أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - غرناطة الثانية















المزيد.....



غرناطة الثانية


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5305 - 2016 / 10 / 5 - 03:58
المحور: الادب والفن
    


1
مدخل مدينة تطوان، من الجهة المؤدية إلى شقيقتها سبتة، لكأنه نسخة عن مثيله الدمشقيّ عند الربوة. إلا أنه أستعيض عن النهر، ثمة في المدينة المغربية، بجنائن فاتنة تمتدّ لبضعة كيلومتر بموازاة الصخور والأسوار. ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر، فمما له مغزاه أن تكون غرناطة وسيطاً رمزياً بين تطوان ودمشق. هذه الأخيرة، أعطت اسمها مُبكراً لغرناطة؛ فأطلقوا عليها لقبَ " دمشق الأندلس ". فيما أنّ تطوان، من ناحيتها، استحقت لقبَ " غرناطة الثانية ". كلاهما، يُشبهان دمشق الخالدة لناحية الجبال المحيطة بالمدينة والغوطة المحتضة مساكنها، علاوة على خصوبة أراضيها ووفرة مياهها وروعة أسواقها وجمال عمارتها وحُسن ساكنيها ودماثتهم ورقيّهم.
على المنقلب الآخر، فكأنما ذلك اللقبُ كان لعنةً على غرناطة، التي كانت آخر قلاع المسلمين في شبه الجزيرة الإيبيرية. نكبة أولئك المواطنين الأندلسيين ( من مسلمين ويهود )، المُتمثّلة بإجبارهم على التنصير، جعلت أكثرهم يُفضّل النزوح عن بلاده واللجوء إلى بلاد المغرب. كون مدينة تطوان هيَ الأقرب للأندلس، جعلها المحطة الأولى لهؤلاء المهاجرين. العنصر الأندلسيّ، بقيَ أحد أهم مكوّنات المدينة، مثلما يُستدلّ عليه بتميّز الكثير من مواطنيها بالبشرة الناصعة والشعر الأشقر والأعين الملونة. في المقابل، فإنّ العنصر الأندلسي اليهودي ( الموريسكي ) أضحى نادراً هنا على أثر هجرة معظم أفراده إلى اسرائيل. هذا العنصر، خلّف حييّن في المدينة ( الملّاح القديم والملّاح الجديد )، ما تفتأ بيوتهما ماثلة ومقطونة من لَدُن مواطنين آخرين قادمين بأغلبهم من الريف والأرباض.
قلنا، أنّ حُسن الحظ شاء أن نلِجَ تطوان من مدخلها المفضي إلى سبتة. من هذه المدينة الأخيرة، ذات التبعية الإسبانية، أنطلقتُ إذاً في ظهيرة ذلك اليوم الصيفيّ. سائق التكسي الكبيرة، كان قد أعتذرَ عن إركابي بسبب عدم وجود متسع لحقيبتي في صندوق السيارة. وقد حُلّت المشكلة، بعدما تعهّدتُ بدفع أجرة راكب آخر ( حوالي دولارين ) بحيث تكون الحقيبة بديلاً عنه. وعلى الرغم من أن الحقيبة رشيقة، فإنّ المرأة المسافرة بلصقي راحت تمتمُ لجارتها: " كان بإمكانه إنتظار تكسي أخرى! ". فسألتها في الحال، ما إذا كان مكانها ضيقاً. بوغتت المرأة، لأنها كانت تظنّ أنني سائح أوروبيّ. وبلغ من تلعثمها، أنها صارت تخاطبني مرة بالمحكية المصرية وأخرى بالإسبانية. كانت أربعينية بسحنة بيضاء ولباس تقليدي شمالي، مع قبعة مستديرة ملوّنة شبيهة بالقبعات المكسيكية النسائية. حينما أخبرتها بأنني سوريّ، فإنّ ذلك استدعى فوراً تعليقات الآخرين بما فيهم السائق. جميعهم، بدأوا بصبّ اللعنات على رأس بشار وداعميه، راثين لحال السوريين.
