أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 19















المزيد.....

اختفاء رباب ماردين 19


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 22:56
المحور: الادب والفن
    


مفاجآت حفلة عيد الميلاد

كانت حفلة عيد ميلاد وسام حدثا مهما. اخترت أن ألبس فستانا طويلا من الشيفون باللون البنفسجي. كان ثوبا ناعما، رشيقا وأنيقا في ذات الوقت. لبست عقدا جميلا من الذهب الأبيض حول رقبتي وجعلت شعري ينسدل على كتفي بتموجات ناعمة. وبينما كنت أستطلع صورتي في المرآة سمعت دقة على الباب. كان ذلك وسام. وقف خلف الباب في بذلته الفاخرة الأنيقة، تأملني للحظتين، ثم قال وابتسامة واسعة تلمع على شفتيه: "تبدين رائعة."
"شكرا لك."
هبطنا معا الى القاعة التي كانت مخصصة لمثل تلك المناسبات.
كان الجميع حاضرا. السيدة ماردين، حسام ماردين، عصام وحميدة وكلوديا أخشيد، أما البقية فقد كانوا من معارف وأصدقاء وسام. لمحت حسام في بذلة سوداء جميلة، وهو يكلم سيدة شقراء، أنيقة، تبدو في الأربعينيات من العمر، وكانا غارقين في حديث جاد تتخلله ضحكات الشقراء المرِحة. أما أكثر من شد نظري في الحفلة فهي كلوديا، فقد بدت في غاية الأناقة بثوب فاخر بلون ذهبي مطرز بالخيوط الحريرية، وشعرها المرفوع يبرز تقاسيم وجهها الجميلة، ويضفي عليها رونقا وألقا فوق جمالها الآسر. كانت تشع سحرا خلابا يستقطب من حولها.
قدمني وسام الى بعض أصدقائه وصديقاته وتبادلنا معهم أطراف الحديث، ثم انطلقت نغمات الموسيقى فدعاني وسام للرقص. لاحظت حسام وهو يراقص تلك السيدة الشقراء وبدا وكأنهما يعرفان بعضهما حق المعرفة. استغربت في داخلي من تكون؟!
"تعالي نذهب الى أمي." قال لي وسام بعد مدة واصطحبني اليها.
كانت جالسة في مقعدها مع السيدة أخشيد في إحدى الزوايا والابتسامة لا تفارق وجهها.
اقترب منها وسام واحتضنها برقة.
"كل عام وأنت بخير، يا حبيبي." قالت وهي تطبع قبلة على خده. ثم ناولته هديته، ساعة ذهبية فاخرة، وضعها في معصمه وشكرها.
بادلتني السيدة ماردين بنظرة متأملة وقالت والابتسامة تغطي وجهها: "أنت تبدين رائعة يا آنسة مدنية."
"شكرا لك، سيدة ماردين. هذا لطف منك." قلت.
ثم اقتربت السيدة أخشيد وباركت لوسام وناولته هدية. شكرها وسام مصافحا، ولم يمضِ إلا لحظات حتى جاء صوت كلوديا من خلفنا.
"كل عام وأنت بخير، يا وسام." قالت مهنئة ونقلت عينيها بيني وبين وسام.
"وأنت بخير وسعادة، يا كلوديا." رد وسام.
رأيت نظراتها تتوقف لدي. "كيف حالك يا آنسة مدنية؟؟" سألت.
"أهلا كلوديا. أنا بخير. وكيف أنت؟ تبدين في غاية الروعة هذه الليلة." قلت لها بأدب.
"وأنت تبدين أنك تستمتعين بوقتك كثيرا هذه الليلة." سمعتها تقول بصوتها العذب وقد امتزج فيه شيء من الهزء، أم أنه كان من محض خيالي؟؟
أجبت وأنا أحافظ على نبرة طبيعية: "فعلا. أليست حفلة رائعة؟!"
ابتسمَت ابتسامة مبهمة ولم تعلق.
ثم توجهَت الى وسام قائلة: "ألن يدعوني صاحب عيد الميلاد للرقص؟"
"طبعا، طبعا. وهل يجوز غير ذلك؟" سمعت وسام يتمتم وقد بدت على وجهه علامات الارتباك بطريقة غير قابلة للتفسير.
ثم تركا المكان متجِهَين الى حلبة الرقص.
وقفتُ أراقب الحضور للحظات وأفكر في كلوديا. كم تبدو جميلة وأنيقة! ولكن... أحس فيها شيئا من الغموض. من أين لها هذه الأناقة البالغة؟ وما مغزى نظراتها الغريبة الي؟
