أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - زيارة غير متوقعة .. قصة قصيرة














المزيد.....

زيارة غير متوقعة .. قصة قصيرة


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 5318 - 2016 / 10 / 19 - 15:09
المحور: الادب والفن
    



زيارة غير متوقعة .. قصة قصيرة
بدأ بالحديث دون مقدمات ، وكأنه يُحاول إزالة حمل ثقيل عن كاهله:
مرّت ما تزيد على الخمسة وثلاثين عاماً، مُذ رأيتُه آخر مرة.. لا ليس لأن السُبل قد تقطعت بنا ، ولا لهجرة إلى بلاد واق الواق، التي لا توجد بها وسائل إتصال وتواصل . بل لأن الموت غيّبه !! موتٌ سريع وناجز.
وقصة موته يحسده عليها كل من شاهدها وسمع بها.. فقد فاضت روحه وهو يؤدي صلاة الصبح جماعة في مسجد الحي القريب. سجد ولم يقم.. من سجدته تلك ..
-نياله على هالموته (هنيئاً له على هذه الميتة)..!! ردّد المعزون بصدق . فهم يؤمنون بأن الله قد اختاره إلى جواره لورعه وتقواه ، وليبدله خيراً مما هو فيه ..
لم أتمكن من حضور الجنازة ولا المشاركة في تلقي التعازي، فقد كنتُ حينها خارج البلاد، ولم يصلني خبر الوفاة إلّا بعد شهر وأكثر.. حزنتُ كثيرا لفقدانه، رغم أن علاقتنا كانت تشهد هبوطاً وصعودا ..
جاءني الليلة في المنام ، لقد كان يرتدي قمبازه*البني المُقلّم المعتاد وفوقه الجاكيت (والذي كان يُطلق عليه اسم ساكو*)المخيط من نفس قطعة قماش الصوف الإنجليزي .. تُغطي رأسه الحطة البيضاء والعقال الشامي.
كان عائداً من عمله في بيع الأقمشة على ظهر حمار، يطوف القرى المجاورة منادياً على بضاعته المخصصة للنساء في الغالب ، يشترينها لخياطة ثوب جديد، أو لصنع الفراش الصوفي، كفرشات الصوف، الألحفة والمخدات.
تقدمتُ نحوه مسلما عليه باليد .. أنا كبرت وهو ما زال في العمر الذي رأيته فيه آخر مرة .
-لماذا تسير ماشيا ؟ أين الحمار؟ بادرته متسائلاً بإستغراب .
-تركته مع البضاعة في القرية الفلانية .. لقد فقد الحمار بصره ولم يعد يعرف الطريق ..!!
في منطقتنا، نتشائم من زيارة الموتى لنا في المنام .. فهي دعوة منهم لنا بالإنضمام اليهم ..!!
لكن ومع ذلك، فزيارته هذه ، نكأت جروحا وهيجت مشاعر كانت مغيبة تحت طبقات ضخمة من النسيان .
ماذا سيقول فرويد أفندي؟! وعقدة أوديب ؟!
أحمل لأبي مشاعر الشفقة، أكثر منها مشاعر الحب .. وقد تكون شفقتي عليه نابعة في الأصل من محبتي له!!
كان رجلا ناجحا بكل المعايير، أُضطر للهرب من بيته وقريته حاملا على ظهر حمار وجملين بنتا وثلاثة صبيان... كان عمر البنت البكر تسع سنوات ، واعمار الاولاد تحت هذه السن ..بنى حياته من جديد، وأثرى من التجارة.. كان صارماً حد القسوة مع زوجته، والتي هي أمي ، ومع اولاده ..إلى أن توفيت والدتي وهي في ريعان الشباب ..
كان في الخمسين ، وكنتُ في الخامسة.. لم يمر شهرٌ إلا وتزوج من رعناء في العشرين من عمرها.. مطلقة من إبن عم لها ،لم يتحمل الحياة معها نصف عام ..
حولت حياتنا الى جحيم، شيطانة لا ترعوي عن شيء، سندريلا عاشت في نعيم مقارنة بما عانيناه أنا وأخوتي وأخواتي .. كان يخافها ويخاف سلاطة لسانها وجموحها ، عدا عن عدوانيتها وعنفها .. لم يحرك ساكنا للدفاع عنّا.. فقد كان تحت سطوتها ،حتى ظنّ البعض بأنها صنعت له "عملا" عند ساحر !!
-والله هالزلمة محجوبله ..عند السَمَرة* !!
اصبح في نهاية حياته مدينا لكل من هبّ ودب ..!! وحينما كان يجلس وحيداً تنهمر الدموع من عينيه مدرارا.. أسفاً على الذي مضى.
-أهلاً بك يا أبي ، لقد سامحناك منذ زمن بعيد .. وعسى أن تكون مرتاحا ..!!
* القمباز هو اللباس التقليدي للرجل الفلسطيني .
*ساكو : كلمة تركية دخلت الى اللهجة الفلسطينية على الأقل وتعني ، جاكيت.
* السَمَرَة: هم طائفة اليهود السامريين، يعيش قسم كبير منهم في نابلس .. ويعتقد البعض بأنهم قادرون على صنع التمائم والسحر .



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهموم بين عامة وخاصة
- فأر في مصيدة ..
- غُدّة الهَبَل.
- ألشعب هو البوصلة ..
- صقر أم حمامة ؟!
- المُسالِم ينقرض؟؟!!
- الديغلوسيا مرة أُخرى ..
- ما في حدا بنام بِهَم عتيق ..!!
- اللغة أم أبناؤها؟! تداعيات على مقالات الزميل صالح حماية ..
- عالسريع ..!!
- مسيحيو الشرق ؟؟!!
- تركتها تموت ..
- النحو والبيدوفيلية ..!!
- العزيز جان برجاء الإطمئنان..
- مُرتزقة الرياضة ..
- مشهد صادم ..
- هدية عيد الميلاد ..
- مقال مكرر..
- الدين هو الإنسان الذي يعتنقه ..
- بِحُكم العادة ..


المزيد.....




- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - زيارة غير متوقعة .. قصة قصيرة