مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 14:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم قتامة الوضع في أوكرانيا تتملكني الدهشة من أن النازيين يحاربون على كلا طرفي الخندق , و يقتلون بعضهم البعض . لكني اكتشفت أيضا أن بعض "معادي الفاشية" أيضا يفعلون نفس الشيء ( 1 ) ( 2 ) ( 3 ) . أنا واثق أن قلة فقط من أنتيفا ( حركة مناهضة الفاشية ) في الاتحاد السوفيتي السابق يرغبون بالموت فعلا في سبيل بوروشينكو أو بوتين . لكن حجم هذه المشكلة كبير جدا و كل محاولات التعامل معها ( 4 ) ستبقى قاصرة و لو جزئيا ( 5 ) . تصور مثلا أن تقوم مجموعة بورن ( 6 ) أو ن س و – الشمال ( 7 ) بالاستيلاء على سانت بطرسبورغ و أن تعلناها "دولة قومية" . أو أن تستولي الإماراة القوقازية ( 8 ) على ستافروبول و تجعلها مركزا لحكومتها . هل سنطلب عندها من من بوتين أن "يوقف العمليات العسكرية فورا و يعمل على حل النزاع بطريقة سلمية , في مفاوضات علنية و على قدم المساواة دون التلويح باستخدام العنف" كما جاء في البيان الذي وضعه "ممثلو الفرق الموسيقية و المجموعات المعادية للفاشية و المبادرات الفنية المستقلة" , شخصيا أشك في هذا . بالطبع لن يكون القتال إلى جانب بوتين ضد أي من الخصوم المفترضين المذكورين أعلاه خيارا مطروحا , لأن الأناركيين لا يشتركون في أية حرب إلا الحرب الاجتماعية بين الطبقات . هذه القصورات في المواقف التي يتبناها هذا الوسط الثقافي البديل ذات أهمية محدودة . القضية الأهم هي موقف أعضاء حركة معاداة الفاشية الذين يدعمون إما موقف حكومة كييف أو موقف "الكريميا لنا" الموالي لروسيا ( اقرأ الحكومة الروسية ) . شكلت أنتيفا في الاتحاد السوفيتي السابق على الدوام جبهة مشتركة بين حركات مختلفة , من الأناركيين و الاشتراكيين الديمقراطيين و الستالينيبن إلى الليبراليين و حتى الوطنيين القوميين , و قد كانت كذلك بشكل مقصود . في ظروف العقد الأول من القرن 21 كان ذلك ضروريا و قدم الكثير للأناركيين . بما أن تكتيكات الأناركيين و مواقفهم كانت دائما الأكثر وضوحا و تحديدا من مواقف و تكتيكات الباقين , تمكن الأناركيون من إشراك العديد من القوميين و من المترددين في فعاليات مثل : مظاهرة الأول من أيار , مظاهرة 19 يناير كانون الثاني ( 9 ) , و نشاطات البلاك بلوك الأناركي أثناء موجة الاحتجاجات على التزوير في الانتخابات 2011 – 2012 , و غير ذلك . كانت أنتيفا ( حركة معاداة الفاشية ) أحد المشروعات القليلة الناجحة لأناركيي الاتحاد السوفيتي السابق في السنوات 15 الماضية , لكن رافق هذا النجاح خسائر كبيرة , من الرفاق القتلى . مال كثير من "المترددين" إلى الحركة الأناركية , لكن ليس الجميع . كان هناك على الدوام قسم كبير يريد فقط أن يستمتع قليلا دون أن يواجه النازيين مباشرة , بعضهم اكتفى بالوقوف إلى جانب "المناضلين" , أو أن يكون مجرد معاد للفاشية دون أن يرى أي بديل آخر عن السلطة . لم يكونوا جميعا "مترددين" لأن الوقوف إلى جانب السلطة و رأس المال قد يكون أيضا قوي الحجة و قد يكون خيارا هو الآخر . لا أؤمن بوجود عملية تطور فردية عامة في البحث عن "الحقيقة" , أعتقد أن المواقف الفردية هي إلى حد كبير نتيجة لعمليات عشوائية و لا تتوقف إلا قليلا على ذكاء الأشخاص . و حاليا , مع الموجة الوطنية الصاعدة , في روسيا كما في أوكرانيا , فإن