أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الروّاس














المزيد.....

الروّاس


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4939 - 2015 / 9 / 28 - 14:02
المحور: الادب والفن
    


الروّاس
محمد الذهبي
كانت هوايته التمثيل بالجثث، يقطع الرأس ويضعه في كوز وينظر باتجاهه، انه يحدق بي، كانه يعرفني، هذه ليلته الاولى، وعليّ ان اقدم له ضيافتي، ويبتسم ثم يعود الى الرأس، ماذا تريد ان تأكل، ويقهقه عاليا، ان جبهته عريضة وعينيه بلون البحر، من اية سلالة انحدر، الاعراق كثيرة في هذه البلاد، والانساب مختلطة، هذا الوجه وسيم جدا، حتى حين قطعته، لم يكن عنيداً مثل بقية الرؤوس، لا ادري كم من الرؤوس صار لديّ، لم تكن هناك رائحة نتنة، الكوز والظل شيئان مفيدان، كان ينتقل بين الرؤوس وكأنه في فسحة، يضحك بين آونة واخرى، ويكلمها وكأنها على قيد الحياة، ابو متعب تركه ورحل الى مكان آخر، لقد ضاق ذرعاً به.
بقي بمفرده مع الرؤوس، النهر كان قريبا منه، وكان يعيش على بقايا معلبات خلفها له ابو متعب، اكثر من عشرين رأساً موزعة في داخل القبو الذي يحتله، كان ابو متعب يحدث احدهم، لقد اضجرني هذا الرجل، هل لمهنته القديمة في الجزارة دخل في احتفاظه بهذا الكم من الرؤوس، ماقيمة الاحتفاظ بالاشلاء والتكلم معها ليلا، لقد تركته بمفرده لم اعد اطيق، حتى قتاله لم يكن من اجل الاسلام، انه يقاتل من اجل جمع اكبر كمية من هذه الرؤوس التي تعفنت، وماعادت رائحة القبو تطاق، لقد كان لقبه قبل ان ينتمي الينا الروّاس، وهو يعتد به ويعتقد انه اسم على مسمى، واستبشرنا به خيرا، فهو يقطع رؤوس هؤلاء الكفرة، لكنه خرق كل النواميس باحتفاظه بهذا العدد من الرؤوس، انها تنظر باتجاه اي داخل وخارج ، وكأنها تتكلم.
هذا الرأس الوسيم يختلف عن باقي الرؤوس، انه لفتى لم يتجاوز العشرين من عمره، ولازلت اذكر الدمعتين حين سالتا على خديه قبل ان اذبحه، لحية شقراء، وعينان زرقاوان، وشارب خفيف بالكاد وصل الى فوق شفتيه بمسافة، هذا الرأس الوحيد الذي يذكرني بمهنتي القديمة، وماكان يرافقها من ذكريات كانت جميلة على اية حال، نهض وهو يضحك، اياك ان تظن اني اشعر بتأنيب للضمير، كل شيء يهون في سبيل الدفاع عن الاسلام، وهي مهمة مقدسة وتكليف شرعي، كلفنا به الله ولايمكن العودة عن دولة اسلامية كبيرة، نعود فيها الى الخلافة الاولى، سنهزم الشرق في البداية ونفتح اميركا واوربا بعد ذلك، رجالنا لايمكن ان يقهروا، انهم يقاتلون قتال الصحابة واكثر.
لا اعتقد ان صحابيا لو بعث بيننا سيقبل ان يفجر نفسه، نحن خير من الصحابة، الموت صار لعبة نلهو بها في اوقات فراغنا، ها انا بمفردي ولا اخشى احداً، حتى ابو متعب تركني، لدي ذخيرة تكفي لستة اشهر، وطعامي سأحصل عليه، والغنيمة مباحة لي احصل عليها متى مانصبت مصيدة لاحدهم، خرج بعد غروب الشمس بقليل ليحصل على صيد جديد، نصب مصيدته وفخاخه، وانتظر بقربهما، اخذته سنة من النوم ، رأى ذات الرأس الاشقر ذا العينين الزرقاوين في حلمه، لقد كلمه رجلا لرجل، لماذا ذبحتني؟ اتعرف كم تألمت؟ اتعرف كم فارقت من الاحلام، صدقني لم اكن افكر بنفسي حتى حين بكيت، لقد فكرت بامي ، انها تحبني بشكل غريب، لكنها وقفت عاجزة امام اصراري على التطوع.
نهض مرعوبا، وسمع اصوات اقدام قد تجاوزت فخاخه بكثير، فندم على نومه وفقد كما من الرؤوس، كنت ساضعها في الباحة المقابلة، وكنت ساسهر معها ليلي هذا، كيف لي النوم وانا اعود خالي الوفاض، كأنني قد ندمت على ذبح هذا الفتى، لقد اثار مشاعري، من الذي وضعه في طريقي، صرت اشتاق اليه حين اغادر القبو، ساعود اليه حالاً، ساقضي الليل معه، اندهش حين رأى رأس الفتى في باب القبو وهو ينظر اليه، اغلق عينيك والا سادفنك، ماذا تريد؟ ارجعك الى جثتك صار امراً مستحيلاً، اقبل بهذه الحال، فنزت دمعتان اخريتان من عيني الفتى، فازداد غضبه، انك تبكي على جثتك سادفنك معها.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات خروف في العراق
- ما اريد
- شاعر في آخر القائمة
- البحث عن وطن اجمل
- نزاع في مقبرة
- ابو مرة جرهم بزيك
- رحلة الى ساحة التحرير
- صور
- عالم بخرائط
- اوزع في النار وصاياي
- وطن يعبر الحدود
- انا القصبة
- الانسان الاول والانسان الاخير
- عاشق
- لم يبقَ منكِ سوى قصيدة
- كلنا بانتظار غودو
- خمّارٌ جديدْ
- ماذا سافعل بالشمال وبالجنوب وبالوسط
- الغراب الاسود في البيت الابيض
- معاناة وكيليكسية


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - الروّاس