مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 5088 - 2016 / 2 / 28 - 00:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحاول المملكة العربية السعودية على الصعيد العربي والاسلامي تقليد سياسة الولايات المتحدة الامريكية في فرض سيطرتها على الدول بالتهديد باستخدام القوة العسكرية لارغامها على الانصياع لاوامرها او فرض حصار اقتصادي قاس وطويل لترويض الدول التي تجد ان تنفيد الاوامر الامريكية اذلال لها ولشعبها. لكن السعودية تبدو كالقرد الذي يقلد سيده فيثير السخرية والضحك.
فالسعودية تعد نفسها قوة اقليمة جبارة، فقط لان لها خزين من السلاح:
فهي ليست قوة اقتصادية، وليست قوة ثقافية، وليست قوة علمية، وليست قوة ديمقراطية، وليست قوة وحدة شعب، وليست قوة حرية. السعودية لا تملك الا اسودان تنخفض قيمتها يوما بعد الاخر، هما النفط الاسود والحجر الاسود.
السعودية التي ترث الغباء جيل بعد جيل، لا تقرا تاريخ العواقب الاجتماعية والسياسة التي عصفت بالولايات المتحدة طوال تاريخ سياستها الهادفة الى ان تكون وصية على شؤون الشعوب، ولا تهتم بفشلها المتواصل رغم انه امر معروف على الصعيد العالمي، اذ الولايات المتحدة الامريكية لا تزال تعاني من عقدة فيتنام وعندما ارادت البراء من علتها بانتصار سهل وسريع على النظام الصدامي في العراق، كانت النتيجة كوابيس سياسية واجتماعية ومالية فقد اصبح العراق عنوانا لفشلها الذريع، ليس كهزيمة عسكرية بل كهزيمة مشروع باكمله، حيث قدرت تكلفة الحرب بين 50-60 مليار دولار، وبما ان الاحتلال الأمريكي للعراق دام نحو 9 سنوات، فقد فبلغت تكلفته 2.2 تريليون دولار و فقدت امريكا اخر اوراق مصادقيتها في المنطقة والعالم ايضا اذ ان النظام الذي اتت به فاشل بكافة المقاييس.
نذكر هنا ايضا الحرب العراقية الايرانية، التي اضافة الى التشجيع الامريكي الخليجي لصدام حسين بشن حرب شرسة على ايران، فان من بين اسباب نشوبها هي تكدس الاسلحة ووجود خزين هائل منها عند النظام الصدامي وكذلك تضخم الجيش العراقي حتى فاق المليون عسكري، اهمل صدام كل احتمالات عواقبها وفكرة انها بانها ستكون نزهة وان كانت بين الاشلاء ومستنقعات الدم، لكن هذه النزهة دامت ثمان سنوات وحرقت الاخضر واليابس ودفع صدام ثمنها كرامته ومن ثم حياته.
ويبدو ان المملكة السعودية، مثل صدام، قد اغراها تكدس السلاح وكثرته في ترسانتها العسكرية، فقد زادت واردات المملكة العربية السعودية من الاسلحة الى نسبته 275 في المئة، بينما بلغت نسبة حصتها في السوق العالمية لشراء الاسلحة 7% وتصاعدت هذه النسبة حتى انها انحت بالهند من مركزها الاول لتحتله هي بمشاركة تعدت الـ 6,4 مليار دولار. كما ان مجموع انفاق السعودية والامارات العربية المتحدة على شراء الاسلحة زاد على 8,6 مليار دولار امريكي وهو مبلغ هائل زاد على جميع النفقات المخصصة لشراء الاسلحة للدول الاوربية مجتمعة. ان ذلك اوحى للسعودية بانها قد اصبحت قوة عسكرية اقليمية جبارة لا يستطيع احد قهرها لا سيما وان لها علاقات اواصر ووشائج مع الجماعات الاسلامية المتشددة التي تعيش على الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة.
