أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - حوا بطواش - خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني















المزيد.....

خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 18:28
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


منذ أيام وردتني رسالة على الفيسبوك من شخص لا أعرفه يقول لي فيها «لم أعد أراك تكتبين في الحوار»!
لا شيء يسعد الكاتب أكثر من قارئ يبحث عن كتاباته.
الحقيقة منذ مدة أمرّ ببعض الظروف التي أبعدتني قليلا عن الكتابة، فلم أكتب شيئا مكتملا يستأهل النشر. ولكن هذه الرسالة شجعتني وحملتني مسؤولية، لذا، سأكتب عن بعض الأمور التي شغلت خاطري في الآونة الأخيرة.
لنبدأ مع الأخبار الأقل وطأة.
منذ أسبوعين تذمّر عضو الكنيسيت العربي جمال زحالقة بصوته العالي جدا، أمام الملأ، من عضوة الكنيسيت اليهودية الشابة ستاف شابير وعبرّ عن استيائه الشديد من أنها لم تسلّم عليه ولا مرة واحدة لأنه عربي، والعرب بالنسبة لها شفافون، لا تراهم... واتّهمها بالعنصرية.
هذه أول مرة أتعاطف فيها مع شيء يقوله جمال زحالقة (تعاطفت ربما لأنني قرأتُ هذا الكلام على صفحته قبل أن أسمعه وأشاهده يقوله عبر الفيديو بصوته الصارخ دائما وأبدا، وربما لأنها ظاهرة يعرفها تماما واختبرها على جلده كل من هو ليس يهوديا في هذه البلاد)، ولا أتعاطف مع أقوال جمال زحالقة عادة ليس لأنه ليس محقا دائما، بل لأن صوته الصارخ يزعجني ويوحي لي بعدم التحضّر. أما بالنسبة للآنسة الرقيقة ستاف شابير، التي عرفناها من خلال مشاركتها في قيادة المظاهرات ضد غلاء المعيشة قبل عدة سنوات، فأقول:
عزيزتي ستاف شابير
أيتها الجميلة الرقيقة
يا من عرفناك تناضلين
من أجل الضعفاء والمساكين
والمضطهدين والمظلومين
لماذا لا تلقين علينا السلام؟
ماذا ترانا بك فعلنا؟
ألا يعجبك منظرنا؟
ذقوننا أوعيوننا؟
حواجبنا أو شواربنا؟
أم أنه الحجاب يخيفك؟
لا عليك، يا عزيزتي
لسنا من المهدّدين ولا المتشدّدين
فقط بحقوقنا نطالب
في دولة علقنا بها معك ومع أصحابك
ولو علت أصواتنا يوما
أو بضعة أيام
أو ربما تكدرت وجوهنا حينا
أو بضعة أحيان
فذلك من ثقل حملنا
من غضبنا وقهرنا
وشعورنا بالذل والإهانة
فلا تخشي، يا عزيزتي
أنظري إلينا قليلا
ولا تخافي
قولي سلاما يوما
أو بضعة أيام
* * *
أحيانا أحب أن أقرأ في المواقع الإلكترونية المحلية زاوية مشاكل الناس وحلولها، رغم تفاهة المشاكل والتعقيبات التي تقترح الحلول أحيانا، ويتواصل من خلالها المراهقون والمراهقات (المالين، الضائعين، الباحثين...) أحيانا أخرى، إلا أن هذه التعقيبات كثيرا ما تكشف لنا كيف يفكر الناس.البارحة قرأتُ مشكلة إمرأة تزوجت من رجل رغم اعتراض أهلها وبعد أن ولد لها ولد وبنت تركها زوجها وحدها معهما، والآن تراكمت عليها الديون.
أحدهم يقترح الحل فيقول: «الصلاة على النبي تفرج الهم وتغفر الذنب فعليك بها.»
وحل آخر يقول: «اصبري فالصبر مفتاح الفرج وأكثري من الصلاة على خير المرسلين.»
ويذكر معقب آخر بالحل بقوله: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا أدلك على كلمات اذا قلتهن فرج الله همك وقضى دينك: اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.»
ويقول معقب لها آخر: «المرأة الأصيله لا تتخلى عن زوجها لحظه سقوطه اشتغلي وربي اولادكي ولا تتخلي عن زوجكي الا ما يجي يوم ويتغير ان الله مع الصابرين اذا صبروا».
وبعد... هذه هي ثقافة حل المشاكل لدى معظم الناس في مجتمعنا الفلسطيني، وعلى ضوء كل هذا، يأتي علاء حليحل في مقالته «نعم للعلمانية، لا للخلافة»، ردا على محرّضي الحركة الإسلامية مؤخرا على خلفية الدبكة الفلسطينية والنقاشات حول المثلية الجنسية... في محاولة منه لدفع الخطاب المدني المناهض لخطاب الشريعة والخلافة الإسلاميين،ويقول: «العلمانية هي الحل!»
وأنا أتساءل: هل من الحكمة مواجهة الإسلام السياسي بما يُسمى العلمانية التي يقول حليحل «إنها ليست مناهضة للإسلام كدين فالدين مسألة شخصيّة يختار كلّ واحد الخيارات التي يريدها، وحريّة المعتقد حقّ أساسيّ وكبير تكفلها العلمانيّة لكلّ فرد. أمّا الحيّز العام، المشترك للجميع، فهو مسألة أخرى»، كما يقول؟؟
