِيبْ "
مَنْ قَالَ : أَنَّ السَّفَرَ لَيْسَ مُرًّا
أَوْغَلَ فِي التَّفَاؤلِ وَقَلَّدَ الْبُعْدَ الآخَرَ
طَوْقًا قَشِيْبًا
وَنَسِيَ أَنَّ الاغْتِرَابَ فَارِسُ الْبُعْدِ الْوَحِيدْ
حِيْنَمَا يَفْنَى الْجَسَدُ أَيُّهَا الصَّدِيْقُ
لاَ يَبْقَى لَنَا سُوَىَ التَّذّكُّرِ
نَسْتَحْضِرُ كُلَّ الأَشْيَاءِ الَّتِي لاَ تَغِيبْ
الْفَرَاغُ لاَ يُعِيْدُ لِلْكُرَةِ اِتِّزَانَهَا
الأَمَلُ !! يُوَلِّدُ لِلْفِكْرِ حُضُورَكَ مِنْ جَدِيدْ
*****
الْغَصَّةُ لاَ تَزُولُ
الأَلَمُ يَعْتَصِرُ كُلَّ شَيْءٍ
لَمْ تَعُدْ اِلْفُصُولُ هِيَ اِلْفُصُولْ
لاَ الرَّبِيْعَ تَهُزُّ نَسَمَاتُهُ سَنَابِلَ الْحُقُولِ
ولاَ تَغْرِيْدُ الْعَنَادِلِ يُعِيْدُ الرَّقْصَ لِلْوُرُودْ
أَجْسَادُنَا مُنْهَكَةٌ ، أَفْكَارُنَا مُتْعَبَةٌ
يَعْتَصِرُهَا مَرَضُ الْجَهْلِ وَالنُّعَاسُ السَّقِيمْ
يَصْحُوُ الْوَجَعُ لِيَكْويَ الْجُرْحَ بِالْحَديْدِ
فَقَطْ هِيَ رِيَاحُ الْجَهْلِ وَالْخَوْفِ ثَارَتْ
بَعْثَرَتْ زَمَنًا أَصْفَرَ مَقِيتْ
رَسَمَتْ فَوْضَىَ الْوَقْتِ فَوْقَ الْحَضِيْضْ
نُعِيَتْ حَضَارَاتٌ وَأَفِلَتْ شُعُوبٌ
شُيَّدَتْ مَآتِمُ فِكْرٍ
شُيَّعَ عَالَمٌ عَرَبِيٌ غَريْبٌ حَزِينْ
*****
مُعَلِّمِي ...
هَذَا الزَّمَنُ سَفَرٌ
مُحَطَاتٌ تَفَتَّحَتْ فِي عُمْقِ الْوُجُودْ
نُحَاوِلُ رَأْبَ الصَّدْعِ
رَفْءَ الشَّتَاتْ
نَبْذَ التَّمَزُقِ وَالاحْتِرَاقِ
وَصِيَاغَةَ وَاقِعٍ آخَر مِنَ الأَشْلاءْ
لَكِّنَ الْمَوْتَ يَبْقَى
عَصِيًّا عَلىَ الْفَهْمِ فِي رِحْلَةِ الارْتِقَاءْ
إنّهُ الْعَصْرُ يَا صَدِيْقي
السَّاعَةُ الآتِيَةُ لاَ رَيْبَ فِيْهَا
الإنْسَانُ فَي خَسْرٍ مُبِيْن
الرَّكْبُ اِنْدَثَرَ وَالْقَبِيْلَةُ بَاعَتْ النُّبُوءَةَ
لِتَاجِرِ الرَّقِيقْ
*****
قَنَادِيْلُ حِكْمَتُكَ
مَا زَالَتْ تُضِيْءُ مَوَانِئَ الْعِبُورِ
تُنِيْرُ دَرْبَ الْعَائِديْنَ
مَنَارَاتٍ عَلىَ شَوَاطِئِ الْمَرَاثِي
تَنْبَلِجُ وَهْجًا فَي أَعْمَاقِ الْمُحِيطْ
نُوْرُهَا شَمْسُ مَعْرِفَةٍ
إِشْرَاقُهَا فِكْرٌ خَالِدٌ
لاَ يَمُوتْ
هَذَا الْفَجْرُ يَا صَدِيْقي
يَتَحَدَّىَ الْلَّيْلَ
صُوُرَتُكَ تُوُرُقُ ذَرَّاتِ أَثِيْرٍ
تَتَجَلَّىَ فِي مَعَالِمِ الرُّوحِ
