أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - الإنسان الأعلى















المزيد.....

الإنسان الأعلى


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5427 - 2017 / 2 / 9 - 02:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(1)

كثيرٌ منا يتساءل عن " البداية " التي ابتدأ بها الانسان ..
ما هي الحقبة او المرحلة التي يمكن من خلالها ان " نؤرخ " لولادة اول انسان ...؟؟
هل هي مرحلة ظهور الكتابة والحضارة ، ام هي اللحظة التي ولدت فيها اولى خلايا البكتيريا الاحادية الخلية على الارض ؟
فاذا كان التدوين و الحضارة هي بداية " الانسان " .. فهل كان الانسان ليكون لولا سلفه البدائي الاولي ؟
مهما كانت اجابة هذه التساؤلات ، فهي لا تنفي ابدا ... ان السلف البدائي وبقاياه على كوكبنا هي كائنات حية تمتلك استقلالية خاصة .. بما فيها ... خلايا جسدنا الحية .
لو امتلكنا عيونا ذات امكانية تكبير عالية الدقة ..
لأصبحت ذاكرتنا حافلة بتفاصيل اكثر عن الاشياء والاشخاص وتكوين المسامات والخلايا الدقيقة في تكوين العالم المادي حولنا ..

لكن ، التجرد الموضوعي ، الذي اكتسبناه عبر العلوم والمعارف هو الذي يتيح لنا رؤية مغايرة مختلفة التفاصيل لأنفسنا والعالم حولنا بدلا من تلك العيون الافتراضية ( ذات قدرة التكبير ودقة الوضوح العالية ) ..
الصور الحية الجديدة عن العالم ستغير افكارنا حتما ، فالخلية الحية الواحدة في اجسامنا هي كائن بحد ذاته اكثر تطورا من البكتيريا ..
لم لا نعتبرها كائنات حية لها " ذات " مستقلة سواء كانت واعية لذاتها مثلنا ام لا .. ؟
فكل خلية حية .. هي كائن حي بذاته ، يقوم بتصنيع الطاقة بشكل مستقل ، والية تحديد عمره وعمله محتواة ضمن مادته الوراثية في نواته ..
لكونها تحمل نفس المادة الوراثية نعتبرها تعود لكيان حي واحد ..

لكن ، تخصصها في اعمال معينة مختلفة ومتغايرة حسب موقعها ، يجعلنا نعتبرها مجازا كائنات حية منفصلة متعايشة ومتخصصة ضمن مستعمرة عملاقة هي الجسد البشري ..
البكتيريا باعتبارها كائنات مفردة الخلية تشابه كل خلية بجسدنا من ناحية تصنيع الطاقة وتحريرها ضمن حددوها الخلوية ..
الفارق بين خلايا البكتيريا وخلايا جسدنا هو " التخصص " الذي يجعل خلايانا ضمن عضو جسدي يقوم بأعمال معينة تجعل خلاياه تتخصص بإنتاج فعل معين ..
خلايا المعدة تتعضى للإفراز المعوي والحركة للهضم وكذلك خلايا الدم والجهاز العصبي .. إلخ
إلا انها جميعا تبقى ضمن حدود كونها خلايا حية ذات مادة وراثية متشابهة في كل خلية ، لكن كل واحدة منها تتميز بما تنتج من مواد وفعل و ما تحرر من طاقة ..
لو تأملنا المشهد بعيون افتراضية تقوم بتكبير هذه التفاصيل ، سنرى الآخر ، ونرى انفسنا ، عبارة عن " مجتمعات " عملاقة لكائنات حية اسمها الخلايا الحية ..
هذه المجتمعات الكبيرة منضوية في " منظومة كلية " تشكل الجسد البشري ككيان منفرد مكون من مليارات مليارات هذه الخلايا ..
المفارقة في كل هذا هي " الانسان " العصري ضمن الجسد الاجتماعي الكلي ..

فلو كانت هناك عين افتراضية اخرى نقيضة للأولى ، لا تهتم بالتفاصيل الدقيقة ، بل تهتم بالكيان الكلي الذي يشكله التجمع البشري في المدن على كوكب الارض ..
بمعنى ، لو امتلك كل فرد فينا ، قمرا صناعيا يقوم بتصوير المدن وتكبيرها وتصغيرها عبر الفضاء كما في برنامج " جوجل ايرث " ..
سوف نجد العمارات السكنية والبنايات وناطحات السحاب العملاقة انما تشكل " خلايا " ضمن جسد يمتد فوق سطح الكوكب الازرق !
وهذا الكائن حديث التشكل بتفاصيله وفق " النظرة من الاعلى " هذه هو في غاية البدائية ..
اشبه بمستعمرات بكتيرية كتلك التي ندرس تفاصيلها في المزارع البكتيريا للمكورات العنقودية .. او بكتيريا القولون المعوية E.coli ..

