أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - مفهوم العذراوية المريمية















المزيد.....



مفهوم العذراوية المريمية


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 03:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقدمة: لم أجد فى القواميس العربية ما يشير الى كلمة "عذراوية" التى إستخدمها فى هذا المقال لأدلل بها على "مفهوم" أو "concept" (perception) أو (conception) خاص يتعلق فقط بالتعريف الذى ضمنته فى المقال. اما فى القواميس العربية وجدت كلمة "عُذريّة" و تعريفها حسب قاموس المعانى هو: " اسم منسوبٌ إلى بني عُذْرة ، وهي قبيلة حجازيّة اشتهرت بالحبّ العفيف و يُقال شاعرٌ عُذْريّ عفيف ، طاهر ، مثاليّ ، لا أثَرَ للشَّهوة فيه." إنتهى تعريف القاموس. و ربما يصلح أن نقول أن هناك "حب عذرى" لكى يعنى طهارة العلاقة بين طرفين و أى كانت "العذرية" فهى تفترض وجود شخصين فى علاقة حب غير مُتَمم (unconsummated). أما "العذراوية" فهى حالة فريدة فردية مستقلة تتعلق بشخص بذاته و لذلك لا يصلح أن نقول أن هناك "حب عذراوى"، لأن الحب لا يمكن أن يكون حالة فردية حتى لو كان من طرف واحد. و بالتالى فإن "العذراوية" لا تعنى طهارة العلاقة الحبية بين شخصين و لكنها تعنى طهارة و عفة الشخص نفسه على نحو ما سنرى فى المقال.

و فى نفس الوقت حافظت على صحة طريقة إشتقاق الكلمات فى اللغة العربية. فكلمة "صحراء" هى نفس وزن كلمة "عذراء" فكلاهما على وزن "فعلاء". و بالتالى يمكن إشتقاق "المفهوم" (concept) من كلمة صحراء ليكون "صحراوية" و يقال أن فلاناً عانى من صحراوية الفكر على سبيل المجاز. و بالتالى يمكن إشتقاق المفهوم (concept) من كلمة عذراء ليكون "عذراوية" لكى نعنى به المفهوم الذى يتعلق بأمكانية أن يتخذ الميتافيزيقى المجرد (abstract) صورة المحسوس (concrete) و هل يمكن الحمل به و ولادته ولادة بشرية دون أن تتأثر عذراوية الحامل ثم الوالدة ؟

رغم عدم وجود سابقة – بل و أنه من المستحيل إستحالة مطلقة – إنجاب أبناء سويين طبيعيين – و بالتشديد و التركيز على عبارة سويين طبيعيين – بدون تزاوج أو بدون لقاء جنسي (sexual intercourse) أو – للدقة – بدون تلقيح بويضة الأنثى بحيوان منوى (sperm) لذكر كوسيلة للإنجاب فى الفقريات و الثدئيات و خاصة فى الإنسان، فبالرغم من هذا، فأن المسيح ولد بدون أب بشرى (human biological father) أى بدون زرع بشر (حسب إيمان المسيحيين و المسلمين) و أن جميع النصوص الدينية سواءاً مسيحية أو إسلامية تشهد بعفة (chastity) و طهارة (limpidness/purity) أمه السيدة مريم و تشهد بعصمتها (infallibility/inerrancy) من حرمة الزنى (adultery/fornication) إطلاقاً و بالتالى فإن حملها بالمسيح لم يكن حسب قانون الطبيعة و لم يكن حسب ما سنه الإله فى قانون أو طريقة التكاثر فى الكائنات الحية حسب تصنيفها سواءاً كان ذلك فى المملكة الحيوانية أو حتى فى المملكة النباتية.

أما بالنسبة للعلماء و الباحثين و الملحدين فإن بعضهم يشكك فى تأريخية شخصية المسيح أصلاً، و يرى البعض الاَخر أن قصة ولادة العذراء للمسيح هى مجرد إسطورة كأى أسطورة لا يمكن أن تحدث فى الواقع؛ و هناك فريق منهم يعترف بوجودية شخص المسيح و لكنهم يفسرون حمل السيدة العذراء به بما يُسمى بالحمل العذراوى (virginal conception) أو الحمل الطاهر (immaculate conception) أو ما يُسمى بالتكاثر العذراوى (Parthenogenetic reproduction) الذى يمكن حدوثة – دون أن يُلاحظ – بدون تلقيح بويضة الأنثى بحيوان منوى لذكر (sperm) ذلك أن البويضة تنقسم من ذاتها فى طفرة (mutation) نادرة الحدوث و لكن نتيجة هذه الطفرة فإن الجنين لا يحمل الا جينات أمه (الأنثى) و من ثم فلابد أن يكون هذا الجنين أنثي (Balfour-Lynn, S. 1956.) و (Beatty, R. A. 1967).