نظرت اليها وهي تراقص وسام. إنها تبدو أكبر من عمرها بقوامها الجميل، وشعرها الذهبي المرفوع وحضورها الذي يطفح سحرا ووقارا، وأكثر من ذلك، إنها تبدو أجمل نساء الحفلة.
بعد دقائق، ذهبت لأخذ كوب من العصير حين فوجئت بصوت من خلفي. "أتسمحين لي بهذه الرقصة؟"
استدرت الى الوراء فوجدت أمامي حسام ماردين وهو يمد لي يده. نقلت عينيّ بين يده الممدودة وعينيه البراقتين برقة غامضة.
"طبعا." قلت وأنا أسلمه يدي ليرافقني.
أحسست بلذة خاصة وأنا أراقصه. ظننت أنه يبدو جذابا، واحمرّ وجهي تحت وطأة نظراته... نظرات دافئة... حانية. أرخيت رأسي.
"أتظنين أنه سيغضب؟" وجدته يسأل فجأة.
"من؟"
"وسام."
"ولماذا يغضب؟"
"لأنني أراقصك." أجاب. ثم أردف: "انه حريص جدا عليك."
ارتبكت بعض الشيء. قلت: "أنا آسفة بهذا الشأن. لم يكن من حقه أن يطلب منك ألا تقترب مني."
"يطلب؟!"
"أليس ذلك ما حصل؟"
رد بعد تفكير: "لا يهُم." وسد فمه.
بعد لحظة من صمت، سألته: "من هي تلك الحسناء التي كنت تراقصها قبل قليل؟" ولم تخلُ نبرتي من الغمز.
ابتسم ابتسامة صغيرة ورد: "إنها نجلاء رستم، إحدى أهم زبونات الشركة، والوحيدة، ربما، التي لم تفقد بعد ثقتها بي."
"يبدو أنكما تعرفان بعض جيدا؟!"
"إنها زبونة قديمة وكانت لها تعاملات كثيرة مع الشركة في السنوات الأخيرة." قال، وأنا تساءلت بيني وبين نفسي إن اقتصرت تعاملاتها على الشركة أم امتدت الى غير ذلك؟!
سمعت حسام يضيف قائلا: "لقد أحزنها ما حل بي فجاءت تعرض علي المساعدة."
"كيف؟!"
"عرضت علي العمل معها. إنها تملك شركة كبيرة وأنا أعرفها."
"حقا؟ وبماذا أجبتها؟"
"طلبت أن تمهلني للتفكير."
"وهل ستقبل عرضها؟"
"لا أدري."
خيمت علينا فترة صمت رمقني خلالها بنظرات رقيقة، متأملة، وكأنه يتحسس وجهي من بعيد.
سألته وأنا أغالب حرجي: "لماذا تنظر إليّ هكذا؟"
أجاب والابتسامة تلمع على شفتيه: "لأنك متألقة هذه الليلة."
ضحكت وأنا أسبل عيني ببهجة. "شكرا لك." قلت. ثم أضفت: "وأنت أيضا تبدو أنيقا."
"هذا إطراء أعتز به." قال.
افترقنا بعد نهاية الرقصة وأخذت أجوب القاعة بعينيّ بحثا عن وسام. ولكن عبثا. لم أره في أي مكان. سألت أحدهم فقال لي إنه شاهده مع كلوديا وهما يسيران نحو الشرفة.
خرجت الى الشرفة التي كانت تؤدي الى الحديقة، ولكنها كانت خالية. وما كدت أستدير للعودة حتى وصل الى مسمعي صوت من خلف الشجيرات القريبة. اقتربت من مصدر الصوت فسمعت صوتين. الأول حاد وعال والثاني هادئ الى حد الهمس.
"كل هذا لا يعني شيئا." قال الصوت الهادئ. "إنها حفلة عيد ميلادي. الكل جاء ليهنئني ويحتفل معي. الواجب أن أكون لطيفا."
"ولماذا يجب أن تحتفل بعيد ميلادك كل عام؟ لست أفهم."
"إنها مجرد حفلة. أنت تعلمين أنني أحب المتعة."
"والنساء!"
تسمّرت قدماي في مكاني واحتبست أنفاسي داخل صدري. عرفت صوت التي كانت تعاتب وسام وكأنه ملكها، وظننت أن عليّ مغادرة المكان بسرعة، ولكن دهشتي كانت كبيرة وفضولي مشتعل بداخلي ويمدني بالجرأة، وربما الوقاحة، للبقاء والتنصت.
"كلوديا، حبيبتي، أرجوك أن تهدئي وتفهمي. إنهن مجرد صديقات أعرفهن من العمل أو سواه."
"والآنسة مدنية؟ ماذا عنها؟ لماذا اخترتها هي بالذات كي تكون مرافقتك؟ ماذا يوجد بينكما؟"
"لا يوجد شيء. مجرد صداقة."
"كان الأجدر أن أكون أنا مكانها."
"هل جننت؟! وماذا سيقولون عنا؟ ماذا سيفكرون؟ يجب ألا ندع أحدا يشك بنا، كم مرة قلت لك هذا الكلام؟ يجب أن نبعد عنا كل الشكوك. هذا أمر في غاية الأهمية."