اي ان الانسان من " الاعلى " لا يزال غاية في البدائية .. لكونه في مدنه وقراه ، كما نشاهد هذا من نافذة الطائرة على الارض ، مجرد تجمعات من خلايا منتشرة بهيئة مستعمرات على القشرة الارضية كتلك التي نشاهدها فوق اطباق الزرع البكتيري في المختبرات البيولوجية للأحياء الدقيقة ..
وبتصور مستقبل الكوكب وفق افلام الخيال العلمي ، فانه وبعد الف سنة من التطور من الان ، حدود العام 3000 للميلاد ، ربما تمكن البشر من بناء مستعمرات معقدة عملاقة ضخمة تكون شواخص على الارض تضاهي احجام ناطحات السحاب مئة مرة حين نشاهدها من الاعلى في الجو ..
عندئذ ، يمكن ان نقول ان " البكتيريا " التي تسمى البشر فوق الارض قد تطورت و بدأت بتكوين كائنات اكثر تعقيدا .. تمثل اليوغلينا و البراميسيوم كما ندرسها اليوم في علم الاحياء ..!!
فاليوغلينا و البرامسيوم اكثر تعقيدا من البكتيريا ، وهي وفق هذه المعايرة تمثل مستعمرات متعضية ، بمثابة مركبات فضائية عملاقة بحجم قرية او مدينة ...
وهكذا ، بعد عشرين الف سنة ، حدود العام 23000 للميلاد ، يمكن للبشر بناء مستعمرات كوكبية عملاقة بالغة التعقيد تتجاوز المنظومات السكنية التي تعادل مئة ضعف ناطحة سحاب الى عشرة الاف ضعف ناطحة السحاب ..
وهي بمقياس اعلى ، وبعين " الهة " اسطورية تراقب الكون من علو بعيد ، تعادل الديدان الصغيرة والنمل في مقاييسنا ... !!

اي ، تتحول المدن البشرية والقرى وربما " الدول " الى روبوتات عملاقة تجوب الفضاء مؤلفة من مستعمرات يسكنها بشر بالألاف والملايين متخصصين بأعمال محددة ضمن تركيبها الصناعي الآلي !!
حين تتحول الدولة الى ربوت ذاتي الادارة ، عندها تصبح الدولة " آلة عملاقة " أو بمعنى اكثر دقة :
الإله العملاق !!

(2)

وهكذا ، اجساد البشر ، وفق القياس العقلاني المجرد ، كيانات مستقلة مثل الخلية الحية في جسده ، لكن هذا الجسد هو الآخر ، خلية مستقلة في جسد الآلة الكوكبية العملاقة ( التي قدمنا عنها وعن الانسان العميق في المقال السابق ) ..
لو كان لهذه الآلة العملاقة ( الإنسان الأعلى ) وعيا جمعيا كليا ... فهي حتما لا تدرك ان الانسان " الخلية " كائن حي مستقل ، وستجده مجرد خلية تؤدي عملها الذي تريده هي ككيان كلي أعلى لا يزال في مرحلة التطور اليوم و بناء المستعمرات كبكتيريا عملاقة تكسو سطح القشرة الارضية ، لكنها ستتطور ربما بعد عشرين الف سنة لتكوين كائنات بالغة العقيد ..
وبالتالي ، اين نحن كذات واعية من سطوة و " ذات " هذه الآلة – مستعمرات البكتيريا العملاقة او الانسان الاعلى ؟
بل ، اين هي " ذوات " الخلايا التي تكوننا من اصلها البدئي الذي يثور في اعماقنا و يتمرد دون ان ننتبه اننا نحن في الاصل مجتمعات عملاقة من كائنات " خلايا " تشكل جسدنا الشخصي لا نفهمها ولا نعرف الكثير عنها مع انها تشكل كياننا الكلي الجسدي ؟
( هذا الاصل لا يقتصر فقط على كيان الخلية الحية ، بل يشمل ايضا كيانات اسلافنا من كائنات اخرى من عضائيات و الرئيسيات العليا و اشباه البشر Primates and hominoids مهدت لنا بالظهور على هذا النحو اليوم ، والتي تحدث عن تأثيرها العميق فينا كارل جوستاف يونغ وذكر بانه موروث في ذاكرتنا بطريقة ما ، و سماه باسم النماذج البدئية او الاولية archetypes وكان قد توصل اليها خلال سنوات عبر مجمل استنتاجاته و ما اتفقت عليها الرموز والصور التي كانت تظهر في لاوعي مرضاه الذين كانوا يزورون عيادته .. )

