أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد فيادي - للبيت رب يحميه















المزيد.....

للبيت رب يحميه


ماجد فيادي

الحوار المتمدن-العدد: 1419 - 2006 / 1 / 3 - 09:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما شرع الحبشي في غزو مكة, كانت أسبابه اقتصادية, فقد كان يرى في مكة مركز تجاري لا تعود فوائده اليه, وحلل الحالة أن مكة فيها الكعبة بيت الله الحرام, والمكيون يستغلون حج الناس لبيت الله في الترويج لتجارتهم, فبنى بيت آخر في الحبشة كي تحج الناس له ويبني تجارته عليه ومن ثم يسيطر على المنطقة كلها عبر سيطرته على التجارة والدين معاً. إنها نظرة قديمة لسلطة الدين على الشعوب, سبقت في التعامل معها كل ما قاله ماركس وما لفق على لسانه من ترهات, فقد كان الصراع الطبقي من خلال الدين حاضراً عبر العصور, كان الدين ولا يزال وسيلة من الوسائل في الصراع الطبقي شأنه شأن الوسائل الأخرى, من سلطة رب العمل الى سيد القوم والعشيرة الى استخدام الشعراء والقصاصين الى الأعلام ... والقائمة تطول, إن دور رجل الدين في الصراع الطبقي قديم قدم البشرية وتطورها, فقد كان رجل الدين في فترة خادم لطبقة الأغنياء على حساب الفقراء, وفي مرة أخرى قائدا لطبقة الفقراء ضد الأغنياء, وفي أخرى تحول الى طبقة تسحق الفقراء وتقود الأغنياء. الأمثلة معروفة عبر تاريخ البشرية فالحالة الأولى نراها تتجلى في عهد الدكتاتوريات, اقرب مثال الحملة الإيمانية التي قادها صدام في العراق لتغطية أعماله الشريرة وإضافة مسحة دينية تمنع البسطاء من الوقوف ضدها, كما وجد في الدين ملجئ أمين يدفع الناس له ويبقيهم في دائرة انتظار الفرج من عند الله ولا يحاولون الى فعل شيء, هنا برز عدد من رجال الدين الذين يبررون لصدام أفعاله ويضفون عليها مباركتهم, أما الحالة الثانية نجدها في مشاركة رجال الدين في التحريض وحمل السلاح ضد الاستعمار والدكتاتوريات وهذا تجلى في الدول العربية بشكل واضح أيام الاستعمار, الحالة الثالثة تكمن في تحول رجال الدين الى طبقة الأغنياء من خلال دعم الفقراء لهم, فالفقراء ساندوا رجال الدين أملا في الخلاص من ظلم طبقة الأغنياء, وقدموا لهم التأييد والمال والزكاة والخمس والتبرعات, هذا واضح في عهد محاكم التفتيش في أوربا و عهد الدولة العثمانية وفي الدولة الإيرانية الإسلامية.
هذه المقدمة جاءت بناء على قرار دولة السعودية حاضنة بيت الله الحرام ومسقط رأس النبي محمد (ص) في صناعة الكساء الجديد للكعبة, الذي كلف المسلمين عشرين مليون ريال سعودي ( لا أعلم كم يساوي باليورو أو الدولار لأني أخاف هذه الأرقام المليونية, مثلما أخاف التظاهرات المليونية) وهذا حسب الخبر. سألت نفسي ما الهدف من تجديد كساء الكعبة ؟؟؟ هل هو كما قاله مراسل القناة الفضائية, أن للكساء منظر الرهبة والخشوع على المسلمين عندما يشاهدوه, أم هو دور سياسي تمارسه سلطة طبقة رجال الدين على المسلمين لضمان استمرار ولائهم, أم هو واجب ديني على المسلمين القيام به, أم هو محاولة للحفاظ على بيت الله من عوامل المناخ التي يتعرض له, أم هو رمز ديني يجب إبرازه بشكل يعظم من مكانة الدين لدى البشر, أم هناك أسباب اجهلها أنا العبد الفقير.
ما أعرفه منذ وعيت على الحياة أن للبيت رب يحميه, يحميه من الغزو والعواصف والأمطار والسيول والهزات الأرضية, وما طيور الأبابيل إلا شكل من أشكال حماية الله لبيته, وفي زاوية من ذاكرتي لم اعد أتذكر مصدرها ومفادها, عندما أريد بناء الكعبة من جديد وسحبت بعض أساساته, عادت هذه الاساسات الى مكانها لوحدها رافضة ترك مكانها مهما حاول البشر. إذن لا خوف على بيت الله ما دام هو الذي يحميه, وفي شكله ( بيت الله) الحالي بحجره القديم هو البيت الذي ارتضاه الله له, هذا من جانب, اضافة الى قيمته التاريخية كبناء يحمل عمر يضرب في القدم, وهذه قيمة حقيقية للكعبة, أما الكساء فهو لا يخلو من قيمة تاريخية أيضا. إذا تغير الكساء ينطوي على أسباب سياسية أكثر منه دينية, وهذا فيه فائدة اقتصادية وسلطوية تعود على رجال الدين, وتحكمهم بالمسلمين الحاجين لبيت الله الحرام من كل العالم , اضافة الى الاستمرار في قيادة الفقراء والأغنياء على حد سواء من خلال طبقة رجال الدين, رأي هذا جاء من المقارنة بين حاجة بيت الله الى كساء جديد, وحاجة الملايين من الفقراء في العالم للمساعدة والعون, ملايين تعاني من سوء التغذية والكوارث الطبيعية من جفاف الى تسو نامي الى إيدز الى حكومات دكتاتورية الى بطالة الى ....... القائمة طويلة.
