أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - لينا جزراوي - فشلنا في تربية الذكور والاناث














المزيد.....

فشلنا في تربية الذكور والاناث


لينا جزراوي

الحوار المتمدن-العدد: 5207 - 2016 / 6 / 28 - 11:26
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


فشلنا في تربية الذكور والاناث

كانت تهرول مُسرِعة وهي مُتلحّفة بطبقات من القماش السميك تُخفي بِها معالِم جسدها ، تُحني صدرها خجِلة من معالم انوثتها ، تحاوِل الهرب من نظرات وخطوات رجل تلاحقها ، تبحث عن زاوية تذوي خلفها لتختفي وكأنها لم تكُن . وهو يسيرمنتفِخا كطاووس، رافعا شعره كمن مسّه تيار كهربائي ، ومحررا جسده من الأزرار الأولى لقميصه ، فخور بما يظهر من معالم رجولته ، يتلفِّت حوله ليلتقِط ملامح امرأة ، يُسقِط عليها َكبتِه وتعجرفه بتعليقات ونظرات وقِحة، فهذا السلوك في عُرفِه من معالِم اثبات تفوقه على الجنس الآخر، الجنس الأنثوي الضعيف .
وفي مكان آخر، مجموعة من الشباب ُمتمركزين في زوايا الحارات ، وعلى جنبات الطرقات ، يهللون ويتسكعون ويقهقهون بمنتهى الثقة ، متجاوزين كل أخلاقيات الجيرة وآداب الشارع ، يتطاولون على البنات بكل ثقة ، ودون أدنى احساس بتأنيب الضمير ، في الوقت الذي لا تتجرأ فيه فتاة في بعض المناطِق المحافِظة ،على الظهور على شرفة منزلها دون اذن ، ودون غطاء ، فمن أين أتت ثقة الذكورهذه ، وضعف البنات هذا !!!!! و مع أننا نُمجّد الذكورة على حساب الأنوثة ، ونعتبرها رمزا للقوة والصلابة والذكاء ، وأمام سيادة هذه الفكرة في منطق العقل الذي يحكم المُجتمعات العربية عموما ، يعتقِد البعض أننا قد أحسنّا تربية الذكور مقارنة بتربية الاناث ، ولا أعرف كيف ، فماسبب انهيار الشخصية العربية أمام العالم ، والاستخفاف بها ، طالما أننا قد أحسنّا اعدادها وتربيتها، كما نعتقد !
لقد فشلنا في تربية الذكور، كما فشلنا في تربية الاناث حتى اختل توازن المجتمع، فمعالم وآثارهذا الاختلال تبدو واضحة عندما حولنا الأنوثة الى لعنة ، ووسمناها بالخطيئة ، واعتبرنا أن كل ما يخّص المرأة وجسدها ، مصدر فتنة يجب اخفاؤه ، دون أن نكلّف خاطرنا باصلاح العقل الذكوري الجنسي ، المتأهّب للهجوم على أي امرأة تعترض سبيله . لقد فتحنا للولد باب الحرية والانطلاق على مصراعيه ،واغتلنا عن سابق اصرار وتصميم حلم الفتاة ورغبتها في اكتشاف ذاتها والعالم من حولها . فنحن نُشعِر ابننا بأنه "ستيف أوستن " بزماناته عندما يضرب ابن الجيران ويكسر له أنفه ، وأن" آينشتاين " بنفسه قد ينهار أمام عبقريته الفذه ، لأنه قد نجح في حلّ مسألة الرياضيات في المدرسة ، و نُصفّق لرجولته الطاغية ولغيرته الشديدة على شرف العائلة ، عندما يضرب اخته ويمنعها من الخروج من البيت ، لأنه شك في سلوكها ، وهو في ذات الوقت يغازل بنت الجيران ، ويواعدها، بينما لا نعير ذات الأهمية لفتاة متفوقة ، ومتميزة ، وقد تصل لأعلى المراتب والمناصِب ، لمجرّد أنها لم تتزوج ، فهي ناقصة بنظر المجتمع ، وهو مُكتمِل الرجولة.
نعم ؛ فشلنا في تربية الذكور كما فشلنا في تربية الاناث ، فمنحنا الذكر حق الأمر، والأنثى واجب الطاعة ، اعتدينا على الشخصية العربية ، وسجناها داخل أطر جامدة ، وكأنها جوهر ثابت غير قابل للتحول . نحن مسؤولون عن أمراض مجتمعاتنا وتناقضاته ، وطريقة التربية هذه تغتال الشخصية العربية و تمارس عليها عدوانا واضحا ، وتعيق كل محاولات الخروج من هاوية الرجعية الضيقة ، والانضمام الى صفوف المجتمعات المتحضرة ، والمرأة للأسف اكثر من يدفع ثمن هذه الرجعية.



#لينا_جزراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو المثقّف؟
- سوط الدين
- خلل في المجتمع
- التحرش الجنسي ،، أبعاده الاجتماعية والسياسية
- حراك العِفّة ،، وبرج الساعة
- امرأة بلا رأس
- لو كُنت رجُلا
- هل صحيح أن المرأة الأردنية لا ترغب في العمل
- فايروس الثقافة ،،،،، وبكتيريا القيم
- الدولة المدنية ،، في الايديولوجيات المختلفة
- باقة ورد كبيرة ،،، وباقة حب كثيرة ،،، لامرأة تستحقها
- آفاق المرأة والحركة النسوية بعد الثورات العربية
- هل تعتقدون أني سعيدة ؟؟؟؟؟
- التحول من الجمعي،، الى الفردي ،،،واستثناء المرأة العربية
- متلازمة العلاقة بين المرأة والرجل في العالم العربي
- سراب امرأة ،،،،، في الشرق
- هل خلقت الحقوق للرجال فقط ؟؟؟؟؟؟
- احتجاجات نسوية ....... مرتقبة
- عقلنة الرغبات والعواطف .......لدى المرأة العربية
- امرأة من هذا العالم


المزيد.....




- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت في الجزائر 2025.. ...
- فرصة لا تعوض.. قدمي الآن على منحة المرأة الماكثة في البيت 20 ...
- “800 د.ج منحـة فــوريـة“ كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكث ...
- «فرصة ذهبية» منحة المرأة 2025 تعلن شروط التسجيل لدعم البنات ...
- تعزية الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله إلى الرفيق عمر الزعي ...
- نساء الصفيح: البدونيات في الكويت بين العزلة القانونية والعنف ...
- السودان.. توثيق أكثر من ألف حالة اغتصاب في مناطق -الدعم السر ...
- شاهد.. 14 ممرضة حوامل في آن واحد بقسم الولادة في مستشفى أمري ...
- ما هي شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائر عب ...
- التحرش الجنسي والاغتصاب يواجه المغتصَبات في مراكز الشرطة في ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - لينا جزراوي - فشلنا في تربية الذكور والاناث