أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حصة رسم وأشغال














المزيد.....

حصة رسم وأشغال


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 5367 - 2016 / 12 / 10 - 16:20
المحور: الادب والفن
    


في حصة الرسم والأشغال كان غالباً ما يطلُ عليهم المعلم "أبو عصام" والمِسْبَحة لا تفارق أصابع يده. يدخلُ إلى الصف. يضحك الأولاد، يتهامسون بصوتٍ عالٍ. يغضبُ أبو عصام. يلملمُ خرزات مِسْبَحته. يجمعها في قبضه يده اليمنى. يخفيها في جيب سترته. ثم يضع إبهاميه في عروتي بنطلونه الأسود. يرفرف بأصابع يديه الثمانية المتبقية مناصفةً وكأنّه يرغب بخلق إعصار. أربعة أصابع على الجهة اليمنى من سحاب بنطلونه والأربعة الأخرى على جهته اليسرى. يَمْشِي بين مقاعد التلاميذ الْهُوَيْنَا، ويرفع رأسه للأعلى... تيمُّناً بالرئيس القائد. ترصدُ التلاميذ حركة أصابعه وضرباتها الخفيفة على منطقته المُفضّلة. بينما هو يفتتحُ مواعظه قائلاً: "حمير! اسكتوا يا أبنائي الحمير. مستقبلكم هنا يا أبنائي". تزداد وتيرة رقص الأصابع وكأنّه يشير بهم إلى المكان الممنوع... ينظر التلاميذ إليه بريبةٍ، يقهقهون ويتغامزون. في الوقت الذي أراد فيه المعلم النحيل أن يقولَ لهم: "مستقبلكم هنا أيها الحمير، هنا وفقط هنا في هذه المدرسة!"

أحياناً أخرى، مع بدايات الخريف، يدخل المعلم "ضاهر" إلى الصف بكرشه الكبير. يأمر تلاميذه في المرة الأولى بإبداع قطة من الإسفنج مُزَخْرَفة بالشرائط المُلّونة والدبابيس وحبّات الخرز. في الحصة التالية يأمرهم بشراء لوح صغير من خشب المعاكس، منشار يدوي وصورة لعصفور الكَنَارِيّ أو للفدائي ويده ترفع العلم السوري...
يتأفَّف معظم التلاميذ إذْ أنّ إنجاز الوظيفة يحتاج للوقت والمال، لكنهم سرعان ما يرضخون كما جرت العادة للأمر الواقع. يشرحون همومهم في البيت، يتوسلون النقود لشراء المواد المطل...وبة. يأتيهم الأمر من أهاليهم أَشَدّ وَطْأَةً: "اذهبوا معنا واشتغلوا بحواش الزيتون وإذا كنتم شاطرين ستحصلون على أَجْرَكم"... ومن لا شجر زيتون لديه يذهب "لتعفير" حبّات الزيتون من الحقول التي تمّ جنيها.
يشعر التلاميذ وكأنّ الجميع مُتَوَاطِئ مع دكان "أبو سعيد" ضدهم. فهو وحده من سيبيعهم الأدوات المطلوبة ووحده من سيضع نقودهم في جيبه أو حبّات زيتونهم في كيسه. يصل التلاميذ إلى دكان أبو سعيد وبيد كل منهم كيس بلاستيكي أو علبة "سمنة" فارغة أو طنجرة ألومينيوم تتسع لأربعة أو خمسة كيلوات من الزيتون. يبيعوها له ويشترون بثمنها صورة الفدائي المُلصقة على قطعة الخشب المعاكس والعلم السوري والمنشار! ويبدأ العمل لتفريغ المساحات البيضاء من الصورة...



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برج بابل
- الهارب المُضاعَف
- خربطة
- همينغوي جبل الجليد
- برج حبيبي برام
- الهارِبُ الْيَهُودِيُّ
- السيد جُرْذ
- الهارب النَّقَّاق
- الهاربون الخمسة
- للهارِب المُبتدِئ
- الهاربون في حَيْص بَيْص
- صَرِيرُ الجُرْذَان
- رقصة هارب
- حدائق للهاربين
- ثقافة التَّهَارُب
- صَوت الهاربين
- قالوا إهرب يا عبود!
- مُتْعَةُ التَّهَارُب
- التَهْرِيبة الثَّوريَّة
- أوهام الهاربين


المزيد.....




- فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا ...
- مسرحية تل أبيب.. حين يغيب العلم وتنكشف النوايا
- فيلم -جمعة أغرب-.. محاولة ليندسي لوهان لإعادة تعريف ذاتها
- جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف -الحرب الثقافية- على متاحف واشنط ...
- عودة الثنائيات إلى السينما المصرية بحجم إنتاج ضخم وتنافس إقل ...
- الدورة الثانية من -مدن القصائد- تحتفي بسمرقند عاصمة للثقافة ...
- رئيس الشركة القابضة للسينما يعلن عن شراكة مع القطاع الخاص لت ...
- أدب إيطالي يكشف فظائع غزة: من شرف القتال إلى صمت الإبادة
- -بعد أزمة قُبلة المعجبة-.. راغب علامة يكشف مضمون اتصاله مع ن ...
- حماس تنفي نيتها إلقاء السلاح وتصف زيارة المبعوث الأميركي بأن ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - حصة رسم وأشغال