كانت الأسئلة تتساقط عليّ، فيما نظري كان يُحاول إختلاسَ بعض مشاهد الطريق، المدهشة. الجارة الأخرى، وكانت عجوزاً لا تكفّ عن الكلام، بدأت بتلقي لذعاتٍ من أحدهم بسبب قولها أنّ المغربَ أضحى حاله مثل سورية: " من أين جئتِ بهذا الرقم، ثمانية قتلى، وهما جريحان لا غير؟ ". العجوز، كانت قد أعطت مثلاً بحادثة جرت مؤخراً في تطوان، عندما هاجم شخصٌ مختل عقلياً بعض المصلين بفأس. هكذا تفرغتُ لمتابعة مشاهد الطريق، طالما أنّ آخرين راحوا أيضاً يجادلون تلك الثرثارة المفزوعة. عبرنا أولاً مدينة الفنيدق، والتي كانت تبدو كأنها إحدى أحياء سبتة لقرب المسافة بينهما. شوارع رائعة، يحف بها من اليمين أبنية أنيقة مهجّنة بالعمارة المغربية التقليدية. إلى اليسار، ودائماً تقريباً حتى وصولنا إلى تطوان، كان يتطاولُ كورنيشٌ مُدهشٌ في حُسن تنظيمه وبما يتخلله من فيلات وشاليهات وأبعد حتى الشواطئ المغمورة بالأمواج المزبدة والمياه اللازوردية. الطريق على الجانبين، كان كذلك ذاخراً بشتى أنواع الأزهار يُظللها النخيلُ وغيره من أشجار الزينة، المثمرة والصنوبرية.

2
لاحَ لعينيّ، عبرَ نافذة السيارة، مشهدُ أحياءٍ سكنية بلون بيوتها الناصع البياض، مفروشة على سفوح جبالٍ هيّنة الإرتفاع. ولأنني سبقَ ورأيتُ صوراً لمدينة تطوان في موقع غوغل، فقد أعتقدتُ بأن رحلتنا القصيرة الأمد وصلت لمحطتها الأخيرة. ولكنّ السائق أوضحَ لي، أننا نمرّ خِلَل الشارع الرئيس في مدينة المَضْيَق. هذا الشارع الرائع، ما كان ليختلف بشيء عن طريقنا الممتدّ من مدينة سبتة. كان طريقاً نادر المثال بتنظيمه وما يحف به من عمارة راقية وأشجار ظليلة، علاوة على عشرات المستديرات التي تتوسّطها بحرات ذوات نوافير، وقد غُمر ذلك كله بفيضٍ من الورود والأزهار. كنا قد تجاوزنا أيضاً الشاطئ الخلّاب، المعروف ب " المارينا "؛ وهوَ عبارة عن مجمع من الفيلات والشاليهات والإقامات الفندقية، الفخمة. سأعود فيما بعد إلى هذا المكان، المُعتبر أهم منتجع استجمام لأهالي تطوان والمدن الأخرى القريبة.
ولأننا تكلمنا آنفاً عن تنظيم السير، فيمكن التأكيد على أنّ المرء لا يشعر من هذه الناحية بفارق كبير بين سبتة ( المتأوربة ) وشقيقاتها الشماليات، بما فيها تطوان. سائق سيارتنا، وكان رجلاً متوسط العُمر دمث الخلق، لم يكن بطبيعة الحال متفرّداً باحترام حدود السرعة وممرات المشاة. فأنّما أدرتُ عينيّ، كنتُ أرى مظاهر النظام. هذا الأمر، سأعاينه بشكل أفضل بعد وصولي إلى تطوان وقضائي فيها بضعة أيام. الواقع، أنّ مراكش هيَ أكثر المدن المغربية اتساماً بالفوضى. ثمة، لا يمكن بحال إجتياز ممر المشاة دون التعرض لخطر مؤكد من سائقي السيارات الخاصة والعمومية على حدّ سواء. حتى عند اضاءة الإشارة الخضراء، فالأولوية هي للسيارات لا المشاة. بل من النادر هناك أن ترى إشارة سير خاصّة بالمشاة. في المقابل، لا يمكن في تطوان مصادفة سيارات تطيرُ بدون أجنحة، أو دراجات نارية يقودها أشباه غراندايزر!
