أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 26















المزيد.....

اختفاء رباب ماردين 26


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 20:23
المحور: الادب والفن
    


صراع داخلي

اعترفت كلوديا بقتل السيدة نخايلة. وانكشف للجميع وجه آخر لها تحت قناع البراءة الذي كانت تضعه أمام الجميع. تبيّن أنها كانت فتاة طموحة أكثر مما بدت. فقد أرادت أن تتزوج وسام، ولأنها كانت تتكتّم على الموضوع اختلقت أمامي قصة الحب مع الكابتن منصور كي توهمني بأنها مُغرمة به ولا تدعني أشكّ في علاقتها مع وسام. ولكن طموحها تعدى مجرد الزواج من رجل ثري ووسيم. كانت راغبة بأن تصبح "السيدة ماردين"، سيدة البيت، ولهذا أبت أن تترك البيت حين قرّر والداها الانتقال الى بيت خاص، فقد كانت تعتبر بيت عائلة ماردين بيتها الخاص الذي سيصبح ملكا لها في المستقبل. ولأنها أرادت وسام لنفسها كانت تكتب لي رسائل التحذير كي تجعلني أبتعد عنه. وحين رأت توطّد العلاقة بيننا وعرفَت أنه عرض عليّ الزواج قرّرت التخلص مني، فكتبت تلك الرسالة التي وجدتها في غرفتي ووقّعتها باسم حسام كي يُتّهم هو بالقتل. وحين رأتني في الحديقة، قطعت النور من البيت وجاءت من خلفي في الحديقة لتطعنني بالسكين. ولكنني كنت محظوظة بأن وسام كان قريبا. وبعد ذلك، أخذت الرسائل من غرفتي.
كما اعترفت أنها قامت بقتل السيدة نخايلة دون مشاركة أحد. فقد كانت تلحّ على وسام بقتلها. ولكنه لم يكن يقبل ذلك. فقررت هي التخلّص منها وأقبلت على قتلها دون علم وسام. ثم بحثت عن المال الذي شكّت أن يكون وسام قد سلّمه للسيدة نخايلة، فوجدت المال وأخذته لنفسها.
واعترف وسام بقتل رباب. فقد ماتت بين يديه في لحظة غضبه دون أن يقصد القتل.
ولكن النتيجة بقيت كما هي. لم يوجد أثر لرباب. لقد أصرّ وسام على ادّعائه بأنه لم ينوِ ولا قصد قتلها، وأنه ترك جثّتها وغادر الغرفة. ولكن رباب لم توجد!
وبعد اعترافات وسام وكلوديا التي أثارت دهشتنا... فجأة... جاء اعتراف آخر هزّ كياننا من حيث لم يكن أحد يترقبه.
"وانا لدي اعتراف صغير لكم!" سمعنا صوت العم قاسم وهو داخل علينا والوجوه كلها متّجهة نحوه مستغربة... متعجبة.
جلس بيننا على مقعد بجانب المحقق غانم وأخذ ينظر نحو السيدة ماردين. ثم قال: "ما دام الجميع قد اعترف بكل شيء، أريد أن أطلق اعترافي هذا الذي يجثم على صدري منذ ثلاثين عاما دون أن أقدر على التخلّص منه. وأرجو من السيدة ماردين أن تسامحني عليه. فلم أعد قادرا على حمله أكثر."
نظر الجميع الى السيدة ماردين التي جلست في مقعدها بوجه يلوح منه الحزن والأسى. قالت له: "أرجوك أن تسكت يا قاسم." وكان في صوتها صدى يثير الشفقة والعطف.
