أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيماء حسن ديوب - ما أجمل أن تنقلب الأدوار!














المزيد.....

ما أجمل أن تنقلب الأدوار!


تيماء حسن ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 5024 - 2015 / 12 / 25 - 15:10
المحور: الادب والفن
    


لطالما كنت معجبة بجدتي! لباقتها، أناقتها، طبخها الشهي، صلابتها في مواقف الحياة الصعبة وقدرتها على الحفظ السريع وهي الأميّة التي لا تقرأ ولا تكتب! اشترك معها بأشياء كثيرة، منها ما هو طريف، مثلاً حبنا للكعوب العالية رغم طول قامتنا!...
كلما ذكّرتها بذلك تلمع عيناها وتروي لي مرةً جديدة!...
كيف كان جدي يحملها عند عودتهم ليلاً من السينما أيام الشتاء، حتى لا يتسخ كعب حذائها من طريق القرية الموحل، تذكرني: جدك كان من أقوى شباب الضيعة وتضيف مبتسمة: يوماً ما ستتزوجين رجلاً بوسامة جدك!...
ذلك اليوم، كنت قد تجاوزت قليلاً عتبة طفولتي، وفور عودتي من مدرستي ذهبت إلى جدتي، الشاي الأحمر الذي تصنعه أشهى من أي شاي شربته في أيّ من المدن الكثيرة التي زرتها فيما بعد. بدأت حديثها كما العادة بقدرة الأنسان المتسامح على كسب محبة كل الناس، قالت: يا ستي الأرض الواطية بتشرب ميتها ومية غيرها...

كنت شاردة بعنكبوتٍ تلقي بنفسها عن شجرة الغاردينيا بخيط وهمٍ، ثم تسحب نفسها من جديد مستعينةً بالخيط ذاته... قلت مقاطعةً حديثها: لماذا لا تقتلين كل هذه العناكب في أرض الدار، لا مكان لهذه المخلوقات في بيتك!.
قالت بنبرةٍ معاتبة: إنها مخلوقات ضعيفة، لماذا أقتلها؟ قلت لها: ألا تعرفين أن العنكبوت كانت فيما مضى امرأة، تحدت الآلهة بمهارتها في الحياكة فعاقبتها هذه الأخيرة بأن حولتها إلى عنكبوت.. فتحت جدتي عينيها الصغيرتين إلى أقصى اتساعهما وقالت: أحكي لي يا ستي أحكي.. لحظتها تذوقت طعم انتصار جميل، كنت سعيدةً لاستحواذي على انتباهها، كانت كطفلٍ صغير يصغي بكليته لحكاية جدته! عادةً، أنا من تفتح عينيها أمام حكاياتها، ما أجمل أن تنقلب الأدوار!

بدأت بسرد أسطورتي: كانت "أراكني" امرأة معروفة جداً بنسيجها الجميل، كانت الآلهة "أثينا" تنسج جيداً أيضاً. كانت "أراكني" تتباهى بمهاراتها وتقول أنها افضل ناسجه بالعالم. "أثينا" سمعت بهذا الكلام، تحدت "أراكني" لمنافسة حياكة، ليروا من هي الأفضل؟ قبلت "أراكني" التحدي، استمرت المرأتين بالحياكة لساعات، في النهاية توقفت "أثينا" لتشاهد عمل "أراكني". قالت الآلهة "أثينا": أنت ناسجه ممتازة، حتى أنا لا أملك مهاراتك الكبيرة! قالت "أراكني": أعلم جيداً، لقد قلت لك أنا الأفضل، أنا أكبر ناسجه بالعالم. ردت الآلهة: صحيح، لكن غرورك أكبر بكثيرٍ من مهاراتك وهذا سيء جداً، لذلك ستعاقبين، سأحولك الى عنكبوت. ومنذ ذلك الوقت، تخيط "أراكني" في الزوايا بلا توقف.

سادت بضع لحظات صمتٍ، أحمرت وجنتا جدتي غضباً وقالت بدهشة: كيف تجرأت هذه الأرانكي المتعجرفة على تحدي الآلهة!؟ كان عليها أن تنحني تواضعاً أمام من أعطاها مهارتها.. صمتتْ كأنها تعيد ترتيب كل حرفٍ من اسطورتي في رأسها الجميل لتخزينه.. نظرت إليّ بثقة وقالت: هذه العناكب، سأفكر في مسألة قتلها بشكل جديّ!

عصر اليوم التالي، لم أجد أثراً لعنكبوت واحد في أرض الدار.. سألتها بفضولٍ إذا ما كانت قد قتلتها فعلاً؟ قالت: بعد تفكير عميق، لم أقتلها، لكنني طردتها، ألقيت بها إلى الخارج، في منزلي لا مكان لعصاة الآلهة!

هاتفتُ جدتي البارحة، اطمئن على أحوالها، قلت لها: في مدينتي الجديدة هناك الكثير من الفراشات الصغيرة، يكاد لا يخلو منزلي منها، أنت تعلمين كم أحب الفراشات!؟.. فقالت: يا ستي الفراشات بشارات حلوة جاي لعندكن، مو متل العنكبوت "الله يلعنها" قال شو بتتحدى الآلهة! شو بدي وصيّك يا ستي؟ ما تخليلا و لا زاوية بالبيت، ضحكتُ وقلت لها: لا توصي حريص!



#تيماء_حسن_ديوب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تيماء حسن ديوب - ما أجمل أن تنقلب الأدوار!