كما أن الحمل يمكن حدوثه حتى لو لم يكن هناك إتصال جنسى مباشر (-dir-ect sexual intercourse) بين رجل و إمرأة و لكن بوصول الحيوان المنوى الى بويضة الأنثى بطريقة ما أو فى ظروف ما غير الإتصال الجنسى المباشر (-dir-ect sexual intercourse) و من ثم لا يمكن توصيف مثل هكذا حمل على أنه حملاً عذراوياً إذا ما تم إخصاب أو تخصيب بويضة الأنثى بحيوان منوى لذكر (sperm). أما النصوص الدينية سواءاً كانت مسيحية أو إسلامية تشهد بعفة (celibacy/chastity) و بطهارة مريم العذراء و عدم إقترافها لأى فعل أو سلوك يجعلها عُرضة لأى من هذه الظروف و بالتالى فإنها لم يعرف عنها إتيان أى سلوكيات أو تصرفات يمكن أن تكون محط أنظار الإستهجان من تابعى الديانتين المسيحية أو الإسلامية أو حتى تابعى الديانة اليهودية الذين يعتبرون المسيح أنساناً طبيعى الحمل به و طبيعى الميلاد لأنهم ينسبونه الى يوسف النجار و لكن لا يعترفون حتى بكون المسيح نبياً.

و مفهوم العذراوية (virginity) أو البتولية (celibacy) و العفة (chastity) فى الإيمان المسيحى يشمل العذراوية و البتولية و العفة المادية أو الجسدية (bodily/physical/corporal) و يشمل أيضاً العذراوية و البتولية و العفة العقلية و الفكرية (mental/cerebral/ ideational). أى أن العذراوية تعنى بإختصار شديد طهارة الجسد و عفته من الوقوع فى أو إرتكاب أى فعل أو أى سلوك لإشباع الغريزة الجنسية أو لإطفاء شهوتها جنباً الى جنب مع طهارة العقل و النفس من مجرد التفكير في إشباع هذه الغريزة؛ و عليه لم يعد مفهوم العذراوية مقصوراً على الأنثى من البشر بل أمتد ليشمل الرجل أيضاً. فعذراوية الرجل – الذكر– لها نفس معنى عذراوية الأنثى، و تعنى إمتناع الرجل عن ممارسة أى تفكير أو أى فعل من شأنه أن يتعلق بـ أو يهدف الى إشباع غريزته الجنسية. و من ثم يكون الزواج المُتَمم (consummated) مُنهياً لحالة العذراوية. و الزواج المُتَمم يعنى إتمام العلاقة أو الزواج بممارسة اللقاء الجنسى (sexual intercourse).

و يرى الكثيرون أن مثل هكذا عذراوية هى درب من الخيال أو درب من المستحيل خاصةً إذا ما كان الإنسان سوياً و طبيعياً فى النمو الجسدى و النفسى؛ ذلك أن إكتمال نمو الأعضاء التناسلية فى الإنسان يتبعه القيام بعملها الغريزى للتناسل و الحفاظ على النوع و من ثم فإن إفرازات الغدد الجنسية و المثيرات الجنسية ترسل إشارات للمخ الذى بدوره يرسل إشارات للغدد الجنسية لتقوم بتحفيز الأعضاء الجنسية الخارجية فتهيئ الطرفين – الذكر و الأنثى – لإتمام اللقاء الجنسى (sexual intercourse) بينهما. إلا أن الأعضاء الجسدية و الغدد الجنسية و المثيرات الجنسية ليست هى و حدها المحفز لممارسة الجنس بل هناك العوامل البيئية (environmental) و الإجتماعية (social) و المجتمعية (societal) و الثقافية (cultural) و النفسية (psychological) و العقلية (mental) و الفكرية (intellectual) الأخرى التى تلعب دوراً أساسياً فى النشاط الجنسى للإنسان؛ يُضاف الى ذلك أن مفهوم الجنس و محفزاته (stimuli) قد يختلف من شخص الى اَخر؛ و يختلف من الرجل عن المرأة، و بالتالى فإن دوافع و محفزات الجنس عند الرجل تختلف عنها عند المرأة.

