أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا. ح2















المزيد.....

الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا. ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 17:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القضية المركزية التي يتبناها الدين ويحاول أن يرسم خطوات عملية وعلمية لتنفيذها لا تتعلق بالأداء الطقوسي ولا بالواجبات والمسائل الحسية إلا بالقدر الذي يوصل الإنسان لهذه الغاية، يا أيها الناس وهذا خطاب أشمل وأعم وأعظم من خطاب يا أيها المؤمنون (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)، في هذا النص أختصارا للرسالة وتعبير عن هوية الدين وغائية العبادة وما عدا ذلك مما وصلنا من أقوال وأراء وأفكار ذاتية في النص أو من خلال فهم الإنسان لها يدور في هذا المنحنى الوجودي وما يعني بالنهاية لحياة وديمومية البشرية.
حينما نقارن بفهمنا القصدي وما وراء النص من غايات ومرام ونستطلع الأحكام ذاتها بين صورتها الأصل والنموذج المطروح في داخلها من أفكار، وبين ما بين أيدينا من واقع فكري نجد التناقض صارخا وعجيبا وحتى مفاجئ للكثيرين من يعتقدون أن الدين ليس أكثر من عبادات وطقوس أولا، ومن ثم يأت النتاج بمراقبة النفس الإنسانية لهذا السلوك وتتحاشى مجبرة أن لا تتعارض مع مراقبة الرب لها، هذا النموذج من الفهم رؤية نفسية متضايقة ومحدودة تنطلق من روح مستعبدة خائفة وجبانة، أما الفهم الذي يرى أن الله قدم لنا خارطة طريق من خلال العقل والمنطق لنبني وجودنا مسترشدين بقانون الأصلحية والأخيرية لبلوغ السعادة الوجودية الكاملة باستعمار الوجود والتعارف، هذا الفهم يتطابق مع حقيقة الرب عندما يريد أن يضع الإنسان أمام عقله في أمتحان حر وبلا حدود مع الكثير من الوسائل الداعمة والمنشطة لخيار الحرية.
الواجبات والفروض والأحكام التي تأت بصفة الوعد الجميل وبأسلوب الإرشاد والنصح وتنتهي بعبارة الفلاح والصلاح والخير والتفكر والعقل، هي مجرد قضايا الهدف منها تدعيم السلوك الإيجابي للإنسان وحثه للتفاعل مع وجوده بأفضل صيغة وهي بالعموم صيغ جزئية وإجرائية، أما القضايا الكبرى والتي تحمل هم الدين وعظيم تفكيره كلها تقع في دائرة المنع والتحريم لأنها تحمي الوجود الإنساني أولا وتمهد للقضايا الأولى أن تتفاعل مع الواقع، وبذلك يسحب الله أو النص المعبر عن إرادته العنصر السلبي من الوجود البشري في محاولة لإعادة التوازن للأنا الإنسانية المجبولة على المزاحمة وليس على التشارك والتعاون ، لذا سميت أنا وتجردت بكل قوة من الــجامع الـــ (نحن) إلا في حدود ما تقهر به.
إن الخلط ما بين المبادئ والقيم الدينية العليا وأهداف أساسية وتصورات الرؤى المركزة، وبين كبيرات الواجبات الدينية وإحلال الثانية بدل الأولى في ترتيب الاهتمام الإنساني بمسائل الدين والإيمان به هو أول الانحرافات الفكرية التي غيرت مجرى العقيدة ووظفت قوة الأنا بدل أن توظف الأنا لخدمة الهدف الأساس من كونية الدين، أنا كحيادي بين الدين والإنسان أنظر لما يقال أن الدين واحدا من أسباب التخلف الفكري والتراجع القيمي في المنظومة العقلية والمعرفية الإنسانية، ما هو إلا أفتراء وتزييف للحقيقية لأننا نرمي بأخطائنا الكبرى ليس في الزاوية المناسبة ونعترف بفشلنا أن نفهم حقيقية حركة الوجود، بل نسعى لأتهام ما هو غير مسئول عن خيارتنا نحن فرد ومجموعة وتحميل الدين ما لا يحمل لا يحتمل أصلا.
