أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيماء حسن ديوب - مذكرات أم تنتظر-3-














المزيد.....

مذكرات أم تنتظر-3-


تيماء حسن ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 5393 - 2017 / 1 / 5 - 23:20
المحور: الادب والفن
    


على مسافةٍ من حلمٍ كنتُ، جميلةٌ هي الأحلام وبعيدةٌ عادةً مسافاتها، حلمي أنا كان هنا، قريب أحمله في مقلتي التي كحّلها الصبح النقي بقلم من كلمات تعصاني كما لم تجرِ العادة!
على موعدٍ مع حلمٍ كنتُ، جميلةٌ هي الأحلام تضبط مواعيدها على نبض قلوبنا المتعبة، أنا قلبي اليوم ليس متعب، قلبي اليوم على موعدٍ مع شاشةٍ بحجم لؤلؤةٍ طولها لا يتعدى بضع سنتيمترات!
أن تطعم من يدكَ، من فمكَ، من عينيكَ، من عقلكَ، هو أمر ليس بغريب، تعجز كلماتي عن وصف هذا الصغيرِ الذي ينقر الحُبَّ من قلبي.
الغرفةُ كما العادة، مظلمةٌ وملمس جلد الطاولة باردٌ، لونها قاتم، انتظر بفارغ الصبر إضاءة الشاشة، شاشة موعدنا الجديد، يلمع الضوء أخيراً، أنا التي أحبت ودائماً كل أنواع الأضواء، سرت في جسدي قشعريرة من برودة السائل الذي وضعه الطبيب أسفل بطني، أيقظتْ احساسي بالمكان، بتفاصيل موعدنا الاستثنائي باختباراته، بأسئلته، بنتائجه، الجو يعبق بثقل المكان، الرائحة والغياب وأنا وحدي أنتظر وأنتظر ، أمارس فعلاً طالما كرهته، نعم وبفمٍ ملآن: أنا أكره كل أفعال الانتظار.
يمرر الطبيب الجهاز الصغير على جسدي وبسرعة تتضح الرؤيا، أخجل من احساسي بالفراغ، أخجل من ابتساماتي المتكررة في كل مرة تظهر فيها صورتكَ، أخاف أن اضحك أكثر فيسيل الكحل من عيني عندما تتفتح على عينيك، أخاف و أخجل أكثر عندما أفكر بتناقضات مشاعري تجاهك، أضحك أعلى لأخفي ما لا أفهمه، ما لا أستطيع تفسيره، ما أشعر به ولا قدرة لديّ لأعبر عنه.
هنا الرأس، هذا حجم محيط الرأس، طول العمود الفقري ، شكل المعدة، هنا التلافيف، هنا وهنا واللغة لعينة والمكان يضيق من جديد ويظلم... فجأةً و كمن يصحو من ضحكة ترتفع يدكَ الصغيرة، ربما أكثر أصابعكَ الخمسة، تحتل الشاشة بوميضٍ غريبٍ لم أره من قبل، يدكَ تشد على روحي، تسخر من قلقي، من وحدتي، من آلام ترقبي، كأنكَ تحيي اللحظة أو تحييّها، كأنكَ تخط الزمن، تؤرخه، كأنكَ تقول: الحلمُ يقينٌ من نوعٍ آخرَ.
أن ترفعَ يدكَ في أسبوعكَ الثالث عشر بأصابعها الجميلة، هو ما اعتبره الطبيب لحظة نادرة وجميلة لا تحدث كثيراً، ليس عند كل الأطفال، كأنني أحتاجه هذا الشقي ليقول لي: طفلك ليس كالأطفال الآخرين!
كنتُ اليومَ على موعدٍ مع نبضات قلبكَ إلا أن أصابعكَ الجميلة احتلت مساحات لقائنا، فرضت نفسها بقوةٍ على المشتاقة لسماع نغمات نبض قلبك، اعذر سرعتي، اعذر عدم صبري، اعذر حواسي التي لم تعد تقوَ على الانتظار فأنا انتظرتك عمراً من فرحٍ وتعب.
هي المرة الأولى التي يسبق فيها قلبي الجميع، يرى ويسمع ويحس بما لا يراه ولا يسمعه ولا يحسه حتى عقلي! اعذره، اعذر اشتياقي، حيرتي، سذاجة كلماتي، ستسمعني أرددها كثيراً: كم أكره الانتظار فهلا أتيت سريعاً، صلّي معي لتركض اللحظات كحصانٍ بريٍ انفلت لجامه فأراكَ أخيراً ودائماً بين ذراعي...

08/04/2016



#تيماء_حسن_ديوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقص شرقي
- صورة الرئيس
- أنتِ طالق
- مذكرات أم تنتظر-2-
- مذكرات أم تنتظر-1-
- فضاءات حدقة
- أسئلةٌ مُرْهَقَة
- أنا والهُوَ
- قيثارة أوفنبورغ
- ذكرى فاطمة المرنيسي
- على عتبة قطار آخن
- موت غير مفاجئ
- ربيع غد
- شبق
- خيانة
- تفجيرات على حدود الروح
- طنين ذكرى
- في ظلال النبي أبراهام
- ما أجمل أن تنقلب الأدوار!


المزيد.....




- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...
- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيماء حسن ديوب - مذكرات أم تنتظر-3-