و بالتركيز على "العذراوية" فأننا نجد أنه مع مرور الزمن و تنوع الثقافات و تجزر الثقافة الذكورية فقد إنحصر مفهوم العذراوية أو العذرية (virginity) فقط فى غشاء البكارة (hymen) عند المرأة ؛ و أصبح غشاء البكارة – و ليس أى شيئ اَخر – هو الذى يحدد و يدلل على "عذراوية" المرأة بل و يحدد قيمة المرأة حتى المادية، فمهر المرأة الثيب – على سبيل المثال – لا يتساوى مع مهر البكر. فلو تزوج رجلُ (شرقى) إمرأةً (شرقية) على أنها عذراء ثم إكتشف عدم وجود مجرد دم كعاقبة أو نتيجة لغزوته الميمونة لفتح روما – أستميحكم عفواً – فالقصد فض غشاء بكارتها تقوم الدنيا و لا تقعد لأن أمير المؤمنين الفاتح بأمر الله إكتشف أن الأرض التى دخلها قد وطأها أحد من قبله.

انظر هذا الرابط:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_fatwa.php?main_id=411
و أنظر هذا الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=ukvvCR5aQnc
و انظر هذا الرابط:
http://www.shakwmakw.com/vb/showthread.php?t=117559

و السؤال هنا: هل البيئة (environment) و المجتمع (society) و الثقافة (culture) و النفسية (psychology) و العقلية (mentality) و العقلانية (intellectuality) التى كانت تعيش فيها مريم تؤهلها لعذراوية العقل و الفكر و الجسد؟

لا توجد أى مصادر تخبرنا عن ميلاد العذراء مريم و طفولتها غير مصادر الكتابات المخفية التى يُطلق عليها "أبوكريفيا العهد الجديد" التى قام بترجمتها الى اللغة العربية دكتور إبراهيم سالم الطرزى (الطبعة الأولى: رقم الإيداع 3577/2001) والتى إعتمد فى ترجمته على نص "تشيندروف". ففى "إنجيل البداية ليعقوب" نتعرف على "يواقيم" على أنه مسجل فى أسباط إسرائيل الإثنى عشر و هو رجل ثرى جداً كما نتعرف أيضاً على زوجته "حنة". فلما جاء "يواقيم" بتقدماته الى الهيكل أرجأه "روابين" – الذى ربما يكون أحد الكهنة المنوط بهم تسلم التقدمات من الشعب – لكون يواقيم لم ينجب ذرية فى إسرائيل. فحزن يواقيم حزناً شديداً و لم يعد الى بيته بل إنسحب الى البرية و نصب خيمة منقطعاً للصلاة و الصوم لمدة أربعين يوماُ و أربعين ليلة. و حزنت "حنة" زوجته حزناً عظيماً، و لبست ثياب الحِداد و كانت ترثى نفسها لفقدها الزوج و لعدم الإنجاب. و حتى عندما أرادت خادمتها "يهوديت" أن تعطيها عصابة الرأس (غطاء الرأس) كمشاركة وجدانية لها رفضته حنة قائلة لها: "إرحلى عنى، لأننى لم أفعل تلك الأشياء، فالرب قد حقرنى جداً. و أخاف أن شخصاً شريراً قد أعطاها لك، فأتيت لتجعلينى أشاركك خطاياك!" فما كان من "يهوديت" الخادمة إلا أنها عيّرت سيدتها بعدم الإنجاب.

فحزنت حِنة و لكن رغم حزنها قررت أن تنزع عنها ثياب حِدادِها و غسلت رأسها و لبست ثياب زفافها، و نزلت الى حديقة منزلها و جلست تحت شجرة الغار تناجى ربها تارة، و تصلى تارة، و ترثى نفسها تارة أخرى حتى رأت ملاك الرب الذى بشرها بالحمل قائلاً: "حِنة، حِنة، لقد سمع الرب صلاتك، فأنت تحبلين و تلدين و نسلك يُحكى عنه فى كل العالم." فما كان من حِنة إلا أن نذرت ما سوف تنجبه كعطية للرب "ليخدمه فى المقدسات كل أيام حياته". و بعد ذلك أتى ملاكان الى حِنة ليخبراها بعودة زوجها يواقيم. فقد ظهر له أيضاً ملاك الرب و أخبره أن يعود الى بيته و زوجته، و أن زوجته سوف تحبل. و لما عاد يواقيم الى بيته فرحت زوجته حِنة و أستقبلته بعناق حار؛ و أمر يواقيم رعاته بأن يحضروا له عشر نعاج "نعجات" لتكون للرب، و عشرة عجول للكهنة و الشيوخ، و مائة ماعز لكل الشعب.

و بعد ولادة حنة لمريم و بلوغ الطفلة من العمر ستة أشهر أقسمت أمها أن لا تسير مريم على الأرض حتى تسلمها الى "هيكل الرب". فصنعت الأم للطفلة محراباً فى حجرة نومها و "لم تسمح بأى شيئ عادى أو غير طاهر أن يمر عليها." و أحضرت لها "بنات عبرانيات طاهرات" ليخدمنها. و لما بلغت الطفلة عامها الأول، قام أبوها بعمل مأدبة فخمة دعى اليها الكهنة و الكتبة و الشيوخ و جميع شعب أسرائيل. و أحضر يواقيم الطفلة الى الكهنة ليباركوها؛ بل لم يكتف يواقيم بمباركة الكهنة لها بل أحضرها الى رؤساء الكهنة أيضاً ليباركوها. و لما بلغت الطفلة مريم عامها الثالث سلمها والداها الى الهيكل فكانت "كاليمامة" هناك و كانت "تتناول طعامها من يد ملاك".

و لما بلغت مريم الثانية عشر من عمرها (سن البلوغ و الحيض)، تخوف الكهنة من أن مريم تدنس "محراب الرب" فذهبوا الى رئيسهم (رئيس الكهنة كان زكريا فى ذلك الوقت) و طلبوا منه أن يدخل الى المحراب المقدس و يصلى من أجلها. و أثناء صلاته داخل المحراب ظهر له ملاك الرب و أمره أن يجمع أرامل الرجال و كل واحد يأتى بعصاته و الذى يأتيه الرب بعلامة يكون زوجاً لمريم. و فعل زكريا ما أمره به الملاك و جمع عصى الرجال الذين حضروا و دخل بها الى الهيكل و صلى ثم خرج و أعطى كل واحد عصاه. و إذ بيمامة تخرج من عصا يوسف و ترفرف فوق رأسه. و لكن يوسف رفض أن يستلم الفتاة متعللاً بكونه شيخاً و له أبناء و خوفه من أن يصبح أضحوكة فى إسرائيل. فأنذره الكاهن إن لم يستلمها فسوف يحدث له ما حدث لداسان و أبيرام و كوراه الذين إنشقت الأرض و إبتلعتهم لمخالفتهم الرب. فخاف يوسف و أخذ مريم فى وصايته.

هذه هى قصة طفولة مريم العذراء كما يرويها أبوكريفيا إنجيل البداية ليعقوب من الأصحاح الأول حتى الأصحاح التاسع. أما شهادة النص القراَنى بعفة و طهارة السيدة مريم و تكريمه لها يظهر جلياً فى إفراد سورة رقم 19 كاملة بإسمها (سورة مريم)؛ بل أنه أفرد لها سورة أخرى و سُميت على إسم عائلتها و هى سورة رقم 3 (سورة اَل عمران). كما نجدها فى اَيات كثيرة فى سور متفرقة. فقد ذكر القراَن اسم "مريم" صريحاً حوالى أربعاً و ثلاثين مرة دون أن يذكر أسماء غيرها من النساء صراحة.

