أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 45














المزيد.....

سيرَة أُخرى 45


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5398 - 2017 / 1 / 10 - 18:54
المحور: الادب والفن
    


1
مساءً، أخذت التكسي مع نسيبي بسبب انتهاء فترة تأمين الدراجة النارية. كانت وجهتنا المقهى، الكائن على طرف شارع محمد السادس. السائق، شاء أن يسير بنا عن طريق ( المِشْوَر )؛ وهوَ الفسحة الساحرة، المحفوفة بأسوار القصر الملكيّ. بدَورها، فالفسحة تنقسم إلى عدة ساحات، يفصل بينها أسوار داخلية في غاية الأناقة، يمكن عبور المركبات من خلال قناطرها المهيبة والمزخرفة بآيات من فن الجص والحجر والمرمر. تحت أسوار القصر، تمتد عشرات الأحواض المزروعة بشتى أنواع الأزهار، يفصل بينها الأشجار المثمرة وبرك الماء الكبيرة ذات النوافير. ليلاً، تسطع الأنوار بألوان عدة متناوبة طوال الوقت، فتضفي منظراً أكثر سحراً على المكان.
ما أن صرنا في الممر الخارجيّ للمشور، فعبرت سيارتنا بين جدرانه الجميلة المنارة بالثريات الأنتيكية، حتى أنفتح حديثٌ مع السائق عن التطورات المتسارعة في مراكش. عندئذٍ، اتفقنا على أنّ ما جرى من تحسين في مرافق المدينة خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة ليعادل عدة أعوام. ثمّ تعلق بصري بالطريق، حيث أضيء جانباه بمصابيح صغيرة حمراء، متواترة الإنارة، لتحديد خطّ كلّ من السيارات والدراجات النارية. المصابيح الكبيرة، كان يأتلق منتصفها بلوحات مضيئة زاهية توحي بأعياد الميلاد ورأس السنة. في طريق العودة من المقهى مشياً، عبرَ شارع محمد السادس بإتجاه غيليز، رأيتني وكأنني في كرنفال أو حلم. إذ سرنا في ممشى الشارع الأوسط، أينَ الإفريز النباتي المتخم بالورد الجوري وغيره من الأزهار. فوق رؤوسنا، كانت تهمي خيمٌ من المصابيح الساطعة، فيما نوافير من الأضواء تنسكب من طرفي الشارع وبشكل يعزّ عن الوصف. خلال مرورنا بالدرب المسوّر بالجدران الخارجية لدار الأوبرا، إذا بي أشمّ رائحة جمر الأركيلة ( الشيشة ). ذلك، كان مقهىً شعبياً يبدو أنه أدخل هذه البدعة مؤخراً. قررنا إذاك أن نكون من رواده، لاحقاً!

2
كان الجوّ دافئاً عصراً، مع كون السحب تحجب الشمس بين حين وآخر. في شارع البرنس، كان الزحام على أشده لدى نزولي من سيارة الأجرة. وكعادة بعض سائقي التكسي مع زبائنهم الأجانب، وضع الشوفير قطعة خمس دراهم بيدي بدلاً عن العشرة. هذه القطعة، سرعان ما صارت من نصيب متسولٍ متوسط العُمر، كان يعرض يده المبتورة من المعصم والتي هيَ من مآثر عدالة آل سعود وتقواهم. بعد جولة في أنحاء ساحة جامع الفنا، دخلتُ مطعماً يحمل اسم مدينتي دمشق. لائحة الطعام، لم يكن فيها أيّ شيء يمت لمدينتنا. طلبت صحن شاورما الدجاج، ولكنني لم أستطع تناول سوى لقيمات قليلة. سألتُ النادل المغربي عن صاحب المحل، وما إذا كان دمشقياً. فقال لي: " بل هو من الساحل السوري، من الأسرة العلوية الشريفة! ".

3
تحت شمسٍ حنونة، عدّتُ لأخترق ساحة جامع الفنا وصولاً إلى مبتدأ شارع محمد الخامس. ثمة، حلتُ بين سائحة خمسينية وموتور قادم بسرعة جنونية، فشكرتني بالفرنسية وقد أصفرّ وجهها. تابعتُ سيري باتجاه غيليز، محروساً بشجيرات البرتقال المتخمة بالثمار. في الساحة الرئيسية بغيليز، نصبوا حديثاً شجيرات زيتون مقلّمة الأغصان بشكل فنيّ، فيما النوافير العملاقة هجعت للنوم باكراً. ولم ألبث أن أخذتُ مكاني على أحد الكراسي العريضة، المتناثرة عند مدخل ( شارع العشاق ). رجل فرنسيّ، يبدو في نحو السبعين، جلسَ بقربي بعدما حياني. تكلم قليلاً بالخليوي. على الأثر ظهرت فتاة حسناء مرتدية تنورة قصيرة، فنهض الرجلُ لاستقبالها بالقبلات ثم غادرا المكان متشابكي الأيدي. دقائق أخرى، وتركتُ بدَوري المجلسَ متجهاً إلى المقهى لملاقاة الأصدقاء. في نحو العاشرة مساء، أخذتُ تكسي إلى المنزل. عند المفرق المؤدي إلى باب أغمات، إذا بالسائق يدور إلى جهة معاكسة كي يطيل الطريق. طلبت منه أن يقف وينزلني، ففعل ذلك ومضى دون أن يأخذ أجرته. ركبت مجدداً إلى المنزل، ولما وصلت ناولت السائق الطيّب ضعفَ الأجرة المطلوبة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين 3
- سيرَة أُخرى 44
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الجزء 2 الشين
- الجزء الثاني من الرواية: الراء 3
- سيرَة أُخرى 43
- الجزء الثاني من الرواية: الراء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الراء
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 3
- الجزء الثاني من الرواية: القاف 1
- الجزء الثاني من الرواية: القاف
- سيرَة أُخرى 42
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد 3
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد 2
- الجزء الثاني من الرواية: الصاد
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 3
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء 2
- الجزء الثاني من الرواية: الفاء
- الجزء الثاني من الرواية: العين 3
- الجزء الثاني من الرواية: العين 2


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 45