أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - الشيخ والسّكير..














المزيد.....

الشيخ والسّكير..


قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا


الحوار المتمدن-العدد: 5189 - 2016 / 6 / 10 - 21:25
المحور: الادب والفن
    


الشيخ والسّكير..
- لن يُصدقني أحد ...!! قالها الظريف ، وقت صحوه فقط، الرفيق ابو عدي ..
والرفيق أبو عدي ، عضو في الحزب الشيوعي، مؤدبٌ، كريم وخلوق .. ربعةٌ وكتلة متينة وقوية من العضلات ..يعمل في أشقّ الأعمال ولا يحس تعبا.. لكنه ينقلب الى كائن آخر حينما يسكر ، فهو كتلةٌ متوثبة من الغضب، شعلة ملتهبة من العضلات المتأهبة للقتال. يفر من أمامه الأهل والأصدقاء.. ولحُسن حظ العائلة ،فبيته في مركز الحارة، حيث يتجمع الشباب والرجال ، في المقهى يلعبون الورق ويتبادلون الأحاديث وخاصة السياسية ،فيحتد النقاش بين معارض على موقف ما ومؤيد له، وتعلو الأصوات.. لكن لا صوت يعلو على صوت "أبوعلي". فعندما يثمل ،يعلو صراخه لأتفه الأسباب ويخرج مشرعاً قبضتيه للريح ،يبحث عن "كيس ملاكمة" على هيئة إنسان، جماد أو حيوان .. فيفزع مجموعة من الشبان الأقوياء محاولين بالكاد السيطرة عليه
لذا ، وعندما يبدأ بإحتساء الخمور الشديدة ، تنسحب زوجته من البيت، آخذة أولادها معها ، الى بيت أهلها أو أهله ، القريبين من بيتهما ..
لم يكن يسكر بسهولة ، وله قدرة على تحمل كميات كبيرة من الخمور، لكن بين فترات متباعدة ، تصيبه حالة الغضب الثَمِل ، أو الثَمَل الغاضب ... ولعل هذه الحالة تصيبه إذا شرب الخمر وهو غاضب فقط .. ربما..
أما صديقه وجاره الأبعد ، فقد حصل على لقب شيخ وهو في سن صغيرة، إذ أعتاد ومنذ طفولته على مرافقة والده الى مسجد الحي القريب من بيتهم ، وتأدية الصلوات في أوقاتها المعلومة مع الجماعة .. كان ملتزماً بتأدية فروض الصلاة والصيام ، على الوجه الأمثل .. ولندرة المصلين بين الأجيال الصغيرة في تلك الأيام، فقد أطلق عليه الجميع لقب "الشيخ عدنان" ..
يعمل الشيخ في شركة بناء كمدير لإحدى الورشات ،بينما يعمل أبو عدي ،في فرع آخر من فروع البناء، وهي "مواسرجي" بعاميتنا، وسمكري بعربيتنا.. يمد خطوط المياه في العمارات، ويلبي طلب المعارف والأصدقاء ، أيام العُطل ، فيقوم بتصليح تمديدات المياه في البيوت، بأجر قليل أو تطوعاً.
ويكون ذلك في أحد شهور رمضان .. وقلةٌ من الشباب تصوم ،تلك الأيام ... لأن غالبيتهم تعمل في فرع البناء الشاق ، وتسافر يوميا عشرات الكيلومترات من القرية الى المدينة اليهودية ذهابا وايابا.. فيدفعُ أغلبهم كفارة نقدية، ومن هؤلاء الشيخ عدنان الذي يدفع الكفارة ايضا، والتي تُعطى للفقراء حقا وحقيقة .. لكن أعضاء الحزب الشيوعي ، وبدون تدبير مسبق أو قرارات ملزمة ، يقررون مشاركة أهليهم وأحبائهم في الصوم ، فيصوم أحدهم يوما من رمضان تضامنا مع الصائمين ومنهم من يصوم أكثر من يوم ، ومنهم من لا "يتضامن" بتاتاً .. لكنهم جميعاً يتواجدون مع عائلاتهم على مائدة الإفطار الشهية والمليئة بكل ما لذّ وطاب ..
ويحتاج الشيخ الى صديقه لتصليح ورشة المياه في بيته ، ويلبي أبو عدي نداء صديقه ، فيحمل صندوق أدواته ويتوجه لبيت صديقه، ويكون ذلك في أحد نهارات رمضان .. فيطلب الشيخ من زوجته أن تُحضّر وجبة للصديق ..
- شكرا ...قالها أبو عدي.. وظن الشيخ بأن صديقه لا يريد أن يحرجه ويأكل أمامه ..
- لا عليك ..فأنا غير صائم .. قال الشيخ عدنان .. بسبب مشقة العمل كما تعلم..
- لكنني صائم .. أجابه أبو عدي ...
وبعد أن انهى التصليح، خرج الى الحارة والتقى بأحد أصدقائه ..
-من سيصدقني في الحارة ،إذا قلتُ بأنني اليوم صائم والشيخ عدنان مفطر ... لن يُصدقني أحد ..!! قالها وهو يقهقه عالياً بحيث ترددت أصداء قهقهته في أرجاء الحارة ..



#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزيران، رمضان والاستاذ افنان..!!
- توقف الذاكرة ..
- الجيل الثالث يقرأ.. في تل السمك .
- حقوق اللاجئين : مساهمة في الحوار مع الاستاذ عبدالله أبو شرخ.
- مفاهيم -عديدة- للثورة ..!!
- مبروك لكتاب وقراء الحوار المتمدن.
- بين العِظة والعَظَّة ..
- تداعي الذكريات ..!!
- دولة قومية ،إثنية وأرثوذكسية ..
- الدونكيشوتية في -محاربة- الأديان ..
- ذكرى الهولوكوست ..
- لا أراكم الله مكروها بعزيز ..
- ضيقٌ في الصدر .
- طبقتان عاملتان ..؟!
- ثقافة الثأر..
- أيها الموت، تباً لك ..!!
- شتائم نمطية ..
- غاندي الاسرائيلي ..
- شهر واحد يا استاذ أفنان؟!
- الحلم وشظاياه ..تداعيات على مقال الاستاذ افنان القاسم


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قاسم حسن محاجنة - الشيخ والسّكير..