أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راغب الركابي - بين إسلام مكة وإسلام المدينة














المزيد.....

بين إسلام مكة وإسلام المدينة


راغب الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 03:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




هناك ثمة فارق وثمة معنى مختلف بينهما ، فهناك في مكة كانت النبوة ، وكان الوحي ، وكان الإسلام ، وكانت الروح المنفتحة الغير مكابرة ، وهناك كان العلم وكان التفكر والتدبر ، وفيها كانت النظرية التي نتغنى بها ونفاخر .

ولاشك إن الجدل اليومي الذي يدور بين مفكرين حول الإسلام عن عقيدته وعن شريعته ، ذلك كان دافعي للكتابة لبيان معنى الإسلام أين ؟ وكيف ؟ ، وهذا الأمر دعاني لتوضيح الخلاف بين النموذجين أو قل بين التجربتين ، أعني تجربة مكة بكل نزاهتها وتجربة المدينة بكل ما أحيط حولها من لغط ومُخالفات ، ولأن هذا الأمر يتقاطع مع الواقع كان علينا لزام تبيان مفاهيم كلا التجربتين ، وأين يقف مسلمي اليوم ومع من منهما ؟ ، فداعش وقبلها القاعدة قدمت تجربة مُرة وشديدة الظلام عن الإسلام ، وهي ترفع على علمها الرسمي شعار - لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله - هذا الشعار المُربك ، والذي يجر شباب وشابات الأمة إلى السير تحت هذه الرآية ، ولأنني مؤمن بأن الإسلام لازمه إيمان بالنبوة كونها المفتاح ، والنبوة هي اللحظة التي يلتقي فيها الله مع من يصطفيه من العباد ، والنبي حين يُمارس دوره يرتبط بالإنسان المجرد الغير منتمي والغير مُحزب والغير مكفول بعشيرة أو نسب ، ولأنها دعوة عاقلة ترتبط مع روح الإنسان لذلك تشكل النظرية بكل ما فيها من قيم ومُثل ومبادئ وعلم ونظر ومحبة ، وهذا الشيء لمسناه في الكتاب المجيد وما توفر لدينا من بعض الوثائق الصحيحة لمرحلة مكة .

وما من شك إنني ميال لتلك الفترة ولتلك المرحلة من تاريخ الإسلام ، معترفاً بفضلها العالمي ودلالتها التي تُمثل عندي تلك النظرية الغير مُدنسة بألاعيب السياسة والسياسيين ، إذن فهي المثل عندي والذي أعترف به إنه يُشكل قناعتي الأبدية عن معنى الحق والخلق والإسلام والإيمان .

لكن الأمر جدُ مختلف هناك في المدينة ، حيث تيار السياسة وما يجري فيها من أهواء ورغبات وألاعيب غير مسؤولة ، تجعلني أقول إنها تجربة مُرة طفح فيها رجال من الصف الثاني والثالث ، ومن هم من الفئة الباغية ليكونوا قادة وزعماء ومنظرين وأصحاب وجهات نظر ، في المدينة برز المفهوم الديماغوجي لمعنى – أصحابي كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم – ، وبرز معها وساد مقولات عن - عدالة الصحابي - ، وتنامى مفهوم الوصية والتوريث والحاكمية المطلقة ، والتدريب الذهني للقبول [ بالدكتاتورية ] في ظل مفهوم – الحاكم العادل – ، وجرى في المدينة التطبيق القهري لنظام الحدود ، ذلك النظام الذي مزق معنى الإسلام وعدالته وجعل من النظرية المكية مجرد كلام لدى المتلقي ، في المدينة تشكل لدينا الدين التاريخي دين الرجال وعبادة الرجال ، وضاع من الأفق مفهوم النبوة ، وساد بدلاً عنه مفهوم الرسالة ، مع إنها الشيء الثانوي المرتبط بالإيمان وليس الشيء الأولي المرتبط بالإسلام ، أعني تراجع النبوة في مقابل الرسالة .