لقد خلط الإنسان وتحت مبررات وأعذار وأوهام وحتى مقاصد منتخبة بين الفرض الطقوسي والواجب الديني وبين الحكمة منه وكأن النص هو المعبود وليس الغاية التي لأجلها يتعبد المؤمن، قضايا مثل الصوم والصلاة والزكاة ليست أعلى باليقين في أحقية تصدرها للمشهد الأهتمامي بالفكرة الدينية من مسائل العدل وحفظ الوجود والتعاون بين البشرية في مسائل أستعمار الأرض والإصلاح وحماية حق الإنسان من نوازع الشرور الطبيعية سواء كانت ذاتية أو من الخارج, تليها في الأهمية العبادات والمعاملات المنصوصة في الكتاب الديني، وكلما كانت الفئة الأولى طاغية في المجتمع وفاشية في تفكيره كلما كانت صور العبادات والألتزامات الدينية أقرب لمصاديقها الحقيقية.
الدين كأي منظومة فكرية بعيدا عن المنشأ والتفاصيل المتعلقة به لا ينبغي له أن يخضع في ترتيب مفاهيمه العامة والتفصيلية لمحددات خاصة ومنح هذه المحددات لاحقا صفة الجزئية من المنظومة العامة، يبقى الدين نصوص ومفاهيم وأفكار في وجوده مستقلا عن التدخل البشري، ويبقى التفسير والتأويل والتخريجات الفقهية والعقائدية مجرد مجهود وأجتهاد ذاتي بشري لا يمكن أن يخلط بينهما، لا على سبيل الإلحاق ولا على مثل الكل والجزء، وهذا بالضبط ما عانت وتعاني منه الأديان بصورة عامة وأذهب جوهرها لصالح التصورات الفردية التي تتحول مع مرور الزمن على أنها هي الدين كما يجب أو كما يفترض.
علينا إن كنا جادين في عملية استعادة وعينا الديني والبناء على الإيمان العقلي الجوهري بعيدا عن الزيف والزيغ الذي تراكم تأريخيا في العقل المتدين الطقوسي، أن نجنح في تتبعنا لمفردات التدين من أولا مصادرها الأصلية وثانيا محاكمتها وفقا للمنظومة القصدية العامة للدين، ولدينا في هذا مثل بسيط يبين لنا التحريف عن المقاصد الكلية للعبادة بأتجاه أراء يتبناه البعض، ففي رواية عمر بن العاص عن النبي محمد بشأن تعليم الصلاة للصغار ما يتناقض مع نص واضح وصريح وإن ورد لفظ الذرية عموما لا يعني فقط الصغار { مُرُوا أولادَكم بالصلاة وهم أَبناءُ سبع، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشْر، وفرِّقُوا بينهم في المضاجع}, في النص القرآني الثابت نجد أن الحديث هذا مجرد أختلاق وتعظيم ليس في محله للصلاة ﴿-;- رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾-;-, هناك فرق كبير بين دعاء نبي لله لأن يجعل من الذرية "مقيمة للصلاة" وبين همجية النص المنسوب لنبي.
الدين الذي يقمع حرية الطفل الغير مكتمل الوعي وإجباره على الخضوع إلى عالم لا يدركه بعقله ليس حريا على الإنسان العاقل أن يتمسك به، كذلك الفكرة الدينية التي تصر على تقديم الطقس في الأهمية والتقديم على رؤية وبناء شخصية الإنسان في مرحلة بناء ونمو، لا يمكن أبدا الوثوق بها والزعم بأنتسابها لنفس الفكرة التي تقول أن النبي يدع ربه لأن يجعل من ذريته أن تكون مقيمة للصلاة، وهنا الذرية لا تقتصر على الولد أو البنت في سن الطفولة وقد تجري على أجيال وأمم متعاقبة ومتسلسلة في وجودها، هذا التناقض واضح وجلي وبين لا يجب أن يترك يشغل مساحة مهمة من الأعتقاد بكونيته الدينية كما يزعم أنها جزء من التوجه المأمور به، وخاصة لمن أراد أن يستعيد الدين من لصوصية الكهنوت والفكر الأناني المغلق.