و يبدو أن القراَن أستوحى قصة ولادة مريم و طفولتها من إنجيل البداية ليعقوب. فكل منهما يعطي مفهوماً (concept) لطفولة السيدة مريم و عذراويتها يكاد يكون متطابقاً. و بصفة عامة فإن النصوص القراَنية تقر مكانة عظيمة للسيدة مريم العذراء لم تقرها لإمرأة من قبلها أو بعدها. ففى سورة اَل عمران اَية 35 (إِذْ قَالَتْ اْمرَأةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِيْ بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ). و من الاَية نعلم أن والدة مريم إمرأة عمران (و هى تقابل حِنة إمرأة يواقيم) قد نذرتها الى الإله قبل أن تُولد و هذا يعنى أن مريم خُصت للإله فهى له و هو كفيلها و من ثم فإن طريقة و زواجها أو طريقة و بتوليتها هى من إختصاص الإله يحددها و يصيغها كيفما يشاء. و لما و ضعتها أمها أسمتها مريم و هو أسم معروف فى بنى إسرائيل تسمت به مريم إبنة عمرام و يوكابد زوجته و مريم بنت عمرام/يوكابد هى أخت موسى و هارون. و فى نفس سورة اَل عمران اَية 37 نقرأ أن الإله تعهد السيدة مريم منذ طفولتها بأنه أحسن قبولها و أحسن نبتها: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً)، بل أن الملائكة قد كفلوا مريم قبل أن يكفلها زكريا فكانوا حتى يحضرون الطعام لها فى إنقطاعها عن العالم و خدمتها للرب فى الهيكل: "37 وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ." (سورة اَل عمران اَية 37). و لقد ذكر القراَن إصطفاء و تفضيل مريم ليس فقط دون نساء جيلها أو المعاصرات لها بل دون عن جميع نساء العالمين، و لِما لا و هى نذيرة له من البطن و حتى قبل أن يُحمل بها فى البطن لدرجة أن الاَية 42 من سورة اَل عمران تقر بطهارة مريم و تؤكد على إصطفاء الإله و إختياره لها بمخاطبة الملائكة إياها مباشرة و بتكرار عبارة (إصطفاكِ) مرتين: (يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اْصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاْصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينْ). و الفعل "إصطفى" يعنى الإنتقاء الدقيق و الإختيار و التفضيل و الفعل "طّهر" يعنى النقاء من النجاسة و العيب و الأوساخ و الأدران كما يعنى البراءة من كل ما يشين بالإضافة الى ذلك فأن الاَية تدل على أن مريم محدثة تكلمها الملائكة و هي تسمع كلامهم. "و من قول الملائكة لمريم: إن الله اصطفاك و طهرك إخبار لها بما لها عند الله سبحانه من الكرامة و المنزلة و تطهيرها يعنى اعتصامها بعصمة الله فهي مصطفاة معصومة ." (الميزان فى تفسير القراَن). و فى سورة التحريم رقم 66 و فى الاَية رقم 12 يقر النص بأن مريم شريفة طاهرة عفيفة فقد أحصنت فرجها و حافظت على عِرضها و أطاعت ربها فكانت من القانتين و بذلك تكون مريم هى الوحيدة التى إستحقت أن ينفخ الإله فى فرجها من روحه فقال عنها: (التيْ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيْهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ). و فى الاَية 43 من سورة اَل عمران: "يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" و القنوت هو لزوم الطاعة عن خضوع على ما قيل.

و تؤكد أحاديث نبى الإسلام على عصمة مريم من وخزة الشيطان عند ولادتها حيث أورد الشيخان (البخارى و مسلم فى صحيحيهما) حديثاً عن أبى هريرة عن النبى:"ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها." و هذا يعنى أن مريم معصومة من وخزة الشيطان الأولى لبنى اَدم. و بناءاً على عصمة جسدها فتكون روحها و عقلها أيضاَ معصومين من كل فكر لا يتناسب مع جلال الله.

و قد جاء فى السنة أيضاً ما يؤيد أفضليه مريم على نساء العالمين قاطبة الى قيام الساعة؛ ففى حديث عن أنس بن مالك – و صححه الترمزى و الحاكم و غيرهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمد، و اَسية إمرأة فرعون."

و قال الحافظ إبن كثير فى مؤلفه (البداية و النهاية) و كذلك قال أبو القاسم البغوى: حدثنا وهب بن منبه، حدثنا خالد بن عبد الله الواسطى، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن عائشة أنها قالت لفاطمة تسألها: أرأيت حين أكببت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبكيت ثم ضحكت؟ قالت فاطمة: "أخبرنى أنه ميت من وجعه هذا فبكيت، ثم أكببتُ عليه فأخبرنى أنى أسرع أهله لحوقاً به، و أنى سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت." كما يؤيد هذا الحديث ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن محمد، ثنا جرير عن يزيد هو إبن أبى زياد، عن عبد الرحمن بن أبى نُعْم، عن أبى سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما كان من مريم بنت عمران."

و المقصود هنا – كما جاء فى موقع الرئاسة للبحوث و الإفتاء للمملكة العربية السعودية – "أن هذا يدل على أن مريم و فاطمة أفضل هذه الأربع ثم يحتمل الإستثناء أن تكون مريم أفضل من فاطمة، و يُحتمل أن يكونا على السواء فى الفضيلة." و يستدرك موقع الرئاسة للبحوث و الإفتاء للمملكة العربية السعودية كلامه فيقول: "لكن ورد حدبث إن صح عَيِّن الإحتمال الأول – أى أن تكون مريم أفضل من فاطمة – فقد قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: أنبأنا أبو الحسن بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا أحمد بن سليمان ، ثنا الزبير هو ابن بكار ، ثنا محمد بن الحسن ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ، ثم فاطمة ، ثم خديجة ، ثم آسية إمرأة فرعون." ثم يخلص الموقع الى أن "أن مريم عليها السلام هي أفضل النساء مطلقًا، فالآية على عمومها، إلا في حق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيها الاحتمالان: إما أن تكون مريم أفضل، وإما أن يكونا على السواء."

وقد روى الطبراني بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران، فاطمة، وخديجة، وآسية امرأة فرعون." و الحديث عن جابر و كل الأحاديث التى تقدم مريم و ترفعها و تجلها و تعظمها على كل نساء العالمين يتسق مع ما ورد فى النص القراَنى من إصطفاء الله لها و تطهيره إياها دون جميع نساء العالمين (سورة اَل عمران الاَية 42) و يتسق أيضاً مع ما جاء فى (سورة التحريم الاَية 12) من حيث تمسكها بعفتها و طهارتها و بكوريتها و قنوتها، و بذلك كانت هى الوحيدة التى إستحقت أن ينفخ الله فى فرجها من روحه و لم يثبت أبداً أن الله نفخ من روحه فى فرج إمرأة قبل أو بعد نفخه فى فرج مريم. فإذا كان الله بذاته قد نفخ فى فرج إمرأة فهذا يعنى أن للمرأة مكانة لا تدانيها إمرأة أخرى.

هذا و قد كان لطهارة مريم و عفتها و بكوريتها و بكارتها و قنوتها و إصطفاء الله لها دون جميع نساء العالمين وقع فى نفس رسول الإسلام جعله يقول فى أحد أحاديثه بزواجه من مريم فى الجنة. فقد أخرج إبن السنى حديثاً عن عائشة أن النبى قال لها: "يا عائشة إن الله زوجني مريم بنت عمران و آسيا بنت مزاحم في الجنة." وفي معجم الطبراني الكبير عن سعد بن جنادة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون و أخت موسى ."

و لكن لماذا أخبر محمد زوجته عائشة أن الله زوجه مريم كما جاء فى الحديث الذى أخرجه إبن السنى عن عائشة أن رسول الله قال لها: "يا عائشة إن الله زوجني مريم بنت عمران و آسيا بنت مزاحم في الجنة." و كما جاء في معجم الطبراني الكبير عن سعد بن جنادة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون و أخت موسى ." و لماذا يصر رسول الإسلام على أن الله زوجه فى الجنة و ليس فى مكان اَخر معلوم؟ و الإجابة فى مؤلف الطبرى "جامع البيان فى تفسير القراَن" فى تفسيره الاَية رقم 5 من سورة التحريم و التى بها يؤيد الشارحون و المفسرون حديث الرسول الخاص بزواجه من مريم بنت عمران وامرأة فرعون و أخت موسى.

وأخرج الحاكم النيسابورى فى مؤلفه المستدرك على الصحيحين: كتاب معرفة الصحابة رضى الله عنهم باب ذكر الصحابيات من أزواج رسول الله : رقم الحديث: "6762 أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، ثنا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ ، ثنا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ ، ثناإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ أَتَى عَائِشَةَ ، وَآخَرَ مَعَهُ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ ، لأَحَدِهِمَا : أَسَمِعْتَ حَدِيثَ حَفْصَةَ يَا فُلانُ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ : وَمَا ذَاكَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَتْ : " خِلالٌ لِي تِسْعٌ لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ قَبْلِي ، إِلا مَا أَتَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ ، وَاللَّهِ مَا أَقُولُ هَذَا إِنِّي أَفْخَرُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ صَوَاحِبَاتِي ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ : وَمَا هُنَّ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَتْ : جَاءَ الْمَلَكُ بِصُورَتِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، فَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنَةُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَأُهْدِيتُ إِلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ ، وَتَزَوَّجَنِي بِكْرًا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ، وَكَانَ يَأْتِيِهِ الْوَحْيُ وَأَنَا وَهُوَ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ ، وَكُنْتُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيْهِ ، وَنَزَلَ فِيَّ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَادَتِ الأُمَّةُ تَهْلِكُ فِيهِ ، وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرِي ، وَقُبِضَ فِي بَيْتِي لَمْ يَلِهِ أَحَدٌ غَيْرُ الْمَلَكِ إِلا أَنَا " ، هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

