أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الأول من الرواية: دال 3














المزيد.....

الجزء الأول من الرواية: دال 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5326 - 2016 / 10 / 28 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


وإذاً، رأيتني مرة أخرى بين امرأتين تحت سقفٍ واحد.
هكذا تجربة جديدة، كانت جدّ مُحرجة لشابّ غريب لم تكن له جذور في الأرض المغربية. قد يكون كلامي لا معنى له، بالنظر إلى أنّ إحدى المرأتين كانت غريبة أيضاً؛ بله مواطنتي. إلا أنّ عالمنا هذا، مذ وطأه أبونا آدم، هوَ فردوسٌ واحد بلا حدود لمن يملك الثروة والجاه. إنّ قلة إهتمام الأغنياء بالفردوس السماويّ، يُمكن أن يُعزى إلى تلك الحقيقة. كذلك الأمر بالنسبة لعواطفهم، المزروعة في مكان آخر غير القلب. أحياناً، كان يجول في رأسي فكرة أنّ " سوسن خانم " امرأة متغرّبة عن بيئتها؛ أو " منشقة عن طبقتها " ـ كما دأبنا على القول في أيام حماسة الفتوّة، حينَ كان يجري الحديث عن بعض الأيقونات الماركسية.
تعرّفي على الخانم في جوّ أدبيّ، ربما كان وراء فكرتي تلك. فضلاً عن حقيقة أخرى، وهيَ أنها ظهرت في حياتي إبّان فترة حرجة للغاية كنتُ أعيش خلالها أشبه بالعالة. مع أنه كان إتفاقاً، ولا شك، تطابق خروجي من الفيللا مع بدء عملي كسكرتير للخانم. هذه، كانت تدير أعمالها من مكتبٍ كائن في الدور الأول بجناح إقامتها. أما الدور الثاني، فإنه كان يحتوي على غرف نوم ومعيشة علاوة على المطبخ وحجرة السفرة. تأثيث الجناح، وأغلبه مفروشات إيطالية، كان ينمّ عن ذوق امرأة راقية لا محدثة نعمة. كان لمقرّ " سوسن خانم " مدخل خاص، مفصول عن المدخل الرئيس لمبنى الإقامة الفندقية بزاوية حادة يُشكّلها السورُ المُجلَّل بشتى التعريشات المورَّقة والمزهرة. على الرغم من حداثة عهد البناء ككل، فإنّ مدخل المقر كان يمتّ لماضٍ غامضٍ في ذاكرتي؛ مكان أو رؤيا أو حلم. البوّاب الأربعينيّ القاتم البشرة، كان يحتار في كلّ مرة وهوَ يراني مراوحاً قدميّ قدام المدخل، ألقي خِلَل قضبانه الحديدية المصبوغة باللون الأخضر الزاهي نظراتٍ متأملة، تطولُ أو تقصر، على الممشى المبلّط برخام معشّق والمحفوف بأغراسَ الشوكيات الكاريبية والورود الشامية، المظللة جميعاً بشجيرات الموز والبرتقال والنخيل.
" هل تريد أن أوصلك بسيارتي إلى بيتك؟ "، كانت تقول لي عادةً في نهاية الدوام. ثم لا تلبث أن تضيف وقد أرتسمت ابتسامة إغراء على شفتيها الرقيقتين: " أو أبقَ في الترّاس، لو رغبتَ، فأمضِ وقتك بالرسم أو القراءة لحين عودتي ". وتكون " سوسن خانم " في الأثناء قد ألقت نظرات أخيرة على وجهها الجميل، المطبوع في مرآة اليد الصغيرة. أحياناً كانت تتوجّه بعد الدوام إلى فيللا " مسيو غوستاف "، لكي تلعب الغولف معه. هذا الأخير، كان قد سبقَ وعيّن شقيقتي " شيرين " سكرتيرة في مكتبه ثمة. وظيفتها، بقيت مُلتبَسة بالنسبة لي. وقد فاتحتها عن الموضوع ذات مساء، آنَ عودتي إلى شقتنا في غيليز: " أشعر بالقلق، بشأن وظيفتكِ الجديدة. فإنّ خدمتك كسكرتيرة عند شخص بمواصفات المسيو غوستاف، فيه ما يثير أقاويل الناس "
" من يُبالي بنا، في هذه المدينة الغريبة؟ "
" لا تأخذي الأمرَ بهذا الاستهتار، فإن قدَرنا كان أن نقيم هنا وأن نرتبط بعلاقات مع أناسٍ مدوا لنا يد المساعدة أو الصداقة "
