أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيهانوك ديبو - الجزائر2: أين سيكون خط القعر الجديد؟















المزيد.....

الجزائر2: أين سيكون خط القعر الجديد؟


سيهانوك ديبو

الحوار المتمدن-العدد: 5199 - 2016 / 6 / 20 - 02:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزائر2: أين سيكون خط القعر الجديد؟
سيهانوك ديبو
في السادس من آذار 1975 تعقد في العاصمة الجزائرية اتفاقية بين نائب الرئيس العراقي صدام حسين وملك إيران محمد رضا البهلوي وبرعاية الرئيس الجزائري هواري بومدين؛ وكان عرّابها الرئيس الجزائري الحالي عبدالعزيز بوتفليقة. خرجت الاتفاقية ببنود رئيسة أهمها؛ رفض اتفاقية ترسيم الحدود بين كلا من العراق وإيران التي جرت عام 1937 والاتفاق على أن تكون نقطة خط القعر هي الحدود الفاصلة بين الدولتين؛ وهي النقطة التي يكون شط العرب فيها بأشد حالات انحداره، أما النقطة المحورية في الاتفاقية والتي من أجلها كانت وأدت إلى تخفيف وطأة الصراع بين البلدين الموقعين هي معاداة القضية الكردية في العراق ومنع تشكيل أي كيان له فيه أو في أي جزء من أجزائه الأربعة والتي ستغدو الأجزاء الأخرى أكثر تهيئة له في حال حصول دون ذلك. أفضت الاتفاقية إلى ما كانت تبتغيها الأطراف – تنازلت العراق حينها لبضع آلاف من الكيلومترات المربعة (مناطق تضم قلعة دزه وقنديل ودربندي خان وجبل بيمو) بعكس ما يُقال بأنه فقط ألف كم2، وسرعان ما صارت في حكم المُلغى بعد نجاح حِراك الشعوب الإيرانية –حينه- وإبعاد الشاه من السلطة تماماً.
بعد مضي أربعة عقود على تلك الاتفاقية لم يبق منها سوى شيئين اثنين؛ أولاهما وجوب حل للقضية الكردية حلاً ديمقراطياً يقرره الشعب الكردي بنفسهم وثانيهما الذهنية المستبدة التكرارية التي تعتبر سبب ويلات الشرق الأوسط برمتها من استبدالها للمذهبية السياسية والقومية البدائية بدلاً من المجتمعية الثقافية الديمقراطية وصون الحقوق القومية فيها على أساس التكامل لا التناحر، وجعلها المطية للكمية الكبيرة والضامنة للتدخل وانتهاك السيادات المتشكلة –إنْ بقيت سيادة بالأصل وبالأساس. بعد مضي أربعة قرون يحاول رئيس دولة ساكن على كرسي متحرك ويجلب إلى ضيافة كرسيّه ممثلين لأكثر الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط سلطتي دمشق وأنقرة وبمباركة من نظام طهران، ويكون موضوع الضيافة العداء مرة أخرى لحل القضية الكردية؛ كما المؤسس له في روج آفا- شمال سوريا وفق نموذج الحل الأمثل لكل الأزمة السورية المتمثل بدوره في النموذج الفيدرالي الديمقراطي على أساس إرادة المكونات والجغرافية وليس بعلاقة منفردة بالقومي أو الاثني أو الديني. أي أن اللقاء/ات التي حدثت قبل مدة وجيزة من هذا العام أو نهاية العام الماضي في الجزائر العاصمة وجمعت ممثلي النظامين في تركيا وسوريا لا يمكن تصنيفه ضمن مصالح الدول أو ما يتعكزون عليها كما العادة بالحفاظ على أمنيهما القومي واعتراف كلا منهما بالآخر وربما أيضاً الترتيب على الأكتف وشدِّها طالما المسألة متعلقة بالقضية الكردية. ومطالب التغيير الشعبي في سوريا والتحول الديمقراطي والقضاء على كل شيء يُفضي إلى نشوب الأزمة مرة أخرى وغيرها من المطالب غير موجودة بالأساس في الأجندة المشتركة، بالأساس مثل هذه الأمور غير معنيين بها ولا تلزمها؛ فالأهم الكرسي ولو كان متحركاً وهذا (أفضل) الإيمان. ومن المؤكد أن اتفاقاً صار بينهما وسيتم تسريب بنوده لاحقاً كما غيرها من الاتفاقيات وستكون مُذيّلة بأن لا (تتدخل) أيّاً منهما في شأنيهما الداخلي.
في الفقه الدولي (فقه السياسة الدولية) تعتبر جميع الاتفاقيات مُلغاة في أول حرب تحصل بعدها. من حيث أن حقيقة الحروب هي أساساً غياب الحلول ومن ثم انتاجها في صيَغِها المتعددة كي تضع خاتمة للحروب أو نتيجة مباشرة من نتائجها بحسب ميزان الرابح والخاسر. فمثلما اعتبرت اتفاقية الجزائر1 ملغية لا تساوي الحبر الذي كُتِبَت بها وبعثرتها أكثر الحروب التي حدثت بعدها؛ فإن الجزائر2 لا يمكن أن ترى حيز لها خارج العاصمة التي تم الاتفاق فيها. وهذا الأمر غير متعلق برغبة أو عاطفة إنما لأسباب أهمها:
1- دَوْلَنة الملف السوري بشكل عام ووجود راعيين مشتركين لحل الأزمة السورية (واشنطن وموسكو) في سابقة أولى معلنة في تاريخ الأزمات الدولية؛ تجعل من أيِّ اتفاق إقليمي ثنائي أو ثلاثي بحكم وصفة طبية بأدوية خاصة وغير ممهورة؛ لا يمكن صرفها في أية حُسبْةٍ دولية.
