أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرحمن جاسم - معذرة لكنني لست ديمقراطياً














المزيد.....

معذرة لكنني لست ديمقراطياً


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نعم؛ وما العيب في ذلك، يا أحبتي، أنا لستُ ديمقراطياً، وأؤمن بذلك بطريقة لا متناهية. والسبب كل السبب في أنك تستغربون كوني لست ديمقراطيا وأدافع عن الأمر بشدة، هو سوء شرح الكلمة وعدم وضوح معناها المطلق.

فالكلمة "ديمقراطية" والتي قد يبدو للكثيرين معناها الحرية أو العدالة أو المساواة وغير ذلك من المعاني اللطيفة، لا تعني ذلك مطلقاً. فالديمقراطية هي ديكتاتورية الأكثرية، أي أن الأكثرية، ومهما كان عددهم يمكن أن يحكموا بالمطلق فوق أقلية قد تكون تقريباً تسع وأربعين بالمئة (49%). فالديمقراطية المنتجة تتيح لواحدٍ وخمسين بالمئة من السلطة أن يتحكموا بالجانب الخاسر الذي قد يكون تسع وأربعين بالمئة (49%). هذا طبعاً كله لتوضيح الكلمة المطلقة، التي لا تعني شيئاً سوى أنه نوعٌ آخر من الحكم يستند بشكل كبير إلى العدد وليس إلى النوعية.

نقطة أخرى، أحبتي، الديمقراطية التي نتحدث عنها ورغم هذا العيب الفاضح والواضح فيها، هي غير تلك التي تطبق في بلادنا، ويتشدق الكثيرون بالحديث عنها، فتلك التي أسلفت ذكرها، هي المطبقة حالياً في البلاد الغربية، أما تلك التي تسود في بلادنا، فحالٌ أخرى، وحدث ولا حرج. فديمقراطية عبد الناصر أفضت إلينا مثلاً انتخابات عينته رئيساً بنسبة 99.99% من الأصوات، مع العلم بأن في مصر آنذاك كان هناك اتجاهات أخرى كان من المستحيل أن تنتخبه (الإخوان المسلمين، الشيوعيين والملكيين السابقين). وانطلق المارد من عقاله، الديمقراطية تجتاح العالم العربي، وأصبحت الشغل الشاغل لجميع البلاد، فحكمت الديمقراطية في جميع الموائد العربية، وأصبحت الـ99.99 التي ورثناها فجأة ممثلةً وحيدة وشرعية للديمقراطية ومرادفة لمعناها(وراقبوا معي أحبتي تعبيري أنا "الممثلة الشرعية والوحيدة"، وهو تعبير من تعابير ديمقراطية المرحلة كذلك!!).

ثم جاءت أميركا حاملة الديمقراطية على طبق مدهش، ولم يكن بالطبع طبقاً للطعام، كان طبقاً طائراً، كان طبقاً مليئاً بالأسلحة القاتلة والثياب البديلة، وياه، كم أصبحت الديمقراطية طبقاً مرفوضاً لعقلي أو للعامة، ومع هذا ظل الكثيرون يتشدقون بها، كما لو أن الديمقراطية الأميركية ليست دليلاً أمامهم ليروا بأنفسهم ويتعلموا. السؤال الذي يلح بالظهور، أحبتي، أخبروني، ماذا يريد الديمقراطيون؟ أو عشاق الديمقراطية أولئك؟ هل فعلاً أهدافهم كأهدافنا؟ أو يريدون ما نريد؟ لا أعلم، وأظن كذلك بأن كل من يعمل بالسياسة يريد السلطة لذاته، ولا يريدها لغيره، وقد يلبس اللطف والممالئة والمزايدة على الحرية سلاحاً، لكنه دائماً وأبداً، لا يريد إلا السلطة لذاته، لا لحزبه، لا لإتجاههه السياسية، لا لتوجهاته الدينية أو الفكرية، إنما له فحسب. وتبدو الديمقراطية مطية جيدة، وحصاناً رابحاً، كونها لا تكلف المرء شيئاً أبداً، فيكفي ان تتدشق بها، ذهاباً وإياباً، وأن تحملها في حقيبتك أينما حللت وتتباهى بأنك ديمقراطي وبأن الآخرين قمعيون وديكتاتوريون ويحكي ميشال دوبرولوف كاتب كليلة ودمنة الروسية قصة عن جدول كان يلوم النهر العظيم بأنه حينما يفيض يدمر أرض الفلاحين، وحينما أتى الصيف ذابت ثلوجٌ كثيرة وصبت في الجدول اللطيف، فاستحال نهراً أكبر من النهر العظيم، وهذه المرة لم يدمر أراضي الفلاحين فحسب، بل جرف معها بيته وحظيرته والفلاح بنفسه.