معروف أن الشعوب العربية في الشرق الأوسط كانت طوال حياتها متدينة، وتاريخها مختلف تماما عن الشعوب الأوروبية التي ولدت فيها العلمانية للتخلص من هيمنة الكنيسة على كل الأنشطة الاجتماعية واصطدام الأفكار العلمية بالسلطة الكنسية، والعلمانية اليوم لم تعد موجودة أصلا في أوروبا، لأنها باتت هي القاعدة أو الوضع الطبيعي عندهم. كلمة علمانية تستعمل عندنا للإشارة إلى عدم التدين، وتوحي لنا أنها ضد الدين والتدين، لذا، فهي كلمة منفّرة، مخيفة، مقلقة بالنسبة لمعظم الفلسطينيين والعرب والمسلمين بشكل عام. فهل من الحكمة استعمالها عندنا بهدف دفع الخطاب المدني ومواجهة الحركات الإسلامية، أم أن هناك ربما طرقا أخرى أكثر حكمة لفعل نفس الشيء، مثل إعادة بناء تصوّراتنا العامة والمفاهيم الكبرى، كما يفعل يوسف زيدان هذا العام في مصر ويتابع محاضراته الشهرية في القاهرة والاسكندرية عشرات الآلاف من العالم العربي عبر اليوتيوب، وهو الذي يقول: «العلمانية هي البحث عن الحقائق داخل هذا العالم وليس خارجه (أي ليس في الكتب الدينية)، وهي في ثقافتنا خرافة، لأن السياق الذي وُلدت فيه العلمانية ليس موجودا في ثقافتنا ولا يوجد عندنا عالِم عوقب بسبب نظرية علمية».
* * *
والآن... إلى الأخبار الصاعقة والصور الصادمة.
سوريون، عرب ومسلمون يفرّون بأنفسهم وعائلاتهم، رغم كل المخاطر والعقبات، يهاجرون إلى أوروبا. مأساة إنسانية لا يحتملها ضمير إنسان، أيُّ ضمير حيّ بعدُ لم يمُت، ولكن الضمير العربي ما زال غارقا في سبات عميق، كجثة ذلك الطفل إيلان على شاطئ البحر الغدار.
الآلاف يهربون من عنف بلادهم العربية، تركوا كل شيء من ورائهم، اليأس دافعهم، الأمل يسكنهم، ألمانيا تناديهم، ستنجدهم، لينجدوها، ودول الخليج العربية الإسلامية الشقيقة تقول: لا نصلح لعيش اللاجئين!! (نحن ما خصنا!!)
ووسط هذه الزوبعة من المآسي يسأل كاتبٌ أصدقاءه على الفيسبوك في طريقه إلى ألمانيا: «أي مطاعموحانات توصوني بها؟؟»
وقت الأزمات والمآسي نصطدم ونُصدم من كمّ الناس الذين لا يملكون الشعور بالتعاطف، أولئك الذين فقدوا جزءا كبيرا من إنسانيتهم، ولكن، رغم كل شيء...
نبقى نبحث
وسط هذا الظلام
والخراب والدمار
عن بصيص من الأمل
وشعاع من النور
في قلوب البشر
نبحث
ولا انتهاء
* * *
وفي قريتي الصغيرة، العيد اقترب، ملابس العيد كلها جاهزة، زجاجات البيوت لامعة، البيوت نظيفة وفي أجمل حلة وزينة، "الحلوز" جاهز في كل براد كي يُؤكل صباح العيد، وأهالي البلد متضامنون ومتعاطفون مع إخوانهم الشركس السوريين، ولكن..
نحن لا نستطيع أن نخرج من حيّزنا الضيق. دائما تضامننا وتعاطفنا يكون ضمن نطاق العائلة أو القومية أو الديانة. فلماذا لا نحاول أن نوسّع من حيزنا الضيق؟؟
آسفة أنني حين أرى مهجّرين هاربين من الموت، تاركين كل شيء من ورائهم، معرّضين أنفسهم للمخاطر، بحثا عن بصيصٍ من أمل للحياة الكريمة لهم ولعائلاتهم، وحين أرى جثة طفل مرمية على الشاطئ تلاعبها الأمواج، ورجلا كبير السن يهرب من شرطي الحدود حاملا بحضنه ولدا صغيرا فتوقعه امرأة لا رحمة في قلبها فيقع على الولد المرعوب الذي ينفجر باكيا، حين أرى كل هذا، لا أستطيع أن أرى بينهم الشركس أو العرب أو الأكراد. لا أرى فيهم إلا الإنسان، فقط الإنسان، ولا أستطيع أن أقول إنني متعاطفة مع الشركس الذين بينهم، لأن هذه المأساة لا علاقة لها أبدا بالقومية أو الديانة. هي مأساة إنسانية فإما نتعاطف معها بكل أطيافها أو لا نتعاطف مع أحد.

كفر كما
23.9.15



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا شركسي... أنا شركسية
- اختفاء رباب ماردين 28 (الأخيرة)
- شوق مؤجل
- الضمبازا
- اختفاء رباب ماردين 27
- اختفاء رباب ماردين 26
- اختفاء رباب ماردين 25
- اختفاء رباب ماردين 24
- العائد
- انفجار السكوت
- انما للصبر حدود
- مفاجآت على الطريق
- حبيبتي الفيسبوكية
- اختفاء رباب ماردين 23
- اختفاء رباب ماردين 22
- فرحة الولد
- اختيار السعادة
- ممنوع اللمس
- صباح التعصيب
- شرود


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - حوا بطواش - خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني