أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ناجح شاهين - الديمقراطية= حكم الأغنياء عن طريق الهيمنة الناعمة















المزيد.....

الديمقراطية= حكم الأغنياء عن طريق الهيمنة الناعمة


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 29 - 22:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الديمقراطية= حكم الأغنياء عن طريق الهيمنة الناعمة
حول الهجوم الأمريكي على الأنظمة المنتخبة في البرازيل وغيرها من دول أمريكا اللاتينية
ناجح شاهين
نعم، الديمقراطية في أدق وصف وتعريف لها هي حكم الطبقة الغنية باستخدام أساليب الهيمنة الناعمة. أما الدكتاتورية أو الاستبداد فهي أيضاً حكم الأغنياء ولكن عن طريق القوة المباشرة باستخدام جهاز الدولة الإكراهي من قبيل المخابرات والشرطة وأدوات القانون.
فكر ماركس انطلاقاً من سياقه التاريخي، ولا أقول أبداً انطلاقاً من سذاجته، لأن الرجل كان أبعد ما يكون عن السذاجة أن مجرد الحصول على حق الاقتراع سيقود إلى الاشتراكية فوراً، لأن الشعوب سوف تختار الاشتراكية دون تردد. لكن ما حصل بالطبع هو عكس ما تخيل ماركس، فقد اتضح أن صناديق الاقتراع في لحظة تاريخية معينة هي أفضل الأنظمة السياسية لإرساء حكم الطبقة الرأسمالية الراسخ، والمتسم باستقرار عميق لا تحلم به أشد الأنظمة المستبدة التي تظل عينها على شعوبها ترصد أنفاسهم وحركاتهم وأفواههم وتجمعاتهم.
لكن ماذا نفعل في حالات الشذوذ التي يتمكن فيها حزب شعبوي أو عمالي من الوصول للسلطة؟ هذه معضلة حقيقية واقعية تاريخياً. أول الأمثلة عليها ألمانيا الثلاثينيات من القرن العشرين عندما تم تهديد السيطرة الطبقية للرأسمالية الصناعية الألمانية، فكان الحل السحري المعروف بتحالف رأس المال الصناعي "المستنير" مع قومية هتلر الفاشية فتم قبر الديمقراطية والمعارضة الشيوعية معاً.
بعد ذلك شاهدنا نماذج مثل "المكارثية" الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين التي أخرجت الشيوعيين من نطاق المشروعية الدستورية وأطلقت أيدي أجهزة الأمن الفيدرالي في كل مكان تفصل من العمل، وتعتقل، وتقتل حتى تم إزاحة "الخطر" الشيوعي نهائياً. وشاهدنا نموذج سلفادور اليندي في تشيلي 1973 الذي تم الانقلاب العسكري عليه بدعم وتمويل وتخطيط وكالة المخابرات المركزية الشهيرة بالاختصار سي.أي.ايه.
ومنذ عقدين عاد اليسار الشعبوي في امريكا اللاتينية ينهض من جديد. ومع تراخي القبضة الأمريكية في سياق الأزمة الاقتصادية وحكم أوباما، تمكنت الحركات اليسارية من تحقيق بعض الإنجازات وسط انهماك الولايات المتحدة بشؤونها الداخلية وشؤون النفط العربي. لكن هذا التراخي بدأ في الانحسار مع "نجاح" الربيع العربي في تحطيم بقايا النظم القومية وترسيخ "إسرائيل" وتركيا والسعودية دولاً محورية عظمى في المنطقة. لذلك بدأت الولايات المتحدة صحوتها لمواجهة دول البريكس في أمريكا اللاتينية وبقية المعمورة.
قامت مجموعة البريكس ببناء بدائل لحلف شمال الأطلسي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. ومن بين تلك الأبنية منظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، وكذلك مشروع الصين: "حزام واحد، طريق واحد." ومن بين ذلك أيضاً بنك الاستثمار الآسيوي لدعم البنى التحتية. وهذه الأبنية مجتمعة تهدد بتقويض أركان المركزانية لليهيمنة العولمية.
