أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - فقدان المناعة السياسية في تونس














المزيد.....

فقدان المناعة السياسية في تونس


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5075 - 2016 / 2 / 15 - 15:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لنفترض جدلا أن الأحزاب السياسية في تونس على مستوى خطابها المعلن فعلا فساعتها يزول كل توتر. لكن ما إن يتكلم السياسي حتى نتوغل في التحـليل الازدواجي للغة في علاقتها بالممارسة أولا و في علاقتها بإرادة التورية و البحث عما يراد إخفاؤه وراء الدفع بذاك النسيج من الكلمات.
فزعيم حركة النهضة الاسلاموية الاخوانية إلى اليوم لا يزال ينـفخ في البوق صباحا مساءا مرسلا الأصوات الدالة على منـتهى الطيبة التي تبلغ السذاجة في المناداة بالوحدة الوطنية و بكوننا في وطن واحد يجب أن نتصالح. كلمات جميلة لا يمكن لأي كان أن يرفـضها. لكن ما من شك أن الممارسة التي شهدها الجميع في سنوات النكبة و الكابوسية الترويكوية من هجوم اللحى و الأعلام السوداء الداعشية و بروز الإرهابيـين على المنابر الإعلامية و بين أروقة المؤسسات الحكومية، حتى أن رئيس الجمهورية آنذاك استـقبل المدعو "ريكوبا" احد زعماء ميليشيات ما سمي بـ "حماية الثورة"، إضافة إلى الاغتيالات السياسية و تـنامي أعمال القـتل لجنود و أمنيي تونس الأبرار و لعل أبرزهم العملية الغادرة في سيدي بوزيد التي استهدفت إطارا امنيا بارزا معروف بثـقافته و دماثة أخلاقه و صدقه و إخلاصه في العمل و وطنيته في الذود عن أمن تونس من مواقعه التي اشتغل فيها و هو الشهيد "سقراط الشارني"، الذي تم اغتياله مساء انـتـظار خطاب رئيس الوزراء آنذاك "علي العـريض" لتـقـديم استـقالته، فإذ به يظهر في ساعة متأخرة من الليل ليتحف الإعلاميـين الذين انتـظروه من الساعة الحادية عشر صباحا حسب الموعد المعلن لمؤتمره الصحفي، ليقـول انه سيحارب الإرهاب. و طبعا كانت تلك مهزلة و سخرية و ضحك على الذقـون، فهو مطالب بالرحيل ساعـتها لكـونه متهم من الجميع بمسئوليته عن الإرهاب.
و إننا حين نـركـز على حركة النهضة في مضمار الحديث عن الوحدة الوطنية، فذاك بحكم ا ن أي حديث عن الازدواجية بين الخطاب و الممارسة يستـدعي مباشرة هذه الحركة التي أعلنت الخلافة السادسة عشية انتصارها في انتخابات أكتوبر 2011، و التي صاغت للشعب التونسي المنـفتح على العالم دستورا اخوانيا في جوان 2013 و الذي باركه رئيس المجلس التأسيسي آنذاك " مصطفى بن جعفر" الذي مثل حالة شيزوفرينية رهيبة لكـونه محسوب على العلمانيـين الاشتراكيـين فإذ به يبارك دستورا اخوانيا، تم الانـقـلاب عـليه بفضل الشارع المنـتـفض و انسحاب نواب المجلس التأسيسي المعارضين لحركة النهضة و انضمامهم إلى صفوف الجماهير في إطار ما سمي بـ"اعتصام الرحيل".
و الآن بمقاس زمني يتحـدد بالخريطة السياسية الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة في أكتوبر 2014 و التي تمكن فيها حزب نداء تونس من إحراز الأغـلبية بفضل تجميعه للأصوات المناهضة لحركة النهضة، تـتواصل حركة النـفاق السياسي و ازدواجية الخطاب. الجميع يتحدثـون عن الحداثة و الديمقراطية و العـدالة الاجـتماعية. لكن نجد ميزانية مناهضة للعـدالة الاجتماعية و نجد خطابا جديدا يصعـد في نبرة نكران الثورة حتى أن صحافية قـديمة الطراز تـقـول في التـلفـزيون ان من يـريد الانتحار فلينتحر في بيته. و فعلا فان الانـتحار يقض مضاجعهم. انه أعلى تعبير عن الحرية.
مع كل عملية إرهابية نوعية تخرج حركة النهضة و نداء تونس مطالبة بمؤتمر وطني ضد الإرهاب. أي ان التوجه هو حل إشكالية الإرهاب سياسيا، و تـقول الجبهة الشعبية ان حركة النهضة تـتحمل المسئولية السياسية في الإرهاب، فلا يحـدث المؤتمر.
بعد انـتـفاضة الشارع في شهر جانـفي المنـقـضي ذات الرسالة السياسية الواضحة نجد رسالة أخرى لم يعلن عنها و هي عدم الثـقـة في التـشكيلة السياسية التي تحكم البلاد، و تـدافعت الأصوات للتركيز على مشكلة التـشغيل و التـنمية و لكن الجزء الآخر من الرسالة يبدو انه لم يصل بعـد. الثـقة في السياسيين برمتهم.
و اليوم هناك هوة تـتـسع يـوما فيـوما بين الطبقة السياسية بجميع مكوناتها سواء منها التي في الحكم أو المعارضة، نظرا للتـشويش الكبير الحاصل في المشهد و نـظرا لقصور متوارث في المعارضة التي لم توفـق بعد في تكوين قـطب سياسي قـوي ملهم يـبعث الحماسة و الانـشـداد لأوسع فئة من الجماهير، و نطرا للمستوى الإعلامي الهزيل بشكل عام حيث يتصدر إعلاميون يفتـقـدون للثـقافـة السياسية المنابر السياسية.
وسط هذا الهذيان السياسي الذي يحيل إلى جميع توصيفات الضعف و الشيزوفرينيا و الهزال أمام شعب يكتسب يوما فيوما حالة متـقـدمة من الوعي على الطبقة السياسية المهترئة، تبدو الـدولة متماسكة بفعل ثلاث عناصر و هي أولا قوات الأمن المخـتـلفة و الجيش و ثانيا الإدارة التونسية برغم جميع سلبياتها، و ثالثا اتحاد الشغل و من ورائه من منـظمات المجتمع المدني.
أما اللعبة الديمقراطية على مستوى الأحزاب التي يحكمها منطق النـفاق السياسي، فإنها ستسير بالمشهد إلى اضمحلال القـاعـدة الانتخابية للجميع، و بالتالي المشروعية السياسية الضئيلة لأي منـتـصر حتى يصبح المواطن كأنه يتابع صراع الديكة و ليس صراعا سياسيا.