2- الشعب السوري –مع الأسف- لم يعد يمتلك رفاهية القرار بشأن اتخاذ القرارات المصيرية؛ وكأنه بات في حكم من يتلقى الضربات والتدمير فقط. والإبقاء به في حالة المتفرج في أغلب مناطق سوريا؛ وصل إلى حد الاستعاضة عنه في كتابة دستور –حتى لو كان للمرحلة الانتقالية الزخمة بالأحاديث. وعدم القدرة على اتخاذ القرار ينطبق على السلطة في دمشق وبات وضعه الحالي في حالة المُمْلى عليه.
3- التدخل الروسي منذ الأول من سبتمبر أيلول العام الماضي فرض معه قواعد لعب جديدة ودخلت معه الأزمة السورية إلى مرحلة ثالثة بعد الحراك الرفضي السوري أولاً والحرب الإقليمية في سوريا ثانياً، وهذا ما استوجب فكفكة الاصطفاف الدولي الإقليمي القديم حيال الأزمة السورية، وحتى اللحظة لم نشهد بشكل شفاف الاصطفاف الجديد إنما أنواعاً متداخلة منه؛ فتركيا كمؤسس للتحالف الإسلامي الذي تقوده المملكة السعودية ضد إيران؛ هي نفسها من تقوم بالتنسيق مع الأخيرة وتحافظ على وطائد متينة معها مما يجعل من التحالف المذكور مجرد اسم. وهذا يعني الانزياح الجبري لبعض للدول الإقليمية وانتقالها إلى المراكز الأخيرة من ناحية التأثير في حل الأزمة السورية. وهذا الأمر ينطبق على تركيا التي باتت في وضع المتفرج والمشاكس في أحسن الأحوال.
4- الأزمة السورية أثرّت بكل دول الجوار وبشكل صريح في الوضع التركي الذي تؤهله وما يعانيه من مشاكل جمّة موجودة بل مستفحلة قبل الأزمة السورية؛ فيما يتعلق بالحريات العامة ومسائل الديكتاتورية للعدالة والتنمية وملفات الفساد وتسبقها كلها عدم حل القضية الكردية في تركيا ومفاوضات السلام المتوقفة أو المفرملة من قبل سلطة العدالة والتنمية. إذْ يحق القول بأن الشرق الأوسط برمته على صفيح ساخن من الأزمات والقضايا التي تستوجب الحل.
5- نعتقد بأن السبب الأهم من كل ما تقدم يتعلق بوضع الكرد نفسهم. كُرد اليوم لا يشبهون الكرد قبل أربعين سنة، وهم يبرزون اليوم كلاعب أساسي ولأول مرة على مسرح السياسة الدولية. وكما شأن الحروب التي حدثت في التاريخ ومن ضمنها الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ وحدها التحالفات العسكرية التي تربح معنيّة بوضع الديباجات التي تناسب تطلعات شعوبها. وحالة البندقية الكردية –في عمومها- اليوم؛ تبدو مختلفة من جميع النواحي عن سابقاتها فهي أقرب أن تكون مترجمة فورية لأجنداتها الوطنية العامة والقومية الخاصة كما حال روج آفا- شمال سوريا. وتحرير منبج بات اليوم قد أفرغ الحجم الكبير من التضليل الإعلامي والمشوه لحقيقة هذا التحرير والمتزامن مع تحرير ريف الرقة الشمالي وما يلحقه أيضاً من تحرير لعموم مناطق الشهباء أو المتبقي حتى عفرين، بالمقارنة مع تحرير تل أبيض/ كري سبي.
6- كما حال جميع أصول الشراكات المدنية والعسكرية. فإن قوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنها وحدات حماية الشعب والمرأة شريك استراتيجي لقوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وما يفرضها أو يتبعها من ترجمة أرضية لهذه الشراكة وما هو متعلق بوجود مستشارين وخبراء في المناطق التي يتم تحريرها؛ وأصول الشراكة تستبعد أي احتمال للتدخل الإفرادي من قبل تركيا أو ترجمة فعلية لأي اتفاق فرعي ثانوي كما حال الجزائر2. إضافة إلى العلاقة الدبلوماسية المتقدمة مع روسيا والتنسيق المعلوم بين كلا من راعيي الملف السوري وبالتالي التنسيق الذي يفرضه الوضع المعقد للميدان السوري العسكري ووجود مئات من المجموعات المسلحة الإرهابية وفق ما توصلت إليه الأردن حين تكليفها بإعداد هذه القائمة كإحدى قرارات فيينا2 في تشرين الأول اكتوبر العام الماضي.
الجزائر2 أو أية اتفاقية أو اختبار لها في حكم المنتهي؛ فكل شيء متغيِّر بعكس طبائع حالة الستاتيك المتميزة بها في الأنظمة الاستبدادية والتي عرفتها شعوبها بأنها خبيرة في استدامة حكمها وإنتاجها لنفسها فقط؛ مرة بالمقايضة بين الأمن والاستقرار الظاهري القلق مقابل بقائها في السلطة، ومرة إظهار نفسها أهون وأفضل الشرور بالنسبة لطباخي السياسة الدولية، ومرة بالبهلوانية التي تمتاز بها هذه الأنظمة من تصدير مشاكلها إلى الخارج وامتلاكها كَمٍّ هائل من الأوراق بغرض الابتزاز الدولي وظهورها كدول مارقة.
ربيع الشعوب في الشرق الأوسط –بالرغم من بردها وحرِّها- إلّا أنها هدمت جدران الخوف وكشفت ضآلة الأنظمة الاستبدادية وخوفها من الشعوب التي تنظم نفسها؛ كما أنها كشفت إفلاس معارضتها الكلاسيكية وخلوِّ جعابها من أي حل، وهذه هي الأعظم والأفضل ما تستطيع الشعوب فعله كما حال كل حراك ثوري وثورة حدثت في التاريخ وستحدث. الجزائر2 أشبه أن تكون غيمة صيفية هطلت على دفعتين مرة في استانبول ومرة في الجزائر دون أن تتسنى لها أن تُنْقِط في دمشق، وتلاشت دون عودة دون رجوع ودون أن تهتدي إلى خط القعر الجديد.