ولكن العم قاسم قال بإصرار: "أعذريني، عزيزتي، ولكنني أريد أن أرتاح قبل أن يأخذ الله أمانته فيموت السر معي. يجب أن يعرف الجميع. يجب أن يعرفوا الحقيقة، الحقيقة التي أخفيناها عنهم طوال تلك السنوات الطويلة. لم أعد قادرا على الكذب أكثر من ذلك. لقد ضحّيت كثيرا من أجلك، يا عزيزتي، تعذّبت وقاسيت مرّ الليالي والأيام. ولكن الحقيقة تنهش عظامي... تسحقني. أريد الجميع أن يعرفوا. وخاصة وسام."
تعجّب الجميع من كلامه. لم يكن مفهوما ما دخل وسام في الموضوع؟!
نظر إليه وسام في عجب. "أنا؟"
"نعم أنت."
"وما شأني أنا؟ أنا لا أعرفك أكثر من كونك العم قاسم البستاني في بيتنا منذ أن ولدت."
"صحيح. ولكن، ليس الحق عليك."
"ماذا تقصد؟"
تنهّد الرجل العجوز بأسى، وقال: "ليس ذنبك أنك لا تعرفني أكثر من كوني العم قاسم البستاني. ربما هو ذنبي، أو ذنب والدتك، أو ذنب آخرين لم يعد لهم وجود. وربما هو ذنب هذه الدنيا القاسية التي أبت إلا أن تكون ضدنا."
"أرجوك كفى!" هتفت السيدة ماردين في رجاء. "كفى يا قاسم! دعه وشأنه. إنه لا يريد أن يعرف."
نظر وسام الى والدته بتعجّب بالغ. "أن أعرف ماذا؟"
لم يرد أحد.
"ماذا هناك؟" سأل وسام صارخا. "بل أريد أن أعرف الآن! حالا! ماذا تخفيان بشأني؟"
فرفع العم قاسم رأسه وقال: "سأقول لك. سأقول لك الحقيقة أمام الجميع، الحقيقة التي لا يعرفها أحد غيري أنا والسيدة ماردين. ولكن آن الأوان أن يعرف الجميع... أنك... أنك ابني. نعم ابني."
تقطّب وجه وسام وفقد كل لون. "ماذا؟" تمتم.
"نعم أنت ابني أنا..."
أخذ وسام ينظر الى السيدة ماردين وعيناه تتوسلان إليها كي تكذّب هذا القول. ولكنها بقيت جالسة في صمت.
قال العم قاسم: "أنا والسيدة ماردين... كنا نحب بعضنا قبل سنوات طويلة... وأردنا الزواج. ولكن الدنيا قاسية. فقد اعترض أهلها لعلاقتنا. وزوّجوها من الرجل الذي يناسب العائلة. ولكن حبنا لم يمت بذلك. جئت الى البيت كي أعمل بستانيا، دون أن يعرف أحد بحقيقتي، وعشت بقرب الإنسانة التي أحب في سعادة وشقاء، ورأيتها تتزوج ثلاث مرات أمام عينيّ دون أن أقدر على فعل شيء. ولكن والدتك إنسانة رائعة. فقد بقيت مخلصة لحبنا رغم أنف الجميع."
نظر وسام الى السيدة ماردين في غضب: "ماذا يخرّف هذا العجوز يا أمي؟! أجيبي! أصحيح ما يقول؟!"
بدت السيدة ماردين كأنها على وشك البكاء. قالت دون أن تنظر الى أحد: "ماذا فعلتَ يا قاسم؟ لماذا تحمّلنا في شيخوختنا ما لم نُطقه في شبابنا؟!"
"أنظري إليّ يا أمي!" هتف وسام مزمجرا. "أخبريني. أصحيح ما يقول؟ أهو... والدي؟"
أجهشت السيدة ماردين في البكاء وأطرقت رأسها. "نعم... نعم... صحيح." تمتمت خلال بكائها.
"ولكنك قلت إن أبي قد مات."
"إنه لم يكن والدك. لقد كان مريضا و... و... وقد كان يعلم أنك لا يمكن أن تكون ابنه لأنه... لأنه... كان مريضا. ولكنه لم يخبر أحدا. ومات دون أن يعرف أحد بالسر."

