حسام الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 5397 - 2017 / 1 / 9 - 15:44
المحور:
الادب والفن
نظرت حولي في البداية علني أتبين مصدر الصوت قبل أن أنتبه الي انه يصدر من أسفل ساقاي ، طفلة صغيرة أبنه الخامسة ، قصيرة ، ضئيلة الجسد بوجه في حجم راحة اليد وعينان نضرتان حزينتان ، لم لأتبين ما تقول فانحنيت مقربا اذني من فمها مستفهما ، قللت بكلمات ركيكة متلعثمة
- يا عمي ، ماما نائمة ولا تريد الأستيقاظ
لم أفهم ما الذي دعاها الي طلبي وما الذي دفعها الي دخول المقهي لتختارني من وسط الجميع ، تبعتها في صمت حتي وصلنا الي الرصيف المقابل لأري أمها ، أمراة في أواخر الثلاثينات ، شاحبة الوجه ، متشحة بالسواد ، تفترش الأرض وتتوسد احدي يديها ، انحنيت عليها مشفقا علي من تجور عليه الدنيا فيصبح الشارع عنوانه ، هززتها برفق ، فلم تنتبه ، هتفت بها أن تستيقظ وما من مجيب ، ساورني القلق فربت علي كتفيها بشدة قبل ان اضع اصابعي علي عنقها اتلمس النبض ثم أصعد بها الي انفها ، لم يكن هناك بض أو نفس ، تمتمت في حزن عميق " إنا لله وإنا اليه راجعون "
حملت الصغيرة وعدت بها الي المقهي ، أجلستها علي أحد المقاعد وطلبت لها أرزا باللبن ثم ذهبت لأبلغ الجهات المختصة في سرعة حتي يحملوا الجثمان للتصرف فيه ، عادة لتشريحه ثم دفنه ، أشفق مالك البيت الذي ماتت أمامه عليها فحمل الجثمان مع الرجال الي الداخل بعد أن تجمع المارة حوله ، هو نفسه ذات الرجل الذي رفض ان يفتح بيته لهذا الجثمان وهو حي بأن يعطيها غرفة صغيرة تحت السلم
عدت الي الصغيرة كانت قد أنهت طبقها بالكامل ، لابد أها كانت جائعة منذ أيام فالجثمان قد تيبس بشدة ، نظرت أليها حائرا لا أدري ماذا أفعل أو أقول، قالت لي في براءة غريبة
- هل استيقظت ؟
لم أدري ماذا أقول، جلست بجانبها في المقهي واضعا رأسي بين يداي مفكرا، أعدت النظر اليها ، انتبهت الي جمال عينيها الحزينتان ، سألتها
- أتريدين طبقا أخر "
هزت رأسها موافقة ، أدركت ساعتها أنني علي وشك اتخاذ بعض القرارات بشأنها لن أندم عليها
#حسام_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