وإذاً، ما أن عبرنا لوحة كبيرة، مُرحّبة بزوار المدينة، إلا وسيارتنا تبدأ رويداً في إرتقاء مسلكٍ أشبه بالجبليّ. ولكنه طريقنا نفسه، المُستهلّ مذ تركنا خلفنا مدينة سبتة؛ طريقٌ، ما يفتأ مُحاطٌاً بالأبنية السكنية والمحلات التجارية والحدائق. أما الكورنيش المُتأنق، المُشرف على الشاطئ المُذهّب بأشعة الشمس، فقد توارى خلفنا. فتطوان هيَ مدينة داخلية، مع أنّ البحرَ لا يبعد عنها بأكثر من عشر دقائق بالسيارة. جانب من أسوار المدينة القديمة، يُشرف على طريقنا الدوليّ المتوغّلة فيه عربتنا. في محطة التكسيات الكبيرة، الكائنة بالقرب من ساحة المدينة الرئيسة، نصحني السائقُ بالنزول في أوتيل متعدد الأدوار كان مهيمناً على المكان: " إنه رخيص الثمن، ولكنه نظيف وخدمته ممتازة "، قال لي قبل أنّ يودّعني. بيْدَ أنني كنتُ بحاجة لصرف دراهم، أولاً. هكذا بدأتُ بجرّ حقيبتي، مُرتقياً الدربَ الصاعد إلى تلك الساحة، حيث تراءى لعينيّ عن بُعد جبلٌ ناصع البياض لكثرة البيوت المهيمنة عليه. كان يوم الأحد، وقد بدا أنّ السوقَ برمته مغلقٌ. من حُسن الحظ، أنني عثرتُ في الحال على محل صرافة. فلما خرجتُ منه، ألتبسَ عليّ طريقُ الإياب إلى الأوتيل المطلوب. عند ذلك، أنتبه الصراف الشاب إلى حيرتي. فقام من مكانه لكي يُرشدني: " أنزل إلى نهاية الدرب، بدون الإلتفات يميناً أو يساراً، وثمة على الجادّة ستجد مقصدك في أعلى أبنيتها طُراً! ".
هأنذا أمام الفندق، المفصول عن الكورنيش بطريق ضيّق تسلكه أحياناً بعض السيارات. وتعبير " كورنيش " أبتدعته بنفسي لهذا الدرب العريض نوعاً، مُتجاهلاً كونه لا يطل على بحر أو نهر. الحال، أنّ الأمرَ يتعلق أولاً بالسور الحجريّ الواطئ، المبثوث بين فواصله مقاعد طويلة للمتنزهين. فضلاً عن إشراف الدرب من علوٍ شاهق على منطقة سكنية، مُحاطة بما يُشبه الغوطة الصغيرة. ثمة، يأخذ المشهدُ بالإرتقاء وصولاً إلى حيين سكنيين كبيرين، يُعانقان جبلين مخضوضرين تسبحُ قمتهما في الضباب. على ذلك، أدركتُ أن تطوان مطوّقة بالجبال من ناحيتين على الأقل. ولكن فلأدخلنّ قبل كل شيء إلى بهو هذا الفندق، بما أنّ موظفة الإستقبال هيَ فتاة شقراء حسناء بسّامة الثغر!

3
عندما ناولتني موظفة الأستقبال الصغيرة السنّ مفتاحاً عتيقاً، مقترحةً عليّ أن أعاين الحجرة أولاً، فإنني توقّعتُ أن يخيبَ أملي. على أنّ تلك الحجرة، الموجودة في الدور الثاني من الفندق، لم تكن لتختلف كثيراً عن مثيلتها في مدينة سبتة، التي كلّفتني خمس وتسعين أورو؛ أي بزيادة سبعين أورو عن هذه. بل إنهم هنا يقدمون الفطور أيضاً، بخلاف أولئك الإسبان الجشعين. الحجرة، كانت أيضاً مزوّدة بمكيّف وخدمة وي في، فضلاً عن جهازيّ التلفاز والهاتف. الحمّام كان حديثاً، في غاية النصاعة والنظافة. قلتُ للمستخدم ( رافقني لحمل حقيبتي على الرغم من وجود مصعد )، فيما أنا أصرفه مع بقشيش بيده: " الحجرة جيدة.. ". ثم استلقيتُ فوراً على أحد السريرين، المحتلين جلّ مساحة الحجرة، مُتكاسلاً عن أخذ دوش قبل القيلولة.