* * *

السيدة ماردين كانت على حق. لم يكن وسام يريد أن يعرف الحقيقة. لم يكن يريد أن يعرف أنه ثمرة تلك العلاقة مهما كان اسمها. كان هذا الأمر صدمة حقيقية لا تقل شدة مما سبقتها.
في المساء، كنت جالسة على أرجوحتي في حديقتي الصغيرة، مستغرقة بأفكاري، بكل الأحداث الأخيرة التي غرق فيها البيت. وبعد دقائق، ظهر أمامي حسام وجلس الى جانبي بهدوء.
"ما رأيك بكل هذا؟" سألته.
"ألم أقل لك إن الحقيقة مزعجة؟!" قال.
"ولكن... كلوديا؟! الفتاة الصغيرة... البريئة؟!"
"ووسام... الرجل اللطيف المحبوب؟!"
"ولكن، كل ذلك لم يكشف لنا شيئا عن رباب. ما زلنا لم نجد لها أثرا." قلت.
لم يرد حسام بشيء. بعد لحظات، سألته: "قل لي، كيف عرفتَ أن وسام كان في غرفتك؟"
ردّ ساهما: "من الفوضى التي كانت في الغرفة."
"وبماذا شعرت؟"
"أني أريد أن أقتلها... وأقتله!" أجاب بامتعاض. "إنه شعور رهيب. لقد تزوجت تلك المرأة عن حب ثم اكتشفت سريعا أنها ما تزال تحب أخي وتريده."
"ولماذا لم تطلّقها إذن؟ لماذا كنت تقسو عليها؟ أهو الانتقام؟"
"إنها لم تطلب الطلاق. وأنا أردت أن أمنحنا فرصة أخرى بعد أن علمت بحملها. حاولت جاهدا... صدّقيني. ولكن كان يغيظني أنها ما تزال تلتقي به."
"ولكنك قلت إن الجنين ليس ابنك؟!"
"حتى لو لم يكن ابني فهو ليس ببعيد. إنه ابن أخي. ولا ذنب له بكل الذي حصل."
هززت رأسي بأسى. "لا بد أنك عانيت كثيرا بعد اختفائها. لقد اتّهموك أنت بقتلها بعد كل الذي فعلت. "
"لا تشفقي عليّ. لقد كنت بائسا حتى قبل اختفائها. كنت بائسا طوال حياتي."
ثم اقترب مني فجأة... وقال وهو يغرس نظراته في عينيّ: "ولكن... بعد أن عرفتك، عرفتُ طعما آخر للحياة. وجدت سعادة لم أذق مثلها من قبل."
رفعت عينيّ اليه. كانت نظراته تتسكّع فوق وجهي، نظرات محملة بشتّى المعاني، وتوقفت عند عينيّ.
شعرت بموجة من الدفء تجتاح كياني تحت وطأة نظراته وخفق قلبي بلهفة.
قلت: "ربما من الأفضل أن نعود الآن الى الداخل."
"لماذا؟ دعينا نبقى هنا قليلا."
أحسست بصراع في نفسي. من جهة، أتوق لبقائه بقربي. ومن جهة أخرى، أحسّ أن عليّ إبعاده عني.
بعد لحظات... قلت برجاء: "إذهب يا حسام."
فسمعته يقول دون أن يقطع عني عينا: "إن ذهبت... أريدك أن تذهبي معي."
"الى أين؟" سألته متفاجئة.
قال بصوت بالكاد يُسمع: "الى أي مكان نكون فيه معا. لا أريد أن نفترق الليلة."

يتبع....



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء رباب ماردين 25
- اختفاء رباب ماردين 24
- العائد
- انفجار السكوت
- انما للصبر حدود
- مفاجآت على الطريق
- حبيبتي الفيسبوكية
- اختفاء رباب ماردين 23
- اختفاء رباب ماردين 22
- فرحة الولد
- اختيار السعادة
- ممنوع اللمس
- صباح التعصيب
- شرود
- اختفاء رباب ماردين 21
- مؤتمر اللغة الشركسية في أنقرة
- العطر
- اختفاء رباب ماردين 20
- اختفاء رباب ماردين 19
- اختفاء رباب ماردين 18


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 26