أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - هل يجب أن نسخر من الأديان ؟ لتوني غيبسون















المزيد.....


هل يجب أن نسخر من الأديان ؟ لتوني غيبسون


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5295 - 2016 / 9 / 25 - 15:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل يجب أن نسخر من الأديان ؟ لتوني غيبسون

كثيرون , ربما الأغلبية , ترى أنه بينما علينا أن نعبر عن أفكارنا الإلحادية بكل حرية فإن علينا أن نتجنب السخرية من كل الأديان . مثل هذه السخرية ستزعج بلا شك و تؤذي مشاعر المتدينيين . يقال أنه بوجود هؤلاء المتدينيين علينا أن نتحدث باحترام عن معتقداتهم , مهما وجدناها سخيفة أو عدوانية , خاصة عندما يقومون بتلقينها لأطفال لا يستطيعون بعد أن يفكروا بشكل مستقل . لم ألاحظ أن هؤلاء المتدينيين يبدون أقل احترام لآراء الملحدين , أو يتجنبون الحديث عنها بأكثر الطرق إزدراءا , يبدو أنهم يرون أن آراءهم فقط هي التي تستحق الاحترام . في القرن الحالي شاهدنا صعود ما يمكن أن نسميه بالأديان العلمانية , منظومات عقائدية يتم الإيمان بها بحماسة منقطعة النظير , مع ازدراء كامل لفكرة الحاجة لتقديم اية أدلة عليها , و تستخدم لتبرير أكثر الأفعال فظاعة و لا إنسانية . أشير هنا إلى "أديان" عالمية مثل الماركسية اللينينية , الماوية و ذلك النمط من الفاشية الذي هيمن على الشعب الألماني تحت الحكم النازي . أعتقد أنه من المحق أن نسميها أديانا لأنها لا تختلف عن الأديان المنظمة كالمسيحية و اليهودية الأرثوذوكسية و الإسلام و الشنتو , إلا في أنها لا تؤمن بإله فوق الطبيعة . كان عمر هذه الأديان العلمانية قصيرا رغم ذلك لا توجد أية ضمانة كيلا تعود إلى السلطة من جديد في وقت ما في المستقبل . إنها إلى حد ما تشبه الأديان السائدة في فترة الامبراطورية الرومانية التي كانت تعتبر الامبراطور إلها , و أنه يستحق العبادة بتلك الصفة , على الأقل في بعض مناطق الامبراطورية . شخصيات دينية مثل ستالين , هتلر , الرئيس ماو كانت تعتبر آلهة بكل المقاييس , خاصة في الفترات الأخيرة من حكمهم , و اعتبر انتقادهم أو السخرية منهم هرطقة ( تجديف , زندقة ) يعاقب عليها بالموت . لقد لاحظت كيف أن المسيحيين لم يترددوا في السخرية من أشخاص كستالين و أن يصبوا جام غضبهم على الماركسية اللينينية في حضور شيوعيين ملتزمين , لا يبدو أنهم يكترثون لإيذاء مشاعر مستمعيهم . لكن إذا قال أي شخص أن يسوع المسيح كان شخصا سخيفا و أن كل ما قاله كان مجرد هراء , ممل حتى الابتذال , و متناقض و سخف صريح سيقولون أن هذا ينم عن "ذوق سيء جدا" . قبل عدة قرون كانوا سيسجنون ذلك الشخص أو يشنقونه أو يحرقونه لمثل هذه الأقوال , لكنهم فقدوا سلطتهم اليوم في عالم المسيحية بحيث لم يبق أمامهم سوى اتهامه بقلة الذوق . رغم أنه ما زالت هناك محاكمات بتهمة التجديف ( الهرطقة ) في بلادنا حتى اليوم , كما لاحظ نيكولاس والتر .
1 - لم أقابل مسيحيا ملتزما يعترض جيدا على فكرة أن يسوع المسيح ( هذا إذا وجد فعلا ) هو شاب متعجرف , يتساوى في عجرفته تلك مع ستالين , هتلر أو ماو . لماذا علينا أن نعامل هذا الرجل ذوي الأفكار المشوشة , الذي يشك حتى في وجوده التاريخي , باحترام خاص ؟
2 - لماذا علينا أن نعامل كل الثرثرات المضطربة المنسوبة إليه على أنها غير قابلة للنقد ؟ ليست القصة المسيحية أفضل و لا أسوأ من بقية الأساطير المدونة . علينا أن نعترف أن قوتها العاطفية تعادل قوة الأساطير الأخرى . إننا نقر بالقوة الدرامية لأساطير أوديب , أوريستيس , يفجينيا , ميديا و بقية الأساطير اليونانية , لكن أن نقول أن تلك الأشياء قد وقعت بالفعل و أن نلقن الناس أنها حقيقية و غير قابلة للنقاش , فهذا يعني أننا نكذب عليهم بالجملة .
الإنجيل المسيحي , العهد القديم و الجديد , هو جزء من تراثنا الثقافي , و قد كتب بلغة رائعة من الانكليزية اليعقوبية * , إنه قطعة أدبية ثمينة و يجب أن يتعرف عليه الأطفال كجزء من تعليمهم العام . الشخص الذي لا يعرف نوح أو شمشون أو يهوذا الإسخريوطي , هو شخص لم يكمل تعليمه الضروري , نفس الشيء إذا لم يسمع أيضا بأوديب أو يقرأ الأوديسة . ما يفعله المسيحيون المعاصرون هو عمل من أعمال الكذب الفكري . لقد أخذوا إنجيل الملك جيمس و زوروه بكتابته بالانكليزية "المعاصرة" . مثل تلك الحوادث الأسطورية مثل إطعام 4000 شخص المذكورة في ترجمة الإنجيل الجيمسي تتمتع بأهمية خاصة و العظمة المناسبة لأسطورة :
فقال لهم يسوع: «كم عندكم من الخبز؟» فقالوا: «سبعة وقليل من صغار السمك». 35 فامر الجموع ان يتكئوا على الارض 36 واخذ السبع خبزات والسمك وشكر وكسر واعطى تلاميذه والتلاميذ اعطوا الجميع. 37 فاكل الجميع وشبعوا. ثم رفعوا ما فضل من الكسر سبعة سلال مملوءة 38 والاكلون كانوا اربعة الاف رجل ما عدا النساء والاولاد. 39 ( متى , 15 , 34 - 37 , إنجيل الملك جيمس ) . هذا شعر , و يمكننا أن نقبل هذا الحدث غير المعقول كشيء من المبالغة الرومانسية , مثل قتل شمشون لعشرة آلاف رجل بعظم فك حمار ! لكن ماذا فعل رجال الكنيسة المعاصرون بهذا الكلام ؟ إنهم يزعمون أن كل ذلك قد حدث بالفعل و يتحدثون عنه كما لو أنها أخبار لحوادث وقغت بالفعل في نشرة أخبار العالم . "كم يوجد من أرغفة الخبز ؟ أجابوا "سبعة" , و هناك أيضا بعض السمك . عندها أمر الناس أن يجلسوا على الأرض ثم أخذ الأرغفة السبعة و الاسماك و بعد أن شكر الله قسمها و أعطاها لحوارييه الذين أعطوها للناس . أكلوا جميعا حتى شبعوا , أما الطعام الذي تبقى فقد كان كافيا لملئ سبعة سلات" . ( الانجيل الانكليزي الجديد ) . هذه خدعة تحضير أرواح رخيصة لا يقوم بها إلا يوري غيلير ( "ساحر" و وسيط روحي إسرائيلي "معروف" عالميا - المترجم ) ! عندما تقولها بهذه الطريقة فإنها تصبح كذبة وقحة لخداع الأطفال و ذوي العقول البسيطة , و لا تستحق إلا أن يسخر منها و تسخف . في ثلاثينات القرن العشرين عندما كانت سلطة هتلر و موسوليني آخذة بالتوطد و التوسع نشر رسام الكاريكاتور ديفيد لو مجموعة من الرسوم الساخرة و المضحكة جدا لهما في أزياء مهرجين مختلفة . هذان الرجلان مسؤولان عن نذالات لا حد لها , لكن الإدانة الأخلاقية لا تكفي , كان يمكن تحجيمهما فقط بالسخرية منهما كمهرجين . فيم بعد عندما أقام هتلر و ستالين حلفا بينهما و اقتسما بولندا , أصبح ستالين أيضا هدفا لريشة لو الساخرة , فرسمه ليس فقط كشرير بل كأهبل متخبط . أعتقد أنه علينا ألا نتوقف عن فضح الجوانب السخيفة في الأديان و أن ندمر غرور رجال الدين و آلهتهم و أيقوناتهم عن طريق السخرية . الأطفال غير ناضجين لكي يدركوا الضرر الهائل الذي سببته الأديان و ما تزال تنتجه , يمكننا و علينا أن نكشف لهم الجوانب السخيفة في الشخصيات المهابة و القوية التي يستخدمها رجال الدين لإخافة الأطفال و إفسادهم بتأكيدهم أن الأكاذيب الشاذة الكبرى التي يرددونها أمامهم هي حقائق مقدسة . سنساعد أكثر في تنبيههم بطريقة أكثر فعالية إذا أظهرنا رجال الدين هؤلاء كمهرجين يبيعون الهراء فقط من أن نحاول أن نشرح لهم كل النتائج المأساوية لمساعيهم الدينية . الفهم الكامل للدين , كمرض البشرية العقلي , سيأتي لاحقا .
الإيمان و الإيمان المصنوع
الإيمان و الإيمان المصنوع هو عنوان أحد كتب جورج ويلز . يعلم الأطفال كيف يفرقون بين الواقع و الخيال منذ وقت مبكر جدا . عندما يشاهدون شجرة الفاصولياء , هود الفارس الأحمر و الذئب , علاء الدين و مصباحه , البحار سندباد , لكنهم لا يؤمنون أن هذه المغامرات المثيرة قد وقعت بالفعل . يمكنهم بسهولة أن يقبلوا أن الأساطير المسيحية و بقية الأديان هي أيضا توجد في عالم الخيال , لا الواقع . و أن احتفالاتنا التقليدية المختلفة , التي يجب أن نستمتع بها , لها أيضا أساطيرها التي ترتبط بها : في الكريسماس هناك طفل نائم في المعلف , و ثلاثة حكماء يتبعون النجمة , الخ . ( أساطير ترجع إلى قرون سابقة قبل أن "تقع" في عهد الملك هيرود ) , لكن هناك أيضا أسطورة سانتا كلوز و هو يسافر بزلاجته فوق البيوت . لكن بينما يستمتع هؤلاء الأطفال بتلك الأساطير سيفهمون قريبا أن أي شخص سيقول لهم أن تلك الزلاجة تطير بالفعل فوق المنازل , ألا يأخذوا كلامه على محمل الجد . لكن عندما يدعي رجال الدين أن تلك العجائب المستحيلة قد حدثت بالفعل و يطالبون الأطفال بتصديقها تحت طائلة العقاب , فإن هؤلاء هم مجرد مهرجين و كذابين خطيرين في الواقع و يجب أن يدرك الأطفال ذلك جيدا . لقد أشرت إلى الأطفال و إلى محاولات المتدينيين التلاعب بهم و إفسادهم بمحاولاتهم لجعلهم يصدقون أن كل تلك الأكاذيب هي حقائق مقدسة . لكن ماذا عن الكبار الأذكياء الذين يزعمون أنهم يؤمنون حرفيا بما تقوله كنيستهم ( أو مؤسساتهم الدينية الأخرى ) ؟ هنا علينا أن نتأمل في ما تعينه كلمة "اعتقاد" أو "إيمان" . هل يؤمنون فعلا , أم أنهم يعتقدون بالفعل أنهم الوحيدون الذين يملكون مثل تلك المعتقدات السخيفة ؟ هذا السؤال ذا أهمية سيكولوجية نفسية كبيرة . و قياسا على ذلك لا بد من الإشارة إلى الأشخاص الذين نعتبرهم مرضى عقليين و الذين يعتقدون , لبعض الوقت فقط ربما , أنهم أشخاص آخرين , أحد الشخصيات التاريخية المعروفة . عندما كنت أعمل في مستشفى مودسلي رأيت مريضة تعتقد أنها جان دارك و كانت تطالب الآخرين بأن يعاملوها بهذه الصفة . كانت تلك السيدة تعاني من حالة تسمى النفاس ( الذهان ) الهوسي - الاكتئابي , حالة يكون فيها الهوس مؤقتا , يكون فيها المريض عرضة لإهلاسات عن حالة فوق طبيعية . عندما كانت تخرج من حالة مزاجها "العالي أو المرتفع" تلك و تعود إلى طبيعتها , توقفت عن الزعم أنها جان دارك و أصبحت قادرا على أن أناقشها بكل عقلانية . سألتها إذا كانت قد شعرت بالقلق , اثناء مرحلة إهلاساتها السابقة , لأنها كانت , كإمرأة قروسطية ( من القرون الوسطى ) , تعيش في لندن في القرن ال 21 . أجابت بالنفي , لأنها لم تؤمن بالفعل أنها كانت جان دارك , كانت تعرف طول الوقت أنها مجرد ربة منزل , لكنها كانت تتقمص دور تلك الشخصية القروسطية و أنها كانت شاكرة جدا لتلك الشخصية لدرجة أنها لم تكن قادرة على أن تتحمل أو تعترف لنفسها أو للآخرين أنها ليست تلك الشخصية القروسطية التي تزعم أنها هي . علينا أن نتأمل جيدا هل أن ذاك الشخص الناضج الذكي و المتوازن الذي يزعم أنه يؤمن بكل الهراء الذي تعلمه الأديان , يمر بوضع مشابه . أنه غير قادر على أن يعترف , حتى لنفسه , أن كل ذلك مجرد هراء , لأن لمثل هذا الاعتراف نتائج جدية أو خطيرة على حياته العاطفية و توازنه العقلي . قد يؤدي "فقدان الإيمان" إلى انهيار عقلي , و قد شاهدت كيف حدث هذا لشيوعي مؤمن "فقد إيمانه" عندما سحق الاتحاد السوفياتي الثورة المجرية عام 1956 . قد يمكن مقارنة الكبار المتدينيين لكن الأذكياء بالأطفال الصغار الذي يتصرفون بدافع الخيال لبعض الوقت . قد يمر طفل صغير بمرحلة يعتقد فيها أنه سنجاب و يطالب الآخرين بأن يعاملوه كذلك طالما كان ذلك يتوافق مع حياته . عندما يقوم شخص ما بتمشيط شعره سيصر على أن يشار إليه "كفرو" , و سيطلب الحصول على الكثير من الجوز و سيقوم بتجميعها تحت وسادته . و أحيانا سيأخذ كأس الشاي إلى فوق الشجرة . سيذهب إلى المدرسة بشكل عادي و سيعمل المعلمون المتعاطفون معه على ألا يعطل سلوكه كسنجاب سير العمل في الصف . تصرف الأطفال على أساس مثل تلك الخيالات يكون قصيرا عادة , و لن يسخر الآباء الواعون من مثل هذه الخيالات بل عادة ما يتسامحون معها . لكن من الصحيح أن نقول أن هذا الطفل يعتقد أنه سنجاب بالفعل . قد يمر بعض الكبار الأذكياء بمراحل كتلك , يتصرفون فيها بشكل غريب بحماسة كبيرة , دون أن يقفدوا توازنهم العقلي . أذكر مجموعة من الشابات في مدرسة لندن للسياسة و الاقتصاد , كن عضوات في نادي جيمس دين . كن يعتقدن بكل جدية أن جيمس دين كان ما زال على قيد الحياة بطريقة غامضة . ذلك الاعتقاد كان مهما لهن و قد جمعهن معا . و عندما ارتبطن بصداقات طويلة مع أصدقاء من الشباب انقطعن عن ذلك النادي . كانت "أخويتهن" مثل أخوية الراهبات اللواتي يفترض أن يؤمن بأنهن "عرائس المسيح" . لكن هل يمكننا أن نسمي ذلك فعلا بأنه "إيمان" ؟ ما هو الإيمان إذن ؟ هناك مسيحيون ملتزمون بين علماء الفيزياء . اسأل واحدا منهم هل نقصت كتلة ( وزن ) كوكب الأرض بمقدار تسع أو عشرة احجار عندما غادرها المسيح و صعد إلى السماء , و انظر كيف سيجيب ؟ داخليا قد ينزعج من أنك تدس له الطعم للسخرية مما يؤمن به . أما خارجيا فقد يبقى هادئا و يحاول أن يشرح لك أن سؤالك ينم عن الجهل بحيث لا يمكن الإجابة عنه لأنك لا تفهم طبيعة الدين و العلم حقا . إنه يعتقد أنه يؤمن و قد يكون كارثيا بالنسبة له على الجانب العاطفي أن يقر بإمكانية وجود أي شك .
هل السخرية تقوي الإيمان ؟
في بعض الحالات تقوي السخرية التعبير الخارجي عن الإيمان . المريضة المصابة بالهوس التي تزعم أنها جان دارك , الفتى الذي يقول أنه سنجاب , الطالبات اللواتي يزعمن أن جيمس دين ما يزال على قيد الحياة , الشيوعيون الذين يعبدون ستالين أو ماو , عالم الفيزياء الذي يقول أن يسوع قد صعد إلى السماء فعلا , سيكونون جميعا أكثر إصرارا على صحة إيمانهم إذا تعرضوا للسخرية منهم و مما يؤمنون به ( ما يعبدونه ) . لكن هذه السخرية على المدى البعيد ستخلق جوا من الشك سيكون فيه ضحايا الدعاية الدينية أقل عرضة لهذه الدعاية , و حتى بعض "المؤمنين" سيعترفون أمام أنفسهم أنه لا يمنكهم الاستمرار بالإيمان بكل هذا الهراء , و أنها مجرد عكاز يستندون إليها بسبب شخصيتهم غير المستقلة ( غير القابلة للاعتماد على النفس ) . و قد يستطيعون تدبر أمورهم من دون تلك العكاز , و أن يثقوا بمحاكمتهم الخاصة ( بعقلهم , منطقهم ) . أخيرا , مثل تلك السيدة التي تخرج من حالة الهوس , قد يعترفون لأنفسهم أنهم لم يؤمنوا أبدا بذلك الهراء بل أن إدعاءهم بأنم مؤمنين قد ساعدهم لبعض الوقت . من الممكن أن تتمكن الإنسانية أخيرا من أن تنضج لتتجاوز الإرث المأساوي للدين , بكل دمويته و صراعاته . قد تصبح الإنسانية أخيرا , عقلانية و إنسانية , فعلا .
هل نجلد حصانا ميتا ؟
ا . ن . نيلسون , كاتب سيرة ذاتية و رورائي معروف , و مدافع سابق عن المسيحية , كتب ذات مرة : "قيل في الإنجيل أن حب المال هو مصدر كل الشرور . قد يكون من الأصح أن نقول أن حب الله هو مصدر كل الشرور . الدين هو مأساة ( فاجعة ) البشرية" . صحيح جدا , و لأني أؤيد هذا الرأي , فإني أجد من المشجع أن يقوم الإنسان باستخدام قوته الفكرية ليتحرر من قيود الإيمان غير العقلاني التي فرضت عليه عندما كان طفلا . يستخدم المدافعون عن المسيحية أحيانا مبرر أو حجة أن أناسا ذوي ملكة فكرية قوية , مثل الدكتور جونسون , كانوا متدينيين أيضا . لكن ما يؤمن به الإنسان , أعمق مبادئه , ليست بالضرورة نتاج تفكيره الخاص , إنها تتعزز بقوة من خلال العاطفة , و تستمر غالبا بفعل الخوف فقط . الطفل الضعيف و المرعوب يعيش في أعماقنا لفترة طويلة جدا حتى بعد أن نبلغ سن النضوج . رغم أن الخوف و التخويف هي في قلب عملية التلقين الديني , تتعرض مشاعر ( عواطف ) الأطفال الإيجابية أيضا للتلاعب . أسطورة يسوع الطيب , الطفل الرائع الجالس في المعلف , تردد في كل عيد ميلاد , و يتم استدعاء حادثة الصلب , مع التلميح الوحشي بأنه هو أو هي , أي الطفل الصغير نفسه الذي تردد هذه القصة على مسامعه , مسؤول بشكل ما هو أيضا عن ذلك التعذيب الهمجي بسبب ارتكابه للخطيئة ! و هو نفس يسوع الذي يقول بحسب إنجيل متى : "لا تطنوا أني جئت لأبعث السلام في الأرض : لم آتي لأبعث السلام , بل السيف" ( ماثيو , 10 , 34 - 36 ) . هناك الكثير من التناقضات المشابهة في الإنجيل لتشويش أي طفل , و هي ليست نقطة ضعف بل نقطة قوة , لأنها تخدم الهدف الاساسي للدين : توجيه صفعة قوية للعقل و المنطق السليم . إذا أشار المرء لكل الفظائع الوحشية التي تمارس باسم الدين , ستجد أن المتدينيين يقولون أن الخطأ ليس في المسيحية ( أو الإسلام أو اليهودية الخ ) , و سيقولون أن تلك الفظائع ( الأعمال الإجرامية ) تعود إلى الطبيعة الإنسانية الشريرة . الحقيقة أنه بينما يمكن أن يكون الناس قساة و متعصبين و غير