ادناه جدول يبين شراء الاسلحة كما نشرته مجلة فوربس لسنة 2014 بالدولار الامريكي لنفقات الدول على شراء الاسلحة حيث تتقدم السعودية على الجميع
السعودية 6,6 مليار----$----
الهند 5,57 مليار----$----
الصين 2,60 مليار----$----
الامارات العربية المتحدة 2,21 مليار----$----
تايوان 2,16----$----
استراليا 2,03 ----$----
كوريا الجنوبية 1,91----$----
اندونوسيا 1,81----$----
تركيا 1,54----$----
باكستان 1,43----$----
لقد انفقت السعودية مليارات الدولارت على اسقاط النظام السوري فمولت وسلحت جميع الحركات الاسلامية المتشددة بما فيهم داعش وجبهة النصرة وحركة الاخوان المسلمين الارهابية رغم خلافاتها معهم، وخصصت ملايين الدولارات لشراء ذمم بعض اللبراليين والبعثيين للانشقاق عن النظام، اما قدامى الستاليين والماركسيين والقوميين فقد وجدو ان اسهل الطرق للثروة هو الارتزاق حتى ولو على حساب الوطن. لكن السعودية ورغم كل الجهود والتعب وضياع الاموال لم تحصد سوى الخيبة، وهو امر غير مفاجيء، فهل من احد يحترم السعوديين الا نفاقا وطمعا في البترودولار؟
اما في اليمن، فقد تورطت السعودية في رمال متحركة لا تستطيع الخلاص منها، فما ان ترفع رجل حتى تغوص الاخرى في الاعماق. اليمن ليس تضاريس صعبة فقط، انما شعب مقاتل شرس العزيمة قبائلي صعب المراس لا يمكن لاي قوة ان تتنعم عليه بانتصار دائم، ذلك ان اي انتصار ستكون نهايته اقصر من رمشة طرف عين.
في زمن حكم العقيد علي صالح، ورغم استعانته بالاخوان المسلمين، حزب الاصلاح ومجاميع القاعدة الارهابيين، واستقدامه للضباط العراقيين البعثيين واتباعه اشد وسائل القمع والبطش واستخدامه لجميع انواع الاسحلة بما فيها المحرمة دوليا، لم يستطع تحقيق اي انتصار يذكر.
كذلك نذكر بان الشق بين اليمن الجنوبي والشمالي اتسع ولم يعد ينفع معه الرقع، ومنصور عبد ربه هادي، الذي يتفوق على الملك سلمان باعجميته، فهو لا يستطيع نطق جملة واحدة صحيحة، لا يحترمه الجنوبيون مع انه منهم، وفي الشمال لا يتقبلونه فهو طاريء على السياسة وعلى المكان ايضا. وما هي الا مسألة وقت حتى يجد نفسه مرميا في (الكدافة) اي سلة المهملات حسب التعبير اليمني.
نذكر هنا ايضا بالحراك الجنوبي الذي يعمل جاهدا لاستعادة دولته المستلبة التي استولى عليها علي صالح بالتعاون مع السعودية والاخوان الوهابيين.
اليمن ستكون كابوسا لن يصحى السعوديون منه ابدا، فهم، واسعار النفط تستمر في الهبوط، لا يستطيعون الاستمرار ليس في تمويل الحرب فقط، انما ايضا في مواجهة الحراك الجنوبي والغضب الشعبي اليمني الذي يعقب اي انتصار او هزيمة على حد سواء وكذلك تنامي قوة القاعدة التي تجد في التعاون السعودي الامريكي تهديدا مباشرا لها.
اما في لبنان، فان السعودية، اضافة الى تمويل الحركات الاصولية المتطرفة و تورط امرائها بتشجيع الارهاب وتهريب المخدرات، نذكر هنا بفضحية الأمير السعودي عبدالمحسن بن وليد آل سعود الذي ضبطت بحوزته اطنان من اقراص الكبتاجون، فانها تعمل على زيادة التشظي في المجتمع اللبناني بتحميل طرف مسؤلية التدهور الداخلي والاقليمي، وتضغط ماليا واقتصاديا على هذا البلد الصغير الذي لا يمكن لطرف فيه تحقيق نصر على الطرف الاخر دون اخلال بالبنية الطائفية التي يرتكز عليها النظام السياسي الامر الذي يؤدي الى عدم الاستقرار وزيادة حدة الاضطرابات الاجتماعية والطائفية وعذابات الانسان.
وكنموذج للتفكير البدوي الذي تغريه كثرة السلاح على ارتكاب المجازر نعرض هنا ما قاله نائب رئيس شرطة دبي، ضاحي الخلفان في سلسلة من التغريدات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر:
"ستة شهور قصف جوي على أوكار حزب اللات كفيلة بمسحه من على الأرض.. طائرات بدون طيار خليجية محملة بصواريخ كفيلة بسحق نصر اللات.. ليش متروك يعربد؟"
وهكذا يظن الملك سلمان وابنه ولي ولي العهد محمد بن سلمان، بان السلاح هو الكفيل بتحقيق النصر وهزمية الاعداء، هؤلاء مثل البدوي صدام، لهم نفس طراز التفكير البدائي الغبي، يتجاهلون اثار الحروب المدمرة على الانسان والبيئة والاقتصاد وعلى العلاقات الاجتماعية.
مهما كانت نتائج وعواقب الحرب، اكان في اليمن او في سوريا او في ليبيا او في العراق، فان السعودية تعتبر الخاسر الاول اقتصاديا وسياسا، واذا ما صحى الشعب السعودي من نومه الثقيل فان السعودية ستخسر حتى الجمل بما حمل.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