ولعل من أهم الدول في هذا الإطار روسيا، والصين، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، والهند. وهي دول تضم 46% من سكان العالم. وهي لذلك خطيرة حكماً من حيث حجمها الهائل بشرياً بوصفها قوى سياسية وعسكرية وأسواق. ومع صحوة الولايات المتحدة بدأت هجومها المعاكس. ونظن أن من المناسب هنا نسلط الضوء على الطرق التي تتبعها الولايات المتحدة في خلق المشاكل لهؤلاء الأعداء من منظومة البريكس دولاً مفردة أو حلفاً مجتمعاً.
توظف الولايات المتحدة طريقتين على نحو واسع في توليد الاضطرابات في الدول المنيعة على الانقلاب العسكري المباشر. وهاتان الطريقتان هما: الحركات السياسية/الاجتماعية المطالبة بالديمقراطية، والفضائح السياسية التي تهز النظام وتقوض مشروعيته الشعبية. يمكن لنا بطبيعة الحال تذكر ما حصل منذ وقت قصير في ليبيا ومصر وسوريا وتونس وغيرها من الدول العربية، وهي تجارب مفيدة لإضاءة ما يحصل الآن في البرازيل، والهند، وروسيا، والصين، وفنزويلا، والأرجنتين، والأكوادور، وبوليفيا.
هنالك "ناشط" برازيلي اسمه كيم كانتا غبري، عمره عشرون سنة. نعم عمره 20 سنة بالأرقام، عشرون لا غير، وهو الذي "يقود" الأحداث، (هل يشبه هذا ما حصل في مصر؟). الناشط البرازيلي يميني خلافاً لفكرتنا عن الشبان الناشطين في القرن العشرين وفي سياق التاريخ الثوري اجمالاً. يريد هذا القائد "السابق لعمره" أولاً حرية السوق. لأن الاقتصاد الموجه الذي يحمي الطبقات الشعبية وصفة، بحسب رأيه، للخراب الاقتصادي.
لكن ارتباط الفتى بأساطين رأس المال معروف للإعلام البرازيلي جيداً. والهجوم على الرئيسة ديلما روسيف يهدف إضافة إلى إعادة رأس المال إلى السلطة، إلى تقويض قوة الحلف الروسي الصيني. ومن أجل ذلك يحرك عميل أمريكي في مجلس النواب البرازيلي يدعى "إدواردو كونها" تهماً بالفساد ضد الرئيسة روسيف. والطريف في الأمر أن هذا الرجل أدين بامتلاك أحد عشر حساباً سرياً في سويسرا وغيرها. وليس من الصعب التنبؤ بأن هذه الحسابات إنما جاءت من الأموال التي يتقاضاها من السي.آي.ايه.
على الرغم من ذلك كله، فإن هناك خيطاً يظل في حاجة إلى الربط من أجل أن نحصل على إنجاز التصويت بأغلبية 367 نائباً ضد روسيف مقابل 137 فقط معها. قام رأس المال بشراء أصوات النواب، بالمعنى الفج للكلمة، بكم تبيع صوتك؟ ويوجد مال وفير لذلك. هل نستطيع شراء أصوات النواب في "كونغرس" الولايات المتحدة؟ بالطبع لا، لأنهم هنا هم النخبة الغنية بالذات. من هنا الديمقراطية وصفة لحكم النخبة الغنية. ويعلمنا التاريخ مرة تلو الأخرى أنها النظام الأفضل لازدهار الطبقة الرأسمالية عندما تتحقق لها الهيمنة الناعمة.
صحا رأس المال النيوليبرالي مدعوماً بأسياده في واشنطون ليستعيد ما خسره من امتيازات وأرباح. فقد ارتفع الحد الأدنى للأجور مع حزب لولا ومن بعده روسيف بنسبة 70%. واشتعل الصراع الطبقي بسبب سياسة إعادة توزيع الثروة اجتماعياً لمصلحة الفقراء، فكان لا بد من اختراع "حزيرة" الفساد، من أجل ردع روسيف أو حتى إسقاطها النهائي من الحكم.
