أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - شاعر في آخر القائمة














المزيد.....

شاعر في آخر القائمة


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 16:43
المحور: الادب والفن
    


شاعر في آخر القائمة
محمد الذهبي
كان شاعراً في آخر القائمة، ويردد دائما: ليتني كنت حلاقاً في اول القائمة، او حتى اسكافياً في اول القائمة ، ولم اكن شاعراً في آخرها، اياً تكون مانفع ان تكون في الآخر،طالما لعن النابغة الذبياني ولم يقتنع بشعره، لقد انتظر النابغة زمن الحكمة وصار شاعرا به، ولذا جاء شعره محض قواعد باستثناء قصيدته التي وصف بها امرأة النعمان المتجردة، هل انتظرت انت زمن الحكمة ايضا، كان يخاطب نفسه، وماذا لو استطاع العلم ان يطيل عمر الانسان الى 300 سنة او اكثر، هل ستكون شاعراٍ في اول القائمة، يجهد نفسه في الكتابة عن الحب، لتعويض زمن المراهقة الذي رحل بعيداً، اندس في حداثة الكلمة وبحث عن ايقاع المفردة الواحدة واستعرض شعر الجاهليين ومناغاة قصائدهم المعلقة.
ثلاثة اساتذة من كلية التربية، اخرجه مدرس اللغة العربية، ووضعه على دكة المسرح والاساتذة جالسون، الشاعر الطالب فلان بن فلان الصف الثاني المتوسط، ضحك الدكتور الاول على جهة اليمين، من قال انك شاعر؟ انتبه الى نفسه واعاد تعريف نفسه بدون ذكر لفظة الشاعر، هيا اسمعنا قصيدتك، كان مرتبكا ويرتعش من اسفله الى اعلاه، ولكنه استطاع التغلب على خوفه والنطق:
شدي جموع الشعب شدي... بلا تأنٍ ولا بوعدِ
شدي على تلك الهموم....... سيفا يقطع اكفان لحدي
فضحك الدكتور الثاني، كم عمرك يابني؟ فرد اربعة عشر عاماً، هل تعرف ماتقول؟ متى كتبت هذه القصيدة؟ كتبتها اليوم، حين قالوا ان لجنة ادبية ستزور مدرستنا، كنت في طريقي من البيت، اخترت ان امشي باتجاه المزارع الممتدة على طول سكة القطار الحديدية، وكانت تأتيني بيتاً بعد الآخر، هز الدكتور يمينه، وقام بتسجيل اسمه في دفتر صغير، خرج من القاعة الرياضية كالطاووس، لقد سجلوا اسمي، لم يكد يصل البيت حتى بدأ بالكتابة والقراءة وترك واجباته المدرسية، يريد ان يصبح مثل امرىء القيس، هو يحلم بالنساء منذ طفولته، ولكن الخمرة كيف السبيل اليها؟.
سمع من ذلك الشاعر الذي غادر العراق، ان الخمرة ضرورة من ضرورات اذكاء المشاعر، المسافة الممتدة من البيت الى مكان تواجد الحافلات، كان يقضيها بالصدفة مع الشاعر( محمد خزعل) هو الصغير الذي لايصح ان يكون صديقاً للكبار، لكنه لم يعر اهتماما كبيراً لهذا الرأي، يخرج محمد دفتر مذكراته ويلقي له شعره، قصيدة قصيدة، اسر الى صديقه سراً، اريد ان ادخن، وان اشتري زجاجة بيرة، فما كان من صديقه الا ان يذهب به الى حسن بائع السكائر في الباب الشرقي، اوصاه ان يأتي، بزجاجة بيرة، كان ثمنها بسيطا جداً، انتظر عودة حسن بفارغ الصبر، اشترى سيكارتي بغداد، وتهيأ، فتح الزجاجة باسنانه، وانطلق هو وصديقه (عادل) باتجاه سكة القطار قرب مقبرة الاطفال على اليشان.
تناول اول جرعة، كانت قاسية جدا، رائحة قوية وطعم مر، استمر فاحمرت وجنتاه كما يقول عادل، انهى الزجاجة مع سيكارتين، وعاد لايشعر بشيء، فقط الم بسيط في المعدة، لكنه كان يتكلم بصوت عالٍ ويقرب فمه من اي صديق يلاقيه في الطريق، ليتسنى للآتي استنشاق رائحة البيرة، هذه هي الخمرة اذن، واين الشعر؟، لقد قال محمد انها توقظ المشاعر، تتالت غزواته الشعرية المهملة، لم يسلك طريقاً واضحا، ولم يتعرف على الشعراء المؤثرين، يبحث عن جمهوره بين اصدقائه، مع ابيات لاتخلو من اخطاء لم ينبهه عليها احد، لانهم كانوا اما من تاركي المدارس او الذين بنفس مرحلته.
نشر اول قصيدة وعاد وكأنه فتح العالم، لم تمضِ فترة طويلة حتى اختفت الجريدة، وانتهى كل شيء، كان شاعر جلسات الخمرة في ابي نؤاس والسعدون، ولكنه يعلم انه سيبقى في آخر القائمة، ولذا كتب على دفتر مذكراته الذي رسم فيه صورة رجل يتهيأ للاعدام مع ذكر سنة ميلاده ، شاعر في آخر القائمة، لم ينس ضحكات اخوانه وهم يستعرضون شعره في غيابه، اخوانه الكبار، ولكن لم ينس ايضا دفاع ابيه المستميت عما يكتب، جميع هذه الامور رسّخت لديه انه شاعر في آخر القائمة.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن وطن اجمل
- نزاع في مقبرة
- ابو مرة جرهم بزيك
- رحلة الى ساحة التحرير
- صور
- عالم بخرائط
- اوزع في النار وصاياي
- وطن يعبر الحدود
- انا القصبة
- الانسان الاول والانسان الاخير
- عاشق
- لم يبقَ منكِ سوى قصيدة
- كلنا بانتظار غودو
- خمّارٌ جديدْ
- ماذا سافعل بالشمال وبالجنوب وبالوسط
- الغراب الاسود في البيت الابيض
- معاناة وكيليكسية
- ولاجل حبك قد هجرت صحابي
- الحصان
- انكيدو في اوروك لم يمت بعد


المزيد.....




- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - شاعر في آخر القائمة