أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - في الطريق من الضِفَةِ الشرقيّة ، الى الضِفَةِ الغربيّة لبغداد














المزيد.....

في الطريق من الضِفَةِ الشرقيّة ، الى الضِفَةِ الغربيّة لبغداد


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 5383 - 2016 / 12 / 26 - 17:09
المحور: كتابات ساخرة
    


في الطريق من الضِفَةِ الشرقيّة، الى الضِفَةِ الغربيّة لبغداد



استأجرتُ ، وأنا بكامل أناقتي "الرسمية" ، سيّارة اجرة صفراء صغيرة ، من منطقةٍ تقعُ في "الضفة الشرقيّة" لنهر دجلة في بغداد . الشيء الوحيد الذي لم يكن يتوافقُ "هارمونياً " مع السيارة ، هو السائق . أنا كنتُ ضخم الجثّة ، وهو كان أكثرُ ضخامةً منّي ، بحيث أصبحت السيارة "رجعيّة" جداً من الأمام ، و "تقدُميّة" جداً من الخَلْف .
ما إنْ قلتُ لهُ : السلامُ عليكم ، وردَّ: وعليكم السلام .. حتّى بادَرَني بالقول : أخي .. أنتَ ، و كما يبدو من المنطقة التي تسكُنُ فيها ، تنتمي الى تلك "الجماعة "، بينما أنتمي انا الى "الجماعة" الأخرى . مو ؟ قلتُ : نعم . قالَ : "خوشْ لَعَدْ". شوف أخويّة . بما انّ الطريق طويلة ما بين "الساحِل الأيسر" و "الساحل الأيمن" لبغداد ، و الازدحامُ شديد ، فإنّني أعرِضُ عليكَ "أجِنْدةً" تُساعدنا ، أنا وانت ، على تبديد كآبة هذا الوقت العصيب . و في هذه " الأجِنْدَة" خريطة طريق تتضمنُ ما يأتي : سأبدأُ أنا بتشريح و "تفليش" زعماء ، وقيادات ، و رموز "جماعتنا" من السياسيّين ، واستعراض كلّ مساوئهم ، وخطاياهم ، وجرائمهم بحقّنا .. وما أنْ أنتهي من ذلك ، حتّى تبدأُ أنتَ بعملِ الشيء ذاته بحقِّ نظرائهم من "جماعتكم" . ها .. شتكَول ؟ .
قلتُ : موافِق . هيّا يا صاحبي . امضِ قُدُماً .
بدأَ السائقُ باستخدام جميع نظريات "النقد الشعبي" المتوفّرة في السوق "الوطنيّة" العراقية .
بدأ أوّلاً باستخدام مفردات و مفاهيم المدرسة التفكيكيّة "الطِشّارية" . ثمَّ مرّ سريعاً على افضل اساليب نظرية "موت المؤلّفْ" ، المستخدمة الان على نطاق واسعٍ في اسقاط الخصوم .. ليصلَ اخيراً الى تكتيكات المدرسة " التفشّيريّة " ، والتي استخدمَ فيها "الفِشار" العراقيّ بأبهى تجلّياتهِ ، و بإفراط شديد ، تماماً كما يتمُّ استخدامُ ايّ سلاحِ دمارٍ شامل ، بطريقةٍ يُرادُ منها ، أنْ لا تُبْقي ، ولا تَذَرْ .
انتَهَتْ حصّتهُ من النَتْفِ والسَلْخِ المتعدّد الأبعاد عند وصولنا الى تقاطع جامعة بغداد . عندها التَفَت نحوي ، وقال : الآن حانَ دورك . و عليكَ بـ "جماعتكَ" ، وأرجو انْ لا تُقَصِّرَ استاذ.
توفيراً للوقتِ والجهد .. فقد بدأتُ حصّتي في نتفِ وسَلْخِ "جماعتنا" ، باستخدام ذات "المنهجيّة" التي استخدمها صاحبي السائق ، وذلك بمجرد تجاوزنا لتقاطع جامعة بغداد.
ولأنّني كنتُ (بحكم خبرتي الأكاديميّة) ، أكثرُ تحَكُّماً بـ "هيكلية" المسؤوليّة الأخلاقية المُلقاة على عاتقي ، فقد توَصّلتُ سريعاً الى إثبات جميع الفرضيّات التفكيكيّة و "التفشيريّة" لطروحاتي ، و طروحات السائق معاً . بل و تمكّنتُ من اثباتِها كلّها في مدّة قياسيّة ، و نجحتُ في تقديم الخاتمة والاستنتاجات والتوصيات عند وصولنا الى تقاطع ساحة قحطان .
عندها صرخَ السائقُ صرخةً أجفَلَتْني قائلاً : الله .. الله . يا اخي انا لم اكُنْ أُصدّقُ قبل هذه "الواقعة " ، وهذا الأداء "التفصيخي" المُذهل ، أنّ في "جماعتكم" ، ناس خَيْرين ، مثلكَ أنت !!!!.
