أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر العراقي - السعادة في التطوع/ قصة














المزيد.....

السعادة في التطوع/ قصة


باقر العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 5094 - 2016 / 3 / 5 - 15:20
المحور: الادب والفن
    


السعـادة في التطوع
في شهر تموز وعند منتصف الليل تماماً، كنت قد أنهيت واجبي في حراسة الرادار الفرنسي العتيق، المسمىi-o-c كانت ليلة صيفية جميله منعشة، عدت إلى سريري الذي أخرجته عصرا من القاعة الحامية، والتي أخذت حرارتها من حر الصحراء اللاهب، في منطقة نائية، غرب مدينة الناصرية 0
إستلقيت على السرير متأملاً وجه القمر، والذي طالما يعطيني أملا في الحياة، وتفاؤلاً لا حدود له، أرخيت عيوني وذهبت في غياهب النعاس، وبعد فترة قصيرة سمعت أنيناً من مكان قريب، صرخت فزعا: أنه صراخ طفل...! وفي مكان قريب..! بل هو مولود صغير..!، يا الهي.... ما هذه المصيبة نحن في الصحراء، من أين جاء هذا المولود؟ حتى أنه لا توجد نساء هنا، وبعد فترة أزداد الأنين ولأكثر من طفل هذه المرة.
نهضت من السرير مفزوعاً، وأخذت أبحث عن هذه الأصوات، وقدماي تتسابقان مع بعضهما البعض، وأنا اقترب نحو الأنين، وإذا بي أرى كلباً يئن ويتوجع ويعوي، لكنه ليس ذلك الصوت الذي سمعته من فراشي، وقفت في سكون الليل منتظراً خروج الأنين، فأخذ يظهر من جديد، وسمعته يخرج من تحت قدمي، من باب "بالوعة" الحمامات القديمة المهجورة0
عندها أدركت أن هناك جراء، وهذه أمهم التي تتوسل اليَ، وهي بالفعل الأم الثكلى، حينها أتضح كل شيء بالنسبة لي، فالبالوعة عميقة ومبنية بالكونكريت المسل، وتحتوي فضلات جنود كتيبة الإنذار والسيطرة، تُراكمت منذ فترة طويلة ،أخذت أفكر ماذا افعل؟ والأنين يزداد، والأم بجواري تلوذ بنفسها، وتطلق الحسرات والآهات مطأطئةً رأسها بين قدماي، أخيراً قررت مساعدة الأم، ونزلت إلى الحفرة، وأخذت أبحث عن شيْ انزل عليه، متأرجحا وممسكا بكلتا يديَ، بفتحتها الصغيرة من الأعلى، لكن دون جدوى، فلم أستطع لمس القاع0
لم تصل قدماي إلى القاع، خرجت لأبحث عن شيء أنزل عليه في الحفرة، وجدت علبة زيت كبيرة قديمة، أمسكتها بأصابع رجلي وأنزلتها رويدا رويدا، ونزلت وراءها، كان الظلام دامسا في الداخل، والرطوبة عالية جدا، والحشرات تتناثر على جسدي من كل جانب، لكنها لن تثنيني، أخذت أتلمس الأرض المملوءة بالقاذورات، إلى أن أمسكت أحدهما.
نظرت إلى الفتحة التي كانت أملي في الخروج فرأيت القمر، وقد ظلل نصف وجهه، وجه الأم الثكلى، وكأنها تناديني :-أعطيني صغيري، أرجوك - أرجوك، فأخرجته من باب الحفرة، وعدت أبحث عن الأخر، الذي يسكن عندما أتحرك، فكرت بالخروج وتركه، التفت نحو فتحة البالوعة فوجدت الأم تنظر لي وكأني أرى دموعها تنسال على خديها، عندها قررت أن لا أخرج إلا مع الصغير الآخر0
فعلا كان لي ذلك، بعد جهد جهيد، وخوف شديد، ووقت أستغرق نصف ساعة تقريبا، خرجت مزهواً فخوراً بنفسي، رغم القذارة والروائح الكريهة، فجأة إعترضتني الأم، وجراءها تتراقص بين أرجلها، وكأنها تقول لي أشكرك من كل قلبي، وفقك الله أيها الشاب الصغير.
إغرورقت عيناي وإنهمرت دموعي بحرارة، فرفعت رأسي ونظرت إلى القمر، رأيته يبتسم لي، ويعطيني أملاً جديداً في الحياة، وسعادةً لا توصف، أحسست حينها ببرودة منعشة على وجنتي المتسختين، وعدت أبحث عن ماء لأغتسل، وأنظف ملابسي الملطخة بالقذارة، متسائلا: هل أن مساعدة خلق الله تجلب السعادة؟.



#باقر_العراقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوهرة من ملحمة القصب.
- الأكراد وصبر أم الولد..!
- غزة وصنعاء بين أخوة السعودية وعداوة اسرئيل...!
- كاريزما بأربعة أبعاد، ونظرة إستراتيجية ثاقبة..!
- وزارة الشباب والرياضة، للشباب أولا.
- قصة الانبار من الاستقبال الى النزوح.
- ذُبابة هَزت مبادئي.....!/ قصة فصيرة
- التحالف الوطني، وتسعيرة الكهرباء الجديدة....!
- ثنائية الرفيق والحجي...!
- بعد وعاظ السلاطين: قضاة السلاطين..


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باقر العراقي - السعادة في التطوع/ قصة