أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - النقد العلمى لتأليف التوراة















المزيد.....

النقد العلمى لتأليف التوراة


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5212 - 2016 / 7 / 3 - 14:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النقد العلمى لتأليف التوراة
طلعت رضوان
قارن عالم المصريات الكندى (دونالد ريدفورد) بين ما ورد فى التوراة (ومجمل أسفار العهد القديم) وما عثر عليه من وثائق تاريخية ، مثل البرديات والنقوش على الجداريات ، وكذلك ما دوّنه المؤرخون والرحالة القدامى ، أمثال هيرودوت وديدور الصقلى.. إلخ وكانوا قريبين – نسبيـًـا – من مسرح الأحداث ، فاكتشف (ريدفورد) أنّ ما ورد فى التوراة لا يصلح للاعتماد عليه كتاريخ لأحداث حقيقية حدثتْ بالفعل ، وبصياغة دقيقة وحاسمة كتب ((أنّ المؤرخ التوراتى كان يفتقر إلى أى وسيلة تمكنه من التثبت من الصحة التاريخية لهذه النصوص التوراتية. وبالتالى فإنّ المؤرخ (الحديث) يستطيع أنْ يجمع المواد التى تتصل (بما ورد فى التوراة) على أنها أشبه بالحواديت)) (مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة- ترجمة بيومى قتديل - المجلس الأعلى للثقافة - رقم598- عام2004- ص451)
وبلغة العلم كتب أنّ بعض القصص فى التوراة زاخرة بالخرافة، وبعضها تعد أمورًا حقيقية لا نقاش فى صحتها.. وإلى جانب ذلك هناك روايات أخرى يستحيل اعتبارها سجلا تاريخيـًـا.. ولا يعد نهج الدرس العلمى المعيارى لتاريخ إسرائيل خلال المملكة المتحدة ، سوى هجوم ردىء من جانب التفكير الاستهوائى عند الأكاديميين.. حقــًـا فإنّ الروايات المجيدة فى سفرىْ (صاموئيل) و(الملوك الأول) وهما مدونان بصورة جيدة ويعتمدان (فى الظاهر) على حقائق صلبة، ولكن المؤرخ الحديث يضطر إلى النقد الصارم ويصرف النظر عن تلك الروايات وعدم الركون إليها.. بينما فى حالة استعمال مؤرخ مثل (يوسيفوس) لنفس المواد التوراتية ، فإنّ التناول التاريخى يهبط بها ، عند الحديث عن عصر (شاؤول) و(دواد) و(سليمان) إلى ما يقرب كثيرًا من شرح النص التوراتى ، وقد حشاه بالتأويلات المُـلغزة ذات الطابع السياسيى أو الاجتماعى.
إنّ دراسة التوراة (خاصة عند الأكاديميين) أرستْ أسس سجل يبعث على الأسى فى تحليل المصادر، بصورة رصينة ومحايدة كما هو الحال فى أسفار (صاموئيل) و(الملوك الأول والثانى) حول المملكة المتحدة.. وأنّ الطريقة الشائعة (فى ذاك الزمن البعيد) فى التعامل مع المصادر عند قيمتها الاسمية على اعتبار أنّ هذه (الوثائق) كــُـتبتْ فى معظمها فى بلاط سليمان.. وهى تحتاج إلى ترميم مهما كانت زائفة، مثل القصة المزعومة حول خلافة داود فى سفر (صاموئيل الثانى : 9- 20) وسفر الملوك الأول : 1- 2) وبتطبيق ذلك المعيار علينا أنْ نتذكر قصة الملك آرثر (وهو ملك بريطانى أسطورى ظهر فى سلسلة من قصص الحب فى العصور الوسيطة، وليس معروفــًـا إذا ما كانت هذه القصص قد انبثقتْ فى (ويلز) أو فى شمال بريطانيا (هامش من المترجم) وتطبيق ذلك على قصة يوسف وأسنات المجهولة المؤلف وعلى غراميات الإسكندر.. وهناك ملاحظة أخرى (وهى ملاحظ بريئة فى حد ذاتها) تتمثل فى أنّ الدول الملكية فى العصور القديمة، اعتمدتْ خلال ممارستها لهيمنتها فى إقليم شاسع على إطار ضخم من الكتبة ، حتى تتمكن من إدارته. إلاّ أنّ الحجة تمضى إلى أنّ مثل هؤلاء الكتبة كانوا يحتاجون إلى تدريب، كانت توفره (فى النظم المستقرة منذ أمد بعيد) التقاليد