ولهذا يُطلب من الذي يدعونه للإسلام أن يشهد لمحمد بالرسالة دون الشهادة له بالنبوة مع إنها هي الأصل ، ولا يخفى إن بين النبوة والرسالة فارق مفهومي ، يدلنا على ذلك الفارق الجدلي بين الإسلام والإيمان ، فالنبوة هي الإسلام ويعني ذلك إنها النظرية ، وأما الرسالة فهي لمن آمن بمحمد رسولاً وفي الرسالة حدث التطبيق ، الذي لم يكن لمحمد فيه نصيب واضح غير كلام منسوب ، وسوى تلك الإملاآت التي يُقال إنها له ، وعندنا شك في ذلك كبير ، ولم يعتن المسلمين بالمرحلة المكية إعتنائهم بمرحلة المدينة ، بل ولم نجد في كتب الأخبار وفي الصحاح المزعومة ، ثمة هامش يمكننا التعويل عليه ، لكن الصحاح المزعومة مليئة بأخبار الرسالة ، وكما تدرون إن كتابة هذه الأخبار جاء لاحقاً ، وقد ركز خلفاء بني أمية ومن تبعهم على أخبار الرسالة أي أخبار المدينة ، متناسين عن عمد أخبار النبوة .

ومن هذا المنطلق نقول : إن بين النظرية والتطبيق فارق كبير في الإسلام ، هذا الفارق نقول به بين إسلام مكة وإسلام المدينة ، وما عندنا اليوم هو إسلام المدينة الذي فيه الحاكمية والسياسة والسلطة والمال والذبح والقتل والسبي ، إسلام المدينة أسوء مرحلة يمكننا تخيلها ، ولهذا هجرها علي بن أبي طالب إلى الكوفة ، على أمل أن يجد الشيء المختلف والجديد والمُغاير ، لكن المسلمين هم المسلمين هم نتاج بناء المدينة ، وليس من نتاج فكر مكة ، ولهذا خسر الرهان عليهم ، كما نخسر اليوم كل معاركنا ، طالما تحكم فينا ويتحكم إسلام المدينة بكل ما تعنيه تلك الكلمة من ظلم وتعدي وإستباحة دماء ..



#راغب_الركابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاماً شهداء الناصرية
- تدمر حرة
- هي آمال
- عن التغيير والإصلاح
- سوريا الفدرالية
- الفدرالية في مواجهة التقسيم
- في الطريق لليبرالية الديمقراطية ومفهوم الإيمان
- يا غريب كٌن أديب
- الشيرازية وداعش وجهان لعملة واحدة
- العراق والمستقبل المجهول
- في وداع 2015
- إنتصارنا في الرمادي
- في أعياد الميلاد المجيدة
- التحالف الإسلامي مع الإرهاب
- كلمة في اليوم الوطني لدولة الإمارات
- توضيحات
- ما بين تركيا وداعش !!
- برقية شجب وإستنكار
- من يصنع الإرهاب ؟
- لمن نكتب ؟


المزيد.....




- حرس الثورة الإسلامية يعتقل 5 جواسيس للموساد في لرستان
- آية الله مكارم شيرازي: الشعب الايراني يقف خلف سماحة قائد الث ...
- الدلالات الرمزية والدينية لتسميات العمليات العسكرية الإسرائي ...
- في انتظار نهاية العالم.. السيرة الدينية لسفير أميركا في إسرا ...
- أحلى قناة لطفلك.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات ...
- معارك -آخر الزمان-: كيف تؤثر العقائد الدينية في المواجهة بين ...
- سياسي يهودي من حزب مانديلا: بريطانيا مسؤولة عن فوضى الشرق ال ...
- ماما جابت بيبي.. استقبال تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- الاحتلال يواصل إغلاق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة لليوم السا ...
- سياسي يهودي من حزب مانديلا: شعب إيران لا يستحق الهجوم عليه م ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راغب الركابي - بين إسلام مكة وإسلام المدينة