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي نار لأدخنة تونس
- مجتمع الاصنام
- بين أبي و إبني
- بين -غاندي- و -شكري بالعيد-
- المحبة من مهب الثورة
- الأفق التونسي المراوغ
- سؤال بناء الوعي في عالم متحرك
- الطائر التونسي المسلوخ
- الفردوس و الديناصور
- الروح في عالم الزبالة
- انقضاء السنة الداعشية
- تموت الحرية حين لا تقرع اجراسها باستمرار.
- ما أنا إلا أبي
- الجمالي السياسي التونسي
- من رعود -شكري بالعيد- الى سيدني
- بين الدائرة الجهنمية و المائية عالميا و عربيا
- القيامة السعودية
- برامجنا تعليمية ام تجهيلية
- لمن تبكي سيدي الرئيس؟
- في مواجهة اوكار الارهاب الممتدة


المزيد.....




- حركة من ماكرون مع رئيسة وزراء إيطاليا تلتقطها الكاميرا ورد ف ...
- -حماقة-.. أسلوب رد إيران على تهديد ترامب بـ-قتل- خامنئي يشعل ...
- روسيا.. اكتشاف فريد من نوعه لآثار أسنان ثدييات قديمة على عظا ...
- القهوة والسكر.. كيف تؤثر إضافاتك على فوائد مشروبك المفضل؟
- تأثير كبت البكاء على صحة الرجال
- نتنياهو حصل على موافقة ترامب الضمنية قبل الهجوم على إيران
- علماء: انبعاثات البلازما من أقوى توهجين شمسيين في يونيو لن ت ...
- مقتل شخص وإصابة 17 آخرين في هجوم روسي على مدينة أوديسا جنوب ...
- وزير مصري سابق يكشف عن خطوات استباقية اتخذتها مصر لتفادي تدا ...
- الجيش الإسرائيلي يهاجم مواقع عسكرية -حساسة- تابعة للحرس الثو ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - فقدان المناعة السياسية في تونس