البيروقراطية. ولكن فى حالة سليمان فإنّ الوضع مختلف ، فلم تعرف (مملكته) لا الكتبة ولا أية آلية للتدريب ، وكانت الحاجة ماسة إلى إقامة الإطار العام بأكمله وعلى وجه السرعة. بينما هذه النماذج من الكتابة توجد فى التقاليد المصرية فائقة الرقى.. ونحن (= ريدفورد) نعرف حجم الأعمال المكتوبة التى كان الكتبة المصريون يتدربون عليها أثناء دراستهم فى دور التعليم فى المملكة الحديثة. فإلى جانب الأشكال اللازمة فى الاستعمالات اليومية، مثل الخطابات والقصص والمذكرات والبيانات، كانت هناك أيضـًـا الأشعار والترانيم وآداب الحكمة والروايات وقوائم الأعلام (أسماء الأشخاص وأسماء الأماكن البارزة) وإذا كان سليمان قد استورد النظام المصرى ، فلابد أنْ يكون قد حمل معه كل هذه الأشكال الأدبية... حيث أنّ الحـِـكم الشائعة لسليمان (الحكيم) الواردة فى (سفر الملوك الأول : 4/29- 34) فإنّ مضمون هذه الأشكال الأدبية قد عرفتها مصر (قبل سليمان)
كما أنّ الزعم الذى يرى أنّ حــُـكم سليمان كان (تنويريـًـا) لا يقف على قاعدة صلبة.. وبعيد الاحتمال.. كما أننا لسنا بحاجة إلى قصر التفنيد على إقامة الدليل على استبعاد احتمال العهد السليمانى (نسبة إلى سليمان) كتاريخ للمواد الواردة فى (صاموئيل الأول وصاموئيل الثانى) حيث يمكن أنْ نـُـبرز فى هذا الصدد حجة تستند إلى دليل استقرائى ، فوجود فقرات عديدة تهدف إلى التسويغ ، وينتقص – كما جاء فى سفر القضاة من درجة الثقة التى يستطيع المرء أنْ يضعها فى القصص التوراتية التى تربط تلك الفقرات وتجعل من التاريخ السليمانى للتسجيل (بعد جيل واحد وحسب من وقوع الحدث) أبعد احتمالا.. والحقية فإنّ عمليات التسويغ التى ترتبط باستيلاء داود على أورشليم ومعاركه المبكرة مع الفلسطينيين ، تتصل بمواد من الهزل إلى حد يبدو معه التسويغ رهن الحديث بمثابة التفسير الشافى الأوحد للتقاليد (الإسرائيلية) وتزعم وتفترض بشكل مُسبق فقرات عديدة حول وجود ملكية إسرائيلية ضاربة فى أعماق العصور القديمة ، فى حين أنّ (موآب) و(عمون) و(إيدوم) كانت بالفعل دولا ملكية فى نظر الكاتب العبرى.. ويقابل المرء هنا تلميحات إلى موتيفات وتقاليد إما أنها نبعتْ أو تطوّرتْ إلى النقطة التى تفترضها الفقرات الواردة فى سـِـفر صاموئيل فى تاريخ لاحق بصورة بارزة.. أما المفارقات التاريخية الصارخة فأكثر مما يسمح به فى ثناياه سجل يعتمد على مصادر موثوق بها مثل النقود المسكوكة والدروع الحديثة واستئناس الجمال والفروسية والمعول والبـُـلط الحديدية.. كذلك لم يكن لب وثيقة الاستخلاف (فى سفر صاموئيل الثانى 13 وكذلك الملوك الأول – الإصحاح الثانى) فلا توجد أى إشارات واضحة إلى أى تار يخ بعد وقت طويل من الأحداث الموصوفة. والكاتب العبرانى يـُـدخل شخصياته فى ملابس عتيقة.. واستدعاء قوات يصل حجمها إلى أبعاد هائلة لمطاردة خاطفة (صاموئيل الثانى : 17/ 1) وخوض معركة تــُـسفر عن عشرين ألف ضحية ما بين قتيل وجريح (صاموئيل الثانى : 18/7) فماذا يفعل الباحث مع كل هذه المبالغات؟ وهل ما رواه الكاتب العبرانى حقيقة ؟ أم من وحى خياله؟