"الى متى؟ الى متى نبقى على هذه الحال؟"
"الى أن تهدأ الأمور. على الأقل الى أن يتم إغلاق قضية مقتل السيدة نخايلة. والآن، هيا، لنعُد الى الداخل بسرعة، وأرجوك أن تتصرفي كما ينبغي."
"انتظر. حسن، اسمع يا وسام. بعد أن تهدأ الأمور مباشرة سنعلن خطبتنا. أنا لم أعد أحتمل الوضع. وها هما والداي يريدان أن ننتقل من البيت. أريد أن نتزوج بأسرع وقت. لم أعد قادرة على إخفاء الأمر."
"حسن، حسن. لا بأس يا عزيزتي. يجب أن تتحلي بالصبر حتى تهدأ الأحوال، وبعد ذلك، لكل حادث حديث."
"اذن فأنت موافق؟"
"على ماذا؟"
"أن نتزوج بأسرع وقت."
"لا تقلقي. سيحصل ذلك عاجلا أم آجلا. ولكن اصبري قليلا ولا تستعجلي الأمور، كي لا نندم بعد ذلك. لنعد الآن. هيا بسرعة."
أسرعت للاختباء وراء الشجيرات وراقبتهما وهما يعودان الى داخل القاعة.
كنت مبهوتة!
وسام وكلوديا؟!
كيف يُمكن ذلك؟ أكاد لا أصدق! انها في السابعة عشرة من عمرها فقط وهو في الثلاثين. أهذا يُعقل؟ ربما لهذا يخفيان الأمر. ولكن... ما علاقة مقتل السيدة نخايلة في الأمر؟!
أحسست برغبة في ترك المكان والانفراد بأفكاري، ولكن ماذا سيفكرون إن تركت دون علم أحد؟ كان علي العودة وكأن شيئا لم يحدث.
حاولت استرجاع نفسي وأنا أعود الى الداخل.
ظهر وسام الى جانبي وسألني متعجبا: "أين كنت يا عزيزتي؟ كنت أبحث عنك."
تأملته قليلا وأنا أغالب انفعالي. إنه يبدو وكأن شيئا لم يحدث! أجبته: "ذهبت لقضاء حاجة بعد أن اختفيت فجأة."
"انا آسف أنني أهملتك. تعلمين، الكل يريد تهنئتي وأنا لا أملك الا أن أكون لطيفا."
"لست مضطرا لشرح نفسك."
"شكرا لك يا عزيزتي. كم أنت متفهمة." قال. ثم وجدته يجذب يدي ويقول: "لينة، تعالي معي. أريد أن أقول لك شيئا."
"الى أين؟"
"تعالي فقط."
وجدته يخرج بي الى الشرفة، وأنا حاولت جاهدة ألا أفضح ارتباكي الشديد. ثم مر بي من نفس المكان الذي كان قبل قليل مع كلوديا وقادني الى الحديقة الصغيرة.
"أعرف أنك تحبين هذا المكان." قال وهو ما يزال يمسك بيدي.
بقيت صامتة أتأمل وجهه بفضول وارتباك. عرفت أنه سيقول شيئا مهما.
"تعلمين؟ لقد أعجب بك أصدقائي."
"حقا؟؟"
أومأ بعينيه أن نعم. "كلهم أقروا بجمالك ورقيك." ثم أضاف بصوت ناعم: "وأنا أول من يقرّ بذلك."
ابتسمت له. "هذا لطف شديد منك." قلت.
"لينة... تعلمين، أنا عرفت العديد من النساء في حياتي، ولم أصل يوما مع واحدة منهن الى قناعة في نفسي ورغبة أن أتنازل عن حريتي التي أقدسها، وربما أبالغ في ذلك. ولكن..." ضغط على يدي وتحسس أصابعي، واستأنف قائلا: "حين أكون معك أحس أني لا أريد أن نفترق. أريد أن تبقي معي دائما. أنا أحبك يا لينة. وأنت أول امرأة أقول لها هذا الكلام من صميم قلبي. وأنت أول امرأة أقول لها... تزوجيني."

يتبع..



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء رباب ماردين 18
- إختفاء رباب ماردين 17
- إختفاء رباب ماردين 16
- إختفاء رباب ماردين 15
- إختفاء رباب ماردين 14
- شركس 100%
- إختفاء رباب ماردين 13
- ضميني
- إختفاء رباب ماردين 12
- اختفاء رباب ماردين 11
- إختفاء رباب ماردين 10
- إختفاء رباب ماردين 9
- إختفاء رباب ماردين 8
- إختفاء رباب ماردين 7
- اختفاء رباب ماردين 6
- الرجل غير العادي
- إختفاء رباب ماردين 4
- اختفاء رباب ماردين 3
- شيء من دفء- قصة قصيرة
- إختفاء رباب ماردين 2


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 19