الشمسُ، كانت ما تفتأ تحاول إقتحام ستائر النافذة الوحيدة. وكنتُ أكثر وحدةً، وقد أفقتُ للتوّ من قيلولة قصيرة. تناهضتُ على قدميّ، لكي أفتح ستائر النافذة. على الأثر، أنبسطت أمام عينيّ لوحةٌ فنية فاتنة من تنفيذ الرسام الكبير؛ خالق السحر والقبح، الخير والشرّ. ولكن، عليّ دائماً ـ كمخلوقٍ وديع ـ أن أكونَ ممتناً لمصادفة سعيدة قادتني إلى إكتشاف سحر تطوان من أكثر الأمكنة مناسبةً. كذلك، لم يكن أقلّ أهمية لمعنويات امرئ غريب، أنّ تُمهَّد جولته في المدينة بهكذا منظر رائع ودونَ أن يكلّفَ نفسه عناءَ الإنتقال من مكانه. ولأنني سبقَ أن عقدتُ مقارنةً بين تطوان ودمشق على خلقيّة تاريخية، فهيَ ذي حارتي ومسقط رأسي تطلّ عليّ من علوّ قاسيون السامق وقد زاحمتها حارة الصالحية. بيْدَ أنّ الحارتين هاتين، الأكثر علواً في تطوان والمستلقيتين على جبل درسة، هما أكثر جمالاً ورونقاً بلا جدال. ثمة، تبدو المنازل التقليدية بألوانها الناصعة البياض وهيَ تهمي على السفوح الخضراء، مُخليةً القممَ للضباب المُضفي سحراً غامضاً على المشهد برمّته. الغوطة الصغيرة، تستلقي عند أقدام هاتيك الحارتين إلى أن تغيبَ تقريباً في غياهب الأحياء الحديثة، الممتدة حتى أسوار المدينة القديمة.
موظفو الإستقبال الثلاثة، كانوا مُتشابهين في أشكالهم لدرجة أنني خلتهم أشقاء. إلا أنّ الشاب الأشقر الوسيم، ذا اللحية النابتة، كان يبدو بمركز أهم من زميلتيه. بالطبع، فإنّ المهاجرين الأندلسيين هم من نقلوا الجمال الأوروبيّ إلى تطوان علاوة على رهافة شخصيتهم وعراقة عمارتهم. من ناحية أخرى، سيُلاحظ الغريب أن المدينة يطغى عليها جوّ المُحافظة؛ ولكن بدون تزمّت. هنا، لا فتيات على الدراجات النارية والعادية ـ كما في مراكش مثلاً؛ لا ثياب قصيرة، ولا مظاهر حرية الإختلاط والصداقة سواءً في الشوارع أو الحدائق أو الأسواق. ولعلّ هذه الصفة مكتسبة أيضاً من أولئك الأسلاف، الأندلسيين. فبلاد هؤلاء الأخيرين الأصلية، كما هوَ معروف، بقيت بمنأىً عن التأثر بحياة جيرانهم النصارى، مثلما أنها لم تشهد حياة إباحة شبيهة ببغداد العباسية مثلاً. على أنّ تطوان، في آخر المطاف، مكوّنة أيضاً من عنصرٍ وطنيّ لا يقلّ تأثيراً في جميع مسالك حياتها: إنهم أمازيغ الريف، من سبقَ وأعطوا للمدينة إسمها ( تعني: العيون بلهجة الريافة )، ومن يهيمنون على جميع البلاد الجبلية الممتدة من حدود الجزائر على شواطئ المتوسط وغرباً إلى حدّ المحيط الأطلسي.
أهم وأشهر أدباء المغرب، محمد شكري، كان من أولئك الأمازيغ المنساحين إلى المدينة من قريةٍ مهملة في جبال الريف. خلال طريقي إلى تطوان، كنتُ قد تذكّرتُ قراءاتي لكتبه وحواراته ورسائله. كان بحدود السادسة من عمره، عندما هاجرَ من القرية مع أسرته؛ فاستقروا أولاً في طنجة ثم ما لبثوا أن انتقلوا الى تطوان. الأب، كان جندياً فاراً من خدمته في جيش فرانكو خلال الحرب الأهلية الإسبانية، فما لبثَ أن أعتقل في طنجة. ويقول محمد شكري، في حوار معه عن تلك الفترة من حياته، أنه لم يكن يعرف اللغة العربية ولا حتى الدارجة المغربية؛ أنه كان يسرق لكي يملأ معدته الجائعة (1). بعدما تمكّن الكاتب من إكمال دراسته، وصار معلّماً، عيّن في إحدى مدارس تطوان. وحتى بعد أنتقاله إلى طنجة، فإنه بقيَ على صلة بمدينته الاولى: " في الأسبوع الأول من الشهر الماضي، ذهبت الى تطوان لزيارة أسرتي. كانت أمي مريضة تبصق دماً وأبي يعاني من الربو، لكنه يقاوم مرضه. أخي عبد العزيز ( 25 عاماً ) عنده الملايين (2) التي ربحها من تجارته الرائجة، لكنه بخيل مع الأسرة رغم أن سلوكه لطيف ". (3)

(1) الزبير بن بوشتي ويحيى بن الوليد، حوار مع محمد شكري ـ طنجة 2003 ص 64
(2) المغاربة ما زالوا يحسبون بالريال لا الدرهم.