تَنْشُرُ عَنَاقِيْدَ النُّورْ
يَتَدَحْرَجُ الظِّلُ
تَنْعَكِسُ الصُّورَةُ فِي مَرَايَا الْبَعْثِ وَالنُّشُورْ
صَوْتُكَ أَنْغَامُ تَسَابِيح
تَتَآلَفُ فِيْهَا الْحِكْمَةُ وَالْخَيْرُ
إنّهَا أُورْكِسْتَرا مِنَ الصَّوْتِ وَالضُّوءْ
لاَ دِفْءَ فِي هَذَا الْعَالَمِ
إلاَّ فِي الْمُخَيِّلَةِ
فِي نَبَضَاتٍ تُعْزَفُ عَلىَ مَدَارِجِ النُّوُرِ
عِنْدَمَا يَنْطَفِئُ كُلُّ شَيْءٍ
تَبْقَىَ كَلِمَاتُكَ تُهَدْهِدُ فَوْقَ وِهَادَ الْعَقْلِ
تُهَذِّبُ شَوَائِبَ النَّفْسِ
بِهَدْيِ الْعِرْفَانْ
عِنْدَمَا غَادَرَتْ رُوحُكَ
حَيِّزَ الْمَكَانْ
رَحَلَ الشُّعَاعُ الأَخِيْرُ
عَادَ الْهَاجِعُ فِي الأَعْمَاقِ إِلى السّكُونْ
*****
حَانَ زَمَنُ السُّقُوطِ
ظَامِئٌ هَذَا الْوُجُودْ
لاَ حَكِيْمَ يُفَجِّرُ مَنَابِعَ الارْتِوَاءْ
لاَ وَقْتَ لِلْعَابِريْنَ وَالْحَالِمِيْنَ
الْمُنْتَظِريْنَ عَلىَ أَعْتَابِ الأسْطُورَةِ
مُخَلِّصًا لاَ يَأْتِي مُنْقِذًا لاَ يَعُودْ
فَقَطْ أَنْتَ الْمُشْرِقُ
خَلْفَ الْكَلِمَاتِ
وَصَايَاكَ حِكْمَةٌ لاَ تَزُولْ
وَتَبْقَىَ الْمَسَافَاتُ شَوْقًا يَا مُعَلِّمِي
لِرُوحٍ مُهَاجِرةٍ
وَيَبْقَىَ الاسْتِذْكَارُ حَنِيْنًا
رُبَّمَا بُكَاءً فِي الْعَرَاءِ
وَاسْتِجْدَاءَ لِخُرُوجٍ جَديدْ
الْعَالَمُ ضَاقَ بِلُعْبَةِ الأَضْدَادِ
أَوْزَارُ التَّاريْخِ تُرْهِقُ الذَّاكِرَةَ
الإدْرَاكُ مَسْرَحِيَّةُ الْمُطْلقِ فِي وَهْمِ الْحَيَاةِ
الْحَقِيْقَةُ وَعْيٌ يَتَعَدَّىَ الْحُرُوفْ
*****
إِلى أَيْنَ تَسِيْرُ بِنَا الْمَرَاكِبُ
هَلْ لُغَتِي الْمُتْعَبَةُ أَوْ صَمْتِيَ الثَّاكِلُ
يُهدّئِان أَعَاصِيْرَ الْمَوْجِ وَهُبُوبَ الرِّيحْ؟!
الْعُمْرُ وَمْضَةُ شَقَاءٍ
السُّوسُ يَنْخَرُ الْعِظَامْ
الْعَنْقَاءُ لاَ تَنْهَضُ مِنْ تَحْتَ الرَّمَادِ
الرَّبِيْعُ الْعَرَبِيُّ بَريْقٌ لِلْخَيْبَاتِ
سِرَاجِيَ الْخَافِتُ يُؤْنِسُ وِحْدَةَ لَيْلِيَ الطَّويلْ
أَنَا أَرْتَقِبُ الْلَّاشَيْءَ
فَي الْلَّاشَيءِ ظُهُورٌ أَكِيدْ
نَوَارِسُ مُقْبِلَةٌ مِنَ الشَّرْقِ
تَحْمِلُ " أَدَبَ الْحَيَاة "
تُشْعِلُ "ثَوْرَةً فِي عَالَمِ الإنْسَان"
تَنْثُرُ "حَيَاةً وَنُورًا وَفَرَحْ"

#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل