أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون














المزيد.....

رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5262 - 2016 / 8 / 22 - 21:21
المحور: الادب والفن
    


أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون والبسطاء

غادرنا تطوان يوم 4 من غشت وعلى الساعة التاسعة والنصف صباحا، كانت الشمس متوحشة في السماء، وموغلة في صفع رؤوسنا الهشة، سألنا سائق السيارة الذي جئنا معه من مارتيل عن مكان محطة سيارات أزلا، فأنزلنا في شارع المسيرة، ومنها انحدرنا نحو الأسفل مخترقين منازل شعبية حيث يمتهن السكان النجارة والحدادة، وبينما نحث الخطى حتى لاحت المحطة وسط زوابع الغبار والرياح المنفرة، والأرصفة المهشمة .
خرجنا من تطوان عبر الطريق رقم 16، تركنا مارتيل عن يسارنا، وعين بوعنان عن يميننا، في حين طفا جبل تطوان شامخا يقارع السماء، كان السائق هادئا وما فتىء يجيب عن أسئلتنا على مضض، والسيارة تنحو مخترقة منازل ريفية نضرة وفاقعة بالبياض تخترقها زرقة فاتحة، وتحيط بها أشجار التين والزيتون و غابات الأرز التي تضارع الجبال .
وصلنا إلى أزلا حوالي العاشرة صباحا، صديقي نور الدين كان يبدو في كامل عنفوانه، لم ينل منه السفر شيئا منذ انطلاقنا من الرباط، كان رجلا شهما له اليد الطولى في قيادة القافلة، كان مساوما ومبادرا وطباخا أنيقا، لذلك لقبناه منذ زمان بعيد "بالزعيم" لأنه لا يستسلم ولا يتراجع إلى الخلف، إنه داهية يضاهي العظام، كل من التقاه كان يبتدره بالكلام ويسأله، ولم تخنه لكنته الدكالية الصلدة أمام ليونة لكنة الشماليين .
تربض أزلا أسفل جبل مترام، وصلت ذلك الصباح متعبا، مع ألم مبرح في الظهر، لقد هدتني الشمس هدا، إضافة إلى ثقل الحقيبة الذي نال مني الشيء الكثير، وما إن نزلنا من السيارة، حتى اخترقنا شارعا مغبرا وسط القرية يحاذي وادي أزلا حيث المنازل الخربة و أشجار التين الكثيفة التي تعشش فوقها طيور النغاف الحزينة والحمام البري والنوارس المحلقة فوق القوارب المتناثرة على مشارف البحر .
تعد أزلا قرية هادئة كغيرها من القرى المجاورة كأمسا، إلا أنها تفتقد للخدمات الأساسية، فلا الطرق مجهزة، والكهرباء تنقطع من حين لآخر، والسوق غير مرمم هو الآخر، مع غياب مرسى للصيادين، اكترينا عند رجل يدعى السي أحمد ذو بشرة سوداء ويتحدث اللكنة الشمالية، لأول وهلة عرفت أنه يتحدر من الجنوب، قال لنا أحمد بعد أن ارتاح لنا لما زارنا ذات عشية ونحن نمسك بكتبنا : " جاء والدي من سوس إبان فترة الحماية هربا من السلطات الفرنسية واشتغل في الهندسة الكهربائية، وتزوج امرأة شمالية تتحدر من العرب الموريسكيين الذين نزحوا من الجنوب الاسباني، مذاك لم يعد إلى أرضنا ولا أعرف عن أهلي هناك أي شيء، أنا مزيج من الشمال والجنوب " . أمه التي كنا ننادي عليها بالحاجة، زارت منذ زمن بعيد الحج لازالت متمسكة بزمام المنزل رغم كهولتها، امرأة ثمانينية طيبة للغاية، تعتني بحديقتها وتسقيها على الدوام ويحيط بها القصب لكي يحميها من الرباح، كما أنها تطهو العجين على فرن طيني مصمم غاية في الإتقان، في معجمها تستعمل كلمات عربية دأب عرب الشرق على توظيفها من قبيل : "المفتاح، ابني، الرقم" والثلاجة التي تسميها بالنبيرة، بلاشك فالإرث الموريسكي حاضر بقوة على هذه القرية التي تتموقع على مرمى من حجر من بلاد الأندلس.

عبد الله عنتار/ قرية أزلا -جنوب تطوان/ 5 غشت 2016 -المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة إلى الشمال : مارتيل : مزيج بشري
- تراتيل أزلا
- رحلة إلى الشمال : الفنيدق : أسى دفين
- رحلة إلى الشمال : بين طنجة والفنيدق: أسى عن رفيقة سليبة
- رحلة إلى الشمال : طنجة المدينة التي أرفضها
- رحلة إلى الشمال : أصيلة : تأمل في اللوحات أم تأمل في الجميلا ...
- رحلة إلى الشمال : في طريق الشمال : ما يجمعنا هو الوطن
- جيراننا في الريف
- كيكي والآخرون
- تحت الشجرة الوارفة : حنين متجدد إلى الأرض
- موسم مولاي بوعزة : تكريس التبعية
- وحيد في البراري
- رحلة علمية إلى تافيلالت : المغرب المتباين والمفارق
- على محراب الآلهة جلست فبكيت
- ذكرى صديق عزيز
- الإنسان أولا وقبل كل شيء
- مماتي
- رحلة غابوية : رجوع إلى الذات
- هل حاولنا أن نولد مرة واحدة وانتهت؟
- مدينة تارتروس *


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون