أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - لم اكن هنا














المزيد.....

لم اكن هنا


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 13:26
المحور: الادب والفن
    


لم اكن هنا
محمد الذهبي
كان يحدث نفسه، لم اكن هنا، كنت غائبا عن الوعي، لم اشعر تجاهها بشيء وهي تتطلع الى حبيبها الاول، لانني بصراحة لم اكن هنا، آلاف النظرات التي كانت تعبر عبر اصابعي وتلتقي هناك في زاوية هو يتخذها، كراسي عديدة صفت بشكل متوازن، وكان يغير مكانه بين حين وآخر، لم انظر بعيدا للامر، كنت احبها قليلا، وربما جاءت اثر ازمة مررت بها، انا الثاني، مهما كانت شرعية حبي لها، وطوال هذه الفترة لم اكن هنا، كنت في عالم آخر، عالم خلقته لنفسي واطرته بأطر كثيرة، اتجه الى الدين ابحث عن الاطمئنان، ثم اجد الاطمئنان في كأس الخمرة، ومرات كثيرة اجد الخلاص بالكتابة، دائما تحضر امامي حكاية الرجل الذي كان يستغل موسم الزيارات للاولياء الصالحين، وهناك يبحث عن مبتغاه من النساء، في زحام معين، بين القبور، المهم يجد مايريد، وكنت اطلق عليه في انه يبحث عن الشيء في غير مكانه، لكنه طالما وجده هناك، المراسيم كثيرة والمناسبات الدينية عديدة، والموتى ايضا يستعجلون الرحيل وهي فرصة طيبة للقاء، هذه ليست الحقيقة، ولكنه يفكر هكذا.
من يستطع ان يمنعني من التفكير بهذا الشكل، لا احد يستطيع ذلك مهما اوتي من حكمة ورزانة وعقل، هكذا كان يقول، استهلك نفسه وفشل في كل شيء، والسبب هو ذات السبب، سانتظر هناك بعيدا وارى الموقف، لماذا تقفين وراء الستارة كاللصة، فكانت تجيب باجوبة متعددة، وغير مقنعة، فيما يتنقل هو في مناسبة حزينة ومؤلمة بين عدة مقاعد، ليرى المقعد المريح الذي يستطيع من خلاله رؤيتها، يحجز الطريق بينهما، ولايستطيع ان يفعل اكثر من هذا، ويردد لم اكن هنا، في مرة رآها تتطلع اليه، وكان هو يقف بجانبه، فقال لها: علام كنت تنظرين، انا كنت واقفا، هل رأيتني، فقالت لا لم ارك، فكرر بعصبية وسخرية: انا لم اكن هنا، كانت من الوقاحة حتى انها تكرر الكذبة كل مرة، تكذب وتكذب وتكذب.
كان يقول ان الكذب صفة الاحياء جميعا، لا استطيع ان استثني احدا، الجميع يكذب، والجميع يعرف ان الجميع يكذب، ليتها تكذب فحسب، انها تكذب وتريد من الآخرين تصديقها، اصرار عجيب، لم اعهده لدى احد، فبمجرد ان ينكشف الكاذب يخجل ويتلعثم، هكذا يقول علماء النفس، والكاذب دوما يكشف نفسه، بمجرد ان تستذكر كذبته في زمن آخر، فترى انه قد نساها، ونسي الحادثة باجمعها، البعض يقسم الكذب الى ابيض واسود، وفي الحقيقة ان الكذب حل مؤقت يلجأ اليه الكاذب ليتخلص من مأزق معين، وهو طريقة للدفاع عن النفس، الطلبة في المدارس جميعهم يكذبون، اهلهم يكذبون امامهم، ويعتقدون ان الكذب هو سلاح يستخدمه الانسان لينقذ نفسه، الزوج يكذب على الزوجة، والزوجة تكذب على الزوج، والابن يكذب على ذويه، والطفل يكذب ليجلب الانتباه اليه، والسياسيون يكذبون، والموظف يكذب على رئيسه في العمل، وهكذا، دوامة كبيرة من الاكاذيب، حتى بعض الاحيان رواة يكذبون ، ومؤرخون يكذبون، وربما وصل الامر الى الاكبر والاكبر، حتى ان الكذب صار منهجا.
انا ايضا اكذب وانت تكذب، نحن نرتدي ثيابا من الكذب، تستخدمها عندما تضيق الدوائر علينا، كان من المفترض ان يرتبط بها، او هكذا فهم الامر، لكنه حسبها بدقة، ورأى ان تعاسة كبيرة تنتظره، فجاء الى والده وترجاه ان يلغي مشروع الزواج من ليلى، وسأله الوالد عن السبب ، فقال: انها لاتعرف ماتريد وهي حائرة في امرها، ربما ابن عمها اقرب اليها مني، وهي ترتبط معه بقصة حب قديمة، وماذا اقول لاهلها؟، صارحهم بالحقيقة خير من ان اكون انا كبش الفداء، ضحك من نفسه كثيرا، وهو يردد : لو كنت هنا لاتخذت مثل هذا القرار منذ زمان طويل، لكنني لم اكن هنا.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تكتب عني
- قائمة الشعراء الموتى
- السومرية الجميلة
- حياة بين صفعتين
- عيون
- الوطن... وعوراتنا
- القصيدة
- بطل في الظل
- احلام المطر الاخيرة
- بالاحمر ايضاً
- الروّاس
- يوميات خروف في العراق
- ما اريد
- شاعر في آخر القائمة
- البحث عن وطن اجمل
- نزاع في مقبرة
- ابو مرة جرهم بزيك
- رحلة الى ساحة التحرير
- صور
- عالم بخرائط


المزيد.....




- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - لم اكن هنا