(3) ورد ورماد، رسائل محمد شكري ومحمد برادة ـ إصدار خاص عام 2000 ص 10
...........................................................................................................

4
خمسون خطوة، تفصل الفندق عن بداية الشارع الفرعيّ. من هناك، عليّ كان أن أوقّع مائة خطوة أخرى على الأرضية المرصّعة ببلاط ملوّن صعوداً نحو الساحة الرئيسية لمدينة تطوان. " ساحة الخصّة "؛ أستحقت هذا الاسم شعبياً، لوجود بحرة كبيرة في منتصف مستديرتها الخضراء. المستديرة، المترعة بالورود، محاطة بست نخلات على عدد الشوارع المتفرّعة عن الساحة وأهمها شارع محمد الخامس. وكما سيلاحظ الغريبُ الجوّال، فإنّ حياة المدينة التجارية متركزة في تلك الشوارع وما تفضي إليه من أسواق. أبنية مُهيبة رسمية، على نمط العمارة الإسبانية، تُحدق بالساحة وجميعها باللون الأبيض والعسليّ. إلا الجامع الضخم، المُتبدي جانباً ضئيلاً منه على طرف الساحة، فقد كان بطبيعة الحال من طراز معماريّ محليّ أندلسيّ. كنيسة أثرية، ذات واجهة مثلثة وبرج جرس مربع، تطلّ على الساحة من جهة شارعنا المؤدي إلى الفندق. وعلى عكس جارها الجامع، المتألق بنصاعة حجارته البيض، كانت الكنيسة الكئيبة حائلة اللون وتبدو مهملة الترميم بسقفيّ الواجهة والبرج، شبه المتداعيين.
الطريق من سبتة إلى تطوان، البديع والرائع، كأنما هوَ لتشويق المرء بلقاء هذه المدينة الأخيرة. كذلك الأمر بالنسبة لساحتها الرئيسية، المؤدية إلى مواقع الجمال والعراقة. لحُسن الحظ، كنتُ غيرَ هيّابٍ من رمي نفسي في أكثر الأماكن غموضاً وتطرّفاً. رأيتني أغادر أحد المقاهي، المشكلة ما يُشبه الحلقة حول الساحة، مُيمماً وجهي شطرَ مدخل شارع محمد الخامس. ينحدرُ الشارع جنوباً نحوَ ساحة أصغر، مُزيّنة بشعار التاج. ثمة أسايرُ في سيري حافة الكورنيش الواطئة، مواصلاً النزول إلى المجهول. يلفت نظري إلى اليسار أسوار شامخة ذات أبراج، فأوقف رجلاً متوسط السنّ لأسأله عنها. أشارَ نحوَ درج عريض ينتهي بمدخل مقوّس، قائلاً: " هذا سوق السمك، ومن هناك يمكنك ولوج الدرب إلى المدينة القديمة ". ذلك السوق، كان قد بدأ بالتعزيل مع إنحدار الشمس نحو الغروب. توغلتُ من ثمّ في دربٍ ضيّق، محفوفٍ بالمحلات الضئيلة الحجم، والمتخلل بالأقواس والبواكي والقناطر. الدربُ المكتظ بالمتسوقين والعابرين، كان يمضي صعوداً إلى أن صار شبه معتم تحت ظلال سقفٍ من الصفيح. عطنُ الرطوبة، كان مُختلطاً مع روائح الخضار المتعفنة المُتخفلة على الأرضية. الممرات، المتفرعة عن الدرب، كانت ذاخرة بأولاد يضجّون بألعابهم ومعابثاتهم. خائباً، أعتقدتُ أن هذا هو سوق المدينة القديمة وأنّ تلك دروبها وأزقتها. على أنني أنتعشتُ، ولا شك، لما مرّت بقربي بنت في نحو العشرين من عُمرها. أعتقد أنها كانت أجمل فتاة راتها عيني في بلاد الأطلس؛ وأنها هيَ نفسها لا تكاد تعرف ما تتمتع به من الروعة والحُسن والرشاقة!
