أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - حياة بين صفعتين














المزيد.....

حياة بين صفعتين


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5022 - 2015 / 12 / 23 - 14:49
المحور: الادب والفن
    


حياة بين صفعتين
محمد الذهبي
حدق مرات كثيرة بالنجوم، انها آخر ليلة لي، هكذا اراني مشتاقا الى النجوم والقمر، جسدي مليء بالانكسارات، لكنني اكره الاطباء، لقد جعلوا منه حقلا لتجارب الادوية الفاسدة، لم اعد احصي آلامي مع هذه المهنة المتعبة، انا اعلم ان الاطفال ابرياء، لكن اعدادهم الكبيرة تجعل منهم ابالسة، انا لا احمل عصا، وفي بعض الاحيان اترك لهم فسحة من الحرية، لكنني افاجأ بالبعض منهم يكاد يكون بلا عائلة، ان تربيتهم وسخة جدا، يصدرون من عوائل سياحية كما يقول استاذ اسماعيل، آخر ايام بدأ يذهب وينسى في اي شعبة حصته، فيتخطى بضعة خطوات امام الشعب الاربع التي يقوم بتدريسها، فينادي عليه احدهم: استاذ عدنه رياضيات، فيرد : اسكت لك ، ليش آني ما ادري!، ربما غدا ساموت، لكنني قريب من المدرسة، لاحاذر حين اعبر الطريق، نعم ساكون حذرا، اصحاب السيارات في وقتنا الحالي اغبياء، والقانون صار شيئا ثانويا.
بالامس اوقعوا معلمة في المدرسة، وكسرت يدها، ازدحموا في الباب ثم دخلوا كالسيل، طلاب صغار ، لكنهم تحولوا الى كتلة بشرية، انا على ابواب التقاعد وعليّ ان ابتعد عن الاحتكاك بهم، فربما اوقعوني انا الآخر، مالهذه النجوم لاتتحرك من مكانها، القمر غادر، لم يبق من الليل الا شيء قليل، سانزل الى المطبخ ، ساضع ابريق الشاي، وابدأ مع علبة سكائري المنتظرة، تناول قدح الشاي وراح يعبه بشوق وشغف كبيرين، وتلألأت اولى السكائر بين شفتيه، لا استطيع ان ادخن قبل تناول الفطور، يقولون ان السيكارة الواحدة قبل الفطور تعادل علبة كاملة تدخنها مابعد الفطور، غسل وجهه، وعاد الى الشرفة يتأمل انفاس الليل الاخيرة، ويستقبل انفاس الفجر الاولى، انها لحظات من نور ، تلك التي يبدأ فيها الظلام بالانحسار ليحل محله الفجر، لم تكن المهنة هكذا في ايام زمان، كنا نذهب ولانخشى شيئا، كان القانون يوفر لنا الحماية، اما الآن فنحن نخاف من الطلاب الصغار.
نعم نخافهم كثيرا، فهم امتلكوا بعد 2003 عقلية استفزازية، يعني الطالب صار قويا، بوزارته وبمشرفيه، وبعائلته وعشيرته ايضا، هم يستقبلون من يرفع شكوى على المعلم استقبال الفاتحين، اول وزارة في العالم تعادي موظفيها هي وزارة التربية، لم انس الصفعة التي دوت على وجهي وانا طفل، صفعني المعلم، وكنت في بداية حياتي الدراسية، فكانت صفعة من نور، قومت اخلاقي وهي تذكرني دائما ان اكون مؤدبا، لم اصفع بعدها ابدا، ولم انس كذلك ماحدث في الشهر الماضي، الطالب الذي حاكم مدير المدرسة في الادارة، كان الطالب جالسا وولي الامر ايضا يمسك باوراق الشكوى والمدير بين ايديهما يتضرع وهو لم يخطىء، طالب مشاكس ادعى ان المدير ضربه وشتمه، وجاء بالشهود الذين اقسموا ان مايقوله الطالب كذب وافتراء، لا اريد ان اتعرض لموقف كهذا، ولكن سجاد هذا الطالب يزعجني كثيرا، ماذا افعل معه لا ادري، الفصل ممنوع، والعقاب ممنوع، والطرد من الصف ممنوع، ووقفة القصاص ممنوع، ماذا افعل لا ادري، ساحاول ان اتجنبه، فهو من عشيرة قوية، وعائلته شريرة، تتستر بالدين.
يا الهي لو كان عمري اكبر بسنتين لكنت متقاعدا الان، سرقه الفجر وهو بين افكاره يجول وكأنه قد اضاع رشده، هبط السلم وارتدى ثيابه، ساجد مثنى عامل الخدمة قد اعد الشاي ، لاذهب واشتري صمونة، وعلبة قيمر، واتناول فطوري في المدرسة، نعم ، نعم، هناك افضل، مرت الساعة الاولى سريعة وقرع الجرس، الدرس الاول، ردد مع نفسه ياستار يارب، وحمل حقيبته وانطلق، انه في شعبة (ج)، كم اكره هذه الشعبة، بدأ درسه واذا بالفوضى تبدأ، التفت اليهم ونصحهم، هدأوا، ثم عادت الفوضى من جديد،( بابه انا بعمر اجدادكم، لايجدر بكم ان تكونوا هكذا، الا تحترموا اباءكم في البيت)، عادوا الى الهدوء وعاد هو الى الدرس، لحظات حتى دوت صفعة قوية على وجه حسين، الطالب المجتهد في الشعبة، الجميع صرخوا : سجاد ضربه استاذ.
توجه الى سجاد فانكر بازدراء، نادى مراقب الصف: ابني خذه الى المدير، امتنع سجاد عن الامتثال للامر، لن اخرج من الصف، انتهى الامر بين اخذ ورد، فلتت اعصاب المعلم، فصفعه، هرب سجاد من الصف، اعتلى سياج المدرسة، جاء مع اعمامه وابناء عمه، وعبروا السياج، اقتادوا المعلم الى غرفة المدير وعقدت المحكمة، فكان القرار، ان يصفع سجاد المعلم كما صفعه، واوقف المعلم وصفعه سجاد فسقط المعلم ميتا.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيون
- الوطن... وعوراتنا
- القصيدة
- بطل في الظل
- احلام المطر الاخيرة
- بالاحمر ايضاً
- الروّاس
- يوميات خروف في العراق
- ما اريد
- شاعر في آخر القائمة
- البحث عن وطن اجمل
- نزاع في مقبرة
- ابو مرة جرهم بزيك
- رحلة الى ساحة التحرير
- صور
- عالم بخرائط
- اوزع في النار وصاياي
- وطن يعبر الحدود
- انا القصبة
- الانسان الاول والانسان الاخير


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - حياة بين صفعتين