أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - انكيدو في اوروك لم يمت بعد














المزيد.....

انكيدو في اوروك لم يمت بعد


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4837 - 2015 / 6 / 14 - 15:40
المحور: الادب والفن
    



استمع قلقميش الى صديقه الاثير، ولم يقتنع بما قال انكيدور من ان الخلود يكمن في اورورك وليس السعي خلف نبوءات انبوبشتم جد قلقميش، الخلود ليس في البحر كما يدعي جد قلقميش، الخلود سيكون لاوروك، ومع هذا فقد اجبر انكيدو على مرافقة صديقه للبحث عن الخلود، جاب الاثنان الآفاق وحاربا كثيرا في طريقهما، سافتتح رحلتي من سومر الى ا ن اغزو مياه ديلمون، كان انكيدو طائعا، اخترقا المياه وعثرا في النهاية على نبات الخلود، وضعه قلقميش في جرة في اعلى شجرة الصبار، فجلسا ليستريحا، اخذتهما سنة من النوم، استيقظ انكيدو على صوت فحيح الافعى، وهي تسرق نبات الخلود، فاتفق معها على قسمة عادلة.
انطلت حيلة موت انكيدو على قلقميش لكنه بقي يخترق الزمن من عصر الى عصر وشاهد بام عينه سقوط اوروك وسواها من المدن، كان يصغي الى اصوات العسكر والى صليل سيوف الحضارات التي تناوبت على المدينة العريقة، ومرة يلعن الافعى التي وهبت لقلقميش الموت، واخرى يلعن نفسه لانه اقترح عليها الخلود، فصارت تخلع ثيابها بعد كل فصل، وتتعرى بعيدا عن الناس لتحظى بزمن جديد، حضارات وامم تذهب وتجيء، شاهد الملوك والاباطرة، واخضع نفسه الى امتحان عسير، وهو الصبر على رؤية المدن تتهاوى تحت حوافر خيول الغزاة والطامعين.
لم اكن اؤمن بالخلود، كان ايماني مطلقا باوروك، اوروك التي تتابع عليها الغزاة والفاتحين، كنت جنديا في سومر، وقاتلت، السهام كانت لعبة بالنسبة لي اما السيوف فقلما التفت اليها، لكنني لم استطع ان اصنع النصر بمفردي، جبت الآفاق من سومر الى بابل والى نينوى، تركت ظلي تحت كل معركة وتحت كل مدينة سقطت او اوشكت على السقوط، يالخلودي الذي اتعبني في هذه المدن، لم تكد تمر سنة الا والحرب شاخصة امامي، غزو وملوك متجبرين، يصنعون الحضارات من معارك طاحنة تأكل كل شيء، ولم يكد يرتاح سيفي من عناء القتال.
انا لم اختف بانتظار زمن موعود، انما عشت جميع الازمان، لكنني اعود دائما لاوروك، رأيت الفرس عدة مرات يجوسون المدن، وشهقت كثيرا وبكيت ماحل باوروك، لكنني اهرع للمعارك لاضع سيفي في خدمة تحرير المدن، شاهدت كثيرا من المقاتلين القساة، لاحظت بعيني مافعل بشعب اوروك ابان الفتوحات الاسلامية، كانت اقسى مرحلة زمنية مررت بها، احرقت مدن كاملة باهلها، وانا اتنقل بين عصر وعصر، لكنني كنت دائما اعود الى اوروك مكللا بالجراحات، عاصرت من بحث عن الخلود، ووجدت الخلود شيئا كبيرا، عندما تكون شاهدا على عصور كثيرة، عصور كذب مؤرخوها فاعطوها القدسية والمهابة، دخلت الى حلقات المتعلمين، وانا اكثر دراية بالرسالات السماوية التي عاصرتها، فوجدت من يكذب باسم المسيح، ومن يكذب باسم موسى ومن يكذب باسم محمد، وانا شاهدت الثلاثة وتعرفت عليهم عن قرب، حتى بوذا وزرادشت كذبوا باسمهم.
لن اغادر اوروك بعد الآن لامحاربا ولامحاججا لاصحاب الافكار المتطرفة، مررت باقوام كثيرين وبديانات عديدة، وكنت اضحك من تعصب كل واحد لرأيه، ودفاع كل ديانة عن نفسها، رأيت التناقض فيما يقولون، فعجبت هل ان الله يناقض نفسه، ويرسل ديانة ويعود لينقضها في اليوم التالي، مازال العقل البشري كما في السابق يتمتع بسذاجة غريبة، لايستطيع مقاومة الطبيعة، ولذا يلجأ الى الظن ويتمسك به، انا شاهد العصور، حاججت وقاتلت، لكنني للاسف لم افهم مايجري في هذا العصر، حتى لا اعرف من يدمر اوروك، ناسها ام اعداء خارجيون، في كل مرة كانت تنتهي المعارك في فوز احد المتقاتلين، مالهذه المعارك لاتفصح عن نفسها.
ادور في اوروك فلا اجد وجوها معروفة، كانت الوجوه ليست واضحة، كنا نقاتل بلا اقنعة، الان الاقنعة هي من يقاتل اما الرجال فهم يجلسون في البيوت، لم ار من قبل ان الصحراء تحتقر المدن، بل وجدت العكس، كانت الصحراء تخجل من المدن، لكنها احتلتها في النهاية.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سافتح ازرار الوقت
- القمر الاحمر
- قيثارة الشمس
- الاساور المدفونة
- اريد ان اطير
- نص صوفي وجد على اعتاب ضريح عارف كبير
- عندما تقاتل الحضارة
- اسطورتي الشخصية
- بس تعالوا
- في المرآة
- البقعة الحمراء
- شعرة الوطن المقطوعة
- انني احتضر، لكنني لم امت بعد
- اعدام كلب
- الضريح الكبير
- جرغد امي
- بعضي سيقتل بعضي
- يوم عيد الام: ستة اولاد قد دعاهم الله
- اقليم الله
- اعترافات داعشي متمرد


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - انكيدو في اوروك لم يمت بعد