و حتى لا يتوه القارئ فى متاهات الصياغة و العنعنة و الأسماء و يحتاج الشرح الى شرح و التفسير الى تفسير نقول هنا أن عائشة تختص فى علاقتها بالرسول بتسع خصائص أو مميزات لذاتها و لا توجد هذه الخصائص أو المميزات فى أو لأى من زوجات الرسول غير عائشة. هذه الخصائص أو المميزات تشمل: 1- الملك "جبريل" جاء بصورة عائشة للرسول، 2- تزوجها الرسول و عمرها سبع سنوات 3- أُهديت له (أى بنى بها) عندما بلغت تسع سنوات، 4- و كانت بكراً (عذراء)، 5- و كان الوحى ينزل على الرسول و هما فى لحاف واحد، 6- كانت أحب الناس الى الرسول، 7- و نزلت فيها اَيات لولاها لهلكت الأمة، 8- رأت جبريل، 9- مات الرسول عندها فكانت أول من يتولى أمره بعد الملك (عزرائيل). هذه الخصائص و المميزات لم تتمتع أى زوجة للرسول بهن مجتمعين غير عائشة. و لكن عائشة لها رأى اَخر؛ فهى تقول: " خِلالٌ لِي تِسْعٌ لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ قَبْلِي،" و هى تقصد بـ"النساء" ضرائرها زوجات الرسول الأخريات ثم تستثنى مريم من نساء الرسول اللائى لا يملكن ما تملك عائشة من خصائص و مميزات فى قولها: "إِلا مَا أَتَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ" ؛ أى أن مريم هى إحدى زوجات الرسول التى أتاها الله مميزات و خصاشص مثل عائشة. و لا يوجد لمريم أى ميزة من الميزات التسع تشترك فيها مع عائشة غير واحدة فقط و هى العذراوية أو البكارة. و لكن بكارة عائشة فضها الرسول و لكن مريم ما زالت ببكارتها و عذرويتها حتى بعد موتها.

و تنص الاَية 5 من سورة التحريم على أن الله سيعطى محمداً أزواجاً أو زوجات خيراً مما معه الان ذلك أن زوجاته قد تظاهرن عليه أى أمتنعن عنه: "عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا." و يقول الطبرى فى تفسيره: "يقول تعالى ذكره: عسى ربّ محمد إن طلقكنّ يا معشر أزواج محمد صلى الله عليه وسلم أن يبدله منكنّ أزواجاً خيراً منكن. وقيل: إن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذيراً من الله نساءه لما اجتمعن عليه في الغيرة." و السبب فى إجتماعهن ضده كما يقول الطبرى فى تفسيره "جامع البيان فى تفسير القراَن" أن الرسول جامع ماريا القبطية جاريته فى بيت زوجته حفصة بنت عمر أثناء عدم تواجد الأخيرة فى البيت؛ فلما وصلت حفصة و رأتهما قالت له مستنكرة فعلته: "أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي؟" و فى رواية أخرى عن يونس، عن ابن وهب، عن ابن زيد أن حفصة قالت لمحمد " يا رسول الله أنى كان هذا الأمر، وكنتُ أهونهنّ عليك؟" فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسْكُتي لا تَذْكُرِي هَذَا لأَحَدٍ، هِيَ عَليَّ حَرَامٌ إنْ قَرُبْتُها بَعْدَ هَذَا أبَداً " فقالت: يا رسول الله وكيف تحرم عليك ما أحلّ الله لك حين تقول: هي عليّ حرام أبداً؟ فقال: وَاللَّهِ لا آتيها أبَداً، فقال الله: "يا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ماأحَلَّ اللَّهُ لَكَ ..."