عقلانيين إذا تصرفوا وفق مصالحهم الخاصة أحيانا , لكنهم يكونون أكثر قسوة و همجية بكل تأكيد عندما يتصرفون في سبيل تحقيق هدف ديني , كما تشهد المآسي التاريخية و المعاصرة . الكائنات البشرية الضعيفة عادة , الأنانية باعتدال و الطيبة أحيانا , تتحول , عندما يدفعها الدين , إلى وحوش : وحوش للغرور و التعصب ( عدم تقبل الآخر ) , قادرة على تدمير كل القيم الإنسانية لأنها تؤمن أنها تفعل ذلك بطريقة ما لمجد الرب . عندما ننتقد دينا كهذا في أواخر القرن العشرين في بريطانيا , هل نكون كمن يجلد حصانا ميتا ؟ يمكن لغير المؤمنين أن ينظروا إلى كنيسة انكلترا و بقية المؤسسات الدينية بانفتاح هائل و أن يقولوا و يفعلوا ما يريدون . لكن ما حققناه من حرية التفكير و التعبير و الفعل قد تحقق فقط من خلال قرون من النضال , و الكثير من الحريات التي نملكها ما تزال هشة . بين المبشرين الذين يتحدثون إلينا بكل لطف من الراديو يوجد من يرغب بشدة في أن ترجع تلك الأيام التي كان فيها أسلافنا يسجنون و يشنقون و يحرقون لأنهم تجرأوا على انتقاد سلطتهم و عقائدهم الجامدة ( دوغماهم ) . التهديدات لسلمان رشدي بالقتل تظهر أن المتعصبين دينيا في بريطانيا يمكنهم أن يهددوا الآخرين بالقتل دون أية مشكلة و أن يدسوا أصابعهم في القانون البريطاني . هذا مقبول لأنه شأن ديني ! ا . ن . نيلسون على حق عندما قال أن "الدين هو مأساة ( فاجعة ) الإنسانية" ! . لقد تطرقت أساسا إلى الدين المسيحي في هذا المقال لكن كل ما كتب ينطبق بالطبع على بقية الأديان في كل أنحاء العالم , بما فيها الأديان غير اللاهوتية التي يحب البعض أن يسميها "سياسية" . لا تعني الأناركية الإلحاد فقط بل النضال المستمر ضد الدين نفسه , و عندما تكون السخرية سلاحا فعالا لمقاومته علينا عندها أن نمارس السخرية دون أن نلتفت إلى تلك المشاعر التي ترى أن الدين يملك مناعة مفترضة ضد النقد و السخرية .
* اليعقوبية : لفظ يطلق على فترة حكم الملك جيمس الأول لانكترا و اسكتلندا ( 1567 - 1625 )
نقلا عن
https://theanarchistlibrary.org/library/tony-gibson-should-we-mock-at-religion



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلب
- ران برييور عن ( فيلم ) أفتار
- رسالة مفتوحة إلى الرفيق جيلبر الأشقر
- هل ساعد النظام السوري فعلا في صعود الإسلاميين
- حركة احتلوا وول ستريت : الديمقراطية ضد التسيير الذاتي
- أزمة السلطة للأناركي النقابي الروسي الكسندر شابيرو - 1917
- ديمقراطية الرجعية , 1848 - 2011 , للمجموعة الأناركية كرايم ث ...
- الثورة السورية و البحث عن فتوى
- -دين أناركي- ؟ لبيتر لامبورن ويلسون
- في بيان استحالة أن تكون الثورة السورية ثورة إسلامية , سنية
- هل نحن جيدون بما يكفي لبيتر كروبوتكين
- معاداة الأسدية كممانعة
- نحو إلحاد تحرري - نقاش مع نقد محسن المحمد للإلحاد السائد عرب ...
- ابراهيم اليوسف .... حقا ؟
- عندما تحدث برهان غليون عن الولاء و البراء
- من مقدمة كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية لفيلهلم رايتش
- عندما برأ ابن تيمية بشار الأسد
- إلى الأخت عبير النحاس : الأخت التي قدمت أول شهيد من أجل سوري ...
- الزحف المقدس
- تعليق على مقال ياسين الحاج صالح : سورية في العالم , العالم ف ...


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - هل يجب أن نسخر من الأديان ؟ لتوني غيبسون