أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ














المزيد.....

شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شهادة الاوراق الصفراء في سوق عريبهْ
محمد الذهبي
مابين النوم واليقظة هنالك خيط رفيع جدا، يسلسل الاحداث كما هي ساعة الموت حين يصفونها بشريط من الذكريات، هاهو يهيىء نفسه ويصطحب خمسا من النسوة الفاقدات، ومابين اليقظة والنوم اتجه معهن الى سوق عريبه بالثورة داخل، وهناك بحث عن شجرة معمرة قريبة من الانفجار، وراح يفرك اوراقها ويقربها من اذنه، هنالك همهمات عن الريح والامطار، الاشجار دائما تهتم بشؤونها اكثر من اهتمامها بشؤون الآخرين، اية امطار واية رياح ونحن في الشهر الخامس من الصيف اللاهب، هذه الشجرة المعمرة ربما اصيبت بالخرف، هل ابحث عن شجرة اخرى؟، لا انها اقرب الاشجار الى الانفجار، وقد اصفرت بعض اوراقها من السن اللهب، هي الشاهد الاول على الجريمة ويجب ان اجرب طريقتي معها، لكنني هذه المرة سافرك احدى الاوراق الصفراء باذن المرأة التي فقدت فتاتين اتيا للتسوق من سوق عريبه لانه سوق الفقراء كما اشيع عنه، دنا من المرأة المتشحة بالسواد وهو يقول اعيريني اذنك، فاستسلمت بدون اي اعتراض، وراح يفرك الورقة اليابسة، هل كان اسمها منتهى، نعم اسمها منتهى وهي في الثامنة عشرة من العمر، اذن هذه هي ورقتها، اصغي اليها جيدا ستقول لك كل شيء عن موتها في الانفجار،لقد طارت عباءتها في البداية وهي تهم في الخروج من السوق مع اختها، لم تكن تمشي بقرب اختها التي فقدت حتى ورقتها، كانت تسبقها بخطوات، ولذا وجدتم منتهى ولم تجدوا ليلى، حتى عندما فتش اخوتها على سطوح المباني لم يجدوا شيئا.
نعم لقد دفنا التابوت فارغا مع عباءة وقطع ممزقة من الثياب، نعم منتهى اقتنت ماتريد وغادرت مسرعة، وقالت انها ستنتظر في بداية السوق، كانت السيارة مركونة قريبا وهي تحمل اطنانا من المتفجرات، عبرت بكل بساطة، والمجرم تمتم باسم الله ، وقرأ شيئا من القرآن ، كما تقرأون انتم الآن على روح الاموات، ربما كان يقرأ على روحه هو ، يبدو الامر متشابها، بعدها وبسرعة اصفرت بعض الاوراق واهتزت الاغصان والجذع، نادى على المرأة الثانية وراح يفرك ورقتين اثنتين قرب اذنها، نعم هذه ورقة علي وتلك ورقة موسى، لقد توكلا على الله وخرجا للعمل مبكرين، ننتظرهما بفارغ الصبر، دائما مايقولان: ( يمّه انتي ليش تخافين، شو احنه قريبين عليج بعيدين عن باب الشرجي وباب المعظم، شيوصله الارهابي لسوك عريبه)، انا دائما ادعو لهما بالسلامة واصلي الفجر لربي ان يحفظهما، لكن الله لم يستجب لصلواتي، اعتقد انه اتخذ موقفا من العراقيين، احمد كان هو الكبير، كانت الاوراق متشابكة، كنا الاثنين معا في المحل ننتظر الزبائن، انا وعلي طارت واجهة المحل الزجاجية فاعتنق احدنا الآخر، واصفرت الاوراق، نعم كانا محترقين سوية، وقد التصقت اجسادهما، في المغتسل استطعنا تمييز احدهما عن الآخر، الشجرة صادقة فيما تقول، لم تخرف هذه الشجرة على الرغم من عمرها الطويل.
نادى المرأة الاخرى التي بقيت كشاهدة للقبر فقط ملامح انسان، اقتربي كي نرى قضيتك، ان هذه الشجرة هي الشاهد الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، وهي ستقول لك عن ماجرى بكل امانة ونزاهة، لاتستمعي للاعلاميين ولا لقادة العمليات ولا المتحدثين باسمائهم، كلهم يكذبون، لم يكن اي منهم حاضرا بالانفجار، ولذا فهم يرسمون الحقيقة فقط ولايعرفونها، اما هذه الشجرة فهي تعرف كل شيء، يا الهي ان هذه الاوراق متشابكة، واذا ما اردنا قطعها ستقطع باجمعها، وستكون الانباء متضاربة والاصوات مختلطة، يالها من مأساة، هل هم من عائلة واحدة، نعم لقد ذهبوا مع ابوهم، ولم يرجع احد منهم، لا اريد ان اسمع شيئا، دعهم متعانقين، واياك ان تفرك اية ورقة من اوراقهم، هكذا يرقدون، لقد دفناهم بقبر جماعي ولم نفرق اجسادهم.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين دفنت الشمس
- حين تتكلم المقابر وتفضح الاحياء
- لعل البحر محتاج الى البلح
- الديك الذي ملأ الارض صياحا
- لم اكن هنا
- ماذا تكتب عني
- قائمة الشعراء الموتى
- السومرية الجميلة
- حياة بين صفعتين
- عيون
- الوطن... وعوراتنا
- القصيدة
- بطل في الظل
- احلام المطر الاخيرة
- بالاحمر ايضاً
- الروّاس
- يوميات خروف في العراق
- ما اريد
- شاعر في آخر القائمة
- البحث عن وطن اجمل


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