أخذتُ يميني، مُفضلاً أن أبقى ضمن أسوار المدينة القديمة. الدربُ، بدأ عندئذٍ بالإتساع والتنوّر، فيما حركة الناس تضطرد. وإذا بي في سوق مترامي الأطراف، وكلّ مدخل فيه يتخصصُ بمجالٍ مختلف عن الآخر. أندفعتُ في ذاك المدخل، الأكثر أناقة بما أنه منذورٌ لبيع الملابس. برز لعينيّ على الأثر بناءٌ شامخ، يعلوه تمثال إله صينيّ ما. في الطابق الأرضيّ للمبنى، كانت ثمة لوحة بالإسبانية؛ " مطعم سايغون ". أخترتُ شاباً من بين الباعة الجوّالين، الجالسين على مصطبة حجرية، كي أستفهم منه عن البمنى. إلا أنه لم يعرف حتى أن " سايغون " هيَ عاصمة فيتنام، ولا كذلك رفاقه الذين دخلوا معنا في النقاش. على أنني زهدتُ بذلك البناء، بعدما لاحَ لعينيّ آخر أكثر مهابة في صدر الدرب. خطوت إلى تلك الناحية، وما لبثتُ أن صرتُ بمواجهة البناء، فطفقتُ أدوّر عينيّ في واجهته الجميلة، المُشكّلة من حجر ملوّن. ومثلما خمّنتُ، ظهرَ أن هذه العمارة ترجع للعهد الإسبانيّ: " كانت مقر الحامية الإستعمارية، وهيَ الآن مهجورة "، قال لي أحد التجار. حينما تبادلنا كلمات المجاملة وعلم بأنني سوريّ، تدخل آخرون من جيرانه في الحديث وراحوا يسألونني عن الأوضاع السياسية. كانوا كغيرهم من مواطنيهم، ذوي الطينة الطيبة، المتأثرين بشدّة لما يجري في بلدٍ شقيق يتمّ تدميره برضى الشرق والغرب وبأسلحتهما.

5
سوق الخضار والفواكه، المزدحم بالخلق، كان يعبّر عن الوفرة وسِعَة العيش في هذا الإقليم المغربي الشمالي. يكفي أن تنتقل بعينيك المدهوشتين بين أنواع العنب العديدة، المقطوفة للتوّ بعلامة تألق حباتها وغضاضة أوراقها ورائحتها الذكية، لكي تدرك تلك الحقيقة. في اليوم التالي، لدى عودتي إلى الفندق للقيلولة بعيدَ تناولي الغداء في مطعم شامي، مررت على السوق وعدتُ منه بكيس صغير يحتوي على عناقيد من العنب الحلواني والزيني علاوة على كمية من التين الأشقر والتوت الأبيض المبقع بلمسات زرقاء: كانت تلك المرة الأولى، التي أحظى بها بهذه الثمار المزدهرة والمنتمية لبيئتنا السورية. فكان لا بدّ لي أن أقرنها بسلسلة التاريخ المشترك بين دمشق وتطوان، بما فيها حلقتها الوسيطة المتمثلة بغرناطة. وعليّ كان أيضاً ألا أتعثر خلال سيري، فيما بصري يلهث ركضاً وراء مكامن الجمال الأندلسي الأموي، المتمثل بالحوريات المتسوّقات والمتسكعات والعابرات!
لما صارَ السوقُ خلفي، إذا بأسوار من الحجر الأشهب تلوح لعينيّ عن بعد. فكّرتُ عندئذٍ، مأخوذاً بالإلتباس المُتجسّد أمامي: " أأنا داخل أو خارج أسوار المدينة القديمة؟ ". أحد باعة الرصيف، تعهّدَ بإجابة سؤالي: " تلك أسوار القصبة، ولو سرت قليلاً بإزائها فإنك ستصل إلى ساحة الفِدّان ". هذه الساحة، ما لبثت أن أستقبلتني بمدخل مُهيبٍ يقتحمه طوال الوقت العشرات من الناس. الجوّ الجميل، ذو النسيم البحريّ العذب، كان مُغرٍ ولا مِراء للتنزّه في هكذا مكان فسيح ونظيف وأنيق. أرتقيتُ بدَوري الدرجات الحجرية العريضة، لأجد نفسي في ساحة مترامية الأطراف مُسوّرَة من جهتيها اليمنى واليسرى بجدارٍ عالٍ من القرميد، المُلبّس بلونين أبيض وأزرق. إنها طبقة لونية ثابتة في مدن الشمال، تُذكّر المرءَ بنصاعة زبد البحر المُنعكسة على مرآته صورةُ السماء. ما أن أقتعدتُ على حافة بارزة مستنداً بظهري الى السور، إلا وكنتُ بمقابل حشدٍ كبير من المتنزهين، الجالسين أفراداً وجماعات على مصطبة حجرية، يصدرُ عنهم أصوات أشبه بطنين النحل. أطفال يأكلون مع أمهاتهم الكريم المثلّج، فيما أنداد لهم يلهون هنا وهناك. خلف المشهد، ترتفع منازل القصبة على الجبل القريب وتكاد أن تمحو لونه الأخضر بلونها الناصع البياض. الجبل، تناهضَ أكثر مهابة بقلعة أثرية على الطراز الإسبانيّ تتوّج جانباً وافراً من قمته. قسم من الأسوار والأبراج، بدا كأنه يتداعى بفعل آثار الزمن وإهمال الإنسان على السواء.
