أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الأفق التونسي المراوغ















المزيد.....

الأفق التونسي المراوغ


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5050 - 2016 / 1 / 20 - 15:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سفـسطائي الحكم في تونس يقول أن الحكـومة في غير استطاعتها تملك عـصا موسى السحرية لإسعاد المجتمع. الدلالة الشائعة عن السفسطائي انه يلبس الحق بالباطل و ذاك بإزاحة المفاهيم عن مرتكزاتها أو مقدماتها الأصلية و المنطقية ليـركبها على معطى آخر مقـدماته المنطـقية لا تـنـتج ذاك المفهوم و لكن يتم التغـطية على مفهومها الذي لا يراد إعلانه بمفهوم آخر يؤخذ من سياقه الأصلي من شانه تبرير ما لا يبرر.
فنظام الحكم القائم على ما كان يسمى بنداء تونس أو الرئيس الحالي "الباجي قايد السبسي"، صاغ خطابه الانتخابي بما يفيد انه قد تمكن فعلا من هذه العصي السحرية. ألم يـقـل انه سيشغل البطالين؟ ألم يقل انه يعترف بالثورة كحـرية و عـدالة اجتماعية؟ ألم يلزم نفسه بحل قـضية اغتيال الشهيد "شكري بالعيد". نذكر هنا الشهيد ليس كقضية اغتيال سياسي فقط و إنما كمنظومة فكرية يسارية اشتراكية ديمقراطية.
و الآن تـشتعل النار من جديد في مدينة القصرين. إنها ليست مجرد صفعة للحكم الجديد بل إنها و بكل وضوح إعلان إفلاسه و فـشله.
فالاستـنـتاج الواضح منذ تولي حكم الرئيس الحالي هو الانـقـلاب على الوعـود الانتخابية، إضافة إلى الانـقلاب على مجمل الخطاب السياسي في الحملة الانتخابية باسم التوافق الوطني و سرب الطيور السابح في السماء. لسان حال المعارضة اليسارية الشرسة يقول دوما أننا نعيش على الأرض و المطلوب حلول واقعية للعائشين عـليها، أما السماء فـليست من شأن السياسي سواء الاسلاموي أو البورقيبوي. فبالاهي عليكم دعونا من السماء في مجال الحكم فانتم ابعد ما يكون عن الأدباء و الحكماء و الأنبياء..
فالميزانية التي سربتها الحكومة بأغلبيتها البرلمانية هي ثورة مضادة. إنها ليست مجرد احتـفاظ على نفس النسق الاقـتصادوي للنوفمبرية بل إيغال فيه و تحـقيق ما لم لم يتحقـق بعد في حينه. فمثلا هذه الميزانية تـزيد في ضريبة الموردين للمواد الأولية بنسبة خمسة في المائة أي أصبحت 45 في المائة، و تخـفض من نسبة الضرائب للموردين للسلع الجاهزة من مائة في المائة إلى عشرين في المائة. أي بكل وضوح تـشجـيع اقتصاد البزنس و القضاء على المصانع التي لازالت متبقية. و بالتالي فعوض التشغيل نكون أمام إغلاق للمصانع المتبقية و إحالة آلاف العمال إلى البطالة.
و الحديث عن هذه الميزانية الخرقاء يطول و لكنها ذات عنوان بارز هو التـفـقير أكثر فأكثر، و حوكمة اقتصاد ريعي تجاري بـزنسي فاسد لا هو بالليـبرالي و لا هو بالاشتراكي و إنما هو بكل وضوح أتعس من القرون الوسطى لأنه سيقضي على الاقـتصاد الحرفي.
خطاب سياسي بائس يقوم على المراوغة و الضحك على الذقـون، منها السمفونية البكائية الحكومية بمناسبة اغـتيال شهداء الأمن الرئاسي. هروب إلى الطريق المسدود بعدم كشف عصابات النهب بل وجـدنا أنـفـسنا أمام مشروع رئاسي للتغـطية على السراق و الناهبين فيما سمي بمشروع قانون المصالحة الذي يساوي بين الموظف الشريف و الموظف الفاسد..
بعد كل ذلك يسوق لنا السفسطائي مقولة أن الحكومة لا تملك عصى سحرية لقـلب الأوضاع. هذا الثـقـافوي الذي يخـتـزن من وراء القول احتـقارا للعقـول و كأن به مسا من إلهام رباني موهوم. نعلم جميعنا ذلك و لكننا نعلم أن الطريق الذي تساق فيه البلد لن يؤدي إلا إلى إشعال البلد. من المسئول عن الحريق؟ طريقة الحكم الحالية هي المسئولة بلا ريب. و من يخاف بحق من الفوضى فانه من واجبه أن يحدد المسئولية بوضوح و حـسب أولياتها و تراتبها و المسئول الأول هو طريقة الحكم الرئاسوية أساسا. ها هو نداء تونس يعتوره الانـشقاق الذي هو في حقيقـته موته و نهايته، إن لم تـتم عملية إعادة هيكلته من جديد.
و الحقيقة الواضحة كالشمس الساطعة أن الحل الوحيد منطقيا هو ان يحكم العقلاء الأحرار الثوريون. هذه الصفات مجتمعة و ليس إحداها فـقط. البرنامج السياسي و الاقـتصادي الذي يؤسس لديمقراطية شعبية حقيقية. اقـتصاد اشتراكي قائم على فعل الدولة المباشر في الصناعة و حماية الصناعة الوطنية و ليس تـدميرها، و السير في منهج القضاء على الفساد، و السير في منهج ثورة ثـقافية شاملة تؤسس للحرية و النزاهة و المجتمع السعيد.
ربما الوقت لم يحن بعد، و لكن التاريخ مازال يفعل السلب الذي يتولد منه الايجاب. تم تجاوز الانحطاط الاسلاموي سياسيا و بشكل جزئي و نسبي و المطلوب اليوم تجاوز الانحطاط الأخلاقي و الفكري و الحضاري الذي رافق نشأة الدولة المعاصرة العرجاء إلى غاية اليوم.
اليوم و إن كان لنار الثورة من تـوهج جـديد رائع جميل إلا أن الثورة دون عـقـل و دون مسار سياسي واضح و دون إيمان بالمختلف و رغبة في التعايش معه فإنها ثورة تحكم على نـفـسها بالوأد. لقد تم انجاز الكثير الذي هو بفعل الثوريـين الاصلاء و الذي يجب أن لا يتم تهديمه. حرية التعبير و نظام ديمقراطي ناشئ. أي تصور لأي تأجج ثوري يجب أن لا يخرج عن هذا الإطار الحضاري و إلا سيقود حتما إلى ثورة مضادة صريحة و علنية تهدم المعبد على الجميع.
فنحن في مسار ثوري يتـقـدم إلى الأمام بتعـرجاته و سلبه و إيجابه و لسنا أمام ثورة جديدة. ثورة الجياع التي تأكل الأخضر و اليابس هي ثورة مضادة كذلك لأنها هوجاء بدون عـقـل. ثورة الجياع ستـقـتل مقولة الثورة على مدى عشرات السنين القادمة، و ليس في صالح أي ثوري عاقـل أن يحتكم إلى الانفعالية و إلى الغـليان الأهـوج الفـاقـد لأي بوصلة أو رؤيا عـقـلانية تعود بالأمور دوما إلى تناقضاتها الحقيقية. إننا في مسار الحرية و العـدالة الاجتماعية بإرادتـنا و تصميمنا كعـقـل يفكر بحكمة و معرفة و واقعية و غاية محـددة و واضحة. يجب أن نـقـول للعالم أننا لسنا غـوغاء أو شرذمة من المفسدين في الأرض. و ليست الغاية تبرر الوسيلة فالغايات النبيلة وسائلها نبيلة. إنها مسئولية تاريخية كبرى. ليس مستـقبل تونس فقط ما نحمله في عـقولنا و إنما مستـقبل جميع العرب و الإنسانية جمعاء. لقـد بدأنا مشوار الحرية و العـدالة الاجتماعية و يجب أن نـقـود المسار إلى محـطته الآمنة التي من خلالها يتعـرف العالم على إمكانية إيجاد عالم جديد يتـسع للجميع. عالم أجمل يسعـد فيه الجميع. عالم يرضينا بحق و يرضي ربنا الذي كـلفنا بحمل هذا الثـقـل الكبير..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال بناء الوعي في عالم متحرك
- الطائر التونسي المسلوخ
- الفردوس و الديناصور
- الروح في عالم الزبالة
- انقضاء السنة الداعشية
- تموت الحرية حين لا تقرع اجراسها باستمرار.
- ما أنا إلا أبي
- الجمالي السياسي التونسي
- من رعود -شكري بالعيد- الى سيدني
- بين الدائرة الجهنمية و المائية عالميا و عربيا
- القيامة السعودية
- برامجنا تعليمية ام تجهيلية
- لمن تبكي سيدي الرئيس؟
- في مواجهة اوكار الارهاب الممتدة
- اسقاط المقاتلة الروسية في تونس
- ما وراء احداث باريس
- عمال صفاقس يؤكدون الثورة
- اتحد يا يسار العالم
- الاحتمال المفقود في هجمات باريس
- - حمه الهمامي- ، الزعيم النبيل


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - الأفق التونسي المراوغ