هذه الطبقات السحيقة " السفلى " القديمة للإنسان هي " وحدات الانسان العميق " الآخر الذي لا ندركه ..
بمقابل هذه الطبقات ، يكون من البديهي ان تكون هناك طبقات " عليا " تتجاوز الوجود الفردي الى الكيان المدني والاجتماعي ويتعدى الى الحضارات و " الحضارة البشرية " ككيان كلي شامل وهو ما نسميه " الانسان الأعلى " .. او " الآلة البكتيرية العملاقة " التي تكسو اليوم اجزاء صغيرة من قشرة الكوكب ..
وكل جزء يشكل قرية او مدينة يختلف عن الجزء الاخر في سمات ويتشابه في سمات اخرى ..
هذه الرؤية المجردة " من الاعلى " سوف تتيح لنا تقسيما آخر وتصنيفا آخر للجنس البشري من حيث الاثر العمراني والثقافي المادي فوق القشرة الارضية ..
في سبيل المثال ، رؤية الانسان من الاعلى في شرقنا العربي المتوسط هي رؤية " المستعمرة العربية " ..
و في اوربا هي " مستعمرات اوربا " ..
وفي الصين هي " مستعمرات الصين " ..
الخ ..

وهكذا ، ستكون المدن التي تستخدم التكنولوجيا العالية هي التي تشكل اكثر المستعمرات تطورا ..
( بمثابة بكتيريا كونية عملاقة اكثر تنظيما وتعاضدا في تكوين مستعمرات معقدة )
ويمكننا بعد ذلك ، ان نعيد تصورنا عن التاريخ والتطور البشري وفق رؤية هيجل عن الفكرة الكلية التي تسير العالم ..
فهي ليست قوة ميتافيزيقية تسير البشرية بقدر ما هي مسار طبيعي ، يمكننا تسميتها :-

" قالب المسارات الطبيعي للزمن "

( وهو قالب متماثل في العمق وفي الاعلى ، مسار تطور البكتيريا ، هو ذاته مسار تطور العمران البشري فوق الارض ، ومسار تطور الفقاريات من اسماك وبرمائيات وديناصورات وطيور هو نفسه مسار تطور العربات والسيارات والسفن والطائرات التي صنعها البشر .. )
عبر هذ المسارات ، تدرجت البكتيريا عبر مليارات السنين لتصل في تطورها الى تشكيل الجسد البشري .. ، و هي مسارات تطور " بديهي " ذات وجود اصيل في " القالب الطبيعي " للزمن ..
وهنا نصل الى " الحتمية " التي ظهرت كبديهية في القراءات الماركسية للمادية التاريخية ..
وهي ذات المسارات التي تمضي عليها " مستعمرات البشر " فوق قشرة الارض وصولا الى :-
النسيج الآلي الكوكبي للإنسان الاعلى ..
او " إله الكوكب " ..

بل يمكننا ان نتخيل ان في كوننا الفسيح المترامي ، الكثير من " الآلهة " التي اكتملت في تطورها فوق قشرات الكواكب وكونت " العاقل الآلي الاعلى " او ( الروبوت العملاق الحاوي لمجتمع لكائنات عاقلة ) الذي بات يحمل تسمية ما ككيان كلي لمنظومة مركزية تتحكم في ذلك الكوكب ، والذي ربما سبقنا في تطوره واصبح الها فعليا يتحكم بحياته " ذاتيا " ككائن موحد في كيان تكنولوجي موحد .. ربما يراقبنا من بعيد ويدرسنا هذه اللحظات باعتبارنا بكتيريا غاية البدائية تبني المستعمرات فوق قشرة الارض ..!!
هكذا ، نكون قد وصلنا الى الاسطورة السومرية الاولى التي ادعت ان الآلهة العظيمة في السماوات هي سبعة كواكب ..!!
فهل كانت " الاينوما عيليش " السومرية ليست مجرد اسطورة بل كانت رؤية من الأعلى للإنسان والتاريخ ؟
خصوصا ان الاسطورة تبدأ بعبارة :-
حينما في الأعالي = حينوما عيليش ... !!

(3)

للأسف تناول مسالة الاعماق البشرية السفلى نادر بعد يونغ ، و ربما تناول موضوعة الكيان الكلي اكثر ندرة ..
توصلنا الى هذا الراي البداهة " المنطقية " في استنتاج ترابط المسار التاريخي لحياة الكائنات على الارض ..
مثلما هناك موجات ضوئية مرئية بالعين ، هناك موجات " تحت مرئية " ممثلة بالأشعة تحت الحمراء والموجات الراديوية الاخرى .
وهناك واشعة فوق مرئية ، ممثلة بالأشعة فوق البنفسجية واشعة جاما واكس والاشعة الكونية ..
كلا هذين المستوين الاسفل تحت الاحمر ، والاعلى فوق البنفسجي هي مستويات غير مرئية وغير مدركة حسيا ..( عدا استثناءات نادرة لبعض المفترسات ) ..
كذلك الحال بالنسبة للصوت ، هناك مستوى صوتي وتحت صوتي وفوق صوتي ..
صوت اسفل " عميق " ، وصوت طبيعي ، وصوت اعلى " فوق صوتي " ..
ضوء عميق " تحت ضوئي " ، وضوء مرئي ، وضوء اعلى فوق بنفسجي وسيني ونووي ..
انسان اسفل .. عميق ، وانسان بسيط ظاهري " شخصية " .. ، وانسان أعلى ... كلي ..!!
الانسان الاسفل هو ما درسناه في البيولوجيا و السيكولوجيا ..

اما الإنسان الاعلى فهو لم يدرس بالمستوى الاكاديمي بوضوح سوى بدايات ما نعرفه اليوم بعلم الاجتماع وعلوم الانثروبولوجيا ( الاناسة ) ، لكن ، لا يزال امامنا الكثير لرسم صورة حقيقية تنبؤية للمجتمع ما بعد الآلي للجنس البشري ..
مع هذا ، هذا الانسان الأعلى فجر ثورته منذ القدم بالروحانية ..
وعليه ، الروحانية قد تكون هي حدس كلي في " قالب الزمن الطبيعي " او البديهي او الحتمي الذي يتنبأ بغاية المسار في تطور المستعمرات " الكوكبية " الكبرى لتشكيل آلهة الكواكب فوق الكواكب الحية.
فهل كانت اديان التوحيد هي ثورة الانسان الكلي الاعلى الذي حاول ان يثبت وجوده بوسائل شتى .. ؟
فتارة برسالات الانبياء والدعوة للتوحيد وعبادة " إله " واحد .. كما في نبوة ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد ..
وتاره بطرح مناهج اخلاقية مستنيرة عليا كما في البوذية و مثل العدالة الاجتماعية كما في الكونفوشية ..
ام الروحانية ثورة تهدف الى مخالفة هذا المسار الطبيعي المحتوم للزمن عبر جوانب من ثورتها التي تدعو الى التحرر من كل قيود واخلاقيات ؟

( الانسان الاعلى مفهوم استحدثناه – و حدثناه ، يخالف مفاهيم الانسان الاعلى كمفهوم الامير لدى ميكافيللي او في المرحلة الكلاسيكية للفلسفة الالمانية لدى غوته كشخصية فاوست او لدى نيتشه وفهمه للإنسان الاعلى كفرد متحرر من كل القيود ، كل هذه تشير الى افراد اسطوريين او خارقين ، مفهومنا هنا يختلف باعتبار الانسان الاعلى كيان كلي متعدد الافراد يمتد كحضارة او امة او ككل آلي مثل روبوت عملاق يجمع عموم الجنس البشري في لاوعي جمعي اعلى هو الكوكب – الانسان )

(4)

التمعن و النظر بهذا الوجه " الآخر " للحقيقة سيغير في فهمنا لأنفسنا كثيرا ...
مجرد اعتبار المجتمع البشري المكون من بشر مستقلين هو كيان " كلي " مترابط بطريقة ما ، او يسعى الى الترابط لتشكيل كيان كلي ذو ترابط ووعي اكثر وضوحا وتطورا شانه شان الخلايا ( الكائنات ) العصبية في دماغنا التي ترابطت وشكلت الوحدة الكلية التي نسميها " انا " ...
هذ الوجه الآخر - سواء كان اسفلا او أعلى - لو اعترفنا به نكون قد اقتربنا كثيرا من معرفة البداية والنهاية ..
الثورة الروحانية لن تهدأ ، حتى وان هادنت وسكنت بعد الثورة الصناعية والتنوير ودخولنا في عصر الديجتال و النانو تكنولوجي ..
الباطن الفردي والجمعي للبشر ( الانسان العميق ) يبقى في قلقه وصراعه مع الآلة العملاقة التي نسميها المجتمع وما فوقه " الانسان الاعلى " .. ( او التاريخ ) ..

وفي اللحظة التي تجتمع فيها فكرة الخلاص والعدل الدنيوي التي تعتبر الروحانية انعكاس ومتنفس عن ظلم السلطة ، تجتمع مع غاية التطهر والعودة الى الفطرة النقية ، عند ذاك ستصل البشرية إلى اعظم ثوراتها على مر تاريخها بكليته ..
حينها ستكون " التنقية " للفرد البشري منهجا وغاية تقدمية تتفوق على " الليبرالية " باعتبارها منهجا قديما يقوم على تحرير الغريزة البشرية فقط وفق قيود وقواعد " الآلة العملاقة " او الانسان الغربي الاعلى ..
قد يرى البعض أن الحضارة الغربية لا تدعو للحرية مطلقا ، الحرية بمعناها المجرد ..
قد تكون بمقياس سيكولوجي نفسي حرية كاذبة تجعل الإنسان أسيرا لغريزته التي تتفنن " الحضارة " بالتلاعب بها في غابات جديدة " اسمنتية " ممثلة في ناطحات سحاب وعمارات كبيرة كما سماها الفيلسوف شبنغلر في " تدهور الغرب " ..

وربما كانت الاديان ، و خصوصا المسيحية والبوذية ، هي الامثلة التي ينطبق عليها وصف التحرر والتسامي فوق الغريزة ومحتوى ذاكرتنا الجينية ..
ومجرد تأمل الفكرة من هذه الزاوية ، يجعلنا نفهم ان الغابة الاسمنتية هي بالضبط هذه الالة البيو – صناعية الجديدة الممسوخة التي تنشئ الافراد على " هواها " وغايتها المنحوتة ضمن القالب الطبيعي لمسارات الزمن ..

السؤال الآن هو :-

هل الثورة الروحانية تمرد و محاولة للخروج عن هذه المسارات الطبيعية للزمن ، لأنها تدعو للتحرر من كل القيود والرغبات ام هي على العكس من ذلك تماما ، هي ثورة من اعماق الانسان غايتها ارجاعه لخطوط هذه المسارات بدليل انها تدعو للتوحيد وعبادة اله واحد عبر تركه رغباته ومسح شخصيته وذاته الفردية ؟

ام للروحانية هي الاخرى وجهان ، عميق واعلى مثل الانسان ..!!؟

ما علاقة فكرة " الإله " بدلالتها العميقة بهذه الثورة و فلسفة القيامة و الفردوس ؟

سنحاول التوسعة في اجابة هذه التساؤلات اكثر في المواضيع القادمة ..



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان العميق
- خارطة طريق نحو الحرب العالمية الثالثة ، استراتيجية الظلام ال ...
- سيناريو الناتو 2017 وانقلاب السحر على الساحر
- عودة المسيح إلى روسيا .. (2)
- روسيا .. و عودة الحلم (1)
- الحرب الاميركية الناعمة : الغاية و المصير
- على متن السفينة (3)
- على متن السفينة (2)
- على متن السفينة (1)
- الثقافة .. و الحضارة .. و التأريخ ، المسيرة الانسانية نحو ال ...
- الثقافة الانتاجية : الطريق الى الدولة المدنية ، دولة الإنسان
- السياسة الخارجية الاميركية و آل سعود ، إلى اين ؟
- سقوط الحتمية
- كارما التأريخ
- بارادايم العقل البشري ، مقدمة في علم الحتمية
- إشكالات في النظرية الماركسية 2-2
- إشكالات في النظرية الماركسية 1-2
- مراجعات في الماركسية (2)
- مراجعات في الماركسية (1)
- الإمام المهدي والحرب العقائدية الامبريالية !!


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد مهدي - الإنسان الأعلى