|
وقائع ما حدث بين صديقى وصديقته : قصة قصيرة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 13:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وقائع ما حدث بين صديقى وصديقته قصة قصيرة طلعت رضوان لما أخبرتها أنه غير موجود خبطتْ صدرها بكفها وقالت : يا مصيبتى. اندهشتُ من رد فعلها ، وتساءلتُ : لماذا وقعتْ عليها (مصيبة) بسبب غيابه ؟ وقبل أنْ أفتح فمى سألتنى : إنت مين ؟ سألتها : إنتى اللى مين ؟ قالتْ : أنا صاحبته.. قلتُ : وأنا صاحبه. سألتنى : وبتعمل إيه فى شقته ؟ أنا عمرى ما شفتك هنا. قلتُ : بس هوّ كلمنى عنك كتير.. وعن حنانك والعلاقة الحلوة اللى بينكم.. وكان بيقول لى عن اليوم اللى ح تزوريه فيه.. فى اليوم دا كنت أسيب الشقه.. عشان تبقوا لوحدكم. لم تــُـعلــّـق على كلامى وسألتنى : طيب هوّ ح يغيب ؟ قلت : ح يغيب كتير.. عشان هوّ فى السجن.. وما حدش عارف ح يخرج منه بعد شهر.. ولاّ بعد سنه.. ولاّ أكتر. خبطتْ صدرها بكفها.. وبعنف.. وقالت : سجنوه ليه؟ وإيه تهمته؟ دا كان بيحب كل الناس.. وكان بيكره السرقه والقتل.. دا حتا كان بيكره يجيب فى سيرة الناس.. احترتُ : هل أخبرها بالسبب الحقيقى أم لا؟ وازداتْ حيرتى لما تذكرتُ أنّ عمر علاقتهما ثلاث سنوات.. فهل – طوال هذه السنوات – لم يـُـخبرها عن نشاطه السياسى.. التزامـًـا منه بتعليمات التنظيم السرى ؟ أخرجتنى من حيرتى عندما سمعتها تقول : طيب وبعدين ؟ دا أنا كنت عاوزاه ضرورى ؟! قلتُ : لو فيه أى خدمه ممكن أقوم بيها.. كلمينى بصراحه. بعفوية وبساطة وبسرعة قالت : بصراحه كنت عاوزه أشترى كيلو بطاطس وإزازة زيت عشان العيال. وقبل أنْ تسمع جوابى.. تركتنى ودخلتْ الحمام.. عادتْ وقد خلعتْ الجلباب واكتفتْ بقميص النوم.. وفردتْ شعرها.. ويبدو أنها غسلتْ وجهها.. اقتربتْ منى فابتعدتُ عنها.. همهمتْ بكلام لم أتبيـّـنه.. واقتربتْ منى من جديد فابتعدتُ عنها أكثر. أخرجتُ ما فى جيبى من نقود واقتسمتُ المبلغ بينى وبينها.. رفضتْ أنْ تمسك النقود وقالت : عاوز تدينى فلوس من غير ما تاخد حقك ؟ كنتُ على وشك الابتسام أو حتى الضحك من منطقها ، ولكننى تماسكتُ وقلتُ : حقى ح يوصلنى لما تروحى تشترى الزيت والبطاطس عشان ولادك.. دخلتْ الحمام وعادتْ وقد ارتدتْ جلبابها.. تناولتْ النقود وقبـّـلتْ كفى وقالت : يظهر إنْ إنت وصاحبك من طينه غير طينة باقى الناس. 000 تعوّدتْ أنْ تزورنى مرتيْن فى الأسبوع.. تغسل ملابسى وتطبخ.. وكانت تفرح عندما أطلب منها مشاركتى شرب الشاى أو الطعام.. ولكنها كانت تكتفى بشرب الشاى.. وترفض مشاركتى الطعام وتقول : الزاد ما لوش طعم إلاّ وأنا وسط عيالى.. ولما طلبتُ منها أنْ تــُـحضر أولادها مرة كل أسبوع لتناول الطعام.. فرحتْ أكثر.. وكرّرتْ كلامها عن أننى وصديقى من طينه غير طينة باقى الناس. 000 طالتْ غيبة صديقى فى المعتقل.. وتعمّـقتْ علاقتى بصديقته التى صارتْ صديقتى.. ساعدتها فى الحصول على وظيفة (فراشة) بمدرسة قريبة من بيتها.. وفى المرات القليلة التى كان النظام يسمح فيها بزيارة المعتقلين، كانت تــُـصر على أنْ أصحبها معى لترى صديقنا المشترك.. وكانت تصر على شراء بعض الطعام والفاكهة من دخلها البسيط . 000 فى لحظة من لحظات المؤانسة والفضفضة قالت : عاوزه أبوح لك بسر. وعاوزاك تسدقنى.. أنا بعد ما عرفتْ صاحبك.. وبعد كرمه وذوقه معاىَ.. عاهدتْ نفسى إنى أبطل الشغلانه البطاله. وعشنا مع بعض زى واحده عايشه مع جوزها.. وهوّ كان ناوى يتجوزنى رسمى عند المأذون.. ولما إنت قلت لى إنه فى السجن.. موش عارفه إزاى كنت ح أغلط معاك ؟ لاكن إنت – الله يسترك- بتصرفك معاىَ.. نبهتنى لغباوتى.. ومن ساعتها وأنا موش عارفه إزاى كنت ح أخون الراجل اللى أنا حبيته واحترمته. 000 تنقــّـلَ صديقى بين أكثر من معتقل من معتقلات عبد الناصر، وكانتْ صديقتنا تــُـصر على زيارته معى.. وبعد أنْ تـمّ الافراج عنه.. وبعد أنْ دبـّـر التنظيم له عملا.. بدأ يستعد للزواج من صديقته.. فلما علم مسئولو التنظيم بذلك ، عاتبوه ومنعوه من إتمام هذا الزواج.. وقال له مسئول الخلية : إزاى واحد شيوعى يتجوّز من واحده..... وقبل أنْ يـُـكمل جملته أوقفه صديقى بعنف ومنعه من الاسترسال.. وأصرّ على إتمام الزواج. 000 خرج صديقى من التنظيم – بمحض إرادته – قبل قرار فصله. تضامنتُ معه وخرجتُ أنا أيضـًـا.. انتظمتْ زيارتى لصديقى وصديقته / زوجته.. فكنتُ أرى السعادة فى عيونهما وعيون أطفالهما.. وفى كل مرة أسأل نفسى : ماذا لو أنّ صديقى استسلم.. وباع صديقته وخضع لتعليمات مسئولى التنظيم ؟ هل كان سينعم بهذا الدفء الإنسانى ؟ وأيهما أهم : صرامة التنظيم وتعليماته، أم العلاقات الإنسانية ؟ وكانت تلك الأسئلة تــُـذكــرنى بدفاع صديقى فى مواجهة مسئول الخلية.. دفاع استمرّ عدة دقائق.. وما زالتْ جملة صديقى الأثيرة لدىّ يتردّد صداها فى وجدانى : التنظيم الذى لا يـُـقـدّر ولا يهتم بمشاعر الناس.. لن يجد من يـُـدافع عنه ويلتف حوله. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدكتور محمد عنانى وترجماته
-
مصطفى سويف : العلم بروح إنسانية
-
عداء بنى إسرائيل لمصر
-
ما مغزى بيع الامتحانات ؟
-
النقد العلمى لتأليف التوراة
-
هل عمل الخير يحتاج إلى تشجيع ؟
-
رد على السيد الأمازيغى التونسى الملحد
-
هل سيخرج العرب من التاريخ ؟
-
ما مغزى اعتراض الحكومة على حكم لصالح مصر؟
-
ما مغزى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ؟
-
المملكة العبرانية فى العهد القديم
-
العلاقة بين كنعان وإسرائيل
-
مصر بين التوراة وعلم المصريات
-
مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (3)
-
مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (2)
-
المسرح فى الحضارة المصرية
-
لماذا تجاهل جذر الغش المجتمعى ؟
-
لماذا يخالف المسلمون النص القرآنى ؟
-
هل سنفاجأ بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
-
مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (1)
المزيد.....
-
وفاة معتقل فلسطيني من الضفة الغربية داخل سجن إسرائيلي
-
الخارجية الإيرانية تدين تدنيس المسجد الأقصى
-
شاهد/حاخام صهيوني يصدر فتوى بقتل أطفال غزة جوعًا: -لا رحمة ع
...
-
كاتبة إسرائيلية: من يتجاهل مجاعة غزة ينتهك التعاليم اليهودية
...
-
عاجل | بوليتيكو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولم
...
-
منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام المتطرف بن غفير باحات الم
...
-
البرلمان العربي يدين اقتحام المستعمرين بقيادة بن غفير المسجد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي تدين اقتحام -بن غفير- باحات المسجد ال
...
-
الرئاسة التركية: اعتداء إسرائيل على المسجد الأقصى مرحلة أخرى
...
-
تركيا تدين بشدة اقتحام بن غفير المسجد الأقصى
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|