بمجرد عبورنا لساحة قحطان ، و وصولنا الى "الأربع شوارع" ، سألني السائق(الذي كان ما يزالُ صديقي ، لغاية تلك اللحظة التاريخيّة الفارقة):هل هذا هو حيّ اليرموك ؟.
قلتُ : نعم . هذا هو . لاحظتُ عندها أنّ ملامحهُ قد تغيّرتْ ، ولم تَعُدْ تنتمي الى الألفة " الصديقة للبيئة" التي كُنّا نعيشُ فيها قبل قليل.
أخيراً، انحرفنا قليلاً عن الشارع الرئيس باتّجاه بيتي . ولكي أضع نهايةً سعيدةً لهذه "الالياذة" ، ابتسمتُ ابتسامةً عريضةً جدّاً في وجه صديقي السائق ، وقلتُ لهُ : شكراً اخي . سأنزِلُ هنا . لقد وَصَلتْ . أجابني بإصرار : أينَ وصَلتْ ؟ هذا شارع خدمي ، وأنا أريدُ ايصالك الى باب البيت.
من سوء حظّي انّ أكثر من "مسؤولٍ" كبيرٍ كان يسكنُ في البيوت التي تقعُ على امتداد الطريق الموصلةِ الى البيت. كانت هناك كرافانات ، وحرّاس ، و مطبّات ، وحواجز كونكريتية ، أزعجتْ صديقي كثيراً .
وصلنا قريباً من البيت. كان الشارع المُفضي اليه مُغلقاً أيضاً ، وفي مدخلهِ كرفان ، وسيّارات مُصفّحة ، وأسلحة .. وكلّ ذلكَ لأنّ جاري كان من اولئك "القادة " الكبار جدّاً . عندها نظرَ السائقُ اليّ ، كما تنظرُ زوجةٌ اكتشفتْ تَوّاً خيانة زوجها لها مع أعزّ صديقاتها(والعكس ايضاً صحيح) ، وقالَ بذهول : و .. هذا بيتك .. استاذ ؟؟!!.
هذه المرّة ، أنا الذي صَرَختْ وانا ادفَع "الكَروة" : شوف أخوية . تره آني "بروليتاري" رثّ ، ابن 16 رثّ .. بَسْ لابِسْ قاط ورِباط . وأبويه جان كادح .. لا موظّف جبير ، ولا ضابط جبير ، ولا زعيم عشيرة ، ولا رئيس "فُخُذ" . و داعتك هذا ليس بيتي ، ولا بيت الذين خلّفوني . والله العظيم هذا بيت ايجار . يابه والعباس .. هذا بيت ايجار . وهذا "القائد" أبو " الصبّات" آني لا أعرفه ، ولا يعرفني .. وهو جيراني فقط .. والنبيُّ أوصى بسابعِ جار .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُنْ حيثُ أنتَ .. ولا تخرُجْ الى الناسِ في الهواء الرديء
- مذاقُ الأشياءِ السابقة
- اشياءُ كثيرة .. لا معنى لها في الحروب
- عندما لا تكفي الايرادات لتغطية النفقات ، ودفع الرواتب
- القطاع الخاص غير المُنتِج ، و إشكالية دور الدولة في الاقتصاد
- الوقتُ يموتُ مع الوقتِ
- أنتَ مخذولٌ .. كنخلةٍ في الحرب
- أنا وعشيرتي .. ضدّ جميع القوى العُظمى ، في هذا العالم
- عندما يدخلُ إبرَهَةُ المدينةَ .. قادِماً من الرمل
- الضربةَ التي تقتلكَ ، ستجعلكَ تموتُ على الفور!!!!
- مواطنو بلوتو .. ليسوا على ما يُرام
- أخبار اقتصادية سعيدة ، من بلدانٍ أكثر سعادة ، من العراق -الس ...
- في الوقت بدل الضائع
- نظامنا الاقتصادي بكلّ بساطة
- اكتُبْ شيئاً لا يشبَهَكْ
- لا تُكابِرْ .. و لا تُبالِغ .. و أهدأ قليلاً
- ما يَسْرُدُهُ الرواة عن قصص الجنيّات في الموازنة العامة للدو ...
- و يبقونَ هُمْ .. بينما نحنُ نمضي
- لا عصفورَ في اليد .. لا عشرة على الشجرة
- برنامج -الأمّة الذكية- في سنغافورة ، وبرنامج -الأمّة الغبيّة ...


المزيد.....




- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...
- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد عبد اللطيف سالم - في الطريق من الضِفَةِ الشرقيّة ، الى الضِفَةِ الغربيّة لبغداد