أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الضمبازا














المزيد.....

الضمبازا


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 19:12
المحور: الادب والفن
    



ليلة أمس عندما أفقت على السحور وسمعت صوت "الضمبازا"* وهو يمر من الحارة، أسرعت الى الشباك المطل على الشارع وفتحته بحذر. راقبت المسحراتي كما في أيام الطفولة، وهو يدقّ على "الضمبازا" التي تصدر موسيقى من أجمل ما سمعَته وعشقَته أذناي. بعض الفتيان كالعادة كانوا يرافقونه ويلحقون به، يدردش معهم، يضحك أحيانا، فتختلط عليه الدقات، وأحيانا تتوقف تماما، وتتوقف خطواته معها أحيانا، وأحيانا أخرى يكمل مسيرته دون أي توقف، يبتعد بسرعة، وتخفّ معه دقات الضمبازا حتى تتلاشى تماما.
هذا المنظر ذكرني بأيام زمان، أيام طفولتي في حارتي القديمة في بيت جدي وجدتي، إذ كنت في كل شهر رمضان أنتظر بشوق ولهفة صوت الضمبازا، وأوصي أمي أن توقظني كي أشاهد الضمبازا، أو المسحراتي الذي يدق على الضمبازا، وحين كنت صغيرة أكثر كنت أخرج الى الحارة حتى يدعني "العازف" أدقّ على الضمبازا، وكانت هذه قمة المتعة والسعادة لي كطفلة صغيرة.
حارتي القديمة كانت تقبع في قلب القرية، قريبا من الجامع. إذ سكن السكان الأوائل في قريتي كفر كما في محيط الجامع وبدأوا بالتوسع شيئا شيئا، جيلا بعد جيل. شوارع الحارة كانت ضيقة، بالكاد تتّسع لسيارة واحدة، والبيوت قريبة من بعضها البعض، مسوّرة، متلاصقة بساحاتها وأحواشها، مطلة على بعضها البعض، متلصّصة على بعضها البعض. ولكن، رغم كل شيء، كان الدفء يغمر النفوس، والألفة تجمع القلوب، والمحبة تنتشر بين الأهالي، العلاقات حميمة، الزيارات كثيفة، التكاتف كبير والمشاركة دائمة في الأفراح والأتراح.
بعد أن كبرتُ قليلا، لم أعد أخرج الى الحارة لأدق على الضمبازا. ولكنني كنت ما أزال أستمع الى دقاته بفرح وشوق، أراقب "عازف الضمبازا"، الذي كان في العادة فتى يافعا، أراقبه من الشباك وهو يمر من الحارة بصحبة فتيان آخرين في نفس عمره. وكنت أبقى في سريري حتى بعد أن يمرّ من الحارة، أستمع وأستمتع بسماع دقاته وأحاول أن أخمّن أين وصل الآن؟ في أي حارة؟ وأصغي الى ضحكات الفتيان المرافقين له والى أطراف أحاديثهم التي تصل الى مسمعي. كنت أحسّ كأنني أشاهد فيلما دراميا مثيرا للاهتمام والفضول.
وكان هذا الفيلم يستغرق زمنا ليس قصيرا، ربما أكثر من نصف ساعة، منذ اللحظة التي تبدأ فيها دقات الضمبازا تصل الى مسمعي من البعيد كطرقات خفيفة، تعلو وتكبر حتى تصل الى الحارة، تمر منها، تبتعد شيئا فشيئا، ثم تتلاشى تماما.
لم أعد أسكن في حارتي القديمة منذ زمن طويل. تركتها مع عائلتي حين كنت في الثامنة من عمري. حارتي اليوم تختلف كثيرا عن حارتي القديمة، حارة في أطراف القرية، لها شارع واسع يوصل الى آخر الحارة، تنتصب على ضفتيه بيوت كبيرة حديثة، جميلة، يسكنها الجيل الجديد من أهالي القرية.
لم يطل سماعي لصوت الضمبازا كثيرا. بدأت الدقات دفعة واحدة من طرف الحارة، مرّت من البيت، ابتعدت بسرعة... وتلاشت خلال دقيقتين أو ثلاث على الأكثر.

كفر كما

...........................................................................................
* ضمبازا- طبل (بلغتنا)



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء رباب ماردين 27
- اختفاء رباب ماردين 26
- اختفاء رباب ماردين 25
- اختفاء رباب ماردين 24
- العائد
- انفجار السكوت
- انما للصبر حدود
- مفاجآت على الطريق
- حبيبتي الفيسبوكية
- اختفاء رباب ماردين 23
- اختفاء رباب ماردين 22
- فرحة الولد
- اختيار السعادة
- ممنوع اللمس
- صباح التعصيب
- شرود
- اختفاء رباب ماردين 21
- مؤتمر اللغة الشركسية في أنقرة
- العطر
- اختفاء رباب ماردين 20


المزيد.....




- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن تشكيلة لجنة تحكيم دورته ...
- اتحاد الأدباء يحتفي بالشاعر عذاب الركابي
- من أرشيف الشرطة إلى الشاشة.. كيف نجح فيلم -وحش حولّي- في خطف ...
- جدل بعد أداء رجل دين إيراني الأذان باللغة الصينية
- هل تحبني؟.. سؤال بيروت الأبدي حيث الذاكرة فيلم وثائقي
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- الأخوان ناصر: إنسان غزة جوهر الحكاية.. ولا نصنع سينما سياسية ...
- -سيرة لسينما الفلسطينيين- محدودية المساحات والشخصيات كمساحة ...
- لوحة للفنان النمساوي غوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يُب ...
- معاناة شاعر مغمور


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الضمبازا