لماذا تصرف السعودية على كساء الكعبة عشرون مليون ريال سعودي وفيها من الفقراء من هم بحاجة للمساعدة, لماذا نفقت إيران الملايين على بناء مرقد فخم للإمام الخميني وفيها من الفقراء والمدمنين على المخدرات من هم بحاجة الى المساعدة, لماذا قدمت دول تعاني الفقر المدقع مثل باكستان والهند وإيران الأموال الطائلة والهدايا الفخمة لمراقد ألائمة كطلاء قبب المراقد بالذهب وتزينها بالثريات وما الى ذالك, لماذا يصر رجال الدين والأغنياء على إضفاء شكل مهيب لمراقد الأمة والحسينيات والجوامع والكنائس, إذا ما علمنا أن ألائمة عاشوا وماتوا في حالة زهد وفقر ومساندة الفقراء, وإذا ما نظر ناظر الى مرقد الإمام موسى الكاظم(رض) أو الإمام الرضا (رض) أو مرقد الإمام عبد القادر الكيلان وقرأ تاريخهم سيجدهم غرباء عن هذه المراقد الفخمة والمغطاة بالذهب.
إنه صراع الطبقات, إنه الاستخدام اللاشرعي لوسائل الصراع, إنه استخدام أموال الفقراء في زيادة فقرهم, انه صناعة للطبقات, انه استعباد للبشرية.
بكساء بيت الله الجديد لن نظفي على الله عز وجل صفة الجمال أو نحميه من البرد والحر, بطلاء قبب ألائمة بالذهب لن نغير من تاريخهم الإنساني ونضالهم من اجل الفقراء, ببناء الكنائس العملاقة لن نجعل المسيح عليه السلام ارفع شأنا, وفي بناء مرقد الإمام الخميني بشكله الحالي لن نجعل منه قائداً لثورة الفقراء في إيران. بهذا وذلك لن نحل مشاكل الفقراء ولن ننشر السلام ولن نقلل من مضار الكوارث الطبيعية ولن نرفع الحس الإنساني ولن نوفر فرص العمل للعاطلين ولن نقضي على الإيدز ولن نوفر المياه لمناطق الجفاف ولن نوفر الأنظمة الديمقراطية ولن نصبح مؤمنين يرمينا الله بعين الرضا.
يسكن رجال الدين اليوم في قصور عالية تحيط بها الحراسات كما كانت تحيط بصدام وهتلر وموسوليني وبوش وتوني بلير وشارون وستالين. رجال الدين اليوم يهتمون بالبناء أكثر من اهتمامهم بالبشر, وهم يضيفون على أنفسهم الهيبة والرهبة في قلوب الفقراء إمعاناً في زيادة نفوذهم. إن الفقر والمرض والكوارث في كل مكان, ولن يصعب على احد في إيجاد الفقراء لتقديم المساعدة لهم, المساعدة لا تكون ببناء الجوامع والكنائس والحسينيات ولن تكون بوصول رجال الدين الى السلطة ولن تكون بأن تعود طبقة رجال الدين تحكم البلاد, المساعدة تكون في مد يد العون وتقليل الفقر وتوفير فرص العمل وزيادة الحريات وغياب انتهاكات حقوق الإنسان وتكفير الآخر.
يقول أبو الفقراء الغني بأخلاقه والغني عن التعريف
لو كان الفقر رجلا لقتلته .



#ماجد_فيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه أخلاق الشيوعيين ... فهل من منازل
- الديمقراطية .. آلياتها .. والإسلام السياسي
- إجابات بشواهد على انضمام الشيوعيين الى القائمة العراقية الوط ...
- من يقتل الشيوعيين
- المواطن العراقي ... ليس رقما في المعتقلات
- صدق وزير الداخلية جبر صولاغ عندما قال
- التصويت على الدستور ,,, كان درساً للجميع
- لاتصنعوا من علاوي دكتاتور جديد
- إلى متى يستنجد السيد عبد العزيز
- هل تفاجئنا الاحزاب الشيعية
- سياسة الاحزاب الشيعية القادمة
- موسم الهجرة مازال طويلا
- الى متى يحكمنا القتلة والوصوليون
- التجارة الدينية ,,, الأكثر ربحاً
- سياسة الرفوف
- عبد العزيز الحكيم يعلن عن نواياه
- هرج ومرج
- عذر اقبح من ذنب
- الحكومة العراقية, شنهي السالفة
- الديمقراطيون العراقيون في امتحان حقيقي


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد فيادي - للبيت رب يحميه