أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 25















المزيد.....

اختفاء رباب ماردين 25


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4420 - 2014 / 4 / 10 - 19:58
المحور: الادب والفن
    


الجثة

جلس المحقق غانم على الأريكة على مسافة من الجميع. تكلّم بلهجة متّزنة: "في الأسابيع الماضية، خلال تحقيقي في قضية مقتل السيدة نخايلة، اكتشفت أمرين مهمين. الأول، ربما سيفاجئكم سماعه، وهو أن السيدة نخايلة كانت متزوّجة ولها عائلة تسكن في مكان بعيد من هنا. لقد تزوّجت السيدة نخايلة عندما تركت العمل هنا قبل أكثر من ثلاثين عاما، وأنجبت صبيا ولم يكن في نيتها أن تعود الى هنا. ولكن شاءت الظروف أن يتعرّض زوجها الى حادث أخلفه مقعدا الى آخر أيامه، وغير قادر على إعالة أسرته. فقرّرت السيدة نخايلة العودة الى البيت والى عملها، بعيدا عن عائلتها، وكانت تبعث لهم بالمال. في مرحلة ما، بدأت السيدة نخايلة تبعث لهم بمبالغ كبيرة من المال. وكان ذلك... بعد اختفاء السيدة رباب، زوجة السيد حسام ماردين.
أما الأمر المهم الثاني الذي أثار اهتمامي، هو اكتشافي أن نفس المبالغ الكبيرة التي بعثت بها السيدة نخايلة الى عائلتها نزلت من حساب السيدة ماردين في البنك في نفس الفترة الزمنية. وخلال استجوابي اليوم مع السيدة ماردين قالت لي إنها كانت تعطي المال لابنها الأكبر، وسام. وحين استفسرت من السيد وسام عن حاجته الى المال ادّعى، في البدء، أنه صرف المال على اللهو والمتعة. ولم أكن لأصدّق هذا الكلام بالطبع. فكيف تكون نفس المبالغ التي يأخذها من والدته تصل الى عائلة السيدة نخايلة؟! إذن، لا بدّ أن السيد وسام كان يعطي المال للسيدة نخايلة. ثم اعترف السيد وسام بذلك لاحقا وقال إن السيدة نخايلة كانت تبتزّه لأنها كانت تعرف عنه سرا لا يريد أن تكشفه. فكان بذلك يشتري صمتها.
وهكذا، كانت السيدة نخايلة تبتزّ السيد وسام وتبعث المال الى عائلتها المحتاجة. فوجدت أن ذلك يشكّل دافعا قويا كي يرغب السيد وسام بالتخلّص من السيدة نخايلة!
ولكن... أنكر السيد وسام أنه قتلها ودافع عن نفسه بقوله إنه دفع للسيدة نخايلة مبلغا آخر من المال قبل مقتلها بيوم واحد، فلِم يدفع لها إن كان سيقتلها؟! ولكن المال لم يوجد في غرفة السيدة نخايلة."
ثم توجّه المحقق غانم الى وسام قائلا: "فكيف تفسّر ذلك يا سيد وسام؟"
قال وسام بنبرة تنم عن الاضطراب: "ربما أودعته في البنك أو بعثته الى عائلتها."
"لقد تحققت من ذلك أيضا. ووجدت أن المال لم يصِل الى العائلة ولم تودع أي مبلغ في البنك." قال المحقق غانم.
قال وسام: "أنا لا أدري ماذا فعلت بالمال. أدري أنني أعطيتها المال بيدي في اليوم الذي سبق موتها."
"ولكن انا أدري!" هتف المحقّق غانم فجأة وقام من مكانه. واصل بلهجة حادة: "أدري أنك من قتل السيدة نخايلة! كل الأدلة ضدك. خاصة أنك اعترفت بأنها كانت تبتزّك، فأردت التخلّص منها!"
"لا! لا! لم أقتلها! أقسم إني لم أقتلها!" هتف وسام وقد احتقن وجهه وبدا عليه الانفعال البالغ.
"إذن من قتلها؟" صاح به المحقق غانم.
"لا أدري. لا أدري شيئا! ولكني لم أقتلها! أقسم إني لم أقتلها! صحيح أنني كنت مستاءً من ابتزازها لي، ولكنني لم أقتلها! أقسم إني لم أفعلها!"
