|
ُبُكائيّة عَلىَ رُوحِ والدي
علم الدين بدرية
الحوار المتمدن-العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 06:33
المحور:
الادب والفن
ُبُكائيّة عَلىَ رُوحِ والدي
علم الدين بدرية
اِنْتَحِبِي يَا عَرَائِسَ الْلَّوْزِ وَكَفِّنِي بِزَهْرِكِ الأَرْضَ يَا غُصُونْ وَادْمَعِي يَا زُهُورَ الْيَاسَمِيْنِ وَدَعِي النَّسِيْمَ يُثِيِرُ الشُّجُونْ فِي كَرْمِلي الْحَبِيْبِ مَاتَ الْقَريْبُ وَصَارَ الْقَمَرُ غَريبْ الْفَجْرُ يَبْكِي وَالْوَرْدُ يَذْوِي وَالرَّبِيْعُ يَلْثُمُ ثَغْرَ الْخَريفْ فَكَيْفَ تَزْهُو الْكَلِمَاتُ فِي صَمْتِ الْقَصِيدْ ؟! ظِلاَلُ الرَّحِيْلِ رَسَمَتْ مَعَالِمَ الْغُرُوبِ وَلَوْنُ الْمَوْتِ دَاعَبَ النَّسِيمْ كَيْفَ تَوارَتِ الشَّمْسُ وَفِى الْفَجْرِ غَابْتِ الأَنْوَارُ؟! صُرْتَ يَا أَبِي كَالْحُلْمِ نَهْفُو إلَيْهِ فَنَلْقاهُ حَيْثُ اِنْتَهَيْنَا سَرَابْ مَا كُنْتُ أحْسَبُ أَنَّ النُّجُوُمَ سَتَهْوِى لِيَعْلُو ذُرَاهَا التُّرَابْ !! كَيْفَ نَتَفَيَّأُ ظِلاَلَ الْقِمَمِ ونِدَاءَاتُنَا تَضِيْعُ فِي الشَّمَمْ !! يَا أَبِي كَيْفَ أَسْرَجْتَ قَبْلَ الشُّرُوقِ وَلَمْ يَبْقَ لَنَا مِنَ الصَّهِيْلِ سِوَى الذِّكْرَيَاتْ!! اِنْتَحِبِي يَا صُخُور وَإِنِّي يَا جُذُور وَانْثُرِي يَا أَرْضَ الإبَاءِ الْبُثُور فِي رُبَاكِ الْخَضْرَاءَ وُرِيَ شَيْخٌ جَلِيْلٌ هَلْ هَذِهِ الْغَمَامَةُ غَطَتْ تِلْكَ الْعَمَامَة؟! مَنْ كَانَ غَضَبُهُ بِالأَمْسِ اِبْتِسَامَةً صَارَ حُلْمًا يُرَاودُ الْخَيَالَ وَعِنْوَانًا لِشَجَنٍ وَأَحْزَانْ عَفْوًا أَبِي إذْ تَعْتَعْتْ بِي الذِّكْرَيَاتُ وَأَعَادَتْ صُورَةَ مَنْ نَأَىَ عَنِي وَمَاتْ!! عَفْوًا أَبِي إِذَاَ بَلَغَ بِيَ الْيَأْسُ حَدَّ الْكَلِمَاتِ وَاحْتْرَقَتِ الآمَالُ وَانْتَهَتِ الأُمْنَيَاتْ أَنَا أَرَاكَ فِي وَجْهِ أَحْلاَمِيَ مَنَارْ يَا مَنْ أَلْبَسْتَنَا ثَوْبَ الْوِقَارِ وَرُفِعْتَ فَوْقَ رُؤُوسُنَا تَاجَ اِفْتِخَارْ يَا مَنْ بَذَلْتَ الْحَيَاةَ صِيَانَةً لِلْكَرَامَة وَبَكَتْ عَلَيْكَ الْعَمَائِمُ وَالشَّهَامَة وَشِهِدَ أَخْوَانُكَ لَكَ بِالْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالأَمَانَة يَا أَبَتِي كَيْفَ يَكُونُ الرَّحِيْلُ وَقَدْ كُنْتَ فِيْنَا الْحُلْمَ وَالْمُعَلِمْ ؟! وَكُنْتَ مِنَ الْفُصُولِ رَبِيْعًا مُزْهِرًا وَمِنَ الْحِكْمَةِ تَأَمُلاً وَتَعَبُّدًا !! كُنْتَ مِنَ النَّهَارِ شَمْسًا ، شُرُوقًا وَدِفْئًا كُنْتَ مَعَ الْلَّيْلِ بَدْرًا مُنِيْرًا وَأَصْبَحْتَ رَاحِلاً بَعِيْدَ المَزارْ ؟؟!!! آهٍ يَا أَبِي لَوْ أَبْصَرْتَ كَيْفَ تَسْمُو الدِّمُوعُ فِي أَجَفَانِ الأَبْنَاءِ وَالأَسَىَ يَأْكُلُ مِنَّا الأَحْشَاءْ كُلُّ الْقُلُوبِ بَكَتْ عَلَيْكَ كُلُّ الشِّفَاهِ لَثَمَتْ جَبْهَتَكَ وَيَدَيْكَ أَخَوَاتِي يَا أَبَتِي وَأُمِيَ الْغَالِيَةُ يَسْأَلْنَ عَنْكَ رِحَابَ قَرْيَتِنَا الْحَانِيَة الْخَلْوَةَ الْغَرْبِيَّةَ وَرَكْوَتكَ الْخَاويَّة وَكِتَابَكَ اَلْمَفْتُوحَ وَصَلاَتكَ الْغَائِبَة وَشَجَرَاتِ الْغَابَةِ وَعَصَافِيْرهَا الثَّاكِلَة نُجُومُ السَّمَاءِ زَفَّتْ لَنَا الْعَزَاءَ وَالْبَدْرُ مَدَّ لَنَا يَدَ الرِّثَاءِ فَشَعَّ نُوُرُكَ مِنَ الثَّرَى نَقَاءْ أَرَحَلْتَ يَا أَبِي الْحَبِيبْ ؟ وَمَا زَالَ الرَّبِيْعُ عَلَى الأَبَوَابِ وَالنَّسِيْمُ يُعَانِقُ السَّحَابْ !! يَتَسَاءَلَ الرُّمَانُ وَالتِّيْنُ يَا أَبِي وَدَالِيَةُ الْعِنَبِ وَأَشَّجَارُ الزَّيْتُوُنِ أَحْوَاضُ الْوَرْدِ وَعَرَائِشُ الْيَاسَمِينْ، تَبَكِي تُعَاتِبُ أَحْجَارَ الدَّارِ وَحُزْمَاتِ الْحَطَبْ مَاذَا أَصَابَ حَبِيْبُنَا الأَمِيْنُ ؟! كَيْفَ اَخْتَفَى وَغَابْ؟! وَخَفَتَ صَوْتُ الْبَلابِلِ وَعَلاَ نَعِيْقُ الْغُرَابْ؟! لِلَّيْلِ خُشُوعٌ وَسُكُونٌ أَنْهَلُّ مِنْ أَطْرَافِه حُزْنَ الْمَسَاءْ هَلْ هَذَا وَاقِعٌ ثَابِتٌ لاَ مَحَاَلةَ هَلْ هَذِهِ الْحَيَاةُ وَهْمٌ أَمْ اِنْعِكَاسٌ أَوْ رِوَايَة ؟! يَا أَبَتِي كَيْفَ كَانَتْ هَذِهِ النِّهَايَة!! هَلْ هِيَ تَعْتَعَاتٌ أَمْ حُلْمٌ يَنْبَجِسُ مِنْ تَعَاسَةٍ ، هَلْ هُوَ قَدَرٌ أَنْ تَرْحَلَ دُونَ وَدَاعٍ دُونَ نِدَاءْ ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْفُرَاقِ مِنْ لِقَاءْ ؟!
#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَوْعِدُ الرّحِيْل
-
فَوْقَ جِسْرِ برُوكليِنْ
-
آخِرُ الطَّريْق
-
سلمان ناطور رحلت وسيبقى مكانك خالدًا في قلوبنا
-
بُكَاءُ قَصِيْدَة
-
نبضاتُ شوقٍ على أوتار الحنين
-
دَنْدَنَةٌ عَلَى وَتَرِ الْغِيَابْ
-
مَوَاسِمُ الْهِجْرَة
-
رِثَاءُ حَضَارَة
-
سيمفُونِيَّةُ الْوِلاَدَةِ
-
شُحُوبٌ فِي ظِلِّ الْقَمَرْ
-
ذَاتَ مَسَاءْ
-
الحقيقة
-
رِثَاءٌ عَلىَ الأَطْلال
-
هذيان على قارعة الغياب
-
سلطان باشا الأطرش
-
نَافِذَةٌ تُطِلُّ عَلىَ الله
-
الرأي الآخر ( رحلة في عالم أثيم )
-
همسُ النَّدى
-
الرأي الآخر
المزيد.....
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|