" الحامية الإستعمارية، كانت تركن في تلك القلعة.. "، قال لي رجلٌ أربعينيّ كان بصحبة صديق في مثل عُمره. هذا الأخير، أخبرني بأنه في الإمكان الصعود إلى ذلك المكان الوعر بسيارة تكسي، مُحدداً لي جهة الموقف. نسخة عن منظرة قصر منيف، على الطراز الأندلسيّ، كانت تقوم في منتصف الساحة؛ ثمة أين رأيتني واقفاً أتحدث مع ذينك الصديقين. الحماسة في تناول تاريخ المدينة، أنقلبت إلى السياسة حال معرفتهما بأنني من سورية. فلم أشعر بالوقت، إلا حينما أضيئت الساحة بأنوار قوية تعلن حلول المساء. عند ذلك، استأذنتُ بالإنصراف مُيمماً وجهي إلى جهة الساحة الرئيسة للمدينة. فلم أنحدر لأكثر من مائة خطوة على رصيف الشارع، حتى كنتُ على مدخل الساحة. طوال الطريق، كانت تعترضني أصص " القرطاسية " ذات الأزهار الزاهية والمتعددة الألوان؛ وهيَ الأصص، التي لا يخلو درب منها وكأنها أحد رموز المدينة. في المطعم الشاميّ القريب، ما لبثتُ أن تناولت عشائي وكان عبارة عن طبق من الفلافل مع الفريت والسلطة والكولا. ثم عدتُ إلى الساحة، المُنارة بأضواء مصابيح خافتة وبما يخترقها من لسعات مصابيح السيارات المتنقلة في شتى الإتجاهات. قضيت سويعة بأحد المقاهي هناك، مُتسلياً بما يحيطني من أحاديث الروّاد وحركة الناس على الأرصفة. لم ينقطع سيل البشر حتى ساعة متأخرة، كون اليوم عطلة نهاية الأسبوع. وإنه ليومٌ حافل لا يُرام، شهدَ تعرّفي بمدينة ساحرة تنتمي للماضي الجميل، الأصيل، أكثر منه للحاضر المشوّه والمزيف.

6
في نهار اليوم التالي، لم أفعل شيئاً غير تناول الفطور ثم التوجّه إلى ساحة المدينة لإرتياد مقهى " البادرينو "، الذي تعرّفتُ عليه في اليوم السابق. واسم المقهى بالإسبانية، يعني " العرّاب "؛ على اسم فيلم المافيا الهوليوودي الشهير. وقد أحتفى مدخلُ المقهى ببطليّ الفيلم ( مارلون براندو وآل باتشينو ) من خلال صورتيهما، المطبوعتين على لوحتين حديديتين. على الأثر، أتجهتُ إلى المطعم الشامي القريب، فتناولتُ ثمة غدائي. وكنتُ بالأمس قد سألت صاحب المطعم، وكان شاباً وسيماً، عن معنى تسمية المطعم طالما أنه لا يقدّم أيّ طبق من المطبخ الشاميّ. ولكن جوابه، في المقابل، كان مستلاً من قاموسنا الشاميّ: " الناس هنا، لا يعرفون طعمَ فمهم! ".