" بكل الأحوال، هل كان البعض سيكفّ عن التقوّل لو عملتُ كمستخدمة في الإقامة الفندقية؟ أما بخصوص مواصفات المسيو، فإنّ ذلك ينطبق أيضاً على غيره من رجال الأعمال! "، ردّت عليّ بنبرتها المتعالية المُذكّرة بمثيلتها لدى مخدومتي. وإنها هذه الأخيرة، مَن مضى إليها عندئذٍ سهمُ لمز شقيقتي. لم أدرك ذلك إلا فيما بعد، حينَ تعمّقت علاقتي بمرافقة " سوسن خانم ". هكذا كان نوع العلاقة بيني وبين شقيقتي، التي تصغرني بعامٍ أطول من عام إقامتنا المراكشية. على أنها كانت فتاة طيبة ومُحِبّة، مثلما أن ثقتي بها عائدة إلى كبر عقلها وثقافتها. فلكم آذاني، والحالة تلك، أن أسمع لاحقاً بأنّ ثمة علاقة محرّمة تجمعها بمرافقة الخانم. وإنها " الشريفة " بنفسها، مَن باحَ لي بالأمر الشائن عقب سُكرها في إحدى ليالي الترّاس، لما كانت مخدومتنا تستجمّ في مدينة أغادير.
" تمنيتُ لو أنّ الله خلقني بقلبين، لكي أحبكما كلاكما؛ أنتَ وشيرين "، قالت لي آنذاك بلسان ثقيل ودموع مترافقة مع ابتسامة ذليلة. كانت تلك المرة الأولى، التي تشاركني فيها " الشريفة " أقداحَ الشراب. قبل قليل، كنتُ من الثمالة بخمرة فتنتها، أنني هممتُ بتجريدها من ملابسها. وكانت هيَ تتراجع خطوةً باكية، لتتقدّم خطوة أخرى فتقبّلني بنهم مرددة على التوالي: " لا، لا يجوز.. أنا متزوجة.. هذا حرام! ولكنني أحبك حقاً.. أعشق عينيك، الشبيهتين بطائر أخضر لطالما راود أحلامي.. ". هدّأتها على الأثر، محتضناً جسدها على ركبتيّ، فبدأت عند ذلك تكلمني بما قالت أنها عرفته عني من خلال نساء الفيللا أو معايناتها الشخصية. فلما وصلتْ هيَ إلى تلك الجملة آنفة الذكر، فقد أًشكِلَ عليّ اسمُ شقيقتي. قلت لها: " شيرين؟.. شقيقتي؟ ". وإذا بها تفيق على نفسها ببعض الجزع، لتشيح بوجهها جانباً. لما ألححتُ بالسؤال، ما كان منها إلا العودة لرباطة جأشها قائلة لي وقد ألتمعت عيناها ببريق المكر والإخبات: " ماذا دهاك، حبيبي..! إنّ المرأة لترى معشوقها في أقرب الناس إليه، فكيفَ لو أنّ الأمر يتعلق بشقيقة وحيدة على شبه كبير به؟ ".
في ليلة تالية، وكنتُ قد أبكيتُ " الشريفة " هذه المرة بسبب إختراقي لمؤخرتها إغتصاباً، فإنها ما عتمتْ أن قالت لي بلا مواربة، بأنها عشقت شقيقتي حتى تشمّ فيها عطرَ دمي. على أنني لم أحمل كلامها بمعنىً يُحيل إلى الإعتراف، بل إلى براءة وسذاجة صاحبته. لقد بقيتُ على تلك القناعة، حتى تبيّن لي أنني وحدي من كنتُ بريئاً وساذجاً. لم يتسنّ لي اليقين، إلا على أثر توغلي بين أسطر مخطوطة شقيقتي. إذاك، أدركتُ أنني و" شيرين " كنا قد أصبحنا طفلين شرعيين لمدينة مراكش؛ لمدينةٍ، يتشارك فيها الكلّ بالشرب من معين اللذة، زلالاً أو آسناً؛ مدينة، تمنحُ نساؤها المتعة للآخرين بمقابل ثمن بخس، أو دونما مقابل غير الشعور بالتضحية والشهادة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الأول من الرواية: دال 2
- الجزء الأول من الرواية: دال
- الجزء الأول من الرواية: ج / 3
- الجزء الأول من الرواية: ج / 2
- الجزء الأول من الرواية: ج / 1
- الجزء الأول من الرواية: ب / 3
- الجزء الأول من الرواية: ب / 2
- الجزء الأول من الرواية: ب / 1
- الجزء الأول من الرواية: أ / 3
- الجزء الأول من الرواية: أ / 2
- الجزء الأول من الرواية: أ / 1
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 1
- غرناطة الثانية
- الرواية: ملحق
- خاتمة بقلم المحقق: 6
- خاتمة بقلم المحقق: 5
- خاتمة بقلم المحقق: 4
- خاتمة بقلم المحقق: 3


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الأول من الرواية: دال 3