في بداية رحلة التعرف على الله من القريب وهو ليس بمجهول حقيقي في طبيعة الأمر، لا بد أن ندرك أن مثل هذه الرحلة تمثل نوعا من التحدي للعقل المصنوع وتحدي للقيم المصنعة وتحديا لواقع لا يريد أن يغير ويتغير عن تلك الصورة النمطية التي تركها الزمن في أذهان أجيال تسالمت على فكرة الرب والإله العبوس القمطرير، رحلة البحث هذه في صورتها الأصلية ليس عن وجود الله بل عن وجودنا نحن في فكرة الله عنا وعن كامل الصورة الكونية بعمقها وعرضها وطولها، إنها محاولة للإجابة عن كم من الأسئلة الطائرة في عالمي العقل والمعرفة دون أن تجد من يقول لها قري وأستقري.
وأيضا علينا عندما نبدأ أن نضع نصب أعيننا أن الدين شيء والله والوجود والإنسان أشياء أخرى، الدين فكر ومعرفة وتجربة إنسانية ببعدها كأسلوب في الحياة وكنتائج يراد لها أن تتبلور بالشكل والصورة والأهم بالجوهر والهدف، الجوهرية والنتائج البعيدة دوما هي الغائيات الأساسية وما الصور والأشكال والمظاهر والظواهر إلا دلالات حسية هدفها تنبيه الإنسان لوجود قضايا وإشكاليات ومواضيع مهمة بحاجة إلى فهم.
العبادات الدينية والواجبات والفروض ليست مطلوبة لذاتها لندلل بها أننا مؤمنون بالدين، بل أن بعض هذه المسميات تفقد قيمتها الإعتبارية حينما تؤدى دون رابط بالفكرة المجردة والنتيجة المأمولة، هنا لا بد أن نقول وبكل صراحة أن التعبد الصوري وإن كان مستمرا ومتواصلا ومن يزعم بأنه خالص لوجه المعبود هو في الحقيقة أحتيال على أمر الله أو بالأقل جهل مركب بحقيقة الرب المعبود وبحقيقة ما جاء به الدين، سواء أكان الأمر جهلا أو أحتيالا أو قفزا على حقيقة الدين والتدين لا بد له من معالجة تعيد نصاب الأمور إلى غائيتها الكبرى دون أن ننكر أن البساطة أحيانا والتساهل في الأداء لا يعني الخروج عن جوهرية الدين وما يتبعه من تدين طالما جوهر القضية يحتل في العقل مساره الطبيعي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا.
- صورة الإنسان المزدوجة.... في الفهم الديني
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح2
- وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين ح1
- قضية رأي في التفكر والجنون ح2
- قضية رأي في التفكر والجنون
- فكرة الدين والوجود تناقض أو صورة ناقصة؟.
- تنبؤات مجنونة من طفولة عاقلة
- الفكرة المهدوية وغياب رؤية النهاية
- الإرهاب بطريق الوهم
- مكابدات الحزن والفرح في وطن حزين
- آينشتاين النبي ..... مفهوم العقل في العقل
- العمل السياسي في العراق بين المهنية والتلقائية
- العشوائيات السكانية .... القنبلة التي تهدد الأمن الأجتماعي
- القبانجي الليبرالي بزي السلفيين
- العقل في دائرة الروح
- أكاذيب حول موقف الإسلام من المرأة _ الإمامة مثالا.
- الناس على دين ملوكها.
- حكاية الأربعاء
- بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير ...


المزيد.....




- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الواجب والحكم الديني الأمر وقضية الإنسان أولا. ح2