عودة إلى الفندق، لنيل قيلولة بعيداً عن جوّ المدينة الحار ظهراً. كان الوقتُ عند الغروب، لما رأيتني أسيرُ على طول طوار الطريق ذاك، الذي أبتدعتُ له نعتَ " الكورنيش ". وبخلاف مراكش، على طول الخط، فإنّ من النادر أن تجد هنا فتياتٍ يتسكعن لوحدهن أو صحبة صديق. عائلات مستورة، تتمشى مع أطفال سعداء بأجمل ملابس؛ شبان يسيرون وهم يتكلمون ويتضاحكون؛ متشردٌ هنا، ومتسوّل هناك. أصادفُ شاباً، قادماً من الجهة الأخرى. أسأله عن جهة المدينة القديمة، وإذا به يهز رأسه وعيناه تأتلقان ببريق غريب. كان مُحششاً، على الأرجح. لحُسن الحظ، فإنني لم أعُد بحاجة لسؤال أحد. فهيَ ذي أسوارٌ أثرية، تدلّني على الوجهة الصحيحة. لم يكن الظلامُ قد حلّ بعدُ، حينَ مررتُ بثلاثة رجال مُسنين يقتعدون على كراسٍ من القش، واطئة. حييتهم، ثمّ بادرتُ بالسؤال عن ذلك البرج المعتلي الصخور، القائم بمقابلهم كإمتداد للسور. كان أشبه بصومعة، بسقفه المقبب والدرج الحجريّ المفضي إلى بابه الخشبيّ الصغير. وقد صدق حدسي، إذ أجابني أحدهم: " إنه خلوة قديمة، كان يقيم فيها فقهاء مهاجرون من الأندلس ". هذا العجوز القصير القامة والضئيل الجسم، ذو الفم الخالي تقريباً من الأسنان، ما لبث أن أظهرَ معرفة مدهشة بالتاريخ والأدب والفقه. تبادلتُ معه حديثاً شيقاً، خصوصاً عن منابت سكان المدينة من أمازيغ وأندلسيين وموريسكيين ( يهود ). رفيقا الرجل، أظهرا من ناحيتهما معرفة واسعة بتاريخ وآداب بلاد الشام والعراق. كنتُ محظوظاً أيضاً، لأنني لم أُضِعْ وقتي بنقاش سياسيّ على خلفية الأوضاع في سورية.
سرتُ من ثمّ صعوداً، وهذه المرة في صُحبة الأسوار. طريقُ المواصلات، كان قد أضحى ضيقاً فيما المساحة التي تفصله عن السور تضافر عرضها. حينما صرتُ لاحقاً أستعيد هذا المنظر، فكمن أجتاز حُلماً يعلمُ أنه من الصعب تكرار رؤيته. كنتُ عندئذٍ قد أنتقلت إلى الجهة تلك من الطريق، المضاءة تواً بمصابيح كبيرة. حديقة شاسعة، تلتفّ على كامل مساحة الأسوار بحدود العشرة أمتار عرضاً، كان عليها أن تبهرني بموجوداتها وما يحيط بها. على طول ممشى الحديقة الأوسط، كانت تمتد قناة مائية مقطوعة بالبحرات الفسيحة والنوافير الفاتنة والصروح الأندلسية الطراز، وكلها مٌلبّسة بالسيراميك الزاهي وضروب زخرفة الجبص الرائعة. الأشجار المثمرة، والخمائل المزهرة، والعرائش المتسلقة، كانت تُضفي مزيداً من البهاء على المكان. فكيفَ بالمشهد الخلفيّ؛ أين المغاور المنحوتة داخل الصخور مع فتحات متتالية، والممرات الغامضة المرتقية إلى مداخل الأسوار بعلوّ ستة أمتار تقريباً. وهوَ ذا أحد تلك المداخل، " باب العقلة "، المنيف والمهيب، المنحوت اسمه ( بحَسَب ذلك العجوز العلّامة ) من أولئك العقلاء الأندلسيين ممن جاوروه. مقابل الباب، على طرف الطريق، كان ثمة مقهىً شعبيّ يتناثرُ رواده على طول جداره الخارجيّ. جلستُ ثمة سويعة، أملّي نظري من حركة الخلق عند ذلك المدخل، علاوة على ما يمر من أمامي من كائنات وحافلات ومركبات.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية: ملحق
- خاتمة بقلم المحقق: 6
- خاتمة بقلم المحقق: 5
- خاتمة بقلم المحقق: 4
- خاتمة بقلم المحقق: 3
- خاتمة بقلم المحقق: 2
- خاتمة بقلم المحقق: 1
- سيرَة أُخرى 41
- الفصل السادس من الرواية: 7
- الفصل السادس من الرواية: 6
- الفصل السادس من الرواية: 5
- الفصل السادس من الرواية: 4
- الفصل السادس من الرواية: 3
- سبتة
- الفصل السادس من الرواية: 2
- تخلَّ عن الأمل: الفصل السادس
- سيرَة أُخرى 40
- الفصل الخامس من الرواية: 7
- الفصل الخامس من الرواية: 6
- الفصل الخامس من الرواية: 5


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - غرناطة الثانية