و فى رواية أخرى تقول خبرنا محمد بن منصور الطوسي أخبرنا علي بن عمر بن مهدي أخبرنا الحسين بن إسماعيل العاملي أخبرنا عبد الله بن شبيب قال: حدثني إسحاق بن محمد أخبرنا عبد الله بن عمر قال حدثني أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله عن علي بن عباس عن ابن عباس عن عمر قال: دخل رسول الله بأم ولده مارية في بيت حفصة فوجدته حفصة معها فقالت: لم تدخلها بيتي ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك فقال لها: لا تذكري هذا لعائشة. هي علي حرام إن قربتها قالت حفصة: وكيف تحرم عليك وهي جاريتك فحلف لها لا يقربها وقال لها: لا تذكريه لأحد فذكرته لعائشة فأبى أن يدخل على نسائه شهراً واعتزلهن تسعاً وعشرين ليلة فأنزل الله تبارك وتعالى "لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ..." الآية

لقد كانت عائشة هى من تقود نساء الرسول ضده فى كل سلوك أو تصرف يأتيه محمد و يكون محط إستهجان منها. و رغم أن عائشة إنضمت الى حفصة فى مواقعة الرسول لماريا فى بيتها إلا إنها جمعت نساء الرسول ضده عندما كان يمكث عند حفصة مدة أطول لأنها كانت تقدم له الحلوى و العسل الذى يحبه. ففى صحيح البخارى فى كتاب الطلاق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرت فسألت عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة، فقلت: أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة: إنه سيدنو منك، فإذا دنا منك فقولي: أكلت مغافير؟ فإنه سيقول ذلك لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد؟ فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي: جرست نحله العرفط، وسأقول ذلك، وقولي أنت له يا صفية ذلك، قالت تقول سودة: والله ما هو إلا أن قام على الباب، فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقا منك، فلما دنا منها قالت له: سودة يا رسول الله، أكلت مغافير؟ قال: لا، قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل، قالت: جرست نحله العرفط، فلما دار إلي قلت نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي فيه، قالت تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلت لها: اسكتي.

و النتيجة التى نتوصل اليها الاَن أن الرسول عندما أفضى لعائشة بأن الله زوجه مريم كان يهدف الى غرضين: أولهما أن يشعرها – لا نقول بدونيتها – بأنها ليست هى أفضل زوجاته بل هناك من هى أفضل منها و من جميع نساء العالمين و التى زوجه بها الله و هى مريم. و الغرض الثانى هو لكى يخفف من حدة تفاخر و تباهى عائشة عليه و على زوجاته الأخريات بكونها الوحيدة البكر و الأصغر بين زوجاته بما لهذا من معنى أن الرسول يتزوج نساء من فضلة رجال اَخرين. و أخيراً فأن حادثة أكل المغافير و التى تظاهرت فيها عائشة و سودة بنت زمعة و صفية بأنهن لا يطقن رائحة أنفاسه كان لها وقع شديد القسوة و التأثير على نفسية الرسول لدرجة أنه أقلع عن شرب العسل.

و السؤال: هل يتجرأ الرسول أن يتزوج إمرأة نفخ الله من روحه فى فرجها فقدسها أيما تقديس؟ و إذا كان للمؤمن المسلم العادى مئات الحوريات فى الجنة فكم بالأحرى من حوريات لرسول الأسلام؟ و مع ذلك لا يكتفى رسول الإسلام باَلاف الحوريات و زوجاته و ملكات يمينه من الدنيا و يريد أن يغتصب نذيرة الله مريم. ألا يُعتبر هذا تعدى على حق الله من رسوله الكريم؟؟
دمتم بخير
رمسيس حنا



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العقل فى معجزات شفاء المرضى
- فاطمة ناعوت: رسالة
- نرجسية الإنسان فى النصوص الدينية
- نرجسية الأنسان فى النصوص الدينية
- النرجسية الموسوية
- مقدمة فى النرجسية الدينية
- تأصيل النرجسية (Narcissism) فى تطور السلوك الإنسانى
- النرجسية (Narcissism) أو أضطرابات الشخصية النرجسية (NPD)
- إسطورة صَّدَى و نارسيسس (Echo and Narcissus)
- السامى اللبيب يكشف عن عقدة كراهية المرأة (Misogyny)
- من الذى يدفع الثمن؟ فورة الغضب
- السامى اللبيب و التأصيل العلمى و النفسى لثقافة الأديان السال ...
- من الذى يدفع الثمن؟ 2 -الإكذوبة الكبرى-
- من الذى يدفع الثمن؟ 1
- من هو الله الذى يدحض وجوده السامى اللبيب؟
- أنياب الذاكرة -شعر-
- تأملات فى السقوط 3
- تأملات فى السقوط 2
- تأملات فى السقوط 1
- الفلاح و التلميذ


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رمسيس حنا - مفهوم العذراوية المريمية