أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - قلب في مهب العاصفة














المزيد.....

قلب في مهب العاصفة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 5116 - 2016 / 3 / 28 - 14:45
المحور: الادب والفن
    


(من وحي روايتي التي أحضر لإصدارها)
نص بعنوان: منذ التقينا
منذ التقينا من جديد، ناديتَني من بعيد، نداءً خفيّا، غامضا، تسلّل إلى قلبي وعلّقني ولهانة في عالم الشّوق. صوتك وهو ينادي باسمي لم يكن مألوفا لديّ، صوتٌ ذو رنة عذبة أثارت فضولي ونبرته استدعت تعجّبي، كأنها تقول: أعرفكِ من زمان!
وحين استدرتُ إلى الوراء، وجدتُك أمامي، تواجهني بعينيك السوداوين اللامعتين، ابتسامتك العذبة تغشى وجهك بغشاء من الجمال، تبدو كأنك تعرفني جيدا.
لحظات من التحديق عادت بي عشر سنوات إلى الوراء وارتمت أمام عينيّ عشرات من صور الماضي وذكريات الطفولة خلال أجزاء صغيرة من الثانية.
وإذ أخذتَ بذراعي، تراقصُني، همستَ في أذني: «لم تتغيّري كثيرا.» فاجأتَني، ولكم تمنّيتُ لحظتها أن يتبخّر الجميع من حولنا، ونبقى أنا وأنت وحدنا... والموسيقى التي تسمو بنا إلى أعالي الفرح، وذلك الجوُّ المسحورُ الذي يحتوينا.
وسألتك من تعجّبي: «عشر سنوات لم تغيّرني؟»
فقلتَ أمام دهشتي: «ما زلتِ نفس الفتاة البريئة، الصافية.» وفي صوتِك انعزف إعجابٌ متقد، غيور. عطر كلماتك اخترق حواسي كلَّها، كمعزوفةٍ رقيقةٍ، شفافة، تلامس شغاف القلب.
لا أدري ما سرُّ هذا السّحرِ العجيبِ الذي انبعث منك، من ضحكتِك المرحة، من تألّقِ عينيكَ وهما تحدّقان في عينيّ، وقلبي يرتجف من تحديقك ذاك، ويرقص نشوانًا على منصّة السعادة.
ثم قلتَ: «أتظنين أننا سنتّفق؟»
دُهشت. «نتّفق؟ على ماذا؟»
وكان جوابك: «على أن نكون أصدقاء؟»
فجأة... تجمّدتُ في مكاني، وتوقّفتُ عن الرقص، كأنّ ضربة هبطتْ على رأسي وأنهتْ غيبوبتي. أحسستُ أنني انجرفتُ كثيرا معك، وأن عليّ أن أبتعد حالا!
«ماذا جرى؟!» تفاجأتَ مني. وأنا ارتبكتُ كثيرا... شكرتك على الرّقصة... وتركتك، وفي داخلي أحسّ أننا لن نلتقيَ من جديد. مستحيل أن نلتقي.
أيها الرجلُ الذي عرفتُك... ولم أعرفك، منذ عدتَ من البعيد، والتقينا من جديد، عرفت معنى الحب. ذلك الحبُّ الذي لم أذُق طعمه ولا عرفتُ مثله... إلا معك. وعندها، أحسستُ أنني لم أعِش لحظةً واحدة من قبل، وعرفتُ معنى الفرح والجنون، والخوف، ومعنى الحزنِ الجميل والألمِ اللذيذ، وبدأتْ دقاتُ قلبي تعزف في كل ليلة أرقَّ وأعذبَ السيمفونيات.
لهمسك اهتزّتْ روحي ولندائك اشتعل الأمل في أعماقي لينير لي درب حياتي ويزيح عني وحشة الصمت والظلام. منذ احتويتَني بين ذراعيكَ، غمرتني بحبك وحنانك، وأغدقت عليّ من دفئك، يحاصرني طيفك ويثملني عطرُك، وترنو إليك لهفتي وتحلّق بي في سماوات العشق والأحلام.
ولكن، ما العمل؟ والكل مصرٌّ على اتّهامك بالماضي، بأخطاء غيرك. الكل لا ينسى ولا يسامح، حتى بعد مرور سنواتٍ طويلةٍ من العمر. الكل يرفض أن يفهمني أو يصغي إلى دقات قلبي.
فماذا أفعل؟ وأنتَ... منذ التقينا من جديد، غدوتَ في داخل ضلوعي مقيما، وأنا... قلبي في مهبّ عاصفة تعالت في روحي وكياني، ورغم كل التحذيرات والممنوعات والتهديدات، تبقى صورتك تتردّد في ذهني، ويبقى يلازمني حبُّك، يملؤني سعادةً لم أكن أحلم بمثلها حتى في أجمل أحلامي، ذلك الحب الذي فتح عليّ عاصفة لم أكن أتصوّرها حتى في أسوأ لحظاتي.
كيف بإمكاني أن أتنازل عن حبي بعد أن ذقت طعم الحياة الحلو، هاجت دمائي حبا ولهفة، ثارت نفسي ولم يعد بالإمكان رد المارد إلى قلب الزجاجة بعد إطلاق عِنانه.
فهل أملك من الجرأة والشجاعة ما يكفي كي أتمرّد على حياتي؟ أنا التي لطالما تهرّبتُ من مواجهة مشاكلي؟ وكم من القوة أحتاج كي أغيّر مصيري بيدي، وأخاطرَ من أجل بناءِ حياة أختارها لنفسي، أمارسُ فيها حريتي كإنسانة لها مشاعر ورغبات.
إلى متى؟
إلى متى أسلّم نفسي إلى البكاء والألم في خضم هذا البحر المتلاطم من التيه والاضطراب؟ إلى متى تعتصرني الآلام وتلتهمني الأحزان؟
لا. لن أبقى على صمتي واستكانتي. أحسّ أن هذه الدنيا التي تسلب مني حريتي وتكبلني بسلاسل حديدية مرعبة لم تعد تطيقني... ولا أنا أطيقها. سأكسر حاجز الخوف. سأتحرّر من قيودي لأنطلق في رحلة جديدة، بعيدا عن الذّل والقهر، لأشعرَ بمعنى وجودي وكياني، وأعيشَ حياتي كما أختارها أنا وكما أريدها أنا، وليس كما يريدها الآخرون.



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عازفة البيانو
- نظرة إلى الوراء
- أشواق (قصة مترجمة)
- صمت
- جدي، التستر والثقة بالآخرين
- مزاج، رجال وفشة خلق
- الزوج المثالي
- خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني
- أنا شركسي... أنا شركسية
- اختفاء رباب ماردين 28 (الأخيرة)
- شوق مؤجل
- الضمبازا
- اختفاء رباب ماردين 27
- اختفاء رباب ماردين 26
- اختفاء رباب ماردين 25
- اختفاء رباب ماردين 24
- العائد
- انفجار السكوت
- انما للصبر حدود
- مفاجآت على الطريق


المزيد.....




- أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج ...
- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - قلب في مهب العاصفة