معظم هؤلاء "المترددين" يتجهون إلى دعم حكومات "بلدانهم" . واقع أن العناصر الوطنية في أنتيفا تقاتل اليوم على طرفي الجبهة في أوكرانيا يظهر لنا أن فترة أنتيفا قد انتهت بالفعل . في روسيا كانت تلك المرحلة قد انتهت بالفعل في 2011 – 2012 عندما خفض النازيون درجة عنفهم , بشكل مؤقت غالبا , لأول مرة منذ الوقت الذي نشطت فيه منظمة الوحدة الوطنية الروسية ( 10 ) , مركزين على حركات الاحتجاج الجماهيرية . الوحدة المهزوزة داخل أنتيفا كانت ممكنة فقط في مواجهة خطر مشترك , لكن مع هزيمة بورن و ن س و – الشمال و التوجه التكتيكي للفاشيين الروس نحو الحركات السياسية الجماهيرية , انهارت تلك الوحدة و انحلت بسرعة , و انحل معها كثير من أنتيفا نفسها . "وحدة اليسار" التي تشكلت في أثناء احتجاجات 2011 – 2012 قد دفنت اليوم هي أيضا مع حركة معاداة الفاشية من نفس المرحلة . مع الصعود العام للروح الوطنية أخذ سيرغي ألداستوف ( 11 ) و بقية "اليساريين" موقفا مؤيدا للكرملين فيما يتعلق بأوكرانيا . يشكل هؤلاء نواة "اليسار" الروسي , و يمكن القول أن معظم "اليساريين" في كل مكان هم من الإمبرياليين ( دعاة التوسع الإمبريالي ) و الذين يقفون دائما في "الأوقات العصيبة" إلى جانب سلطات بلدانهم . الحزب البلشفي الوطني , و بعد عقد تقريبا من السياسات الليبرالية , عاد إلى موقفه عام 1993 الذي يمكن اختصاره بشعاره القديم "ستالين , بيريا , الغولاغ" . نحن اليوم في موقف صعب , رفاقنا في السجن , مع بقية "اليساريين" على ذمة قضية "حادثة ساحة بولوتنايا" . لا يمكننا أن نفعل شيئا لهم – السجناء السياسيون هو جزء من تاريخنا . النضالات التي حكم عليهم بسببها هي دائما نضالات الماضي . لا أريد بهذا أن أقول أن نضالات الماضي كانت خاطئة أو سخيفة . في 2002 و 2005 و حتى في 2009 كان النضال ضد الفاشية هو القضية الرئيسية . كان ذلك نضالا مهما و لا يوجد أي داع للندم على خوضه , حتى لو أصبح بعض حلفائنا يومها حلفاء للدولة اليوم , و بالتالي أعداء لنا . كان من الضروري الذهاب إلى ساحة بولوتنايا في عام 2012 ( شهدت ساحة بولوتنايا في موسكو في 6 مايو أيار 2012 مظاهرة "مليونية" رافقتها أحداث شغب ضد الشرطة , أطلقت بعدها الحكومة الروسية حملة قمع واسعة ضد خصومها اضطرت بعضهم لمغادرة روسيا – المترجم ) مهما كانت النتائج و مهما كان الثمن . الوضع السياسي الجديد يشبه الوضع بين عامي 1999 – 2002 , أثناء الحرب الشيشانية الثانية . من جهة من الصعب القيام بأي شيء لأنه لم يعد لنا أية حلفاء – ما يوجد هو حفنة فقط من "اليساريين" المعادين للحرب , أما الليبراليون فهم منهمكون في مشاريع فارغة مثل الحملة الانتخابية لإيرينا خاكامادا ( 12 ) . من جهة أخرى كان من الأسهل في ذلك الوقت أن نرى أنه علينا أن نعتمد فقط على أنفسنا , لأن الأناركيين وحدهم يأخذون المواقف المطلوبة ( في اللحظة الحرجة ) . لقد اعتدت على هذه المواقف , و خرجت بالاستنتاجات الممكنة . لذلك فإن الوضع الحالي واضح جدا لي . لكني أفهم لماذا يجد الناس الذين اعتادوا على تصنيفات مثل "أنتيفا" و "اليسار" أنفسهم مشوشين اليوم . في أفضل الأحوال تراهم يكتبون أشياء سخيفة , و في أسوئها يدعمون جمهورية دونيتسك الشعبية ( 13 ) أو حتى يقاتلون إلى جانبها . لكن الزمن يتغير , و من الضروري أن نرى هذه التغيرات و نخرج بالاستنتاجات المطلوبة .
أنتي راوتيانين
1 – مقابلة مع بعض مناهضي الفاشية , منهم "تيمور" الذي تطوع في كتيبة آزوف إلى جانب الحكومة الأوكرانية
2 – مقابلة مع أنطون فاتولاييف , روسي مناهض للفاشية و سجين سياسي سابق ذهب ليحارب إلى جانب المتمردين الموالين لروسيا في أوكرانيا و قتل بعد المقابلة بوقت قصير
3 – مقابلة مأخوذة عن التلفزيون الروسي مع "معادين إسبان للفاشية" ذهبوا للقتال إلى جانب المتمردين الموالين لروسيا في أوكرانيا
4 – رسالة من "ممثلي الفرق الموسيقية , و مجموعات معاداة الفاشية و المبادرات الفنية المستقلة في العالم" عن الحرب
5 – ترجع هذه القصورات إلى الموقف السلمي الغامض أو المبهم و الذي شرح بالتفصيل في التعليق ( الرفاقي ) للرفيق مراتشنيك على موقع
Nihilist.li
لكنه غير متاح بالانكليزية . المقاطع التالية تتحدث بطريقة تشبه موقف الرفيق مراتشينك
http://nihilist.li/2014/08/08/kritika-zayavleniya-predstavitelej-muzy-ka...
6 – المنظمة القتالية للقوميين الروس : منظمة نازية إرهابية . حكم على أعضائها لقيامهم بقتل مناهضي الفاشية ستانيسلاف ماركيلوف و أناستاسيا بابوروفا و ما يزال بعضهم يحاكم اليوم بتهمة قتل مناهضين آخرين للفاشية مثل إيفان خوتوريسكي , فيدور فيلاتوف , إيليا دزاباريدزه و غيرهم .
7 – المنظمة الاشتراكية القومية – الشمال : منظمة نازية إرهابية , حكم على أعضائها بتهمة قتل مناهض الفاشية ألكسي كريلوف و 26 آخرين .
8 – تنشط الحكومة الإسلامية السرية في أقصى جنوب روسيا و السفوح الشمالية لجبال القفقاس . أسسها سرا الرئيس السابق لانفصاليي الشيشان دوكو عمروف عام 2007 .
9 – مسيرة سنوية في التاسع عشر من يناير كانون الثاني في ذكرى مقتل ستانيسلاف ماركيلوف و أناستاسيا باباوروفا في نفس اليوم من عام 2009 . و هي المظاهرة السنوية الأكبر المعادية للفاشية في موسكو .
10 – الوحدة القومية الروسية : منظمة قومية نجحت لفترة قصيرة أثناء تسعينيات القرن العشرين في أن تجمع أغلب اليمين المتطرف تحت رايتها . سرعان ما طواها النسيان عندما منعتها السلطات من المشاركة في الانتخابات البرلمانية و تزايد شذوذ سلوك رئيسها الكسندر باراكاشوف
11 – رئيس الجبهة اليسارية التي توحد طيفا عريضا من اليساريين الروس , على يسار الحزب الشيوعي الروسي المشارك في البرلمان . سجن بتهم ملفقة بالمسؤولية عن أحداث شغب ساحة بولوتنايا في 6 مايو أيار 2012 . على العكس من الجبهة اليسارية , وقف إلى جانب الحكومة في قضية الحرب الأوكرانية .
12 – إيرينا خاكامادا , ( نيو ) ليبرالية و مرشحة معادية للحرب في الانتخابات الرئاسية لعام 2004 , حصلت على 3,9 % من الأصوات
13 – جمهورية دونيتسك الشعبية , الانفصالية الموالية للحكومة الروسية
نقلا عن
http://avtonom.org/en/author_columns/end-antifa
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