لكن هذا بالضبط هو معنى الديمقراطية لكي لا يظل الناس في رام الله وعمان ودمشق والقاهرة، وسائر المدن العربية، يرددون أوهاماً لا اساس لها في الواقع عن ديمقراطية توفر الرفاه والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. والواقع أن الولايات المتحدة البلد الديمقراطي الأهم في العالم لم توقع أبداً على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لأنها اعتبرتها نوعاً من حقوق الرفاه، أو حتى شكلاً من "الاشتراكية". أما في كوبا حيث لا يسمح –حتى اللحظة- بحركة رأس المال بحرية، ولا يوجد هامش كاف من حريات الاعلام..الخ فإن الصحة مجانية للجميع، مثلما التعليم، ويبلغ معدل أعمار الرجال في هذا البلد الفقير 80 سنة، بما يريد أربع سنوات على الولايات المتحدة الدولة الأغنى عبر التاريخ، بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية 2013.
تطبق عقوبة الموت في الولايات المتحدة على نطاق واسع مقارنة بندرتها في كوبا. وقد حققت كوبا بحسب تقرير "الحياة البرية الدولي" متطلبات التنمية المستدامة على نحو لا نظير له في العالم، ويعود ذلك إلى ندرة استهلاك مركبات الكربون فيها. لكن كوبا بالطبع ليست بلداً "ديمقراطياً". وهو بالطبع شتيمة ومنقصة كبيرتين، إذا ما ظل أحدنا يفكر أن الديمقراطية تساوي جنة الحرية والعدالة والفرح على الأرض، لكن الأمر سيختلف إذا ما مارسنا بعض التدريب في السياسة المقارنة كيما نعرف المعنى الواقعي التاريخي للمارسة الديمقراطية بعيداً عن مزاعم المعهد الديمقراطي، وفورد فاونديشن، وأوهام المنظمات الأهلية في فلسطين ومن يمولها في اوروبا وشمال أمريكا. وبحسب فهمنا المستند إلى استقراء الواقع، فإن الديمقراطية مجرد نظام اخترعته الرأسمالية في مرحلة تاريخية معينة يلائم تماماً ازدهار الطبقة البرجوازية وتحملها نفقات ضمن الحد الأدنى في الحيز العام، وخصوصاً في مجال الإنفاق على أجهزة الإكراه التي تتقلص الحاجة لها بسبب نجاح الطبقة البرجوازية في تحقيق الهيمنة الناعمة عبر المجتمع المدني والأيدويوجيا والإعلام الجمعي الساحق.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدمير العراق وتفجير محل العجولي
- حزب الله ليس إرهابياً
- أسئلة الامتحانات في المدارس الفلسطينية
- الديمقراطية الأمريكية والدكتاتورية السورية
- الخبز وفوضى السوق ودلال رأس المال
- الاقتصاد السياسي للطقس وكرة القدم
- كوريا الشمالية والسعودية: مقارنة
- فن الحب وعلم الثورة
- أوقفوا تعليم اللغة الإنجليزية
- بحلم يسكن في هافانا ، بفكر انو فرنسا معانا: ما الذي يجري في ...
- قراءة في خلفيات جنون الإرهاب
- -التهجيص- في السياسة والإعلام
- عريقات/نتانياهو وأزمة القيادة
- الخطاب الفلسطيني وتغطية المواجهات
- روسيا تقلب الطاولة على أمريكا ومن يدور في فلكها
- فانتازيا عيد النحر الأمريكي السعودي
- دائرة العنف الفلسطينية
- حضانة الطيرة المرعبة، وقرار الوزير العيسى
- الغزو الضفاوي ليافا/تل أبيب
- القانون لا يحمي المغفلين، ولكنه يحمي النصابين


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ناجح شاهين - الديمقراطية= حكم الأغنياء عن طريق الهيمنة الناعمة