#سيهانوك_ديبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرياض2 أو القاهرة 3
- قبة برلمان؛ أم غرفة حرب؛ أم بداية الانهيار؟
- كرنفال كولن؛ مجرد استعراض
- تركيا؛ بين فتحي أوكيار وداوود أوغلو
- الصراع في الشرق الأوسط؛ تركيا أنموذجاً
- أزمة في سوريا؛ أم عقدة غورديون الكأداء
- أنتي الدولة
- المعارضة المعتدلة هي النهج الثالث
- في بطلان المنطقة العازلة
- في رباعية أوباما: سوريا- كرديا
- في الموشور الكردي
- داعش: مستأجرا؛ أم مستباحا، أم موجودا
- حقيقة الصراع في روج آفا، باسبارتو لم ينهي مهمته بعد
- سوسيولوجيا الثورة في روج آفا
- السياسة الديمقراطية هي السياسة الجديدة، أنكيدو الذي خان غابة ...
- أوجلان: قائد وقضية
- باكور : الثورة؛ الانتخابات ؛ التغيير.
- باكور: الثورة؛ الانتخابات؛ التغيير
- في ثالوث الأمة الديمقراطية
- جعجعة في زمن الثورة


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سيهانوك ديبو - الجزائر2: أين سيكون خط القعر الجديد؟