تحرّك المحقّق غانم نحو مقعده وجلس من جديد. استعاد صوته هدوءه الأول حين قال متوجّها الى وسام: "لقد شكّكت فيك منذ اعترفتَ أن السيدة نخايلة كانت تبتزّك، ولا شيء كان سيؤكّد براءتك أكثر من أن يوجد المال في غرفة السيدة نخايلة. ولكنني لم أجد في غرفتها أي مال. ولكنني... لم أنسَ ما وجدتُ فيها في نفس ذلك اليوم الذي قُتلت فيه وأثار اهتمامي. فقد وجدت آثارا لنبش في الغرفة، الأمر الذي دلّ على أن أحدهم، وعلى الأرجح أن يكون هو القاتل، عرف بالمال الذي لديها، بحث عنه، وجده وأخذه لنفسه.
خلال التفتيش الذي قمنا به في كل غرف البيت صباح الحادث، وجدنا شيئا أثار تعجّبي. فقد وجدنا مبلغا كبيرا من المال، وهو نفس المبلغ الذي ادّعى السيد وسام بدفعه للسيدة نخايلة، ونفس المبلغ الذي نزل من حساب السيدة ماردين في حينه... في غرفة الآنسة أخشيد!"
تحوّلت عيوننا المملوءة دهشة الى كلوديا التي بقيت ساكنة في مكانها.
واصل المحقّق غانم أقواله: "وقد ادّعت الآنسة أخشيد حينها أن المال من والدها. إلا أن والدها أكّد لنا أنه لم يعطِها مبلغا كهذا في حياته. فمن أين حصلتِ على ذلك المال يا آنسة أخشيد؟"
أجابت كلوديا بصوتها المتّزن: "إنه كان من وسام. لقد سلمني إياه لأننا سنتزوّج. نعم هذه هي الحقيقة. وقد كذبت عليكم حينها لأن وسام طلب مني ألا نعلن علاقتنا لأن الوقت ليس مناسبا. فقد كان متخوّفا من ردود فعل الجميع، وخاصة والدي، بسبب صغر سني."
"إذن، ما رأيك، يا آنسة أخشيد، لو قلت لك إن السيد وسام لم يكُن ينوي الزواج منك؟! أليس كذلك يا سيد وسام؟"
"هذا صحيح." ردّ وسام. "لقد وعدتها بالزواج شفقة عليها بعد أن رأيتها متعلّقة بي."
"كاذب!" هتفت كلوديا وقد هبّ بها الانفعال.
"أي أنك، يا آنسة أخشيد، لم تتسلّمي المال من وسام." قال لها المحقّق غانم. "فكيف حصلتِ على المال؟"
"أقسم إن وسام أعطاني إياه!"
"قل لنا الحقيقة، يا سيد وسام. لمن أعطيتَ المال؟ للآنسة أخشيد أم للسيدة نخايلة؟"
"للسيدة نخايلة."
"هذا يعني أنك، يا آنسة أخشيد، أخذتِ المال من غرفة السيدة نخايلة... بعد أن قتلتِها! أليس ذلك ما حصل يا سيد وسام؟"
"لا أدري. ولكن كلوديا كانت تلحّ عليّ ألا أعطي السيدة نخايلة شيئا وأن... أن أتخلّص منها. كانت تقول إن الطريقة الوحيدة للخلاص من ابتزازها هي قتلها، وإن لم أفعل ذلك لن أنتهي من شرها الى الأبد. وقالت لي إنها ستساعدني في ذلك. ولكنني لم أكن أقبل، فأنا جبان. لا أستطيع أن أقتل."
أدار المحقّق غانم وجهه نحو كلوديا وأخذ يرمقها بحدة.
قالت كلوديا متوجهة الى وسام: "أتتّهمني بالقتل يا وسام؟" وكانت شرارة الغضب تنطلق من عينيها. "تتهمني بالقتل؟ حسن. إذن دعني أخبرهم بشيء صغير عنك."
توجّهت إلينا بوجهها الذي عجّ بالانفعال، وقالت: "السيدة نخايلة بدأت تبتزّ وسام بعد أن اختفت رباب. أليس هذا ما قلتَه بنفسك يا سيد غانم؟ حسن. لماذا؟ لماذا بعد اختفائها بالذات؟ ألم تسأل نفسك هذا السؤال أيها المحقق غانم؟ والحقيقة هي أن السيدة نخايلة اكتشفت حين كانت ترتّب غرفة نوم السيد حسام والسيدة رباب بعد يومين من اختفائها، اكتشفت أن وسام كان في الغرفة، فقد وجدت فيها أيقونته التي كان يضعها دائما حول رقبته وهي مقطوعة! فعرفت أن وسام كان في غرفة نوم رباب يوم اختفائها وأن الأيقونة تقطّعت أثناء القتل! نعم! لقد قُتلت رباب على يد وسام! وأنا سمعت كل شيء! لأني كنت ألاحقه. ورأيته يدخل الى غرفة السيدة رباب بصحبتها من الباب الخلفي. بقيتُ بالقرب من الغرفة والغيرة تحرقني. وبعد مدة، سمعت صراخا وزعيقا. سمعت صوت وسام غاضبا جدا. ورباب ترجوه أن يتركها. ثم همدت الأصوات. ورأيت وسام يغادر الغرفة بعد مدة. ولم أسمع صوت رباب بعد ذلك."
بدا وسام فاقد اللون وشديد الاضطراب. هتف قائلا: "أنا لم أقصد قتلها! لم أقصد بالفعل! هي التي ماتت... ماتت فجأة."
خرس وأمسك رأسه بيديه. لم يقُل المحقّق غانم شيئا. ظلّ يرمقه طويلا. نظرتُ الى حسام فوجدته مطرق الرأس...
بعد لحظات الصمت المشحونة بالتوتر، رفع وسام وجهه وقال بصوت يخنقه اليأس: "سأعترف بكل شيء. أنا ورباب كنا نحبّ بعضنا قبل أن تتزوّج، والكل على علم بذلك. ولكنني لم أكن مستعدا للزواج. فخاب أملها وتزوّجت من حسام. ولكن حبنا بقي كما كان. وكنا نلتقي بالسر بعد زواجها. طلبت منها أن تترك حسام فأتزوّجها، ولكنها لم تقبل وأرادت أن نبقى كما كنا، عشيقين. كنا نلتقي في أماكن عديدة داخل البيت وخارجه. وفي ذلك اليوم، اتّفقنا أن نلتقي في غرفتها بعد أن يذهب حسام الى العمل. ولكي لا يشكّ أحد بالأمر، خاصة حسام، الذي بدا وكأنه بدأ يشكّ بنا في الآونة الأخيرة، طلبت منه رباب أن يذهبا الى جولة على الشاطئ بعد الغداء. ولم تعُد الى البيت معه مدّعية أنها ستذهب الى المدينة. وبعد أن غادر حسام الى العمل التقينا في الحديقة وتسلّلنا معا الى غرفتها من الباب الخلفي. وفي غرفتها، اندلع شجار بيننا بعد أن استفزّتني عمدا وأغاظتني. وفجأة... وجدت نفسي أمسك برقبتها وأشدّ عليها بكل قوتي. لم أكن أعي ما أفعل من شدة غضبي. ثم وعيت عليها وهي هامدة. وحين تركت من قبضتي تهاوت على الأرض ميتة. أقسم إني لم أقصد قتلها!"
كفّ وسام عن الكلام.
سأله المحقق غانم وهو يحثّه: "وبعد ذلك؟"
قال وسام وصوته ينمّ عن اضطرابه الشديد: "محوت بصماتي من كل أجزاء جسدها وأسرعت لمغادرة الغرفة."
"وماذا فعلت بالجثة؟"
"تركتها كما هي على الأرض."
"ولكن الجثة لم توجد!" قال المحقّق غانم. ثم توجّه الى حسام وسأله: "سيد حسام، متى عدتَ الى الغرفة؟"
ردّ حسام: "قبل الثامنة بدقائق قليلة."
"ولم تجد زوجتك؟"
"لا. لم يكن هناك شيء."
"إذن، كيف يكون ذلك؟؟" توجّه المحقّق غانم الى وسام. "كم كانت الساعة حين غادرت الغرفة؟"
"أظنّ أنها كانت قد تجاوزت الخامسة والنصف."
"لو كنت قد تركت جثة ميتة على الأرض عند الخامسة والنصف فأين هي؟"
"لا أدري. وأنا أيضا فوجئت كثيرا حين علمت أن الجثة لم توجد. فقد ظننت..." انقطع وسام عن الكلام.
فأكمل له المحقق غانم: "أن حسام سيعود ويجد جثة زوجته فيُتّهم بقتلها؟!"
لم يجِب وسام على السؤال. أرخى عينيه الى الأسفل.

يتبع...




#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء رباب ماردين 24
- العائد
- انفجار السكوت
- انما للصبر حدود
- مفاجآت على الطريق
- حبيبتي الفيسبوكية
- اختفاء رباب ماردين 23
- اختفاء رباب ماردين 22
- فرحة الولد
- اختيار السعادة
- ممنوع اللمس
- صباح التعصيب
- شرود
- اختفاء رباب ماردين 21
- مؤتمر اللغة الشركسية في أنقرة
- العطر
- اختفاء رباب ماردين 20
- اختفاء رباب ماردين 19
- اختفاء رباب ماردين 18
- إختفاء رباب ماردين 17


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - اختفاء رباب ماردين 25