أحبتي، الديمقراطية ليست أن نتقبل الآخرين، فذلك أمرٌ آخر، الديمقراطية كذلك ليست شيئاً نقول عنه بأنه غريب عنا، إنه شيء يختلف للغاية، فمثلاً تبدو الجمعيات الإجتماعية العاملة في بلادنا من نفس النوع، فمثلاً، تخرج علينا ظاهرات مثل تقبل حقوق المثليين وتقبل الشذوذ الجنسي وغيرها من الخزعبلات الغربية عنا وعن بلادنا ومجتمعاتنا جزءً من الديمقراطية البديلة، وهو التعبير الذي يطلق على الديمقراطية البديلة عن التي تسود في مجتمعنا. تخيلوا مجتمعٌ لا يتحدث فيه عن الجنس أبداً، فجأة نظهر لنتحدث فيه عن إحدى أكثر أنواع الجنس كرهاً وتعرضاً للنقد في كل أنحاء العالم؟ أوليس الأمر مثيرٌ للدهشة والإستغراب في نفس الوقت؟ إنه ما يريده الأوروبيون، الأميركيون، الأجانب. يريدون أن يظهروا تخلفنا أمام وسائل اعلامهم، ليظهروننا بمظهر المتخلفين، لكي يقولوا "أنظروا هذه هي الشعوب الغير ديمقراطية" أو "هؤلاء هم تلامذة الديمقراطية الفاشلون".

يا أحبتي، الأمر بسيطٌ للغاية، لماذا لا نكون نحن، نحن، وأنا من بينكم، بالتأكيد لسنا مع هكذا نظام، أو أنظمة، مع ديمقراطيات كهذه، وبمسميات كهذه غريبة عنا، وعلينا، وليست منا، أو لنا حتى. يا أحبتي أنا لستُ ديمقراطياً، وأعرف أنكم مثلي كذلك، لأنه لا يحتاج لشرحٍ كبير، فالديمقراطية لا تساوي الكثير في كونٍ لا يؤمن إلا بالقوة.

أترككم وأعرف أن الأمر بيدكم.

كونوا أقوياء.



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفاءل
- ابنة لحواء
- روبن هود في معرض الكتاب
- رسالةٌ إليكِ - قد مضى وقتٌ طويل ولم ترسل بعد
- معذرة فيروز؛ لكنني فرغت منكِ...
- أغنية
- مجنون
- أخال الخطى
- مقطع مترجم من قصيدة -أوروبا الثقة- لسوزان هوي
- طائرة من ورق- قصيدة مترجمة لروبرت سوارد
- على مقعدٍ بجوار بحيرة-قصيدة مترجمة لدانيلا جوزيفي
- وحدة المرأة الحامل-قصيدة مترجمة لدانيلا جيوزفي
- شوية حب
- Over ذوق... أف
- عن مايكل مور ورجاله البيض الأغبياء...
- استقلال
- بغداد - نص مشهدي مسرحي
- عن سحر طه، وبغداد
- انتماء
- أغاني المطر


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية ترفض دعوى السودان ضد الإمارات بـ-التواطؤ ...
- احتجاجات في إسرائيل بعد إعلان الحكومة عن خططها للاستيلاء على ...
- ترامب يزعم بأن للولايات المتحدة الفضل الأكبر في تحقيق النصر ...
- بوتين في تهنئة للمحاربين القدامى: لقد أنقذتم البشرية من خطر ...
- ترامب الحائر في المتاهة اليمنية
- انفجارات قوية في مطار بورتسودان إثر استهداف مسيرات جديد لخزا ...
- فرنسا تشدد شروط الحصول على الجنسية ... فما هي المؤهلات المطل ...
- بن زايد يقلّد رئيسة تنزانيا وسام -أم الإمارات-
- قصف متبادل بين روسيا وأوكرانيا يحصد ستة قتلى في سومي وكورسك ...
- واشنطن تجمد رسميا المنح البحثية لهارفارد حتى تلتزم الجامعة ب ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الرحمن جاسم - معذرة لكنني لست ديمقراطياً