وإذا كانت وثيقة الاستخلاف ليست سوى تأليف متأخر العهد وبالتالى لا تتمتع (الرواية) بقيمة فى الكشف عن حقائق حكم داود.. ولذلك يظل من المشروع السؤال حول الجدوى من كتابتها والسبب وراء تلك الكتابة ؟ لا يصوّر الكاتب العبرى شخصية داود كشخصية شريرة ولكن يـُـصوره كشخص أخرق... كما أنّ وثيقة الاستخلاف تــُـقـدّم داود فى صورة غير ودودة.. وكيف يستطيع قاطع طريق من بيت لحم أنْ يقتلع بيت شاؤول ، حتى وإنْ كان قد تزوّج إحدى بناته ؟ وكيف استطاع غرباء الأطوار فى التاريخ المتأخر أنْ يجدوا تعليلا عقلانيـًـا للخطيئة التى ارتكبها دواد ؟ حيث كيف تأتى أنْ يخلف داود ابنه الأصغر (سليمان) مع وجود ابنه الآخر الأكبر والأعلى شأنــًـا وجلالا ، وهو معروف على نطاق الفولكلور؟ وحقيقة الأمر أنّ القصة لم تــُـقـدّم تفسيرًا للأسرة اليهودية فى إطار الشكل الذى عرفته الأجيال التالية : التى انحدرتْ من نسل سليمان وليس نسل (عمنون) الشهوانى أو (أبسالوم (= أبشالوم) المتعطش للسلطة.. ولقد كان سليمان (أورشيليميـًـا) حتى النخاع ، فهو الابن الوحيد من بين جميع أبناء داود الذين كانوا رهن السباق ، الذى وُلد لامرأة من أورشليم ، وكان فريسة لعصابة سرية.. وخلاصة القول أنّ وثيقة الاستخلاف لا تحمل أى طابع عقلانى ويجب على الباحث أنْ يتحاشاها... وعندما نمضى بعيدًا وراء وثيقة الاستخلاف ونأتى إلى مجموعة المواد التى تصف حكم سليمان فإننا نجد أنفسنا محاطين بجو مختلف تمام الاختلاف ، حيث تدهور فورًا كل من أسلوب الكاتب العبرى ومعالجته للتفاصيل على حد سواء ، فالحساسية للعقدة والتفاصيل وتصوير الشخصيات تختفى كى يحل محلها الابتذال المعروف فى الحواديت الفولكلورية.
إنّ معظم ما ورد فى العهد القديم يعجز عن تقديم رؤية واضحة لأى حقائق تاريخية، لو كان لها وجود فى الأصل قد تكون كامنة وراء ذلك الحشو المُـفكــّـك.. فالكاتب العبرى يُـجاهد طوال الوقت فى سبيل الابهار بالمدى الذى بلغته (حكمة) سليمان وصيته (= شهرته) وكيف عاد ذلك عليه بفائدة مالية كبيرة. وكان بوسع أى شخص أنْ يكتب ذلك الوصف الذى ورد للمعبد ، طالما وقعتْ عليه عيناه قبل سنة 586 ق.م فى الوقت الذى تــُـصوّر فيه الصلوات والعهود (= الوعود) التى تنم عن (الورع) وأنّ سليمان كما وصفه الكاتب العبرى كان رجلا عظيم الحكمة، وألــّـف كتابات فى الحكمة. كما فعل ما يلى 1- بنى المعبد بعون فينيقى 2- تزوّج ابنه ملك مصر 3- امتلك أسطولا فى البحر الأحمر وانخرط فى الأعمال التجارية 4- زارته ملكة من العرب الجنوبيين 5- بنى كثيرًا من المدن. وكان تعقيب (ريدفود) أنّ أغلب ما رواه الكاتب العبرى تعد بمثابة خرافات (ريدفورد – مع التلخيص – من ص451- 462)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل عمل الخير يحتاج إلى تشجيع ؟
- رد على السيد الأمازيغى التونسى الملحد
- هل سيخرج العرب من التاريخ ؟
- ما مغزى اعتراض الحكومة على حكم لصالح مصر؟
- ما مغزى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ؟
- المملكة العبرانية فى العهد القديم
- العلاقة بين كنعان وإسرائيل
- مصر بين التوراة وعلم المصريات
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (3)
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (2)
- المسرح فى الحضارة المصرية
- لماذا تجاهل جذر الغش المجتمعى ؟
- لماذا يخالف المسلمون النص القرآنى ؟
- هل سنفاجأ بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- مصر وكنعان وإسرائيل فى العصور القديمة (1)
- لماذا يكون مدير آثار (مصرى) عبرانى الهوى؟
- دولة بنى أيوب وما فعله صلاح الدين
- رمضان (المصرى) ورمضان (العربى)
- هل يجرؤ النظام على الغاء قانون (تطوير الأزهر) ؟
- متوالية لصق اسم (الله) بالحاكم


المزيد.....




- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - النقد العلمى لتأليف التوراة